فتحية العسال .. امرأة تحدت المستحيل

الأربعاء 15-06-2016 PM 03:01

الكاتبة فتحية العسال - صورة من موقع السينما دوت كوم

رفضت الكاتبة فتحية العسال الاستسلام للقهر الذكوري والمجتمعي الذي تعرضت له منذ نعومة أظافرها، وتحدت المستحيل حتى انتصرت عليه، ولقنته درسا في الإصرار والإرادة الحرة.

وتحل اليوم الذكرى الثانية لوفاة المناضلة والرائدة النسوية، التي لا تزال حاضرة معنا بكتاباتها وأعمالها الدرامية، التي عبرت فيها عن معاناة المرأة ونادت بحقوقها وتحريرها من "قفص الحريم".

صورة للكاتبة فتحية العسال من التليفزيون

*نشأتها

ولدت فتحية عام 1933 لأسرة متوسطة الحال، وتزوجت وهى لا تزال في الرابعة عشرة من عمرها، من الكاتب عبد الله الطوخي "رفيق رحلة حياتها" و"حضن عمرها"، وأنجبت منه ثلاثة ذكور هم شريف وإيهاب وصلاح وابنة واحدة هي الفنانة صفاء الطوخي.

*تجربة الختان

عايشت فتحية عدة تجارب مؤلمة في طفولتها تركت آثارها في شخصيتها وكتاباتها بداية من تجربة الختان على يد "غجرية صعيدية" وهي لا تزال ابنة العاشرة، لا تدرك ما يحدث لها.

وكبرت الطفلة وأدركت "يعني إيه طفلة صغيرة يجزروا جزء من لحمها باسم العادات والتقاليد" كما قالت في مذكراتها "حضن العمر" التي نشرتها عام 2004، وعبرت عن هذه التجربة المريرة في مسرحية "نساء بلا أقنعة".

*الحرمان من التعليم

وحرمها والدها من إكمال تعليمها وهى في الحادية عشرة من عمرها، حتى لا تخرج من المنزل ولكنها كانت مصممة على تحقيق "حلم التعليم"، وتحكي عن تجربتها في تعليم نفسها في مذكراتها قائلة "ابتديت كل يوم بعد ما أخلص شغل البيت من كنس لمسح لطبيخ أدخل أوضتي وأقفلها عليّ وأعيش إصراري اللي شرنقت نفسي جواه وأمسك القلم وهات يا مذاكرة".

وعاشت "فتحية" تحت رقابة مشددة من أبيها وأخيها حسني الذي قام في إحدى المرات بقص خصلة من شعرها عقابا لها على الوقوف أمام النافذة.

فتحية العسال في إحدة الندوات

*فصول محو الأمية

بدأت فتحية العسال فصلا جديدا من حياتها بعد زواجها من الكاتب عبد الله الطوخي، حيث قامت بالإشراف على تكوين فصول محو أمية لتعليم السيدات، وإقناعهن للالتحاق بها حتى كونت 14 فصلا، وافتتحت أول فصل في حي السيدة زينب عام 1956.

وتقول في مذكراتها "صحيح مكنتش بقوم بالتدريس لكن بعد اليوم الدراسي كنت باقعد واتكلم مع الستات في كل حاجة وأربطها بأسبابها الحقيقية وهى الفكر المتخلف والتقاليد البالية وأن الست لازم تدافع عن حقوقها".

ووصفت فتحية العسال تلك الفترة ببداية الازدهار في حياتها، مشيرة إلى أنها كانت فترة ازدهار أكبر على مستوى البلد وعلى طريق تحرير المرأة عقب إجراء انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) لأول مرة بعد حصول المرأة على حق الترشح والانتخاب وفوز سيدتين هما راوية عطية في الجيزة وأمينة شكري في الإسكندرية.

*أعمالها الأدبية

وبدأت فتحية العسال الكتابة الأدبية في عام 1957 واهتمت بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة بشكل خاص، فقدمت 57 مسلسلاً منهم مسلسل "رمانة الميزان" و"شمس منتصف الليل"، و"حبال من حرير"، و"حتى لا يختنق الحب"، و"هى والمستحيل" الذي عبرت فيها عن تجربتها الذاتية.

وحصل مسلسل "لحظة صدق" على جائزة أفضل مسلسل مصري لعام 1975، كما كتبت 10 مسرحيات من أبرزها "ليلة الحنة" و"من غير كلام" .

*العمل الوطني وتجربة السجن

وشاركت فتحية العسال في العمل الوطني والنضالي منذ شبابها حيث عاصرت فترة الاستعمار الإنجليزي لمصر، وانضمت لأحزاب سرية وعبرت عن رفضها لمعاهدة كامب ديفيد التي وقعت عام 1979 وهو ما تسبب في تعرضها للاعتقال ثلاث مرات.

واستغلت فترة السجن في ادخار "كنز من القصص" نشرته في مسرحية "سجن النسا"، التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني عام 2014 عالجته دراميا الكاتبة مريم نعوم، وصدر قرار بالإفراج عنها في ديسمبر عام 1981.

وعاشت فتحية العسال حياة مزدحمة بالأنشطة فكانت عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب ورئيس جمعية الكاتبات المصريات وأمين عام اتحاد النساء التقدمي وعضوة بحزب التجمع.

ونشرت مذكراتها "حضن العمر" عام 2002 وحازت جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2004.

وامتزج الحكي في مذكراتها بين العام والخاص، وروت خلالها قصة انفصالها عن رفيق حياتها دفاعا عن حريتها واستقلالها مبررة قرار الطلاق بقولها "كيف يمكنني أن أمارس الحرية مع رجل غير متحرر من شبح الملكية والموروث".

*رائدة نسوية وكاتبة متميزة

وقالت المحامية انتصار السعيد، مديرة مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان، لأصوات مصرية، إن الكاتبة فتحية العسال تعد من أهم الرائدات النسويات اللاتي دافعن عن حقوق المرأة وحريتها وحقها في التعليم والعمل السياسي.

الكاتبة فتحية العسال بإعتصام المثقفين بوزارة الثقافة - أصوات مصرية

وأضافت "فتحية العسال آثرت الأدب المصري والعربي ودافعت عن حقوق النساء عبر كتاباتها ومشاركتها في المجال العام".

وأشارت إلى أن مسرحية "سجن النساء" من أهم أعمالها كونها "قدمت خلالها شخوصا نسائية حقيقية ضحايا للقهر المجتمعي".

وتابعت أن دراما النساء كانت مجال تميز الكاتبة فتحية العسال التي "كانت خير من عبر عن أحوال المرأة المصرية".

وأشارت إلى أنها رغم معاناتها من المرض والتقدم في السن، صممت على النزول للميدان والمشاركة في ثورة 25 يناير ومن بعدها في اعتصام المثقفين إبان عصر الإخوان أمام وزارة الثقافة عام 2013 للمطالبة بإقالة وزير الثقافة. 

وتوفيت فتحية العسال بعد صراع مع الفشل الكلوي في مستشفى المعادي العسكري عن عمر ناهز 81 عاما.

تعليقات الفيسبوك