الأحزاب السياسية في مهب الريح.. "المصريين الأحرار" نموذجاً

الثلاثاء 21-02-2017 PM 11:27

نجيب ساويرس صورة من رويترز

عادت أزمة حزب المصريين الأحرار إلى سطح الساحة السياسية مرة أخرى، بعد مهاجمة رجل الأعمال نجيب ساويرس لعلاء عابد عضو الهيئة البرلمانية، وعصام خليل رئيس الحزب، في المؤتمر العام الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي.

ويواجه الحزب حاليا مشاكل قد تعصف بكيانه في الحياة السياسية.

ويرى بعض السياسيين أن الصراع بين نجيب ساويرس مؤسس الحزب، وبين رئيسه عصام خليل، يعرض الحزب للضعف ثم الاندثار والتلاشي عبر الانقسامات المتكررة كما حدث مع أحزاب كثيرة عانت من نفس الأزمة مثل الدستور والمصري الديمقراطي، وهو ما يعود على الحياة الحزبية ككل بالضعف.

وكان المصريين الأحرار، والذي يصل عدد نوابه بالبرلمان إلى 65 عضوا، انقسم في ديسمبر الماضي بين جبهتين، إحداهما برئاسة خليل، وبعض أعضاء الهيئة العليا وبعض النواب، والأخرى يتزعمها ساويرس وممثلون عن الهيئة العليا ومجلس الأمناء. واعتبر الفريق الأول أن من حقه تغيير لائحة الحزب الداخلية، في حين اعتبر الفريق الثاني بأنها محاولة لاختطاف الحزب من مؤسسيه ومفكريه الذين وضعوا برنامجه وفلسفته الليبرالية.

ويتمسك أعضاء مجلس الأمناء، الذي تم الغاؤه، بعد تعديل نص المادة 59 من لائحة النظام الأساسي للحزب في مؤتمر عام لمؤيدي جبهة خليل في مارس الماضي، بالقول إنه لا يجوز تعديل اللائحة إلا بموافقة مجلس الأمناء.

تدخلات أمنية

ويرى أسامة الغزالي حرب رئيس مجلس أمناء المصريين الأحرار سابقاً، وأستاذ العلوم السياسية، أن تلك الخلافات تمثل نكسة كبيرة للحزب الذي نشأ بعد ثورة يناير قوياً واعداً، وضم مجموعة مؤثرة، إلا أنه ومع مرور الوقت "تدخلت قوى الأمن كما حدث في بعض الأحزاب"، ومن ثم انفرط العقد.

وتابع "الجميع يعلم أن من أسس الحزب هو نجيب ساويرس، ثم اختطفه عصام خليل ومعه مجموعة مدعومة من الأمن وهكذا مع أحزاب أخرى، وبالعموم فإن ضعف الأحزاب المصرية ظاهرة عامة".

وقال الغزالي إن الحزب القوي له شروط منها توحد القائمين عليه من قيادات، وأن تتواصل أنشطته في الشارع، وأن يتم اختيار قياداته بحرية وتوافق، كل ذلك لم يعد موجوداً في المصريين الأحرار، بسبب اختطافه من قبل عصام خليل ومجموعته، ولذلك لم تكن مصادفة أن يحضر ويلبي كل المؤسسين للحزب مؤتمر نجيب ساويرس.

وأضاف الغزالي أن "الحل يكمن في وجود إدارة سياسية وجادة لتشجيع التعدد الحزبي والحياة الحزبية في مصر، لأن الموجود فقط مجرد رغبة في السيطرة من قبل الأمن لدرجة أننا وصلنا لمرحلة متدنية للغاية في الحياة الحزبية".

حالة حزبية عامة

وقال سامح عيد الخبير السياسي، إن حزب المصريين الأحرار ليس وحده الذي يواجه هذا المصير، فهذه حالة حزبية عامة على سبيل المثال حزب الدستور، والمصري الديمقراطي، يواجهان نفس المصير، والسبب الأساسي أن التجربة الحزبية في مصر غريبة علينا، افتقدناها على مدى 30 عاماً، ولكي نخوضها بشكل صحي كنا نحتاج لوقت أطول لم نحصل عليه.

وأضاف عيد "تأخر انتخابات المحليات ساهم فيما نجده الآن من ضعف في الأحزاب السياسية، لأن المحليات تعد الحلقة الثانية من العمل السياسي، والتي على أساسها يتم اختيار العناصر الفاعلة والتي مارست العمل العام من خلال المحليات ثم تنتقل إلى العمل الحزبي الموسع ومن ثم البرلمان، هذه المحليات لم تكن موجودة، كل هذا أضر بالعمل الحزبي في مصر".

وتابع عيد "الفكرة التي قامت عليها الأحزاب كانت هشة، لاعتمادها على ضخ أموال كبيرة وشراء محترفين سياسيين، ولذا عندما نجح هؤلاء ودخلوا البرلمان من خلال الهيئات البرلمانية لأحزابهم، قدموا ما يخدم مصالحهم وليس ما يخدم أفكار وتوجهات الحزب. أيضاً فإن الانتخابات البرلمانية السابقة حدث بها خطأ وهو الصراع على النظام الفردي مع وجود قائمة واحدة فائزة وهي (في حب مصر) مما ساهم في إعادة الحزب الوطني، وكان هناك بورصة للمحترفين وشراء السياسيين وصلت للملايين، الأمر الذي أضر بالحياة البرلمانية والسياسية، حيث مثلت القوائم نسبة 20% والبقية كانت بالنظام الفردي".

لا لسيطرة رأس المال

وقال أيمن عبد الوهاب رئيس وحدة المجتمع المدني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الانقسامات تؤكد حقيقة أننا لا نملك أحزابا قوية، أو آليات حقيقية لإدارة الخلافات التي تحدث بين قيادات الأحزاب، وإن الطابع الشخصي لا زال حاكما وإن رأس المال هو من يدير تفاعلات الأحزاب السياسية، وهذا من مظاهر ضعف الحزب السياسي على المستوى الداخلي، وهو تأثير سلبي وضعيف، وبالتالي لم يتغير شيء عما قبل 2011، أو ما بعدها.. نفس الخطاب والمشاكل التي كانت موجودة قبل ثورة يناير، كما أنه لم يستغل أحد التغير السياسي والحراك المجتمعي الذي نشط وقتها بشكل ملفت، في بناء حزبي حقيقي وقوي يعبر عن الجماهير.

وتساءل عبد الوهاب هل يستطيع المصريون التعامل مع حزب المصريين الأحرار على أنه حزب سياسي حقيقي أم لا، بعد هذه الانقسامات؟، معربا عن اعتقاده بأن "الإجابة ستأتي سلبية، لأن الانقسامات تنعكس على شكل الحزب وقوته ونشاطه، نحتاج لوقفة حقيقية وإلا سنظل في حالة ضعف حزبي وخواء سياسي، نحتاج لتشكيل حزب حقيقي، غير قائم على أشخاص، إلى جانب ضرورة المحافظة على طابعه المؤسسي المنعكس في سياساته ولوائحه، فلا يجب أن يسيطر رأس المال".

تعليقات الفيسبوك