مع إعداد الموازنة الجديدة.. ماذا يقدم لك كل "مليار جنيه" زيادة؟

الأحد 12-03-2017 PM 12:34

رجل يمسك جنيه في انتظار شراء سلع تموينة من عربة تابعة لوزارة التموين - صورة من رويترز

تعكف الحكومة على إعداد مشروع موازنة الدولة للعام المالى 2017- 2018، لتعرضه على مجلس النواب قبل نهاية مارس الجاري، كما ينص الدستور، في الوقت الذي يشكو فيه المواطنون من موجات الغلاء التي طالت معظم السلع والخدمات، ويتطلعون لتوجيه الإنفاق الحكومي لمجالات تحسن من مستوى معيشتهم.

وترتفع المصروفات الحكومية في الموازنة كل عام، ولكن نسبة زيادة أو نقصان مخصصات كل بند من بنودها مقارنة بالعام السابق تشير إلى أولويات الحكومة وتحيزاتها.

ومع انخفاض الدخل الحقيقي للمواطنين نتيجة ارتفاع معدلات زيادة أسعار المستهلكين بأكثر من 30% سنويا، دون زيادة مقابلة في دخولهم، تتوجه الأنظار في الموازنة المنتظرة إلى بنود الإنفاق المرتبطة مباشرة بمستوى المعيشة مثل الدعم التمويني وخدمات الصحة والتعليم والإسكان والتحويلات النقدية الموجهة للأسر الأكثر احتياجا.

كما تلتزم الحكومة في الموازنة الجديدة، وفقا للدستور، بزيادة مخصصات الصحة والتعليم لتصل بالتدريج إلى نسب محددة من الناتج المحلي الإجمالي تتوافق مع المعدلات العالمية.

وينص الدستور المصري على تخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة، لا تقل عن 3% من الناتج، وتخصيص نسبة للتعليم لا تقل عن 4%، وللتعليم الجامعى لا تقل عن 2%، وذلك بحلول العام المالي الجاري 2016- 2017، وهي النسب التي لم يتم الوصول إليها بعد.

ومن المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.8 تريليون جنيه في العام المالي القادم، مقارنة بحوالي 3.2 تريليون جنيه مستهدف العام المالي الحالي.

ومن بين المليارات الكثيرة التي ستعلن الحكومة عن تخصيصها للإنفاق على مختلف البنود خلال العام المالي الجديد، تحاول "أصوات مصرية" أن توضح للقارئ تأثير كل "مليار جنيه" إضافية على حياة المواطنين، إذا تم إنفاقها في بنود الموازنة الأكثر ارتباطا بحياتهم، مثل الإسكان والتعليم والصحة.

الإسكان

إذا تم تخصيص مليار جنيه إضافية لمجال الإسكان، فإن إنفاق هذا المبلغ على إنشاء وحدات للإسكان الاجتماعي يمكن الدولة من بناء حوالي 5555 وحدة جديدة.

ويقول هانى يونس، المستشار الإعلامي لوزارة الاسكان، إن متوسط تكلفة وحدة الإسكان الاجتماعي على الموازنة، وفقا لسعر الترسية في المناقصات التي تقوم بها الحكومة، يتراوح بين 160 ألف و200 ألف جنيه، وهذه التكلفة تتضمن ربح المقاول من النشاط.

وبقسمة مليار جنيه على متوسط تكلفة الوحدات يكون الناتج 5555 وحدة سكنية.

ويوضح يونس أن "سعر الترسية يختلف وفقا لمكان الوحدة، وقرب المشروع من مصادر مواد البناء وغيرها من محددات التكاليف"، مشيرا إلى أن تكلفة الوحدة على الدولة كانت أقل قبل قرار تعويم سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي.

ووحدة الإسكان الاجتماعي هي شقة 90 مترا ( 3 غرف وصالة ) كاملة التشطيب.

وتخطط الحكومة لإنفاق 33 مليار جنيه على إنشاء وحدات سكنية وفقا لموازنة العام المالي الحالي، 2016- 2017، وهذا الرقم يساوي قرابة 3 أمثال الرقم المخصص في موازنة العام المالي الماضي، 11.3 مليار جنيه.

