كيف توفر مصر 22 مليار دولار من وارداتها؟ (تقرير)

الأحد 17-04-2016 PM 05:43

سفينة تعبر قناة السويس، وواجهة أحد محلات الصرافة بالقاهرة - صورة مجمعة من رويترز

- إنشاء معامل تكرير ومصانع كيماويات وشون حديثة للقمح والتوسع في زراعة الفول والعدس.. أهم معالم الطريق 

"ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر" بهذه الكلمات لجبران خليل جبران استهل بنك الاستثمار برايم تقريره، الذي رصد فيه أهم السلع التي تستوردها مصر، وتساهم في استنزاف مواردها المحدودة من العملة الصعبة.

ويشير التقرير، الذي صدر بعنوان "كيف يمكن لمصر تخفيض فاتورتها الاستيرادية؟"، إلى أن تلك السلع يمكن إحلالها بمنتجات محلية، بما يوفر 22 مليار دولار من العملة الصعبة.

وبلغت واردات مصر السلعية 60 مليار دولار خلال العام المالي الماضي (2014-2015)، مقابل صادرات لا تتجاوز 22 مليار دولار، ليصل العجز التجاري إلى نحو 38 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي.

وتعاني مصر نقصا حادا في العملات الأجنبية بسبب تراجع مصادرها الأساسية منها، والمتمثلة في السياحة والصادرات وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وأشار برايم في التقرير، الذي حصلت أصوات مصرية على نسخة منه، إلى مجموعة من السلع والمنتجات المستوردة التي تقدر قيمتها بنحو 22 مليار دولار، يمكن توفيرها إذا ما تم اتباع مجموعة من السياسات لإحلالها بأخرى محلية.

وقال بنك الاستثمار إن تقريره يمثل دعوة لصناع القرار لإيجاد بدائل لتلك السلع "ليس فقط لوقف نزيف الدولارات، وإنما أيضا لخلق نمو اقتصادي حقيقي بمعني الكلمة، وليس أساسه الأنشطة العقارية والمشروعات الخدمية، وإنما يعتمد بالأساس على نهضة صناعية زراعية".

وكان طارق عامر، محافظ البنك المركزي، قد قال لوكالة بلومبرج الإخبارية في يناير الماضي، إن البنوك فرضت قواعد أكثر صرامة على تمويل الواردات، ستساهم في توفير نحو 20 مليار دولار خلال العام الجاري.

 11.6 مليار دولار واردات المحروقات والبتروكيماويات

قال برايم في تقريره إن مصر استوردت محروقات بترولية بأكثر من 8 مليارات دولار في العام المالي الماضي، منها 4.3 مليار دولار للسولار، وحوالي 4.1 مليار دولار لمحروقات أخرى مثل المازوت (2 مليار دولار)، والبنزين (1.24 مليار دولار)، والأسفلت ووقود الطيارات وزيوت التشحيم وغيرها.

وأوصى برايم بالتوسع في إنشاء معامل ومصانع تكرير البترول الخام محليا لتقليل استيراد المحروقات البترولية.

وأشار إلى أن تكلفة إنشاء معمل تكرير بترول تبلغ حوالي 4 مليارات دولار، يمكنه سد نصف الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج المحلي، بينما تصل تكلفة إنشاء معمل تكرير أكثر تقدما إلى نحو 12 مليار دولار، يمكنه سد 100% من هذه الفجوة.

أما البتروكيماويات التي بلغت قيمة وارداتها 3.6 مليار دولار في العام المالي الماضي، منها 500 مليون دولار للبولي بروبلين و 900 مليون دولار للإيثيلين والبولي إيثيلين، فيمكن الاكتفاء الذاتي منها من خلال إنشاء مصانع محلية.

كما اقترح التقرير إنشاء مصنع لسلفات البوتاسيوم التي تستخدم كسماد لأنواع فاخرة من الخضر والفاكهة، بتكلفة حوالي 300 مليون جنيه، بدلا من استيراده بنحو 130 مليون دولار في السنة (ما يعادل 1.1 مليار جنيه).

