كم تدفع الحكومة لشراء الغاز الذي خفضته لمصانع الحديد؟

الخميس 10-03-2016 PM 05:36

عاملين بمصنع حديد - صورة من رويترز

 على الرغم من أن الحكومة تخطط لخفض دعم الطاقة إلى صفر بحلول عام 2020، كما ذكرت في "استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030"، إلا أنها اتخذت خطوة مفاجأة أمس بالإعلان عن خفض أسعار الغاز إلى مصانع الحديد والصلب.

وأعلن طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، في مؤتمر صحفي أمس، قرار خفض أسعار الغاز لمصانع الحديد والصلب من 7 دولارات إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، وهو ما يحمل الحكومة أعباءً إضافية في وقت تسعى فيه إلى السيطرة على أزمتها المالية.

ويبدو أن الأعباء الإضافية التي ستتحملها الحكومة ليست هينة، حيث يقول مسؤول حكومي بارز، لأصوات مصرية، إن تكلفة استيراد الغاز من الخارج تتراوح بين ٨ إلى ٩ دولارات للمليون وحدة حرارية.

ويوضح المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن تلك التكلفة تشمل قيمة الشحنات التي تستوردها الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، بالإضافة إلى تكلفة استئجار وحدتين للتغييز (لإعادة الغاز المسال إلى طبيعته الغازية)، واستئجار رصيف على الموانئ المصرية.

وكانت مصر قد استقبلت في أبريل الماضي أول مركب لتحويل الغاز المسال المستورد إلى صورته الغازية، حتى يمكن ضخه إلى الشبكة القومية واستخدامه في السوق المحلي.

ثم بدأ تشغيل مركب ثان لمعالجة الغاز في نوفمبر الماضي، وأعلنت وزارة البترول عن اتفاقها مع عدة شركات على توريد 55 شحنة من الغاز الطبيعي المسال اعتباراً من أول نوفمبر الماضي وحتى ديسمبر 2016.

وقال رئيس إيجاس، خالد عبد البديع، في تصريحات صحفية، إن "مصر ستحتاج استئجار مركب ثالثة لمعالجة الغاز المستورد بنهاية 2016، أو بداية 2017".

وبحسب تقديرات الهيئة العامة للبترول، فإن فاتورة استيراد الغاز المسال من الخارج خلال العام المالي 2015/2016 تبلغ 3.55 مليار دولار.

ولا يقل السعر الذي ستبيع به الحكومة الغاز لمصانع الحديد عن تكلفة الكميات التي تستوردها فقط، وإنما يقل أيضا عن السعر الذي تشتري به من الشركات الأجنبية التي تقوم باستخراج الغاز المحلي، والذي يزيد في كثير من الأحيان على 5 دولارات.

وتسيطر الشركات الأجنبية على مجال استخراج الغاز في مصر، وتحصل الحكومة على نصف إنتاجها مجانا، بينما تشتري النصف الأخر بسعر يتفق عليه الطرفان.

وقد عدلت الحكومة اتفاقها مع العديد من تلك الشركات الأجنبية خلال العام الماضي، بعد اعتراضها على السعر الذي تشتري به الحكومة الغاز منها.

وبحسب ما نُشر في الجريدة الرسمية في وقت سابق، قامت وزارة البترول بزيادة أسعار الغاز الطبيعي لكل من شركة ايني وإيديسون الإيطاليتين، وبي جي البريطانية إلى ٥.٨٨ دولار، وعدلت السعر لشركة أر دبليو إي "ديا" الألمانية إلى ٣.٥ دولار.

كما اتفقت مع شركتي أباتشي الأمريكية وشل مصر على دفع 5.45 دولار لكل مليون وحدة حرارية من الغاز الصخري الذي ستبدأ الشركتان في إنتاجه العام المقبل.

وبحسب التقرير السنوي لشركة إيجاس، بلغ إجمالي استهلاك قطاع الصناعة من الغاز الطبيعي خلال العام المالي الماضي، نحو 379 مليار قدم مكعب سنويا، نصيب قطاع الحديد والصلب منها نحو 45 مليار قدم مكعب، وقطاع  الأسمدة نحو 104 مليار قدم مكعب، في حين استحوذ قطاع الأسمنت على نحو 31 مليار قدم مكعب.

لكن وزير التجارة والصناعة يقول إن خفض أسعار الغاز لصناعة الحديد والصلب سيكلف الحكومة 1.2 مليار جنيه، "لكنه يوفر 1.1 مليار دولار من العملة الصعبة التي تنفقها المصانع في استيراد مكونات الإنتاج من الخارج"، بحسب ما جاء في بيان صحفي اليوم الخميس.

ويوضح محمد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية، أن الشركات لجأت بعد ارتفاع سعر الغاز إلى 7 دولارات، منذ نحو عامين، إلى استيراد الخردة، بدلا من استخدام الحديد الإسفنجي الذي يصنع محليا، لأن تصنيعه يحتاج إلى كميات كبيرة من الغاز، الذي "لم يعد مجديا لهم من الناحية الاقتصادية، وأصبح الأوفر هو استيراد الخردة".

وكانت الحكومة خفضت الدعم في يوليو 2014 ورفعت أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي بنسب وصلت إلى 78 بالمئة.

وأدى اعتماد شركات الحديد على استيراد الخردة أو الحديد نصف المصنع إلى "تراجع إنتاج مصانع الحديد الإسفنجي إلى ما بين 100 و150 ألف طن، بينما تصل قدراتها الإنتاجية إلى ما بين 8 و9 ملايين طن سنويا"، بحسب قول حنفي لأصوات مصرية.

لكن مع تزايد أزمة نقص الدولار وارتفاع سعره لم تعد الشركات قادرة على الاستمرار في الاستيراد وهو ما أدى إلى تراجع الطاقة الإنتاجية لمصانع الحديد في مصر لتعمل بنحو 20 بالمئة فقط، كما يقول مدير غرفة الصناعات المعدنية.

وتوقع حنفى أن يساهم قرار خفض سعر الغاز لمصانع الحديد في عودة 8 مصانع لإنتاج الحديد الإسفنجي للعمل بعد شبه توقف خلال الشهور الماضية.

ويتوقع وزير الصناعة أن يسهم القرار فى إعادة تشغيل خطوط الإنتاج المتوقفة بكامل طاقتها، وبالتالى زيادة الكميات المنتجة، وزيادة معدلات التصدير بما قيمته 600 مليون دولار، إلى جانب تحقيق عائد للدولة يصل لحوالى 170 مليون دولار فى صورة ضريبة مباشرة وضريبة مبيعات.

تعليقات الفيسبوك