في سفر المصريين.. الدولار قبل الطريق والطلاب أكثر المتضررين

الإثنين 19-09-2016 PM 09:38

عملة الدولار- رويترز

كتبت منة زكي

 دفع نقص العملة الصعبة في مصر ببنوك عدة لفرض قيود على السحب النقدي للعملات الأجنبية أو الشراء بها في الخارج، لتخفيف الضغط على الجنيه المصري، وفي المقابل، وضع العبء على عاتق المسافرين.

ومن بين المسافرين الذين تأثروا سلبا بتلك القيود الطلاب الذين يدرسون في الخارج، والذين واجهوا ضغوطا بشكل مريع بعد تفاقم أزمة العملة الصعبة.

وقالت مروة سمير، ٢٧ عاما، والتي تكمل دراستها العليا في الصحافة بالولايات المتحدة الأمريكية وعميلة في البنك العربي الأفريقي الدولي بمصر، إن البنك فرض حدا أقصى على السحب النقدي والمشتريات، إلى١٥٠ دولارا وحتى حوالي ٧٥٠ دولارا على التوالي شهريا في بداية هذا العام.

وتعتمد مروة سمير، التي تعيش في الولايات المتحدة منذ أكثر من عام، على السحب النقدي للعملة الصعبة شهريا لتغطية نفقات المعيشة وإيجار المسكن، فضلا عن ادخار بعض المال لاستخدامه في وقت الحاجة.

واعتاد والداها على إيداع النقود في حسابها البنكي بالجنيه المصري.

ولكن بعد تغيير الحد الأقصى للسحب النقدي، أجبرت مروة على ضبط قيمة سحوباتها.

وتحاول مروة أن تجري كل تعاملاتها من خلال الإنترنت وتستخدم الحد الأقصى للشراء.

وتقول مروة إنها كانت تدخر بعض النقود بالعملات الأجنبية مما ساعدها على مواجهة أزمة نقص العملة الصعبة.

وعن مصاريف دراستها، أوضحت مروة أنها توصلت إلى اتفاق مع الجامعة التي تدرس بها لدفع المصروفات بالجنيه المصري، بالإضافة إلى عمولة للدفع بعملة مختلفة.

ولكنها أكدت أن هذا ليس الحال في كل الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية.

وفيما يتبقى ٣ أشهر على إنهاء دراستها، تشعر مروة بالقلق تجاه قدرتها على المعيشة في الخارج خاصة أنها بالكاد تستطيع أن تغطي نفقات إيجار مسكنها وتبذل قصارى جهدها لخفض مصروفاتها.

وقالت مروة "سأكون مجبرة في وقت ما على إيجاد وظيفة مؤقتة هنا لأتمكن من تغطية نفقاتي، وإلا لن أستطع العيش هنا".

ويعاني اقتصاد مصر المتدهور من نقص تدفق العملة الأجنبية في كل القطاعات، بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية والسياحة، حتى عائدات قناة السويس تراجعت.

وأدى ذلك إلى الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي والتي فشلت في تلبية احتياجات مصر من العملة الصعبة وسداد ديونها.

وانخفض الاحتياطي الأجنبي في مصر إلى أقل من النصف مقارنة بمستواه قبل انتفاضة 25 يناير 2011، ليصل إلى 16.564 مليار دولار مقارنة بنحو 36 مليار دولار قبل الانتفاضة.

وفي مسعى لتخفيف الضغط على الجنيه وحل أزمة نقص الدولار، قرر البنك المركزي، في مارس الماضي، تخفيض العملة المحلية بنسبة 14 بالمئة ليصل السعر الرسمي للدولار إلى 8.88 جنيه.

كما أغلق البنك المركزي 53 شركة صرافة منذ بداية العام الجاري في محاولة لتحجيم نشاط السوق السوداء التي يدور فيها سعر الدولار حول 12.5 جنيه.

وقال محافظ البنك المركزي طارق عامر شهر يونيو الماضي، إن القواعد المفروضة على استخدام بطاقات الخصم  الفوري خارج مصر ستبقى "دون تغيير" وستعتمد على الحد الذي سيسمح به كل بنك لعملائه.

لكن البنك المركزي طالب البنوك الأخرى باليقظة لأن بعض العملاء يستخدمون بطاقات الخصم لأغراض أخرى غير السفر والسياحة والشراء.