وأضاف برايم أن مصر تستورد مادة الكبريت التي تستخدمها في صناعة الأسمدة بما يزيد على 45 مليون دولار سنويا، بينما يمكن إنشاء مصنع لإنتاجها محليا بما لا يتعدى 70 مليون دولار.

تشجيع زراعة وتخزين الحبوب

تستورد مصر حبوبا بقيمة تزيد على 4.7 مليار دولار سنويا، منها حوالي 3 مليارات دولار لاستيراد القمح، و1.7 مليار دولار للذرة الصفراء، كما يقول التقرير.

وتكمن مشاكل إنتاج الحبوب في مصر في انحسار المساحة المنزرعة عموما، وعدم القدرة على تخزين الحبوب، وعزوف الفلاح عن زراعتها واستبدالها بمحاصيل أخرى أكثر ربحية، بحسب برايم.

وأشار التقرير إلى أن ما بين 15 و20% من محصول القمح يهدر سنويا بسبب التخزين في شون ترابية، ويعادل هذا الهدر نحو 40% من الكميات التي يحصل عليها أكبر مستورد في العالم من الخارج.

وبحسب وزارة التموين فإن السعات التخزينية تمت زيادتها هذا العام بأكثر من مليون طن، بعد إنشاء 17 صومعة جديدة، وتطوير وتحديث 105 شونة ترابية وتحويلها إلى شون حديثة متطورة.

وأوصى تقرير برايم بتجريم البناء على الأراضي الزراعية والتوسع في إنشاء الصوامع المعدنية، ودعم الفلاحين وتحديد سعر شراء الحكومة لمحاصيل الحبوب قبل الزراعة لتشجيع المزراعين على زراعتها.

دعم زراعة القطن والبقول

أوصى تقرير برايم بدعم مجموعة من المحاصيل الزراعية وتشجيع الفلاحين على زراعتها محليا بدلا من استيرادها، من بينها القطن، الذي بلغت قيمة وارداته 740 مليون دولار في عام 2015، بينما انخفض الإنتاج المحلي منه بنحو 14% في نفس العام.

وكانت لجنة تطوير القطن التي شكلها رئيس الوزراء في أكتوبر الماضي أوصت في تقريرها النهائي بالتوسع في زراعة أصناف جديدة من الأقطان متوسطة التيلة التي تحتاجها المصانع المحلية.

كما أوصى برايم بدعم مزارعي بنجر السكر لتوفير ما يصل إلى 619 مليون دولار تكلفة استيراد السكر.

كذلك الخضروات، والبقول مثل الفول والعدس والحمص التي بلغت وارداتها أكثر من 570 مليون دولار سنويا، والبذور مثل الفول الصويا وعباد الشمس التي تستورد مصر منها ما قيمته 1.3 مليار دولار.

ويرى برايم أنه يمكن إحلال تلك الواردات بمحاصيل محلية.

وقال برايم إن صناعة الأعلاف التي تستورد مصر منها ما يقرب من مليار دولار سنويا، يمكن تحويلها إلى صناعة محلية، خاصة أنها صناعة بسيطة حيث لا يتكلف مصنع الأعلاف الواحد أكثر من 50 ألف جنيه.

وأشار التقرير إلى أن زيادة الإنتاج المحلي من الأعلاف سوف تسهم في زيادة الإنتاج من اللحوم والدواجن، التي بلغت وارداتها 1.9 مليار دولار، وكذلك منتجات الألبان التي بلغت وارداتها 850 مليون دولار، لعدم قدرة الثروة الحيوانية المحلية على تلبية الطلب المتزايد عليها.

كما قال برايم إنه يمكن إحلال جزء كبير من واردات الأسماك التي بلغت قيمة وارداتها العام الماضي نحو 600 مليون دولار عن طريق تشجيع المشروعات الصغيرة للاستثمار في المزارع السمكية. 

تعليقات الفيسبوك