أسعار المواصلات والغذاء تحرق جيوب المصريين في 2016

الأربعاء 21-12-2016 PM 05:45

القرارات الحكومية ساهمت في رفع أسعار السلع الغذائية والمواصلات.

عندما قررت حنان علي، عاملة بإحدى شركات النظافة، إعداد وجبة غذاء لأولادها وجدت نفسها قد أنفقت 100 جنيه لشراء دجاجة وخضار وأرز وزيت فقط.

تعمل حنان من الساعة 8 صباحا وحتى 9 مساء، وتحصل على 1700 جنيه شهريا، لكن هذا الراتب لم يعد يكفي احتياجاتها هي وأسرتها المكونة من زوج و3 أولاد.

تقول حنان، التي تقطن منطقة روض الفرج، "بنزل السوق معايا 100 جنيه برجع من غيرها، وما أكونش حتى جبت فاكهة للعيال".

تضيف حنان "جوزي موظف أمن في شركة، بيقبض 600 جنيه ومرتبي على مرتبه ما يكفيش احتياجتنا".

تدفع حنان وزوجها مبلغا يتخطى الألف جنيه شهريا لإيجار المسكن ومصروفات الدروس الخصوصية للأولاد، وباقي الدخل يُنفق على الطعام والمواصلات، كما تقول حنان.

وتضيف العاملة "مؤخرا أسعار كل حاجة غليت كتير، لو جبت فرخة وطماطم ورز وزيت بدفع مش أقل من ميت جنيه، ودي أكلة مش بتتكرر كتير، ولو فكرت أجيب عدس الكيلو وصل 25 جنيه".

مع عودة حنان متأخرة إلى بيتها تضطر إلى ترك نحو 20 جنيها يوميا لأولادها، لتناول أي شيء كغذاء لحين عودتها وزوجها من العمل.

"بسيب للعيال 20 جنيه كل يوم غير مصروفهم، يشتروا سمك مشوي أو سندوتشات أو أي حاجة ياكلوها علشان يتغدوا وما يستنوش لحد لما أرجع البيت".

لا يكفي مرتب حنان وزوجها لإعداد وجبة غذاء متكاملة العناصر يوميا، وتقول "من 4 سنين كنت باخد 800 جنيه وكانت الفلوس بتكفي، وباكل وبشرب أنا والعيال كويس، لكن دلوقتي مرتبي زاد ورغم كده مش بيكفي".

وقفز معدل زيادة أسعار المستهلكين (التضخم) سنويا في نوفمبر إلى 20.2% في إجمالي الجمهورية، مسجلا أعلى مستوى في 8 سنوات، مقابل 14% في أكتوبر، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وسجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعا سنويا بنسبة 22.5% خلال شهر نوفمبر، مقابل 14.5% في الشهر السابق.

تشعر حنان بالقلق حاليا من رفع أجرة الأتوبيس الذي يقلها من روض الفرج إلى منطقة وسط البلد يوميا، "بدفع للأتوبيس 4 جنيه رايح جاي، وخايفة بعد زيادة البنزين يرفعوا سعر التذكرة، فاتكلف فلوس زيادة، تضاف للزيادات الكبيرة في الأكل والشرب".

تكيف مع الأسعار

إذا كانت حنان تشعر بمرارة ارتفاع أسعار الغذاء حاليا وتتخوف من تذوق مرارته مرة ثانية في حال ارتفاع سعر تذكرة الأتوبيس، فإن توفيق تركي، تذوق المرارتين مجتمعتين.

يقول تركي، مسؤول السوشيال ميديا بإحدى الشركات الخاصة، إنه كان يدفع نحو 8 جنيهات ثمنا للمواصلات يوميا، إلا أنه بعد رفع أسعار الوقود في نوفمبر، عقب تعويم الجنيه، أصبح يدفع 12 جنيها.

ينتقل تركي، يوميا من قريته القريبة من مركز البدرشين بالجيزة إلى حي الدقي حيث محل عمله.

وقفز معدل زيادة أسعار المستهلكين للنقل والمواصلات إلى 21.6% سنويا في نوفمبر مقابل 8% في أكتوبر، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

يحصل تركي على راتب يبلغ 1500 جنيه شهريا، وهو متزوج ولديه طفلان وينتظر الثالث، وزوجته لا تعمل.

يقول تركي "بصرف أكثر من 300 جنيه شهريا تقريبا على المواصلات، وباقي المرتب بيروح للأكل والشرب ومصاريف الأولاد بجانب جمعية بدفع فيها شهريا 500 جنيه".

يعتبر تركي نفسه محظوظا لأنه يسكن ببيت عائلته ويقول "أنا محظوظ لأني مش بدفع إيجار، وده ساند معايا شوية".

مع ارتفاع أسعار الغذاء والمواصلات اضطر تركي للاجتماع مع زوجته لترتيب أمورها على الأوضاع الجديدة، يقول "قعدت مع مراتي وقلتلها إحنا مش هنقدر ناكل ونشرب في الشهر بأكتر من 400 جنيه لأن المرتب مش هيكفي استهلاكنا السابق".

