نساء يروين معاناة ثلاث سنوات من البطالة بعد ثورة 25 يناير

الإثنين 27-01-2014 AM 10:36
نساء يروين معاناة ثلاث سنوات من البطالة بعد ثورة 25 يناير

سيدة تحمل غطاء لأواني الطهي في مظاهرة امام دار القضاء العالي يوم 22 فبراير 2013 - رويترز

كتب

كتبت: أمنية طلال

مها رجائي، مرشدة سياحية في العقد الرابع من عمرها، واحدة ممن فقدن عملهن بعد ثورة 25 يناير، شأنها شأن ألوف المصريات، ورأت مدخول أسرتها يتقلّص ليؤمّن فقط الحياة اليومية بعيداً عن أي رفاهية.

لم يعد لمها وزوجها، الذي يعمل أيضاً مرشدا سياحيا، سوى ما ادخروه من أموال لتأمين حياة ودراسة ولديهما أحدهم في المرحلة الجامعية والآخر في المرحلة الإعدادية.

تقول مها "بعد فقداني عملي أنا وزوجي كان علينا أن نعيش بأقل النفقات"، موضحة أنها تخلت تماما عن جميع الرفاهيات التي كانت تتمتع بها لتوجيه الإنفاق على تعليم الأبناء والمأكل.

وتضيف: "لم أتوقع تحسن الوضع خلال حكم الإخوان المسلمين نظرا لعدم استقرار الأوضاع السياسية"، مشيرة إلى أنها تأمل أن يتغير الوضع من خلال الدستور الجديد وانتخاب رئيس.

ويشهد قطاع السياحة، الذي كان يساهم بأكثر من العشر في الناتج المحلي الإجمالي لمصر، تراجعا وانحسارا بسبب استمرار الاضطرابات السياسية والانفلات الأمني منذ قرابة الثلاثة أعوام.

وبلغ عدد السائحين في مصر 14,8 مليون سائح في عام 2010 قبل أن يتراجع في عام 2011 إلى نحو ثمانية ملايين سائح بعد الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، ومع الاضطرابات السياسية نصحت حكومات أوروبية مواطنيها بعدم السفر إلى مصر لقضاء العطلات.

حاولت مها البحث عن وظيفة أخرى لكنها لم تجد أي فرصة عمل طوال الثلاث سنوات الماضية، قائلة "لم أمتلك الخبرة في مجالات أخرى مثل التعليم" كما فعل زملائها في العمل، معربةً عن مخاوفها من استمرار الأزمة طويلا.

وطالبت الحكومة المصرية بتبني سياسات من شأنها إصلاح الوضع الاقتصادي، وتحقيق الاستقرار، والنهوض بالقطاعات التي تأثرت بعد الثورة مثل السياحة.

ولم يختلف حال فاطمة رزق، صاحبة مصنع للجلود، عن نساء كثيرات فقدن وظائفهن في القطاع غير الرسمي نتيجة الأزمة الاقتصادية بعد ثورة يناير.

وفاطمة، 39 عاما، أم لبنتين في المرحلة الابتدائية، بدأت حياتها العملية منذ 14 عام، وبعد ذلك قررت العودة إلى قريتها كفر المحمودية بالشرقية لإقامة مصنع للمشغولات الجلدية العالية الجودة.

وبدأت في 2008 بشراء بواقي الجلود والعمل في منزلها، ثم استطاعت تجهيز مصنع صغير تعمل فيه 65 عاملة. وتألقت فاطمة بنشاطها الاجتماعي، حيث امّنت دروس محو أمية لـ500 فتاة وسيدة من العاملات في المصنع ونساء القرية، وشجعتهن عبر زيادة رواتب العاملات اللواتي يجتزن اختبارات الأمية.

وتصل نسبة مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي (قوة العمل) 23.1% وفق إحصائيات المجلس القومي للمرأة.

