مواد الدين والشريعة في تعديلات دستور 2012

الإثنين 21-10-2013 PM 12:16
مواد الدين والشريعة في تعديلات دستور 2012

جامع الأزهر - تصوير عمرو دلش - رويترز

كتب

كتب: حسن صابر

تشهد لجنة الخمسين المكلفة بإجراء تعديلات على دستور 2012 استمرارا للجدل بشأن مواد تتناول الشريعة الإسلامية والدين والمؤسسات الدينية، كانت الجمعية التأسيسية التي أعدته في العام الماضي شهدت مثيلا له، وشهدت انسحاب ممثلي الكنائس المصرية وغالبية أعضائها من "التيار المدني".

توسع دستور 2012 في المواد المتعلقة بالدين، لتصبح أربع مواد مقارنة بمادة واحدة في دستور 1971 كانت تنص على "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر للتشريع". عدلت هذه المادة لاحقا في عهد الرئيس الأسبق، محمد أنور السادات، في عام 1980 - مع تعديل آخر يقضي بإمكانية الترشح للرئاسة لمدد غير مقيدة - إلى "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، لتتحول الشريعة الإسلامية من "مصدر للتشريع" إلى "المصدر الرئيسي للتشريع".

كتبت دستور 2012 جمعية تأسيسية اختارها البرلمان الذي فازت بنحو 70% من مقاعده أحزاب إسلامية أو ذات مرجعية إسلامية، وجاءت أغلبية عضويتها من المنتمين للتيار الإسلامي الذي يولي أهمية خاصة لتطبيق "الشريعة الإسلامية"، وظهرت داخلها دعوات لاستبدال "أحكام الشريعة" أو "الشريعة" بـ"مبادئ الشريعة".

انتهت الجمعية في مسودة الدستور، التي أقرت في استفتاء شعبي في ديسمبر الماضي، إلى استمرار المادة الثانية "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع" دون أي تغيير.

وأضافت موادا مستحدثة تتعلق بالدين منها المادة الثالثة "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية."

وأضافت كذلك المادة الرابعة "الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء. وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون".

وأثارت هذه المادة حينها مخاوف من أن تصبح هيئة دينية غير منتخبة (هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف) سلطة دينية تنتقص من سلطة التشريع والقضاء، وأن يكون ذلك نمط من أنماط "ولاية الفقيه" التي يعتمدها النظام الإيراني، وأثبت الواقع العملي قدرة الهيئة على التدخل في العمل التشريعي للبرلمان (مجلس الشورى) عندما رفضت مرتين قانونا ينظم عملية إصدار صكوك مالية "إسلامية".

وكانت المحكمة الدستورية في السابق هي التي تنظر دعاوى مخالفة القوانين للمادة الثانية من الدستور ومبادئ الشريعة الإسلامية، قائلة إنها تعتمد على القرآن وأحاديث نبوية قليلة العدد قطعية الثبوت.

وجاءت المادة 219 بغرض تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية تنص على "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة".

وكان حزب النور الذي أسسته "الدعوة السلفية" أكثر القوى الداعمة لإضافة هذه المادة التي اعتبرها البعض تؤسس لنظام طائفي يخص "أهل السنة والجماعة"، ويؤدي إلى فوضى تشريعية باللجوء إلى "القواعد الأصولية والفقهية" التي تتغير حسب الزمان والمكان، وخشى معارضون أن تمهد هذه المادة الطريق لتطبيق صارم للشريعة الإسلامية على المجتمع الذي يمثل المسيحيون نحو عشرة في المئة منه.

كما نص الدستور في المادة السادسة منه على "لا يجوز قيام حزب سياسي على أساس التفرقة بين المواطنين؛ بسبب الجنس أو الأصل أو الدين".

وجاء في المادة 11 "تراعي الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية و(القيم الدينية) والوطنية... وذلك وفقا لما ينظمه القانون".

ونصت المادة 42 على "حرية الاعتقاد مصونة. وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للأديان السماوية؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون"، بينما حظرت المادة 44 "الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة".