ووضع البنك الأهلي المصري حدا للسحب النقدي عبر بطاقات الخصم ما بين ٩.٨٠٠ - ١٦ ألف جنيه شهريا (أي ما يعادل 1.103- 1.801.92 ألف دولار)، فيما وضع حد المشتريات ما بين ١٥- ١٠٠ ألف جنيه (أي ما يعادل ١.٦٨٩ - ١١.٦٢٦ ألف دولار) بناء على نوع بطاقة الخصم التي تتراوح بين عادية وبلاتينية.

ووفقا للقواعد فإنه يجب إخطار البنك باستخدام بطاقة الخصم قبل السفر وإلا واجه العميل صعوبات أثناء سحب النقود بالخارج.

ووضعت بنوك أخرى حدودا أقل من ذلك بكثير على البطاقات. فقرر البنك التجاري الدولي، أكبر البنوك الخاصة العاملة في مصر، حظر استخدام بطاقات الخصم في السحب النقدي بالخارج ووضع حدا للشراء تراوح بين 50 -300 دولار شهريا اعتمادا على نوع البطاقة.

كما تم فرض قيود مماثلة على استخدام بطاقات الائتمان مع رفع أسعار الفائدة على استخدامها عن المعتاد.

وبالنسبة للمسافرين لفترات قصيرة فإن هذا الوضع يعد أقل سوءا.

وتقول دينا مصطفى، أحد عملاء بنك مصر، إنها وضعت ألف دولار في حساب بطاقة الخصم قبيل سفرها لقضاء عطلة عشرة أيام مع شقيقتها في دبي، وإنها أخطرت البنك قبل سفرها لتأكيد قيمة النقود التي تتمكن من سحبها في الخارج.

وتضيف أنه أثناء تواجدها في دبي قام البنك بتغيير حد الشراء من ١٠٠٠دولار شهريا إلى 500 دولار، كما تم تخفيض حد السحب النقدي من ٥٠٠ دولار شهريا إلى ١٠٠ فقط.

وتقول "لم نتلق أي تنبيه عن تغيير حدود السحب والشراء"، وتشير إلى أنه أثناء تسوقها مع شقيقتها في دبي توقفت بطاقة الخصم عن العمل، وعندما تواصلت مع البنك أخبرها بالتغييرات.

وأضافت "سنضطر إلى استخدام بطاقات من بنوك مختلفة، على أمل أنها تغطي نفقاتنا خلال الأربعة أيام المتبقية من الإجازة".

وبالنسبة للبعض فقد كانوا أكثر حظا بمعرفة التغييرات في حدود البطاقات مسبقا، واختاروا شراء العملات من السوق السوداء.

رضوى شكري خططت لتمضية رحلة تستغرق 14 يوما في أوروبا، وقالت "لا اعتمد على بطاقات الخصم".

وتضيف أنها اختارت أن تجمع العملة الأجنبية من أصدقائها وأفراد أسرتها. كما تمكنت من الحصول على بعض العملات من السوق السوداء.

وتقول "لو لم أجلب النقود معي لما تمكنت من القيام بالرحلة".

وتجد شكري فكرة فرض قيود على بطاقات الخصم "مزعجة جدا"، لأنها ستجبرها على حمل مبالغ كبيرة من النقود ما قد يعرضها للسرقة.

وتروي رضوى عن رحلة قامت بها العام الماضي، قائلة  "لقد كان الوضع أسهل بكثير"،  نظرا لأنها قامت بحمل مبلغ صغير من النقود.

كان الوضع مماثلا بالنسبة لعمر رمضان (26 عاما)، والذي يخطط لرحلة عمل قصيرة لأوروبا في أكتوبر، حيث وجد نفسه يهرول لجمع العملة الأجنبية لتغطية نفقات زيارته التي تستمر لمدة شهرين.

ويقول رمضان، وهو أحد عملاء البنك الأهلي المصري، إنه سيلجأ في نهاية المطاف إلى السوق السوداء في حال رفض البنك إعطائه المبلغ المطلوب.

وقامت مصر بحملة صارمة على تجار السوق السوداء الذين يلقي عليهم اللوم في الضغوط المتزايدة لخفض قيمة العملة.

وأقر الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهر أغسطس الماضي، تعديلات في قانون البنك المركزي لتغليظ العقوبة على من يتعاملون في العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية.

وتتضمن التعديلات تغليظ العقوبات على من يخالفون القانون لتشمل الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه.

وعلى الرغم من القيود الصارمة على العملات الأجنبية، إلا أن رمضان يعتقد أنه "هناك دائما وسيلة" للالتفاف حولها.

تعليقات الفيسبوك