أزمة "تعصر" قصب السكر لارتفاع تكلفة الوقود والعمالة

الأحد 04-12-2016 PM 05:52

فلاح يحصد قصب السكر ..صورة لرويترز

معاناة تجدها مزارع قصب السكر بالصعيد، نتيجة لارتفاع أسعار العمالة والوقود ومستلزمات زراعة القصب، قد تُفاقم أزمة السكر وزيادة أسعاره الفترة المقبلة حال ما نفَّذت مزارع قصب السكر تهديداتها بعدم حصد محصول القصب.

وتهدد مزارع خمس محافظات، هي الأشهر في صعيد مصر من حيث زراعة قصب السكر، بالامتناع عن حصاده، وهي"الأقصر، أسوان، قنا، سوهاج، المنيا،" مالم ترفع الحكومة سعر الطن من خمسمائة الى تسعمائة جنيه، ومساندة الفلاح بتوفير الأسمدة اللازمة للزراعة.

ويُعد قصب السكر من المحاصيل الاستراتيجية الهامة والمستخدم في صناعات أخرى، مثل صناعة العسل الأسود، كما تستخدم بقايا المحصول في ما يزيد عن 25 منتجا صناعيا ثانويا مثل الجزء المتبقي من العصر بعد استخلاص السكر من القصب والذي تقوم عليه صناعة الكحول والخل وخميرة البيرة الجافة وسلفات البوتاسيوم والسيتون. وكذلك المصاص ويستخدم في صناعة لب الورق والخشب الحبيبي وشمع القصب. ومخلفات الحقل حيث يستخدم القالوح"الجزء المتبقى في الأرض من عيدان القصب بعد جمعها" والأوراق الخضراء الجافة في تغذية المواشي، إلى جانب ما يتخلف في الأرض من رماد حريق الأوراق الجافة، الذي يزيد من خصوبة الأرض كما يمكن استخدام تلك المخلفات في عمل سماد عضوي صناعي.

ويبلغ إنتاج مصر من قصب السكر نحو 16 مليون طن طبقاً لآخر بيانات متاحة عن المحصول على موقع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وقال وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، عصام فايد، في يونيو الماضي إن إنتاج مصر من السكر بلغ 2.2 مليون طن خلال هذا العام (2015- 2016).

وقال إن إجمالي الانتاج المحلي من سكر البنجر بلغ حوالي 1.25 مليون طن، بما يمثل 57% من إجمالي إنتاج السكر، بينما بلغ إجمالي إنتاج سكر القصب حوالي مليون طن.

ووفقاً لدراسة لمركز البحوث الزراعية عام 2010، فإن 4% من قصب السكر يُستخدم في صناعة العسل، في حين يحتفظ بنحو 2% كتقاوي ويستخدم 9% طازجا كعصير.

ناقوس خطر

انتقد رشدي محمد أبو الوفا نقيب الفلاحين، صمت الحكومة على حال مزارع القصب وما يهدد زراعته في مصر بشكل عام، نتيجة للخسارة الكبيرة التي يتكبدها الفلاح، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار مستلزمات زراعة قصب السكر لم يعادلها زيادة في أسعار بيع المحصول، وهو ما شَكَّل عبئاً إضافياً على ارتفاع أسعار المعيشة.

واسترسل أبو الوفا قائلاً، "إن الحكومة المصرية كانت قد رفعت سعر طن قصب السكر من 400 إلى 500 جنيه، مايو الماضي وتعتبرها كافية، رغم ما شهدته البلاد من ضرائب وارتفاع أسعار بلغ 100% على كثير من السلع، وقتها كان كيلو السكر بأربعة جنيهات وكانت المعيشة أرخص، والآن ارتفع كيلو السكر إلى سبعة جنيهات، و في الجمعيات الإستهلاكية والمحال التجارية زاد عن 12 جنيها تقريباً، في حين أن سعر طن قصب السكر لم يزد منذ مايو حتى الآن جنيها واحدا".

وحذَّر أبو الوفا من تفاقم أزمة السكر في مصر، حال ما إذا نفّذ أصحاب المزارع تهديدهم بعدم حصد محصول قصب السكر، لخسارتهم، والتي يعد حصاده جزء منها، لما يستلزمه من تأجير عمالة وتوفير "مغسلة" لغسيل قصب السكر- وهي عملية معتادة في تجهيز القصب قبل بيعه، وجرارات لحمله من الحقول إلى الشركات المختصة بشرائه.

وطالب أبو الوفا بصرف المستحقات المالية للمزارعين في مواعيدها، وعدم التأخر لشهر سبتمبر، مؤكدا "نحن ندق ناقوس الخطر حتى لا يتأزم الأمر".

