التعديلات الدستورية ونظام الحكم

الإثنين 21-10-2013 PM 12:16
التعديلات الدستورية ونظام الحكم

أولى جلسات لجنة الخمسين لتعديل الدستور

كتب

كتب: حسن صابر

بعد نحو 40 عاما من العمل بدستور 1971 والتعديلات المحدودة التي أجريت عليه في عهد الرئيسين الأسبقين محمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في أعقاب ثورة يناير 2011 إعلانا دستوريا يجعل السلطة التشريعية والتنفيذية في يديه.

وأجري في 19 مارس 2011 استفتاء على تعديلات حاسمة على دستور 1971 تتعلق بمنصب الرئاسة وبإصدار دستور جديد وكيفية صياغته، وجاءت النتيجة بالموافقة على التعديلات، والموافقة على إصدار دستور جديد لاحقا، تمت صياغته بالفعل عام 2012 وأقر عبر استفتاء شعبي.

لكن دستور 1971، رغم الموافقة في الاستفتاء على استمراره لحين إصدار الدستور الجديد، حل محله من الناحية العملية الإعلان الدستوري الصادر في نهاية مارس 2011 عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

انتُخب مجلس للشعب انعقدت أولى جلساته في يناير 2012، وتسلم السلطة التشريعية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولكن تم حله لاحقا بسبب قرار للمحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون انتخابه.

أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانا دستوريا مكملا في يونيو 2012 يستعيد به السلطة التشريعية بعد حل مجلس الشعب. وبعد فوز محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين بمنصب رئيس الجمهورية، حاول مرسي إعادة مجلس الشعب للانعقاد ولم تنجح المحاولة التي اعتبرها كثيرون انتقاصا من سلطة القضاء.

لجأ مرسي إلى إصدار إعلان دستوري في أغسطس 2012 ليمنح نفسه سلطة التشريع بدلا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إلى جانب السلطة التنفيذية، وأصدر في نوفمبر إعلانا دستوريا يعطل به عمليا سلطة القضاء على أي قرار لرئيس الجمهورية، وألغاه لاحقا مع الإبقاء على آثاره.

في ظل هذا الاضطراب بشأن العلاقة بين السلطات الثلاثة وتحديد من يمتلكها، جاء دستور 2012 ليحاول إيجاد حلول لهذه المعضلات.

نظرة على بعض المواد المتعلقة بنظام الحكم في دستور 2012:

كتبت دستور 2012 جمعية تأسيسية اختارها البرلمان الذي فازت بنحو 70% من مقاعده أحزاب إسلامية أو ذات مرجعية إسلامية، وجاءت أغلبية عضوية الجمعية من المنتمين للتيار الإسلامي.

أبقى الدستور على نظام المجلسين (الغرفتين) في البرلمان، ومنح سلطة التشريع بشكل مؤقت لمجلس الشورى لحين انتخاب "مجلس النواب"، ومنح رئيس الوزراء جزءا من سلطات رئيس الجمهورية، ولم تحدث تغييرات كبرى بشأن القضاء، غير تخفيض عدد قضاة المحكمة الدستورية العليا من 17 إلى 11 قاض.

ومنح الدستور، في المادة 101 منه، حق اقتراح القوانين لرئيس الجمهورية، وللحكومة، ولكل عضو فى مجلس النواب، ومنح الرئيس حق الاعتراض على القوانين التي يصدرها المجلس ليقوم بتعديلها أو الموافقة عليها دون تغيير بموافقة ثلثي المجلس لا الأغلبية البسيطة.

ومنح الدستور لرئيس الجمهورية (رأس السلطة التنفيذية)، في المادة ،127 حق حل مجلس النواب (السلطة لتشريعية) بقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب.

ونصت المادة أيضا على "وإذا لم توافق هذه الأغلبية (في الاستفتاء) على الحل، يتعين على رئيس الجمهورية أن يستقيل من منصبه".

جعل الدستور حق اختيار رئيس الوزراء لرئيس الجمهورية، وإن لم ينل ثقة مجلس النواب يختار رئيس وزراء آخر من حزب الأكثرية، وإن لم ينل أيضا الثقة، يختار المجلس نفسه رئيسا للوزراء، ولو تعذر كل ما سبق يحل رئيس الجمهورية المجلس، كما تقضي المادة 139.

نص الدستور على دور أكبر لرئيس الوزراء، حيث تنص المواد من 140 إلى 142 على اشتراك مجلس الوزراء مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها، وعلى أن يتولى رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء؛ عدا ما يتصل منها بالدفاع والأمن القومى والسياسة الخارجية، وعلى أنه يجوز لرئيس الجمهورية أن يفوض بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء أو لنوابه أو للوزراء أو للمحافظين.

جعل الدستور أيضا إعلان رئيس الجمهورية لحالة الطوارئ "بعد أخذ رأي الحكومة"، وأنه "إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء".

