أفقر قرية مصرية تخشى استمرار المعاناة بعد انتخابات الرئاسة

الثلاثاء 13-05-2014 AM 08:16
أفقر قرية مصرية تخشى استمرار المعاناة بعد انتخابات الرئاسة

عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي - صورتان من رويترز

كتب

كتب: محمد عبد اللاه

السكون يخيم في منتصف النهار على قرية بهنموه التي اختارها أحدث تقرير لصندوق حكومي للتنمية أفقر قرية في مصر.

لا سيارات تتحرك ولا سلع يتبادلها الناس الذين جلس بعضهم أمام بيوت من الطوب اللبن المتهالك.

واعتبرت خريطة الفقر، التي نشرها الصندوق الاجتماعي للتنمية في وقت سابق هذا العام، بهنموه -التي يسكنها ألوف المصريين- أفقر قرية في البلاد لتفشي البطالة فيها وانخفاض نسبة التعليم وإصابة كثيرين من سكانها بالأمراض واعتماد دخول أغلبهم على العمل اليدوي الموسمي في مجال الزراعة وتراكم الديون الحكومية على كثيرين منهم.

وليس بين سكان بهنموه من يعمل قاضيا أو ضابط شرطة أو جيش أو طبيبا أو مهندسا أو مدرسا جامعيا.

وليس في القرية التي تبعد نحو 135 كيلومترا جنوبي القاهرة طبيب مقيم أو سيارة إسعاف أو سيارة إطفاء.

ويعيش نحو 25 مليونا من سكان مصر تحت خط الفقر.

واختيرت بهنموه التي يصعب مرور سيارة في بعض أزقتها المتربة وخمس قرى تجاورها أو قريبة منها في 2006 ضمن مشروع لتطوير القرى الأكثر فقرا تبناه جمال مبارك العضو القيادي في الحزب الوطني الديمقراطي الذي حكم مصر قبل انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك والد جمال.

أثمر مشروع التطوير مدرسة ابتدائية وأخرى إعدادية ووحدة صحية وصرفا صحيا ومبنى سكنيا في بهنموه. لكن المدرسة الإعدادية في القرية تقبل أيضا تلاميذ يتمون تعليمهم في المدرسة الابتدائية بقرية منهرة المجاورة التي يصل عدد سكانها إلى نحو سبعة آلاف نسمة.

وقال سعد أحمد -الذي يعمل موجها بوزارة التربية والتعليم- وهو أحد نحو عشرة موظفين حكوميين من سكان بهنموه لرويترز "بعد مبارك مفيش حاجة تاني اتعملت. مفيش أي مشروع تنمية ممكن يوفر وظيفة لأحد من العاطلين".

وأضاف "دخول الناس هنا بسيطة علشان موسمية لأن معظمهم يعتمدون على العمل في الأرض الزراعية ايلي مساحتها محدودة."

تزيد مساحة الأرض الزراعية في بهنموه على 300 فدان تملك أسرة واحدة نسبة كبيرة منها وتتقاسم باقي الاسر ملكية حقول صغيرة المساحة في حين لا تمتلك بعض الأسر أي حقول.

وقال أحمد "لا يوجد سوى مخبز واحد يحصل على كمية لا تكفي من الطحين الذي تدعم الحكومة سعره. الفرد قد لا يحصل على ثلاثة أرغفة صغيرة في اليوم لا تسد جوعه."

وأضاف "بشكل عام مفيش موظفين كبار من البلد علشان يسعوا ورا وظائف لأبنائها أو تمويل حكومي لمشروعات ممكن تتعمل فيها. من وقت ثورة 25 يناير لا يوجد نواب في البرلمان عن الدايرة اللي بهنموه جزء منها يلجأ ليهم الناس."

للمعاناة وجوه أخرى في بهنموه

الأطفال المتسربون من التعليم عددهم كبير. يقول أحمد "اللي عنده خمسة أو ستة أطفال يوديهم المدارس ازاي وهو بيجري ورا القوت اليومي لهم ومش مكفي؟.. اللي بيستأجر فدان أرض لزراعته يدفع إيجارا ستة آلاف جنيه سنويا (850 دولارا) وبسبب ارتفاع تكاليف زراعة المحاصيل لن يجد عائدا في نهاية العام إلا إذا عمل بنفسه في الأرض. العامل أجره في اليوم 50 جنيها."

وقال أحمد يحيى (32 عاما) وهو متزوج وله طفلان "عايزين من الرئيس اللي جاي اللي هو السيسي ان شاء الله يبص للصعيد شوية والتدهور اللي حاصل فيه".

ويشير يحيى الحاصل على شهادة جامعية إلى القائد السابق للجيش عبد الفتاح السيسي، الذي يتوقع على نطاق واسع فوزه في الانتخابات الرئاسية التي تجرى هذا الشهر وينافسه فيها السياسي اليساري حمدين صباحي.

وأضاف "المياه التي نشربها ملوثة وأصابت ناس كتير في بهنموه بالفشل الكلوي. عندنا عدد كبير من السكان مصابون بالتهاب الكبد الوبائي.. الوحدة الصحية مفيهاش أي علاج لأي مرض ونضطر نروح إهناسيا نضيع اليوم بالكامل علشان نحصل على علاج. اللي يجيله مغص بالليل محتاج يستأجر سيارة علشان يروح إهناسا."

إهناسيا مدينة في محافظة بني سويف تتبعها بهنموه إداريا وتبعد عنها نحو سبعة كيلومترات.

وقال أحمد سعد، الذي حصل هو الآخر على شهادة جامعية لكن يعمل في أرض زراعية تملكها أسرته "حتى البريد بتاعنا بنروح نجيبه من إهناسيا."

وقال يحيى "بندعي ربنا ان السيسي يوفر الأمن لمصر ويعيد دوران عجلة الإنتاج ويرجع السياح علشان تتحسن المعيشة عندنا هنا."

كثيرون من سكان بهنموه مدينون لبنك التنمية والائتمان الزراعي بجانب فقرهم.

قال يحيى "اضطر فلاحون كثيرون للاقتراض بفوائد عالية من البنك بسبب ارتفاع تكاليف زراعة المحاصيل واحتياجهم للإنفاق على أسرهم ولما فشلوا تراكمت عليهم الديون."

وأضاف "أنا وأفراد أسرتي علينا 180 ألف جنيه ديون للبنك بدأت بأربعين ألف جنيه. عجزنا عن السداد. القرض مستحق على خمسة أفدنة وثمانية قراريط وزعت بالميراث على خمسة رجال وامرأتين وزوجة. مش حنقدر نعمل حيازات زراعية للورثة إلا إذا سددنا القرض. الآن حتى الأسمدة المدعومة من الحكومة مش قادرين ناخدها."

وقال عبد المجيد عبد العليم وهو فلاح يلاقي نفس المعاناة "إحنا خايفين المشاكل تستمر زي ما هي بعد ما ييجي السيسي."

ووافق الآخرون على ذلك وإن كان أحمد قال إن أمله كبير في أن السيسي يستطيع حل المشاكل.

كان السيسي قال لمحطة تلفزيون سكاي نيوز عربية يوم الأحد ردا على سؤال حول الوقت الذي يعد بحل مشاكل المصريين خلاله "المصريين والسيسي يعدون أنفسهم بأنه خلال عامين سوف تنتهي مشاكلهم."

ربما قصد السيسي أنه وحده لن يستطيع حل المشاكل بقدر ما قصد التنويه الى الحاجة لمزيد من بذل الجهد.

(الدولار يساوي 7.055 جنيه)

تعليقات الفيسبوك