ما هي ضريبة القيمة المضافة وكيف تؤثر على المواطن؟

الثلاثاء 19-07-2016 PM 05:06

صورة مجمعة حول ضريبة القيمة المضافة، رويترز

مناقشة قانون جديد للضرائب تثير المخاوف من أثره على ميزانيات المواطنين المثقلة بالأعباء في ظل الأزمة التي يمر بها الاقتصاد، بينما قد تدفع البعض لعدم الاهتمام باعتبار الضرائب من الأمور الاقتصادية التي تعني الأغنياء من أصحاب الثروات.

لكن ضريبة القيمة المضافة التي يناقشها البرلمان حاليا، والمنتظر تطبيقها بعد انتهاء تلك المناقشات، تؤثر بشكل مباشر على المواطنين على اختلاف مستويات دخولهم، لأنها ضريبة على استهلاك السلع والخدمات، تُحمل بشكل غير مباشر للمستهلك النهائي.

وأدرجت الحكومة هدف التحول من ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة في الموازنتين السابقتين، 2014-2015 و2015-2016، إلا أن التطبيق كان يتم تأجيله، فيما يرجعه محللون إلى التخوف من الآثار الاجتماعية والسياسية المترتبة على ارتفاع مستويات الأسعار المتوقع بعد تطبيق تلك الضريبة.

وكانت الحكومة أعلنت بعد سنوات قليلة من التطبيق الكامل للضريبة على المبيعات في العام المالي 2001-2002، أنها بصدد دراسة تحويل هذه الضريبة إلى ضريبة على القيمة المضافة، وقد تجدد الحديث بعد فترة وجيزة من قيام ثورة يناير 2011 عن وجوب الانتقال إلى نظام الضريبة على القيمة المضافة باعتبارها باب مهم لزيادة الإيرادات العامة.

ما هي ضريبة القيمة المضافة وكيف يتم تحصيلها؟

تعتبر "القيمة المضافة" ضريبة غير المباشرة، لأنها لا تُجبى مباشرة من المستهلك، لكنها تُدفع مجزأة على مراحل، على عكس ضريبة المبيعات التي تحصل مرة واحدة كنسبة أو مبلغ مالي محدد محسوب على القيمة النهائية للمنتج.

وتُفرض ضريبة القيمة المضافة على السلعة في مختلف مراحل إنتاجها وتداولها خلال انتقالها من المنتج إلى المستهلك، ويدفع المكلف بها في كل مرحلة ضريبة على القيمة التي تضيفها تلك المرحلة للقيمة النهائية للسلعة أو الخدمة.

وتنعكس الزيادة في النهاية على سعر بيع السلعة أو تأدية الخدمة للمستهلك النهائي، والذي يكون فعليا هو المتحمل لتلك الضريبة بشكل غير مباشر.

ما السلع والخدمات الخاضعة للضريبة؟

تُفرض ضريبة القيمة المضافة على جميع السلع والخدمات، سواء كانت محلية الصنع أم مستوردة، ولا يعفى منها إلا ما استثنى بنص خاص في القانون.

ويشمل مشروع القانون المحال إلى مجلس النواب لمناقشته إعفاءات لعدد كبير من السلع، كما هو الحال في قانون ضريبة المبيعات المطبق حاليا، مثل ألبان الأطفال ومنتجات صناعة الألبان، والخبز بجميع أنواعه، ومنتجات المطاحن، والحيوانات والطيور الحية أو المذبوحة الطازجة أو المبردة أو المجمدة، والأسماك، والمنتجات الزراعية التي تباع بحالتها الطبيعية.

كما يعفي القانون ورق الصحف والمجلات والطباعة، والكتب الخاصة والمدرسية، والبترول الخام والغاز الطبيعي وغاز البوتاجاز والمواد الطبيعية مثل منتجات المناجم والمحاجر، بالإضافة لعدد من السلع الأخرى المنصوص عليها.

لكن قانون "القيمة المضافة" يتوسع في إخضاع الخدمات للضريبة، على خلاف ضريبة المبيعات التي لم تخضع سوى 17 خدمة فقط لقانونها.

وتتمتع بعض الخدمات بالإعفاء أيضا من ضريبة القيمة المضافة، مثل الصحة، وبيع وشراء العملات، وخدمات الصندوق البريدي والتأمين، ودفن الموتى، والبحث العلمي، خدمات الإنتاج الإعلامي والسينمائي، والخدمات المالية غير المصرفية.

كما يعفى القانون الجديد خدمات التعليم الحكومي والخاص من الضريبة، إلا أنه يُخضع التعليم الدولي، الذي يشمل المدارس والجامعات الدولية، للضرائب لأول مرة، كما يخضع خدمات المحاماة والاستشارات والمحاسبة وخدمات المهنيين بشكل عام (باستثناء الأطباء).

