رئيس وزراء إيطاليا "بين نارين" في قضية ريجيني

الأحد 10-04-2016 PM 05:28

أسرة ريجيني تطالب برد قوي على مصر في مؤتمر صحفي بالبرلمان الإيطالي، 29 مارس 2016. تصوير: ريمو كاسيلي - رويترز.

يقول محللون إن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي، يواجه مأزقا سياسيا في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بسبب الضغوط كي يتخذ موقفا متشددا تجاه مصر التي تربطه بها علاقات وثيقة ومصالح مهمة وقد يلجأ للتحرك من خلال الاتحاد الأوروبي لتجنب أي رد انتقامي من جانب القاهرة.

وقالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن رينتسي يتعرض لضغط سياسي متزايد لاتخاذ موقف صارم ضد مصر منذ العثور على جثة ريجيني في القاهرة في فبراير الماضي.

وأضافت الصحيفة، في تقرير بموقعها على الإنترنت، أن مقتل ريجيني يضع رئيس الوزراء الإيطالي في مواجهة واحدة من أصعب المعضلات الدبلوماسية منذ توليه رئاسة الحكومة في 2014 .

وكان ريجيني (28 عاما) اختفى من شوارع القاهرة في 25 يناير وعثر على جثته وعليها آثار تعذيب شديد ملقاة على مشارف العاصمة على جانب طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي في الثالث من فبراير.

ومنذ العثور على جثة ريجيني وبها إصابات وجروح وجهت إلى الشرطة المصرية اتهامات بالتورط في مقتل الباحث الإيطالي، وهو زعم نفته مصر مرارا.

واضطرت تطورات القضية رينتسي إلى النظر في إجراءات ضد القاهرة تتراوح من استدعاء سفير إيطاليا الى العقوبات الاقتصادية والتحذيرات من السفر.

وذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن رد الفعل السريع من إيطاليا باستدعاء السفير بعد انتهاء زيارة وفد المحققين المصري لروما يشير إلى عزم إيطاليا على أن تكون حازمة.

 وقالت الصحيفة إن إيطاليا شريك تجاري كبير لمصر، وإن رئيس الوزراء الإيطالي بنى بعناية علاقة مع السيسي، لكن الرأي العام الإيطالي الغاضب لم يترك له مجالا للتردد.

وأشارت إلى أن الإيطاليين خرجوا في مظاهرات للمطالبة بتحقيق العدالة لريجيني، مضيفة أن إيطاليا تأثرت بشجاعة والدة ريجيني عندما قالت في مؤتمر صحفي الشهر الماضي إنها لن يمكنها البكاء على ابنها إلا بعد تقديم قاتليه للعدالة.

وأشارت فاينانشال تايمز إلى أن رينتسي حرص على تعزيز العلاقات مع مصر منذ توليه رئاسة الحكومة الإيطالية، ويمكن للاجراءات الانتقامية أن تهدد العلاقة الوثيقة جدا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وقالت الصحيفة إن تلك العلاقات أدت إلى موجة من الصفقات التجارية والاستثمارية الثنائية، بالإضافة إلى التعاون في القضايا الأمنية كما هو الوضع بالنسبة لليبيا ومكافحة الإرهاب والهجرة.

ونقلت عن وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني قوله "ما لم يكن هناك تغيير في الطريقة التي تتعامل بها مصر مع القضية فإن الحكومة (الإيطالية) على استعداد لتبني تدابير فورية ومتناسبة مع الموقف".

وأضاف "لن ندع كرامة إيطاليا تهان".                       

واستدعت إيطاليا يوم الجمعة الماضي سفيرها لدى مصر للتشاور وإجراء تقييم عاجل للخطوات التي ينبغي القيام بها لاستجلاء الحقيقة بشأن قضية ريجيني، وذلك عقب انتهاء اجتماعات عقدت على مدى يومين بين وفد محققين مصري ومحققين إيطاليين في روما.

ونقلت صحيفة لوس انجلوس تايمز عن باز زاراتي، وهي محامية تشيلية متخصصة في القانون الدولي وكانت مشرفة على ريجيني في مركز أبحاث أوكسفورد أنلاتيكا في انجلترا، قولها إن استدعاء السفير الإيطالي من القاهرة "خطوة مهمة لأن إيطاليا ليس من عادتها (التحرك بغرض) حماية رعاياها في الخارج."

وأضافت أنه "بالنسبة لوزير الخارجية (الإيطالي) فإن الحديث عن إجراءات مضادة هو خروج عن المعتاد."

وقالت "لو بإمكاني التحدث بالنيابة عن أصدقائه (ريجيني)، فنحن غاضبون من الأكاذيب التي لا تتوقف والقصص التي يتم اختراعها للتغطية على الحادث في مصر على مدى الشهرين الماضيين.. إنه لأمر هام فعليا أن يدقق الغرب في سجل السيسي في مجال حقوق الإنسان".

وقال النائب العام المساعد المصري مصطفى سليمان، والذي كان يترأس الوفد المصري الذي زار روما لعرض أحدث المستجدات في قضية ريجيني، إن خلافا نشب بين مصر وإيطاليا بسبب رفض الجانب المصري طلب روما تسليمها سجل الاتصالات بهاتف ربجيني قبيل مقتله.

وأضاف سليمان، في مؤتمر صحفي يوم السبت بالقاهرة عقب عودة الوفد من روما، أن النائب العام الإيطالي قال إن استمرار التعاون القضائي مرهون بهذا الطلب.

وقالت صحيفة فاينانشال تايمز إن مسؤولين إيطاليين يعترفون بأن هناك معوقات أمام اتخاذ إجراءات متشددة (إزاء مصر)، ونقلت عن أحد المسؤولين الإيطاليين قوله إن الصفقات التجارية الجديدة بالفعل "مجمدة".

وأضاف المسؤول أن هناك خطراً في أن تواجه المشاريع الاستثمارية القائمة بالفعل (بين مصر وإيطاليا) انتكاسات، مشيراً على سبيل المثال إلى مشروع تطوير حقل غاز كبير في البحر المتوسط قبالة السواحل المصرية بواسطة شركة إيني الإيطالية العملاقة.

وأشار المسؤول الى أن مصر شريك رئيسي أيضا في الحرب ضد تنظيم داعش والجهود لتحقيق الاستقرار في ليبيا.

وأضافت أن بعض المسؤولين اقترحوا أن تحصل إيطاليا على موافقة حلفائها في الاتحاد الأوروبي على تدابيرها المتشددة تجاه مصر للتقليل من احتمال أن تقوم القاهرة بالرد.

وأشارت إلى أن البرلمان الأوروبي مرر الشهر الماضي قرارا وصف فيه مقتل ريجيني بـ"الرسالة التي تقشعر لها الأبدان" لتلك البلدان التي تسعى لبناء علاقات مع القاهرة في الوقت الذي شهد "زيادة كبيرة في تقارير التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للشرطة وغيرها من حالات الوفاة في الحجز وحالات الاختفاء القسري في أنحاء مصر."

وأعربت مصر يوم السبت عن انزعاجها من قراري إيطاليا باستدعاء سفيرها لدى مصر وبتعليق التعاون القضائي في القضية.

تعليقات الفيسبوك