عطل دستور 2012 بموجب "خارطة المستقبل" التي أعلنها الفريق عبد الفتاح السيسي في أعقاب مظاهرات حاشدة شارك فيها ملايين المصريين مطالبين بإسقاط الرئيس محمد مرسي وحكم "جماعة الإخوان المسلمين".

وتقضي خارطة المستقبل أو خارطة الطريق بأن تقوم لجنة من عشرة قضاة وأساتذة قانون بإعداد مقترح بتعديل دستور 2012، على أن تناقشه "لجنة الخمسين" الممثلة لقطاعات مختلفة من المجتمع المصري وتياراته السياسية تمهيدا لطرحه لاستفتاء عام.

أنهت لجنة "الخبراء العشرة" عملها، وأبقت على المادة الثانية والثالثة، وعدلت المادة الرابعة بحذف جملة "ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية"، وحذفت اللجنة المواد 43 و44 و219 تماما.

وأضافت اللجنة مادة (رقم 11 في مقترح التعديلات) بشأن مساواة المرأة بالرجل أعقبتها بعبارة "دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية".

أثارت هذه التغييرات انتقاد حزب النور الذي أقر بخارطة الطريق، بينما يرفض حزب الحرية والعدالة الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين هذه الخارطة من حيث المبدأ.

لا تزال المناقشات بلجنة الخمسين جارية، وأعلنت لجنة نظام الحكم -المتفرعة من لجنة الخمسين- أنها قررت حظر قيام الأحزاب على أساس ديني، وهو ما سبق واقترحته أيضا لجنة "العشرة" في مشروع تعديلاتها، "على أن يحدد القانون لاحقا وضع الأحزاب ذات المرجعية الدينية الموجودة حاليا".

وقال حينها نادر بكار، مساعد رئيس حزب النور لشؤون الإعلام، إن حظر الأحزاب الدينية لن يمنع الإسلاميين من الانخراط في الحياة السياسية.

وأضاف نادر بكار إن هناك فئات من المجتمع لها صورة عن التدين من منطلق أن الدين يدخل في جميع مجالات الحياة، وإن حزب النور يرى أن الإسلام دين ودولة ولا يمكن الفصل بينهما، وقال إن "العامل الأساسي لنزول المصريين في 30 يونيو كان الفشل السياسي لجماعة الإخوان وليس ما يدعيه البعض بفشل المشروع الإسلامي".

وطالب حسين عبد الرازق، ممثل التيار السياسي اليساري بلجنة الخمسين، بإضافة عبارة حظر الأحزاب المؤسسة على أساس "مرجعية دينية" إلى حظر المؤسسة "على أساس ديني".

ويشير الباحث القانوني، عمر فرحات، في مقال بأصوات مصرية إلى حتمية التعرض لمسألة "الشريعة الإسلامية" بجرأة وصراحة، قائلا إن "مسألة الشريعة تفرض نفسها بقوّة علي أي محاولة جادة لتخيّل شكل النظام السياسي الاجتماعي الذي يسعي إليه الشعب المصري في مرحلة ما بعد الدولة الشمولية العسكرية. إلا أن التفكير الجدي في موقع الشريعة من الدولة المصرية التي هي في طور التكوين لا يكاد يتمتّع بأي قدر من التفكير المنظم أو الحوار الجاد..".

ويقول "من ناحية أخري فإن القوى التي تستند إلي القوة الرمزية للشريعة من أجل تحقيق مكاسب انتخابية – وهي القوي التي يطلق عليها الإسلام السياسي من باب الاختصار – تفتقر لأي رؤية حقيقة لكيفية توفيق الطبيعة الاجتماعية الفقهية للشريعة مع النظم المؤسسية الحديثة".

وتقول الكاتبة فريدة النقاش في مقال لها "الصراع حول الدستور ومواده الخاصة بالدين هو صراع بين رؤيتين للعالم وموقفين من القضايا الرئيسية ... رؤية متزمتة مغلقة وقديمة وأخرى متسامحة ومتفتحة وجديدة وسوف تنتصر الأخيرة ولو بعد حين".

تعليقات الفيسبوك