هل يزيد سعر الضريبة في "القيمة المضافة" عن "المبيعات"؟

يفرض قانون ضريبة المبيعات المطبق حاليا نسبة 10% ضرائب على السلع والخدمات الخاضعة له، باستثناء السلع المعفاة تماما، أو تلك الواردة بجداول خاصة والتي تضع لها نسبا أقل تصل إلى 5% في بعض الحالات مثل الأدوية، أو نسبا أعلى تصل إلى 200% كما في بعض المشروبات الكحولية.

وسيرتفع سعر الضريبة بعد تطبيق "القيمة المضافة" بنسبة تتراوح بين 1% إلى 4% على السلع التي كانت خاضعة للمبيعات، حيث قال مسؤول حكومي لأصوات مصرية الشهر الماضي إن هناك 4 سيناريوهات لسعر الضريبة تتراوح فيها بين 11% إلى 14%، وإنه على الأرجح سيتم اختيار نسبة 14%، أو 13% على أقل تقدير.

بينما سيرتفع سعر الضريبة على عدد من السلع الواردة في الجدول الخاص، مثل المعسل الذي ستزيد النسبة المفروضة عليه من 100% إلى 150%، أو خدمات التليفون المحمول، التي كانت تخضع لضريبة المبيعات بنسبة 15% من قيمة الخدمة، لكنها ستصل إلى 21% أو 22% بحسب السعر الذي سيتم إقراره للضريبة العامة على القيمة المضافة.

وتتوقع الحكومة في مشروع موازنة العام المالي الحالي، 2016-2017، ارتفاع عائداتها من ضريبة المبيعات بنحو 41% عن عائدات العام الماضي، لتصل إلى 172.3 مليار جنيه، مع اتجاهها للتحول إلى ضريبة القيمة المضافة التي يناقشها البرلمان حاليا.

من يخضع لضريبة القيمة المضافة؟

تختلف الجهات المطالبة بتسديد ضريبة القيمة المضافة ما بين شركات ومصانع، ومتاجر، ومكاتب خدمات، وأفراد، مثل المهنيين غير المرتبطين بمكاتب أو شركات، كالمحامين والمهندسين والممثلين، بشرط أن تكون معاملاتهم أعلى من حد التسجيل.

فالشركات والمتاجر ومقدمو الخدمات الذين تزيد مبيعاتهم أو قيمة خدماتهم السنوية على 500 ألف جنيه (حوالي 42 ألف جنيه شهريا)، يكونون ملزمين بسداد ضريبة القيمة المضافة، أما الأقل من ذلك فالقانون يعفيهم منها.

ويبلغ حد التسجيل في ضريبة المبيعات المطبقة حاليا 54 ألف جنيه سنويا، فلا يطالب من تقل مبيعاته عن هذا الحد بسداد الضريبة، إلا أن مشروع القانون الجديد رفع هذا الحد، لمرور أكثر من عشرين عاما على تحديد تلك القيمة.

واعترض اتحاد الصناعات على هذا البند وطالب بإلغاء حد التسجيل تماما، لتصبح جميع الشركات خاضعة للضريبة، حتى الصغيرة، معتبرا أن هذا يضعف التنافسية، على اعتبار أن الشركات المعفاة ستبيع سلعها بأسعار أقل.

بينما تطبق كل الدول المعتمدة على ضريبة القيمة المضافة حدا للتسجيل، يتفاوت من دولة لأخرى، لأن "عدم خضوع الشركات الصغيرة للضريبة أمر له بعد اجتماعي"، كما قال حسن عبد الله، رئيس وحدة البحوث والسياسات الضريبية بمصلحة الضرائب ووكيل أول وزارة المالية، لأصوات مصرية في تصريحات سابقة. 

هل تساهم الضريبة في تحقيق العدالة الاجتماعية؟

رغم اتجاه عدد كبير من بلاد العالم لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وضغط المؤسسات المالية الدولية على مصر للإسراع في تبنيها باعتبارها إحدى الأدوات التي توفر لها إيرادات تقلل من العجز المالي الذي تعانيه، فإن النقد الأساسي الذي يوجه للتوسع في هذه الضريبة، وفي الضرائب على الاستهلاك بشكل عام، هو أن عبئها يقع على الأقل دخلا.

وتقول ورقة بحثية صادرة عن معهد التخطيط القومي بعنوان "الانتقال من الضريبة العامة على المبيعات إلى الضريبة على القيمة المضافة في مصر"، إنه من المعروف إن ميل الفرد للاستهلاك يتجه للانخفاض مع ارتفاع مستوى دخله، "بمعنى أن الأقل دخلاً ينفقون على الاستهلاك نسبة أكبر من دخولهم بالقياس إلى الأعلى دخلاً"، لذلك يقع عبء ضريبة القيمة المضافة كنسبة من الدخل بدرجة أكبر على أصحاب الدخول المنخفضة.

بينما يُنظر إلى الضرائب على الدخل، وخاصة التصاعدية منها، على أنها أدوات لإعادة توزيع الدخل في المجتمع، وبالتالي فالتوسع فيها يحقق درجة أكبر من العدالة الاجتماعية.

 

تعليقات الفيسبوك