ثورة البرلمان على الحكومة "فشِنك"

الثلاثاء 01-11-2016 PM 07:58

الحكومة تعرض برنامجها على البرلمان، 27 مارس 2016. أصوات مصرية

إخفاقات متتالية سجلتها حكومة شريف إسماعيل في مواجهة الأزمات التي تمر بها مصر، خاصة في الآونة الأخيرة، بعد القرارات التي أغفلت المواطن البسيط، سواء من زيادة الأسعار، أو الفشل في حل الأزمات على مستوى التعليم والسياحة والصحة والاقتصاد وأزمة السيول. ما جعل المواطن ينظر للبرلمان كالمنقذ له، خاصة أنه المنوط به ذلك، كنواب همهم الأول الدفاع عن حقوقه وتلبية احتياجاته، وتقديمها للمناقشة تحت القبة البرلمانية.

السؤال الذي راود فئة كبيرة من الشعب، هو لماذا لا يقوم البرلمان بسحب الثقة من الحكومة التي يترأسها شريف إسماعيل، خاصة وأنه حق أصيل لأعضاء البرلمان، وفقاً للقانون المصري والدستور.

الإجابة جاءت سريعة على لسان رئيس مجلس النواب علي عبد العال، في الجلسة العامة أمس الاثنين، وبعد حوار حضره شريف إسماعيل قائلاً إن "أسهل شيء هو سحب الثقة عن الحكومة الحالية"، مضيفاً أن المشكلة ليست في سحب الثقة ولكن يجب التركيز على إجبار الحكومة على تغيير سياساتها.

ووفقاً لتصريحات نواب البرلمان، لأصوات مصرية، فَضَّلَ رئيس البرلمان عدم سحب الثقة، وأجهض محاولة 130 عضواً وقعوا على منشور السحب.

ورغم ما يكفله الدستور للسلطة التشريعية من حقها في أن تكون مستقلة، وأعطاها سلطة مراقبة أداء الحكومة، تحولت ثورة البرلمان على الحكومة إلى "ثورة فشينك".

وينص الدستور في مادته رقم (131) على أن "لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، ولا يجوز عرض طلب سحب الثقة إلا بعد استجواب، وبناء على اقتراح عُشر أعضاء المجلس على الأقل".

* الحكومة "مستفزة"

انتقد الغالبية العظمى من نواب البرلمان أداء الحكومة إلى حد الدعوة لسحب الثقة منها، ووصفوها "بالحكومة المستفزة"، وفي تصريحاتهم لأصوات مصرية، رجح بعض النواب سحب الثقة من حكومة إسماعيل مطلع السنة الجديدة 2017، مشيرين إلى أن فكرة إمهال الحكومة فرصة ثانية لتحسين أدائها كانت لرئيس البرلمان وبعض النواب.

وتقول مايسة عطوة -عضو ائتلاف دعم مصر- "فشلت الحكومة في تهدئة الشارع وإدارة الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، وتهديد حكومة إسماعيل بسحب الثقة، رسالة و قرصة ودن أظن أن الحكومة استوعبتها جيدا". وطالبت مايسة بتعديل وزاري يشمل وزارات بعينها كوزارة الزراعة والاستثمار والتعليم، إلى جانب إقالة طارق عامر محافظ البنك المركزي.

وتحدثت مايسة عن المشاكل الكثيرة التي تقابلها أثناء تعاملها مع الوزارات المختلفة، لسيرهم بمبدأ "فوت علينا بكرة يا سيد" متسائلة: إذا كان هذا يحدث مع عضو برلماني، فما الذي يحدث مع المواطن العادي، واصفة الحكومة "بالمستفزة" لعدم تقديمها حلول تُذكر حيال الأزمات الحالية.

ويضيف محمود سعد -أمين سر لجنة المشروعات الصغيرة بالبرلمان- أن "التوجهات العامة للدولة تسير في ناحية، تخالف تماما توجهات الحكومة المتقاعسة عن أداء مهامها بكفاءة، وقال "لدينا مطالب وعلى الحكومة تنفيذها في فترة قياسية، وإلا سيتم سحب الثقة منها مطلع العام القادم على الأكثر، فرئيس الحكومة لم يأت بجديد، ولكنه سمع توجيهات النواب، أمامه فرصة لإصلاح الحكومة والتعاون بشكل أمثل. خلال شهر سيطلعنا جميع الوزراء على خططهم لتخطي الأزمة".

وقالت إيفيلين متى -عضو مجلس النواب عن ائتلاف دعم مصر- إن أداء الحكومة "مترهل" وعليها تحسينه، مشيرة إلى أن سحب الثقة منها سيضع البلد في صعوبات منها تشكيل الحكومة، يستغرق ذلك وقتا لا تمتلكه الدولة.

* من برلمان لآخر

لم تكن تلك المرة االوحيدة التي يقف فيها رئيس البرلمان مع الحكومة. ففي 20 أبريل الماضي، وأثناء مناقشة برنامج الحكومة قبل الموافقة عليه، شهدت الجلسات انتقاد بعض أعضاء المجلس لبيان الحكومة، ما قابله رئيس المجلس علي عبد العال بتحذير النوّاب مما وصفه بالتطاول على الحكومة وإهانة الدولة المصرية. وقال علي عبد العال للنوّاب خلال مناقشة برنامج الحكومة إنّه سيتصدّى بكلّ قوّة لمنع أي إساءة.

ومقارنة ببرلمانات سابقة، سبق أن طلب مجلس النواب استجواب رئيس الحكومة نفسه. وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وجه العضو أحمد طه أحمد استجوابا إلى الدكتور علي لطفي، رئيس مجلس الوزراء آنذاك حول أحداث الأمن المركزي التي وقعت في 25 فبراير 1986 وانعكاسها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وكان نحو ثلاثة آلاف جندي فى معسكر الأمن المركزي بالجيزة تظاهروا وانخرطوا في أعمال شغب نتيجة لشائعة عن مد سنوات الخدمة من 3 إلى 5 سنوات. ووقعت حالة انفلات استمرت أسبوعا أعلن على إثرها حظر التجوال، وإقالة أحمد رشدي وزير الداخلية آنذاك.

* خطوات سحب الثقة

قال المحامي بالنقض عصام الإسلامبولي، لأصوات مصرية، إن سحب البرلمان ثقته من الحكومة له خطوات تبدأ أولاً باستجوابها، ثم أن سحب الثقة منها يتم في حالة إذا ما وجد المجلس أنها مقصرة. ويسحبها البرلمان من الحكومة مجتمعة أو من وزير واحد.

وأشارالإسلامبولي إلى أن الأصل تعاون الحكومة مع البرلمان، وأن الدستور المصري الحالي وضع مجموعة من الشروط لسحب الثقة من الحكومة، منها ما نصت عليه المادة (147) على أن "لرئيس الجمهورية حق إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.. ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس".

كذلك استدل الإسلامبولي بنص المادة (101) في الدستور الذي يقول إن مجلس النواب يتولى سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطّة العامة للتنمية الإقتصاديّة والاجتماعيّة والموازنة العامّة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذيّة.

تعليقات الفيسبوك