يضيف "كنا بناكل في الأسبوع مرتين فراخ أو لحمة، خليناها مرة واحدة بس، مثلا كنا بنشرب شاي وقهوة، بقينا نشرب شاي بس، قللنا في استهلاكنا من السكر بدل 4 كيلو في الشهر بقى 2 كيلو بس".

وزاد معدل ارتفاع أسعار مجموعة السكر بنسبة 68.2% على أساس سنوي في نوفمبر، بحسب بيانات مؤشر زيادة أسعار المستهلكين.

يقدر تركي مصروفات الأكل والمواصلات التي ينفقها شهريا بأنها ارتفعت لتستحوذ على النصيب الأكبر من دخله، ويقول "أصرف حوالي 60 إلى 70% من دخلي عليهم، والباقي بيروح لمصروفات الولاد أو الأدوية".

حاول تركي تحسين دخله عن طريق العمل الحر على الإنترنت لكن هذا العمل لا يدر مالا كثيرا له، "لو اشتغلت بكامل طاقتي طول الشهر ممكن آخد 500 جنيه، بس للأسف بقالي 3 شهور بشتغل ومش باخد فلوسي".

أقدم تركي على التخلي عن بعض السلع هو أسرته لأن هذا "الحل الوحيد علشان أجاري زيادة الأسعار الجنونية، لأن المرتب متغيرش بعد تعويم الجنيه، فمفيش بديل قدامي علشان أعيش بنفس قيمة المرتب".

أكل "المدينة" لا يضر

مثلما فعل تركي وتخلى عن بعض متطلباته فعل محمد عزت، الطالب بجامعة عين شمس، حيث أصبح يفكر أكثر من مرة قبل شراء أية مأكولات من محيط جامعته، بعد ارتفاع الأسعار.

يسكن عزت المدينة الجامعية لأن محل إقامته في المنصورة، ويضطر أحيانا إلى الأكل خارج أسوار "المدينة".

يقول عزت لأصوات مصرية "لو فكرت آكل أي حاجة ما بين المحاضرات بدفع مش أقل من 25 جنيه، وبعدين ببقى عايز أتغدى تاني لأن الأكل مش بيشبع."

ويضيف الطالب الجامعي "مؤخرا لقيت الأسعار بتجري، والفلوس مش بتقعد في إيدي".

يضرب عزت مثلا بالأكلات الخفيفة التي كان يستعين بها بين المحاضرات، فيقول "أبسط حاجة الشيبسي إللي كان سعره 3.5 جنيه وصل 5 جنيه، والشيكولاتة إللي كان سعرها 5 جنيه بقى 8 جنيه".

أصبح عزت ينفق نحو 150 جنيها في الأسبوع جميعها على الأكل، بعيدا عن مصروفاته الدراسية، و"في يوم فكرت أخرج صرفت حوالي 220 جنيه في الأسبوع علشان بس خرجت خروجة واحدة".

لم يكن عزت خلال الأيام الماضية يأكل بانتظام في المدينة الجامعية ويقول "مكنش الأكل بيعجبني قوي، لكن مؤخرا بدأت أحاول أكله لأن بالأسعار دي الموضوع مش هيمشي".

بجانب الأكل ينفق عزت 50 جنيها قيمة تذكرة القطار ذهابا وعودة من المنصورة إلى القاهرة أسبوعيا، "القطر مكيف وكويس أفضل من المواصلات إللي غالبا هتكون أغلي".

في أول أسبوعين من العام الدراسي استطاع عزت أن يدخر بعض النقود من مصروفه "لكن الحكاية دي ما اتكررتش تاني لأن الأسعار بدأت تزيد بشكل كبير" حسبما يقول.

ويضيف عزت، الذي يعمل والده موظفا حكوميا، أن في إمكانه طلب زيادة في المصروف، "لكن الواحد لازم يقدر الظروف اللي حواليه وارتفاع أسعار كل حاجة".

يفكر الطالب رغم أنه لا يزال في عامه الجامعي الأول في أن يعمل بجانب الدراسة، "بفكر أعتمد على نفسي، علشان يبقى معايا دخل جانبي يساعدني على الأسعار المرتفعة دي".

تأثر الصحة والتعليم

تقول هبة الليثي، أستاذ الإحصاء في جامعة القاهرة، إن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة مؤخرا سيؤثر على إنفاق الأسر على التعليم والصحة فيما بعد.

وتضيف لأصوات مصرية أن الأسر ستلجأ بالطبع لتقليل إنفاقها على التعليم والصحة لمواجهة الزيادة الكبيرة في الأسعار الغذاء، وهو ما سيؤثر فيما بعد على المجتمع.

وتشير أستاذ الإحصاء بجامعة القاهرة، إلى أنها أعدت بحثا مؤخرا يتوقع زيادة نسبة الفقر إلى 37% في حال ارتفاع الأسعار بنسبة 15% دون زيادة مقابلة في الدخول.

وتبلغ نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر 27.8%، وفقا لبحث الدخل والإنفاق لعام 2015، المعلن من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وتقول الليثي، إن الدولة لايد أن تتدخل في توفير خدمات تعليمية وصحية جيدة للمواطنين، ولا تكتفي بتقديم الدعم النقدي لبعض الأسر، لأن دعم بدون خدمات لا يجدي".

تعليقات الفيسبوك