مشاكل بالجملة

وقال أحمد بيومي من كبار المزارعين بقرية العشي محافظة الأقصر، إن مستلزمات زراعة القصب، من سولار وعمالة ومبيدات وأسمدة وإيجار أرض ارتفع سعرها أضعافاً مضاعفة، وإلى الآن لا توجد مؤشرات على نية الحكومة رفع أسعار محاصيل قصب السكر.

وأضاف بيومي، نجد مشاكل بالجملة في زراعة قصب السكر منها هجرة العمال إلى القاهرة، ما تسبب في زيادة سعر العامل من أربعين إلى خمسين جنيها، وكذلك ارتفع سعر السولار، وما ترتب عليه من رفع سعر ري الفدان من ثمانين جنيها في المرة الواحدة إلى ما يزيد عن 120 جنيها "نحن متروكون لمطاردة الحشائش بمفردنا، ولا توجد مساعدات حكومية".

وطالب بيومي بتوفير الحكومة لأسمدة جيدة وبأسعار معقولة للفلاحين، وكذلك توفير معدات لغسل قصب السكر قبل الذهاب به إلى المصانع، ورفع سعر طن القصب إلى تسعمائة جنيه.

اتفق معه نوبي بدر من كبار المزارعين، حيث قال "إن البعض يفكر في تبوير أرضه، بسبب تأخر مصنع أرمنت لقصب السكر، في سداد المبالغ المالية المستحقة للبنك الزراعي، فارتفعت الفوائد من 5 إلى 17%" . واسترسل بيومي "معظم المزارعين لجأوا إلى القروض من بنك الائتمان الزراعي، ووقعوا على شيكات، ونظراً لتأخر مصنع أرمنت في سداد مستحقاتهم، تأخرنا نحن كذلك في سداد حقوق البنك، فارتفعت الفوائد".

حسبة برما

قال محيي الدين حسني أمين نقيب الفلاحين مركز أرمنت، إن تكلفة زراعة فدان قصب السكر، تزيد عن  18 ألف جنيه، تتوزع ما بين 5 آلاف جنيه قيمة إيجار الفدان، و 1500 جنيه مياه ري، وتقاوي 1500 جنيه، وتجهيز الأرض للزراعة من تجريف وتسوية 1500 جنيه، و"تربيط" أثناء الزراعة حتى لا يسقط أو يتمايل 1500 جنيه، وأسمدة كيميائية مقاومة للحشائش 2500 جنيه، وعمال التنظيف 2500 جنيه، وغسل القصب وتحميله إلى المصانع 2500 جنيه.

ويضيف حسني، الحسبة بسيطة ليست كحسبة برما، إذا نظرنا إلى تكلفة زراعة الفدان وأسعار بيعه نرى كيف يخسر الفلاح، حيث أن متوسط إنتاج فدان القصب 40 طنا، يبلغ سعر الطن 500 جنيه، أي أن إنتاج الفدان يساوي تقريبا 20 ألف جنيه، وهو ما يعني أن الهامش الربحي للفلاح ألفا جنيه، كيف له أن يعيش عاما كاملا بهذا المبلغ، هذا في حالة إذا ما كان المحصول 40 طنا، ولكن في حالات كثيرة يأتي بأقل من ذلك، ما يتسبب في خسارة فادحة للفلاح.

ويسترسل حسني، "كل 40 طنا من قصب سكر، ينتج أربعة أطنان من السكر، سعر الكيلو 7 جنيهات، أي ما يعادل 28 ألف جنيه، يكسبهم المصنع، بالإضافة إلى منتجات أخرى يستفيد بها المصنع، منها 11 لتر كحول، و7 أمتار خشب حبيبي سعر المتر حوالي 3 آلاف جنيه، وثلاثة أطنان "مولاس" و77 كيلو خميرة للخبز، و4 لتر خل، و3 أطنان ورق، أين الفلاح من كل تلك المكاسب؟".

 الحكومة تناقش الأزمة

قال حامد عبد الدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن المجموعة الاقتصادية في مجلس الوزراء تناقش زيادة المحاصيل الزراعية وعلى رأسها قصب السكر، خاصة بعد تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار المحروقات، ومن المتوقع الإعلان عن تلك الزيادة مطلع العام المقبل، مؤكداً على أن تلك الزيادة ستكون مرضية للمزارعين.

وأشاد عبد الدايم بوطنية أهل صعيد مصر، وتحملهم للصعاب التي تمر بها البلد، مؤكداً على أن الدولة ستقوم برفع السعر في القريب العاجل.

تعليقات الفيسبوك