غسيل الكلى..مراكز في أزمة ومرضى ينتظرون الوفاة وحكومة "محلك سر"

الثلاثاء 15-11-2016 PM 06:32

مريض كلى باحد مراكز الغسيل- تصوير سعادة عبد القادر- أصوات مصرية نوفمبر 2016

يجلس حسن عبد العال 70 عاما ممددا على سرير داخل عنبر غسيل الكُلى بأحد المراكز الخاصة بحلوان وآثار التعب قد أنهكت وجهه المتجعد.

حسن كان على متن السرير لعمل الفحوصات التي تسبق جلسة الغسيل ، بعدما ترك مركز غسيل سابق نتيجة إجباره على دفع مبلغ 150 جنيها مقابل إجراء ثلاث جلسات غسيل لكليته أسبوعيا.

 ومن المفترض أن يقوم حسن بعمل 13 جلسة غسيل شهريا بقرار علاج على نفقة الدولة ويتم تجديد القرار كل 6 أشهر، ومن المفترض أيضا أن يتقدم حسن في حالة عدم وجود أماكن بأقسام غسيل الكلى بالمستشفيات الحكومية إلى عمل جلسات الغسيل بمراكز غسيل خاصة وبالمجان دون أن يدفع شيئا لها.

مراكز غسيل الكلى الخاصة تعاقدت مسبقا مع هيئة التأمين الصحي، ووزارة الصحة على عمل جلسات الغسيل لمرضى الكلى مقابل دفع الهيئة، والصحة مبلغ 140 جنيها عن كل جلسة يجريها المريض، مع عدم تحصيل مراكز الغسيل  أي أموال من المرضى.

تدفع هيئة التأمين الصحي مبلغ 140 جنيها لمراكز الغسيل  الخاصة عن كل جلسة غسيل يجريها المركز لمريض كون المريض موظفا وله أحقية في تأمين صحي، وتدفع وزارة الصحة نفس المبلغ لنفس المراكز لكون المريض غير موظف ولكنه استخرج قرارا لغسيل الكلى على نفقة الدولة.

انتقل حسن عبد العال من مركز غسيل كلى إلى آخر بحثا عن دفع أقل سعر مقابل جلسة الغسيل التي من المفترض ألا يدفع حسن فيها أي أموال كونها على نفقة الدولة "دفع حسن 80 جنيها عن الثلاث جلسات أسبوعيا في المركز الذي انتقل إليه بدلا من 150 جنيها كان يدفعها في المركز السابق".

قصة حسن رواها لـ"أصوات مصرية" نجله كمال الذي كان يرافقه بعنبر غسيل الكلى بمنطقة حلوان.

حين كان يحدثنا كمال نجل حسن عن أن العديد من مراكز الكلى الخاصة تقوم بتحصل أموال من المرضى بحجة أن المراكز تحصل من الصحة وهيئة التأمين على مبلغ بسيط مقابل جلسة الغسيل ولا يتناسب مع ارتفاع أسعار مستلزمات الغسيل، لا حظ مدير المركز والذى كان يمر حينها على المرضى أن الحديث ليس في صالحه فاصطحبني إلى خارج العنبر بحجة أنه مُعقم، نافيا تقاضي المركز أي أموال من المرضى ومن يدفع له مقابل الجلسات هي هيئة التأمين والصحة.

إلى جانب حسن كان يتراص مرضى آخرون على آسرة فمنهم من يخضع لجلسة الغسيل، ومنهم من ينتظر، وكانوا يريدون الحديث لكن مدير المركز لم يمكننا من ذلك.

وفقا لبيانات إدارة الكلى بوزارة الصحة يبلغ عدد مرضى الكلى بمصر 36 ألف و116 مريضا يتم علاجهم في 460 مركز علاج وغسيل كلى خاص وحكومي.

 مُدراء مراكز غسيل كلى خاصة من الذين التقينا بهم نفوا تحصيل أي أموال من المرضى على الرغم من أن تكلفة جلسة الغسيل بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات تزيد عن المبلغ المتعاقد عليه مع الصحة وهيئة التأمين وهو 140 جنيها.