وتقول فاطمة إنها واجهت معاناة بعد الثورة نتيجة ضعف التسويق ومحاربة الإخوان المسلمين لها على حد تعبيرها، موضحة "لم أستطع تسديد قروض الصندوق الاجتماعي للتنمية فتوقف الإنتاج في المصنع وتضررت 65 عاملة".

وتضيف "بعد 30 يونيو عاد النبض إلى قلبي ليحطمه روتين الصندوق الذي طالبني بمبلغ القرض وفوائده، إما الدفع أو الحبس، رافضين جدولة الديون".

أم صلاح امرأة خمسينية، تعمل حارسة عقار، ولديها أربعة أبناء في مراحل التعليم المختلفة، وهي المسؤولة عن تدبير نفقات الأسرة بعد إحالة زوجها للمعاش منذ 4 سنوات.

تقول أم صلاح التي وجدت التجاعيد طريقا على وجهها النحيل "معاش زوجي 500 جنيه لا يكفي حتى لأبسط احتياجاتنا من المأكل والملبس والعلاج"، موضحة أن أسعار السلع والخدمات ارتفعت بشكل كبير في الوقت الذي تزيد فيه المعاشات بنسبة ضئيلة جدا.

وتضيف "لم أعد أقوى على العمل في المنازل لتوفير نفقات الأسرة"، مؤكدة أنها فقدت الأمل في تحسن الحالة الاقتصادية للأسرة ولكنها لم تفقد قدرتها على تحمل هذه الظروف التي وصفتها بالقاسية.

وتؤكد أم صلاح أنها حلمت أن تغير الثورة الوضع لتعيش هي وأسرتها حياة أفضل، قائلة "كان عندي أمل الثورة تحسن الوضع، لكن الحياة بقت أصعب والعيشة بقت غالية ومبقناش قادرين على مصاريف الأكل والشرب".

وتلجأ أم صلاح لبدائل تتحايل بها على الظروف الاقتصادية المتدهورة، مستغنية عن كل سلع الرفاهة من فاكهة ولحوم ومنتجات ألبان، وتكتفي بالسلع الأساسية من أرز وخبز وخضروات تقوم بطهيها على عظام البقر أو الأغنام بدلا من اللحوم.

ولم تحلم كما أشارت سوى بزيادات سنوية ملائمة في المعاش وتوفير الاحتياجات الأساسية لأسرتها.

وحسب تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يبلغ متوسط خط الفقر للفرد في مصر 326.7 جنيه شهريا. وخط الفقر هو الحد الأدنى الذي يسمح للفرد بالحصول على السلع والخدمات الأساسية.

وتوضح الدكتورة عالية المهدي أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة أن المرأة في مصر تعول 25% من الأسر تقريبا، قائلة "بالتأكيد النساء المعيلات تأثرن كثيرا بالأزمة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث الماضية".

وتضيف "المرأة المصرية مسؤولة عن تدبير احتياجات الأسرة والعيش في ظل دخل محدود"، موضحة أن الزوج والزوجة يتحملون أعباء الأزمة الاقتصادية متجاهلين احتياجاتهم الشخصية من ملبس وعلاج في مقابل توفير نفقات التعليم والمأكل والملبس والعلاج للأبناء.

وتؤكد المهدي أن ارتفاع الأسعار والأزمات الاقتصادية سببها الرئيسي هو قلة الإنتاج، وعدم إتباع الحكومة سياسات من شأنها رفع الإنتاجية، مشيرة إلى أن هذه السياسات ستؤدي إلى زيادة التصدير وانخفاض الاستيراد الذي يتسبب في رفع الأسعار.

وحملت الحكومة عبء الفجوة بين الرواتب والأسعار، موضحة أن طباعة نقود وزيادة الرواتب في ظل ضعف الانتاج يتسببان في ارتفاع الأسعار وانهيار الوضع الاقتصادي للأسر المصرية.

تعليقات الفيسبوك