ثلاث أساطير حول الاقتصاد المصري: الإفلاس.. الانهيار.. إغلاق الشركات

السبت 25-01-2014 PM 02:17
ثلاث أساطير حول الاقتصاد المصري: الإفلاس.. الانهيار.. إغلاق الشركات

السياحة في مصر- تصوير جمال سعدي - رويترز

منذ انطلاق التظاهرات التي دعت لها مجموعات شبابية في 25 يناير 2011 -التي بدأت انتفاضة أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك- وعلى مدى ثلاثة أعوام تعرض الاقتصاد المصري لضغوط شديدة أثرت على مؤشراته لكنه حافظ على معدل نمو محدود وبقيت الحكومة المصرية بعيدة عن التعثر في سداد ديونها.

وأثارت الصعوبات التي تعرض لها الاقتصاد المصري مخاوف من تعرضه للانهيار أو تعرض الدولة للإفلاس، كما نشرت وسائل إعلام محلية معلومات عن إغلاقات واسعة للمصانع ما بث خوفا حول وضع الاقتصاد يقول الكاتب والباحث الاقتصادي وائل جمال إنه كان مقصودا لدفع الشعب المصري إلى ترك الميادين والعودة للمنازل.

وطرح مسؤولون ومتحدثون إعلاميون مخاوف من انهيار الاقتصاد المصري واتجاه البلاد نحو الإفلاس أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.

الإفلاس والاحتياطي الأجنبي

وقال وائل جمال لأصوات مصرية "هناك مشكلة بالطبع في مصر"، لكن القول بإن البلاد أوشكت على الإفلاس في أي وقت بعد ثورة يناير لم يكن دقيقاً بالمرة.

ويضيف أن تعريف الإفلاس هو توقف الحكومة عن سداد التزاماتها بسبب عدم قدرتها على ذلك، وقال إن هذا لم يحدث في أي وقت منذ يناير 2011.

وقال مصدر بمكتب بنك التعمير الألماني بالقاهرة لأصوات مصرية قبل أيام إن الحكومة المصرية لم تتأخر منذ بداية 2011 عن سداد فوائد التمويلات التي منحها البنك لمشروعات في مصر، وأضاف "لكن هذه التمويلات بفائدة منخفضة بالطبع".

وأشار جمال إلى احتياطي النقد الأجنبي كمؤشر آخر يدور حوله جدل واسع قائلا "الاحتياطي أصبح في الأسطورة ملخص لوضع مصر الاقتصادي".

وتراجع الاحتياطي النقدي في مصر من مستوى 36 مليار دولار مطلع 2011 عند الإطاحة بمبارك حتى لامس مستوى 13.4 مليار دولار في ديسمبر 2012، وكان يدور في معظم 2013 حول مستوى 15 مليار دولار الذي يكفي بالكاد لتغطية واردات ثلاثة أشهر.

وأضاف جمال "الاحتياطي له وظيفة محددة، وهي تأمين تغطية الواردات الأساسية، وبناء أرصدة احتياطي ليس أولوية لدى كل الدول".

وأشار إلى أن المعيار الآمن للاحتياطيات هو تغطية احتياجات ثلاثة أشهر من الواردات، واحتياطيات مصر لم تهبط تحت هذا المستوى بشدة.

وأضاف أن احتياطي النقد الأجنبي ظل قرب مستوى 15 مليار دولار طوال الفترة من 2002 وحتى 2005.

وهبط الاحتياطي في فبراير 2003 إلى 13.6 مليار دولار قبل أن يصعد ببطء بعدها حتى أنهى عام 2004 عند مستوى 15.4 مليار دولار.

وقال ماكس ريبمان، الباحث بجامعة كامبريدج، في مقال بعنوان "مأزق الاحتياطي النقدي" في مصر نشر العام الماضي إن "احتياطي العملات الأجنبية ليس مقياساً تجريديا للثروة الوطنية".