يقول سمير جورج -مدير مركز غسيل كلى خاص تابع لإحدى الكنائس- إن غالبية مراكز غسيل الكلى الخاصة تقوم بتحصيل مبلغ مالي ما بين 150 إلى 100 جنيه من مرضى الغسيل لتعويض فروق الأسعار بعد ارتفاع أسعار مستلزمات الغسيل وتمسك الجهات التي تعاقد معها المراكز بدفع مبلغ 140 جنيها مقابل جلسة الغسيل وهو لا يتناسب في الوقت الحالي مع ارتفاع الأسعار.

ونفى جورج تحصيل مراكز غسيل الكلى التابعة لجمعيات شرعية أو كنائس تحصيل أي رسوم من المرضى لكونها مدعومة بتبرعات خيرية تسد فروق الأسعار.

- شكاوى

محمد عبد الله دكتور مشرف على 8 مراكز غسيل للكلى بالفيوم يقول إن المراكز بالفيوم أوشكت على غلق أبوابها في وجه مرضى الكلى لكونها لا تستطيع  توفير المستلزمات الطبية للمرضى.

 وأرجع عبد الله عدم قدرة مراكز غسيل الكلى على الاستمرار في العمل إلى ثبات مبلغ جلسة الغسيل الكلوي والبالغ 140 جنيها، والذي يتقاضاه مركز الغسيل من هيئة التأمين الصحي، ووزارة الصحة مقابل كل جلسة يقوم بإجرائها للمريض، مضيفا أن المبلغ متفق عليه بين (المراكز، الصحة، الهيئة) منذ 8 سنوات ولم يتغير ليتماشى مع ارتفاع أسعار مستلزمات الغسيل الكلوي من فلاتر ومحاليل، والتى ارتفعت أسعارها إلى ما يزيد عن الضعف.

يقول عبد الله إنه قام بتقديم شكوى لهيئة التأمين الصحي ولم يتلق أي رد حتى الآن.

صورة ضوئية من الشكوى

 

- سعر الجلسة

علياء محمد مديرة أحد مراكز غسيل الكلى بمنطقة حلوان تقول إن سعر جلسة الغسيل الكلوي المتعاقد عليها مع هيئة التأمين الصحي ووزارة الصحة لإجرائها للمرض سعر موحد على كل مراكز غسيل الكلى الخاصة والتي تستقبل مرضى الكلى من هيئة التأمين الصحي، ومرضى الكلى الذين يتم علاجهم على نفقة الدولة وترسلهم وزارة الصحة.

وتضيف علياء أنه نظرا لوجود زحام كبير من مرضى الكلى على أقسام الغسيل بمستشفيات الدولة العامة، تعاقدت الدولة مع مراكز غسيل الكلى الخاصة لترسل لها من يستخرجون قرارات غسيل كلى على نفقة الدولة، أو من يمتلك تأمين صحي ويريد الغسيل.

وتؤكد علياء على أن مبلغ 140 جنيها الذي تدفعه وزارة الصحة أو هيئة التامين الصحي مقابل غسيل الكلى لمريض لمرة واحدة لم يزد منذ 8 سنوات على الرغم من مطالبة العديد من المراكز وزارة الصحة بذلك نظرا لارتفاع أسعار مستلزمات الغسيل.

وتقول علياء إن تكلفة جلسة غسيل الكلى الفعلية في الوقت الحالي بعد ارتفاع أسعار مستلزمات الغسيل ما بين 250 إلى 300 جنيه، مطالبة وزارة الصحة وهيئة التامين الصحي بدفع تلك المبلغ بدلا من 140 جنيها حتى تتمكن مراكز غسيل الكلى من الاستمرار في العمل وعدم تعرضها للغلق.

- التعاقد

وتؤكد علياء أن مركز الغسيل الكلى الذي تعمل مديرة له تعاقد مع هيئة التأمين الصحي ووزارة الصحة عام 1997 ويتم تجديد التعاقد سنويا من تلقاء نفسه دون اخطار حسب بنود العقد المتفق عليه.

وتضيف أنه منذ عام 1997 وحتى الآن لم ترفع وزارة الصحة وهيئة التأمين الصحي سعر جلسة غسيل الكلى سوى 5 جنيهات ليصل المبلغ إلى 140 جنيها.

وتشير علياء إلى أن المركز يستقبل 80 حالة غسيل كلى شهريا بمعدل 3 جلسات غسيل للمريض في الأسبوع الواحد.

- التكلفة

مُدراء ثلاثة مراكز لغسيل الكلى بمنطقة حلوان قالوا "لأصوات مصرية " إنه يستحيل استمرار عملهم وإجراء غسيل كلى للمرضى دون أن يزيد مبلغ جلسة الغسيل.