وينفق المصريون 17.5% من دخلهم على السكن ومستلزماته، وفقا لبحث الدخل والإنفاق لعام 2015.

2850 فصلا مدرسيا و100 مستشفى

خصصت الحكومة 104 مليارات جنيه، في العام المالي الحالي لموازنة التعليم، ومن المفترض أن يرتفع هذا الرقم بشكل ملحوظ للوفاء بالالتزام الدستوري والاجتماعي بزيادة مخصصات التعليم.

ويتضمن هذا المبلغ 3.8 مليار جنيه توجه لإنشاء مدارس جديدة، وفقا للخطة الاقتصادية والاجتماعية للدولة للعام الجاري.

ويقول يسرى عبد الله سالم، رئيس الهيئة العامة للأبنية التعليمية، أن تكلفة إنشاء الفصل الواحد حاليا 350 ألف جنيه، مضيفا أن "هذه تكلفة البناء فقط دون تجهيزات وأثاث".

فإذا تم توجيه مليار جنيه إضافية لإنشاء المدارس في الموازنة الجديدة، وبقسمة هذا المبلغ على تكلفة بناء الفصل المدرسي، فإنه يمكن الدولة من إنشاء 2850 فصلا جديدا خلال العام المالي المقبل.

أما في مجال الصحة،  فيعني إنفاق مليار جنيه إضافي إمكانية تطوير 100 مستشفى من مستشفيات التكامل، وهي مستشفيات متوسطة التجهيز، تقع في مرتبة بين المستشفيات القروية ووحدات الرعاية الأساسية، وبين المستشفيات الكبيرة التي تقدم رعاية صحية متكاملة.

وتخطط الحكومة حاليا لطرح تشغيل مستشفيات التكامل، البالغ عددها 514 مستشفى، للقطاع الخاص، سواء بالإيجار أو بحق الانتفاع أو بأى نظام من أنظمة الاستغلال التى تحددها. لكن عددا غير قليل من نواب لجنة الصحة بالبرلمان يرفضون ذلك ويرون أن تكلفة تطوير هذه المستشفيات ليست كبيرة، ويمكن الاعتماد على الموازنة الحكومية في تطويرها، بدلا من مخاطر استحواذ القطاع الخاص عليها.

وتقدر الحكومة تكلفة تطوير المستشفى الواحد بحوالي 30 مليون جنيه في المتوسط، لكن شادية ثابت، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب تقول إن "30 مليون جنيه ده كتير جدا، الحد الأقصى لتطوير أكبر مستشفى تكامل 10 ملايين جنيه، ده لو مساحتها كبيرة جدا وأجهزتها في حالة سيئة للغاية".

وتوضح النائبة أن بعض مستشفيات التكامل تحتاج تطوير بسيط للغاية، وأن 10 ملايين جنيه مبلغ كاف للغاية سواء للإنشاءات أو الأجهزة، مطالبة بترشيد الإنفاق على التطوير "المقاول مياخدش الحاجة اللي بجنيه بعشرة جنيه، إحنا عندنا عجز في الموازنة، ممكن يكسبوا بس بالراحة، وياريت الوسطاء بين الوزارة والمقاولين يمتنعون".

وطالبت النائبة وزير الصحة بتحويل احتياطي ميزانية الوزارة، الذي تتراوح قيمته بين 8 و9 مليارات جنيه، إلى ميزانية تطوير مستشفيات التكامل "رفضنا دخول استثمارات خاصة في هذا المجال، فسيطرة القطاع الخاص على المستشفيات تزيد الأعباء على المواطن، بعكس بقاء إدارتها تحت يد الدولة، والذي يسهل أيضا من تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل حال إقرارها".

وبلغ متوسط الإنفاق السنوي للأسرة على الصحة 3.7 ألف جنيه، وفقا لبحث الدخل والإنفاق في 2015، لكن تكلفة الرعاية الصحية ارتفعت بنسبة 33.3%، خلال العام الماضي، وفقا لبيانات التضخم في يناير الماضي، ما يعني أن سعر الخدمة الصحية يرتفع بوتيرة أكبر من متوسط الارتفاع في الأسعار.

