قتل المدنيين.. موجة إرهاب جديدة تعيد الفكر التكفيري

الإثنين 12-12-2016 PM 07:00

آثار الانفجار الذي وقع بالكنيسة البطرسية بالعباسية، 11 ديسمبر 2016 - صورة من رويترز

قال خبراء ومحللون إن قتل مدنيين في هجومي كفر الشيخ والكنيسة البطرسية بالقاهرة يشير إلى موجة جديدة من الارهاب تعيد إحياء الفكر التكفيري للمجتمع ككل ويمكن أن تقع ضمن أهدافها التالية منشآت حكومية وأهلية وسفارات.

وقتل 25 شخصا وأصيب 49 في تفجير الكنيسة البطرسية أثناء صلاة قداس الأحد أمس بعد يومين من انفجار في كفر الشيخ اسفر عن مقتل مواطن واصابة اثنين من الشرطة. 

وقتل العشرات من أفراد الجيش والشرطة في المواجهات مع الجماعات المسلحة والتي تزايدت هجماتها منذ عزل الجيش للرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 . 

لكن تفجير الكنيسة البطرسية كان أول هجوم كبير يستهدف مدنيين ضمن هجمات المسلحين التي تركزت في شبه جزيرة سيناء.

المئات يحتشدون أمام الكاتدرائية عقب انفجار الكنيسة البطرسية، 11 ديسمبر 2016. تصوير: محمد الراعي - أصوات مصرية

إسقاط الدولة

الكاتب السياسي والمحلل عمار علي حسن قال، "لأصوات مصرية"، إن مصر تعيش موجة خامسة للإرهاب يُستهدف فيها المدني كما يُستهدف فيها ضابط الجيش والشرطة." 

وتوقع حسن امتداد الموجة الجديدة لفترة، وربما استهدف الإرهابيون المرة القادمة سفارات أجنبية أو منشآت حكومية أو أهلية، فالهدف الرئيسي ليس فقط الانتقام من السلطة، وإنما الانتقام من المجتمع كله وهدم الاقتصاد والتأثير سلباً على كل الجهود المبذولة لجذب السياح والاستثمار إلى مصر وإسقاطها.

ورأى حسن أن أخطر ما يمكن أن يقع الناس فيه هو وقوفهم على الحيادية، وعلى أجهزة الأمن أن تحاول الاستعانة بالإمكانات المتاحة لدى الجهات المسؤولة من معلومات ووضع سيناريوهات للعمليات المقبلة لإجهاضها في مهدها.

ودعا الباحث في العلوم السياسية، الحكومة المصرية إلى الاهتمام بتزويد الشوارع الحيوية والميادين بكاميرات مراقبة، والاستعانة والتنسيق أمنيا مع أجهزة أمن في دول أخرى لمحاصرة الإرهاب.

وقال "نحتاج إلى التعامل بذكاء شديد مع شبكات الإنترنت، نحن مشغولون بما يفعله الشباب المعارض السلمي ضد الرئيس والسلطة أكثر من انشغالنا باستخدام الجماعات الارهابية للشبكة العنكبوتية في التواصل والانتشار وقتل المدنيين".

المئات يحتشدون أمام الكاتدرائية عقب انفجار الكنيسة البطرسية، 11 ديسمبر 2016. تصوير: محمد الراعي - أصوات مصرية

تقصير أمني

ويرى زياد عقل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن التنظيمات الرديكالية لا تفرق بين المدنيين والسلطة، والأخطر هو المزج بين التفجير الإرهابي بمغزى سياسي، وهذا يختلف تماماً عما يحدث في سيناء، والأمن لدينا لا يستطيع مواكبة التطورات في صفوف التنظيمات الإرهابية.

وقال عقل إنه من الملحوظ وجود تطور في قدرات التنظيمات الإرهابية الموجودة في مصر، حيث أصبح لديها القدرة على الانتشار الجغرافي والتنوع في الأهداف سواء كانوا رجال شرطة أو مدنيين أو كنائس أو مساجد وغيرها من المنشآت الحيوية، وهذا يعلن عن وجود عمق استراتيجي في تفكير التنظيمات الرديكالية.

وأضاف عقل أن تفجيرات كنيسة البطرسية تطرح تساؤلات منها، هل هناك تنسيق بين التنظيمات الإرهابية الموجودة في سيناء والموجودة في محافظة الجيزة والقاهرة؟، ثم ما مدى نجاح آليات مكافحة الإرهاب لدى أجهزتنا الأمنية؟.

وقال "قدراتنا كمحللين سياسيين على تحليل الموقف تتراجع بسبب احتكار الجهات الحكومية للمعلومات المتعلقة بأنشطة الجماعات الإرهابية في سيناء، التعتيم ليس مفيدا، وإن كان مفيدا للدولة خلال السنوات الماضية، فلماذا يستمر الإرهاب إلى الآن."

تكفير المجتمع

وقال محمد الدويك، الكاتب والباحث الإسلامي، إن مصر بها أكثر من فكر تكفيري، منه التكفير والهجرة الذي تزعمه شكري مصطفى المنشق عن جماعة الإخوان، والذي كان يتبنى تكفير الحاكم والمحكومين وكل من لم يجاهد أو يهاجر معه فهو كافر، وهي الجماعة الأقل انتشاراً، وهناك جماعة الجهاد التي كانت تكفر الحاكم وجنوده استناداً إلى قوله تعالى "إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين"، كذلك يستندون لإحدى فتاوى ابن تيمية بتكفير قرية رضي الناس فيها بحكم التتار"، ولكن من يحكمون مصر ليسوا بتتار، الأنظمة الحالية هي أكثر من انتشرت في عهدها مظاهر الإسلام في الشارع كبناء المساجد وارتداء الحجاب.

وأضاف الدويك، في السابق استهدفت العمليات الإرهابية رجال الدولة مثل القضاة وضباط الشرطة والجيش، ولكن ما حدث بالكنيسة البطرسية أمس الأحد يشير إلى إحياء الفكر التكفيري الذي يكفر المجتمع.

وأكد الدويك على وجوب تذكير الشعب بأن من آخر الأعمال السياسية التي قام بها الرسول قبل وفاته بشهور قليلة، إبرام معاهدة أمان للنصارى تنص على أن لهم الأمان الكامل في المال والعرض والأرض، وألا تمس لهم كنيسة وراهب وقال الرسول"ص"، "أدافع عنهم بما أدافع به عن نفسي وخاصتي".

إثارة الفتنة

ومن جانبه أشار أشرف أمين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى وجود نقلة نوعية في تفكير الإرهابيين واستهدافهم لمدنيين بالقاهرة بدلاً من سيناء.

وقال إن الهدف من ذلك هو إيقاع الفرقة بين طوائف الشعب المصري.

وأيا كان السبب، فإن استهداف المدنيين يعني تحولا مهما في أساليب الجماعات المسلحة بعد سنوات من تركيز هجماتها على الجيش والشرطة.

 

تعليقات الفيسبوك