وفيما يخص السلطة القضائية كان التعديل الأبرز هو ما يخص منصب النائب العام، ونصت المادة 173 على ما يلي: "النائب العام يعين بقرار من رئيس الجمهورية، بناء على اختيار مجلس القضاء الأعلى، من بين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بالاستئناف والنواب العامين المساعدين، وذلك لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله".

ونصت المادة 176 على أن "تشكل المحكمة الدستورية العليا من رئيس وعشرة أعضاء، ويبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التى ترشحهم، وطريقة تعيينهم، والشروط الواجب توافرها فيهم، ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية"، وكان ذلك عمليا يعني عزل سبعة من قضاتها بعد خفض عدد أعضائها حسب المادة 233 التي أبقت على رئيسها وأقدم عشرة من أعضائها.

ونصت المادة 177 على أن تعرض مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها، وهو ما قد يعني في رأي بعض المختصين حرمان المحكمة من حق الرقابة اللاحقة على هذه القوانين إذا ما تبين عوارها وهي قيد التطبيق.

نظرة على بعض المواد المتعلقة بنظام الحكم في مشروع "لجنة العشرة" لتعديل دستور 2012 المعطل:

عطل دستور 2012 بموجب "خارطة المستقبل" التي أعلنها الفريق عبد الفتاح السيسي في بداية يوليو الماضي في أعقاب مظاهرات حاشدة شارك فيها ملايين المصريين مطالبين بإسقاط الرئيس محمد مرسي وحكم "جماعة الإخوان المسلمين".

وتقضي خارطة المستقبل أو خارطة الطريق بأن تقوم لجنة من عشرة قضاة وأساتذة قانون بإعداد مقترح بتعديل دستور 2012، على أن تناقشه "لجنة الخمسين" الممثلة لقطاعات مختلفة من المجتمع المصري وتياراته السياسية تمهيدا لطرحه لاستفتاء عام.

لازالت مناقشات لجنة الخمسين جارية، وأعلنت بعض لجانها الفرعية عن إجراء تعديلات على مقترح لجنة العشرة.

فيما يخص السلطة التشريعية، رأي مقترح "لجنة العشرة" أن يقتصر البرلمان على مجلس (غرفة) واحدة باسم "مجلس الشعب"، إلا أن لجنة "نظام الحكم" داخل لجنة الخمسين وافقت بأغلبية أعضائها على أن يتكون البرلمان من مجلسين واحد للنواب وآخر للشيوخ، وتتوجب موافقة 75% من مجمل أعضاء لحنة الخمسين على هذا الاقتراح لطرحه للاستفتاء الشعبي.

ومنح المقترح أيضا لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين والاعتراض عليها، وحق حل المجلس بعد استفتاء شعبي، وأبقى على سلطات، وطريقة اختيار رئيس مجلس الوزراء كما كانت في دستور 2012 المعطل.

وأبقى المقترح على المبادئ الخاصة بعمل وطبيعة السلطة القضائية دون تغيير تقريبا سوى حذف مواد تخص الخبراء القضائيين والطب الشرعي.

وجعلت مادة 162 في مقترح التعديلات تعيين النائب العام بقرار الرئيس بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء، بينما كان في مادة 173 من دستور 2012 (بناء على اختيار المجلس الأعلى للقضاء) وليس مجرد موافقته.

وفيما يخص المحكمة الدستورية العليا، لم يحدد المقترح عدد أعضائها، ونص على "تؤلف المحكمة من رئيس وعدد كاف من نواب الرئيس، ويعين رئيس المحكمة بقرارمن رئيس الجمهورية من بين أقدم ثلاثة نواب بها..".

وجعل المقترح اختيار وزير الدفاع حقا لرئيس الجمهورية مشروطا باختياره من بين ضباط الجيش (كما كان يقر دستور 2102)، مضيفا إليه شرط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على هذا الاختيار.

وحذف من المادة 127 وجوب استقالة رئيس الجمهورية في حالة رفض الشعب لحل مجلس النواب في استفتاء طلبه الرئيس.

وجعلت المادة 127 من المقترح موافقة ثلثي مجلس الشعب شرطا لإعلان الرئيس الحرب، بعد أن كان يشترط في المادة 146 من الدستور فقط موافقة أغلبية النواب.

ونصت التعديلات على اشتراط (موافقة مجلس الوزراء) على إعلان الرئيس لحالة الطوارئ، بينما نص الدستور على (أخذ رأي الحكومة) في المادة 148 وموافقة مجلس الشعب خلال سبعة أيام من إعلانها.

وجعلت التعديلات في المادة 130 من المقترح أن يكون حق الرئيس في العفو عن العقوبة وتخفيضها مشروطا بموافقة مجلس الوزراء.

وشددت من شروط ترشيحه موجبة أن يكون والداه مصريين لم يحملا جنسية أجنبية، وأتاحت للقانون إضافة شروط أخرى للترشح.

وفي تأكيد على ألا تنفرد أغلبية بسيطة بتغييرات جوهرية أو قرارات هامة، جاءت المادة 158 مشترطة موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على القوانين الخاصة بالسلطة والهيئات القضائية، وأخذ رأيها في هذه القوانين.

تعليقات الفيسبوك