معاش تكافل لأكثر من 147 ألف أسرة

تتوقع هبة الليثي، مستشار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وأستاذة الإحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة القاهرة، ارتفاع معدلات الفقر خلال الفترة المقبلة، نتيجة قرارات الإصلاح الاقتصادي.

وتقول لأصوات مصرية "طبعا معدلات الفقر سترتفع للغاية.. وأتوقع أن تصل نسبة الفقراء إلى 35% من الشعب المصري في 2017".

وزادت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 27.8% من السكان في 2015، مقابل 26.3% قبلها بسنتين، وفقا للبيانات الحكومية لبحث الدخل والإنفاق، الذي تشرف هبة الليثي على إعداده.

وتقوم الحكومة، بمساندة من البنك الدولي بتوفير دعم نقدي للأسر الفقيرة، لحمايتها من التأثير السلبي لعملية الإصلاح الاقتصادي، ومن أهم البرامج المطبقة في هذا المجال برنامجي تكافل وكرامة، وقد خصصت الدولة لهما في ميزانية العام المالي الجاري 4.1 مليار جنيه.

"حاليا يصل معاش تكافل إلى مليون و209 ألف أسرة، ونستهدف وصول المستفيدين به إلى مليون و700 ألف أسرة بنهاية العام المالي الحالي"، يقول أحمد لطيف، مدير العمليات الميدانية لبرنامجي تكافل وكرامة.

ويتضمن معاش تكافل منح الأسرة المستحقة  325 جنيها، بالإضافة إلى منحة تعليم لأول 3 أطفال قيمتها 60 جنيها للطفل في المرحلة الابتدائية، و80 جنيها للطفل في المرحلة الإعدادية، و100 جنيه للطفل في المرحلة الثانوية.

أما معاش كرامة فيمنح للمواطنين فوق سن 65 سنة، وتبلغ قيمته 350 جنيها.

فإذا حسبنا ما يعود على مستحقي الدعم من كل مليار جنيه تضاف لمخصصات برنامج تكافل في الميزانية التي يجري إعدادها حاليا، بقسمة المليار جنيه على قيمة المعاش المستحق لأسرة لديها 3 أطفال، باعتبار أن هذا العدد يمثل متوسط الإنجاب في مصر، سيكون الملبغ الإضافي كفيل بتمويل المعاش لأكثر من 147 ألف أسرة جديدة.

جنيه إضافي لدعم السلع التموينية

رفعت الحكومة قيمة دعم الغذاء للفرد في البطاقات التموينية إلى 21 جنيها بدلا من 18 جنيها بعد تعويم العملة المحلية في نوفمبر الماضي، لكنها في نفس الشهر رفعت سعر السكر التمويني إلى 7 جنيهات بدلا من 5 جنيهات، كما رفعت سعر الزيت إلى 10 جنيهات بدلا من 9 جنيهات، بزيادة إجمالية 3 جنيهات، أي نفس قيمة زيادة الدعم التي قررتها، وهو ما يعني أن الدعم ظل ثابتا فعليا.

ولكن عندما رفعت الحكومة أسعار السلع التموينية مرة أخرى في فبراير فإنها لم ترفع قيمة الدعم بشكل مواز، وبالتالي تراجعت  قيمته الفعلية.

يستفيد حاليا نحو 71 مليون مواطن من 21 مليون بطاقة تموينية في مصر، وتقوم الحكومة بمراجعة بيانات المواطنين دوريا لإلغاء الدعم الذي يوجه لغير مستحقيه.

يحصل كل مواطن مسجل في بطاقات التموين على 252 جنيها سنويا دعما تموينيا، فإذا أُضيف مليار جنيه لهذا الدعم في الموازنة الجديدة، سيحصل كل مواطن على 14 جنيها زيادة في دعمه التمويني السنوي، بما يزيد قليلا على جنيه واحد شهريا.

ورغم وجود خلل في الاستهداف الحكومي للدعم التمويني، إلا أن دعم السلع الغذائية حمى 4.6% من المصريين من الهبوط أسفل خط الفقر، وفقا لنتائج بحث الدخل والإنفاق لعام 2015.

تعليقات الفيسبوك