من بين الثلاثة مدراء مراكز غسيل الكلى، فخري عوض الذي أخطرالمرضى الذين ترسلهم له هيئة التأمين الصحي ونفقة الدولة بوزارة الصحة لعمل جلسات غسيل بأن "عليهم اعتبارا من بداية ديسمبر المقبل تدبير مكان بديل لأن مركزه لا يوجد به مستلزمات الغسيل".

اعلان أعده مدير مركز غسيل كلى

 ويقول فخري عوض إن سعر 140 جنيها لجلسة غسيل كلى لمرة واحدة غير كاف ولا نستطيع مواجهة ارتفاع أسعار مستلزمات الغسيل ومن بينها الفلاتر، موضحا أنها غير موجودة ويتم شراؤها من السوق السوداء بسعر يصل تقريبا  إلى سعر الجلسة الواحدة.

 ويضيف فخري أن لجنة من هيئة التأمين الصحي زارت مركز غسيل الكلى الخاص به أمس الاثنين ووعدوه بحل مشكلة مراكز الغسيل خلال اجتماع يعقد فيما بين اللجنة ومسئولي التأمين الصحي ووزارة الصحة بعد ثلاثة أيام من زيارتهم للمركز.

 ويقول فخري إن تكلفة جلسة غسيل كلى في الوقت الحالي بجميع مستلزماتها مع شراء الفلاتر والمحاليل بسعر مرتفع تتكلف 246 جنيها.

التكلفة الفعلية التى أعدها مدير مركز غسيل كلى

مصدر بمكتب رئيس هيئة التأمين الصحي قال "لأصوات مصرية" إن رئيس الهيئة يعقد اجتماعا طارئا بخصوص أزمة مراكز غسيل الكلى واكتفى بذلك الرد.

- مندوب لشركة فلاتر

يقول علي السيد* مندوب إحدى الشركات التي تنتج فلاتر غسيل كلى إن أزمة نقص المعروض عن الطلب من الفلاتر وارتفاع أسعاره بدأت منذ شهر مايو الماضي حينما بدأ انخفاض سعر صرف الجنية أمام الدولار تتسارع وتيرته، مضيفا أن الازمة ازدادت بعد تعويم البنك المركزي للجنيه.

فلاتر الغسيل الكلوي- تصوير سعادة عبد القادر- أصوات مصرية نوفمبر 2016

 ويضيف السيد أن شركات الفلاتر تقوم باستيراد مكملات انتاجها من الخارج، ومع تراجع سعر الجنيه أمام الدولار قلصت الشركات من كمياتها التي كانت تستوردها لعدم وجود الدولار في بداية تعويم الجنيه وما قبله، وهو ما قلل من انتاج الفلاتر.

 ويضيف السيد أن تراجع انتاج الفلاتر متأثرا بالدولار تسبب في نقص حاد داخل السوق عانت منه مراكز غسيل الكلى الخاصة، علاوة على ظهور سوق سوداء.

وحدة الغسيل الكلوي معلق عليها الفلتر- تصوير سعادة عبد القادر- أصوات مصرية نوفمبر 2016

ويقول السيد إن سعر الفلتر الواحد وصل إلى 100 جنيه للحجم الصغير 1.3 سم فيما وصل سعر الفلتر الكبير 1.7 سم إلى 130 جنيها بالسوق السوداء، في حين أن سعره قبل أربعة اشهر كان لا يتعدى 35 جنيها.

ويضيف السيد أن أزمة الفلاتر في طريقها للحل بعد توافر الدولار للمستوردين في البنوك ولكن تأخذ بعض الوقت لحين استيراد مكملات التصنيع للإنتاج.

الكل يبحث عن الربح ونُحِّي المرض جانبا، فمراكز غسيل كلى تطالب الصحة وهيئة التأمين بزيادة سعر الجلسة ليتماشى مع ارتفاع الأسعار، وشركات تصنيع مستلزمات غسيل ترى أن خفض الإنتاج يقلل من اعبائها المالية في ظل أزمة الدولار ونتيجة ذلك تحدث أزمة وسوق سوداء. والمريض وحده هو من يدفع الثمن مالا وصحة.

لم يتسن لنا الحصول على رد من وزارة الصحة.

 *تعني اسم مستعار

تعليقات الفيسبوك