لماذا يتسرع مصريون في الطلاق؟

الأربعاء 25-01-2017 PM 08:40

عروسان يأخذا صورة أمام مقبرة الرئيس المصري الراحل أنور السادات في مدينة نصر، 11 أغسطس 2013- رويترز

كتب علي ترك

في كلمته التي ألقاها بمناسبة عيد الشرطة أمس الثلاثاء تطرّق الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع خلال الفترة الماضية. وطالب بإصدار قانون ينظِّم حالات الطلاق الشفهي في البلاد.

وقال السيسي إن 40 في المئة من حالات الطلاق في مصر تحدث خلال السنوات الخمسة الأولى من الحياة الزوجيّة.

يُرجع طه أبو حسين أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأمريكيّة ارتفاع معدلات الطلاق إلى أسباب عدة منها دوافع الشاب والفتاة للزواج، موضحا أن الدوافع لبناء أسرة إنسانية قوامها الأخلاق "لم تعد موجودة".

ويرى أن الجانب المادي يشغل الحيز الأكبر من الاهتمام لدى كثير من الفتيات، فيما ينصبّ تفكير الشباب على العلاقة الحميمة، وهي اهتمامات من وجهة نظر أستاذ علم الاجتماع مختلّة تؤدي في النهاية إلى إفشال الحياة الزوجيّة والوصول إلى مرحلة الطلاق.

ويلقي أبو حسين باللائمة على الآباء والأمهات الذين يثقلون كاهل الشباب بالعديد من الطلبات الماديّة التي تؤدي في النهاية إلى تراكم الديون على الزوج ويفسد الحياة بين الزوجين.

لكن الظروف الاقتصادية ليست السبب الأول في ارتفاع معدلات الطلاق على حد قول أبو حسين، الذي يرى أن وسائل الإعلام والمسلسلات والأفلام لها دور "الطاعن والمجرم" في إفساد عقول الشباب حول العلاقة الزوجية، عبر تقديم أمثلة بعيدة كل البعد عن الواقع.

دراسة

كشفت دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2016 عن ارتفاع معدل الطلاق في مصر خلال العقدين الماضيين من 1996 وحتى 2015. وأشارت الدراسة إلى أن متوسط سن الطلاق عند الذكور هو 38 عاما وعند الإناث 32 عاما.

وبحسب نتائج الدراسة فإن معدل الطلاق استقر عند 1.2 في الألف خلال السنوات 1996-1999، وانخفض مستقرا عند 1.1 خلال الفترة من 2000 إلى 2002، وأخذ المعدل في الارتفاع بدءا من عام 2007 ليستقر عند 1.9 في الألف خلال الفترة من 2010 إلى 2013، ثم ارتفع مرة أخرى ليشهد عام 2015 أعلى المعدلات إذ وصل المعدل إلى 2.2 في الألف بزيادة 83 في المئة عن المعدل في بداية فترة الدراسة.

وأشارت الدراسة إلى ارتفاع معدلات الطلاق في الحضر عن الريف خلال العقدين الأخيرين، خلال الفترة من 1996 الى 2008 كان الارتفاع بنسبة 50 في المئة وتضاعف اعتبارا من 2010، وكان أعلى معدل للطلاق في الحضر 3 فى الألف عام 2015 مقابل 1.7 في الألف عن نفس العام في الريف.

الأزمات الاقتصاديّة المتلاحقة والطموحات التي تفوق القدرات المتاحة والمتطلبات الماديّة لمسايرة الحياة العصرية من أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق في مصر خلال السنوات الأخيرة، في رأي الدكتور يسري عبدالمحسن أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة.

يقول إن الرجل لم يعد يستطيع تحمّل عبء نفقات الحياة الزوجيّة "والأهل يقيّمون الزواج بين مكسب وخسارة، وهذا لا يقيم حياة زوجيّة تدوم وتستمر".

"المغالاة والمظهرية الكاذبة" أيضا أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع نسبة الطلاق من وجهة نظر عبدالمحسن، فضلا عن محاولة مسايرة النمط الغربي في الحياة اليوميّة وهو تقليد أعمى يفسد العلاقة بين الزوج والزوجة على حد قول أستاذ الطب النفسي.

ويشير عبدالمحسن إلى أنَّ انخفاض معدلات الطلاق قديما يرجع إلى وجود "الرضا" بين الزوجين، الذي تلاشى حاليا نتيجة ما وصفه "بالتفاوت الطبقي اللعين"، ما أدى في النهاية إلى خلق حالة من الإحباط تزيد المشكلات بين الزوجين وتنتهي بالطلاق.

حالة طلاق كل 4 دقائق

وفي نهاية العام المنصرم أصدر مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء تقريرا ضم إحصاء بشأن نسب الطلاق في البلاد. وأكد التقرير أنَّها الأعلى في العالم، إذ سجَّلت معدلات الطلاق ارتفاعا من 7في المئة إلى 40 في المئة خلال الخمسين عاما الأخيرة.

ووفقا للبيانات الرسمية فإنَّ حالة طلاق واحدة تحدث كل 4 دقائق. ومجمل حالات الطلاق على مستوى اليوم الواحد يتجاوز 250 حالة، بعضها يحدث بعد ساعات من عقد القران، بينما يحدث الطلاق في حالات أخرى بعد 3 سنوات زواج لا أكثر. ووصلت حالات الخلع عبر المحاكم والطلاق خلال العام 2015 إلى أكثر من ربع مليون حالة، مسجلة زيادة قدرها 89 ألف حالة عن العام الذي سبقه 2014.

تقول إنشاد عزالدين أستاذ علم الاجتماع العائلي في كلية الآداب جامعة المنوفية إن "الحالة الثوريّة التي تعيشها مصر منذ 2011 وحتى الآن، وعدم استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية تخلق حالة من القلق والتوتر والخوف على المستقبل تدفع إلى سرعة اتخاذ قرار الطلاق تحت ضغط الظروف".

وترى إنشاد أن الإعلام أحد أهم الأسباب التي أدت إلى زيادة حالات الطلاق، بتقديم نماذج غير واقعيّة عن الحياة الزوجيّة، ما يشكّل صورة ذهنية خاطئة عند الشباب المقبلين عن الزواج، يكتشفون خلافها على أرض الواقع.

تعليقات الفيسبوك