ويقول مسؤول حكومي مصري رفيع المستوى لأصوات مصرية إنه بالرغم من أن الحكومة ظلت تقنيا بعيدة عن الإفلاس إلا أن وضع احتياطي النقد الأجنبي كان خطيرا خلال الفترة الماضية، لأن البلاد تحتاج إلى استيراد وقود بنحو مليار دولار شهريا، وإذا لم تتوفر هذه الدولارات أو بدائل لها ستغرق البلاد في الظلام، على حد قوله.

ويقارن ريبمان في مقاله بين الأوضاع في مصر واليونان قائلا "العائدات على الديون المصرية لا تزال بعيدة جدا عن نسبة الـ 48.6 في المئة التي بلغتها السندات العشرية اليونانية في ذروة أزمة الديون في اليونان".

وانكمش الاقتصاد اليوناني على مدى خمسة أعوام منذ 2009 وحتى 2013 بنسب تتراوح بين 3.3 بالمئة وسبعة بالمئة، فيما حافظ الاقتصاد المصري على معدل للنمو فوق 2 بالمئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ولكن هذا المعدل كان أقل من متوسط 6 بالمئة الذي تحقق في الأعوام الخمسة الأخيرة لحكم مبارك.

و لم تصعد فوائد أوراق الدين الحكومية قصيرة الأجل قط فوق مستوى 15 بالمئة طوال السنوات الثلاث السابقة، وتراجعت في النصف الثاني من العام الماضي.

ويشير مدير قطاع البحوث في مباشر للخدمات المالية، عمرو الألفي، إلى أن الاقتصاد المصري قد يكون حتى أفضل مما تظهره الأرقام الرسمية لأن القطاع غير الرسمي يشكل جزءا كبيرا من الاقتصاد المحلي، وهو غير محسوب بدقة في بيانات الناتج المحلي.

إغلاقات المصانع

وخلال يناير الجاري أعلنت الحكومة تقريرا قال إن عام 2013 شهد تأسيس 8512 شركة جديدة في مصر، وقال متحدث حكومي إنه "رقم كبير لم يتحقق منذ عام 2005"، وأضاف التقرير إن قيمة استثمارات تلك الشركات بلغت 10.8 مليار جنيه نحو 20 بالمئة منها استثمارات أجنبية.

وقال وائل جمال إن هذه الأرقام تشير إلى عكس ما تداوله الإعلام عن ظاهرة إغلاقات الشركات بعد ثورة يناير.

وقال تقرير لرويترز في يوليو الماضي إن كثير من الشركات الكبرى شهدت أوقاتا عصيبة خلال عامي 2011 و2012 بسبب غياب الأمن والاحتجاجات العمالية ونقص الوقود وصعوبة الحصول على النقد الأجنبي.

وفي 2012 هبط صافي ربح حديد عز -أكبر شركة لإنتاج الحديد في مصر- أكثر من 50 بالمئة ليصل إلى 250.4 مليون جنيه مصري.

وأضاف التقرير إن مثل هذه الأرقام لا تروي القصة بأكملها حيث قال رجال أعمال لرويترز إن حقبة ما بعد مبارك شهدت أيضا اهتماما متزايدا من الشبان بإطلاق شركاتهم الخاصة وبعضها يستخدم تقنيات جديدة ويدخل أسواقا لم يستكشفها أحد قبل الثورة.

وأضاف التقرير أن تعثر أعمال بعض الشركات الكبرى بسبب الاضطرابات في مصر أفسح مجالا أوسع للشركات الصغيرة الناشئة، كما أدى سقوط نظام مبارك السلطوي إلى شعور الشبان المصريين بالتمكين وهو ما شجع بعضهم على إطلاق أعمال خاصة.

وقال جمال إن مصر تعاني من غياب بيانات واضحة وموثوقة عن إغلاقات المصانع منذ الثورة وعدد العاملين الذين فقدوا وظائفهم.

وتضررت السياحة في مصر بشدة إثر الإطاحة بمبارك بسبب الاضطرابات السياسية والانفلات الأمني المتواصلين وتهديدات إسلاميين بحظر سياحة الشواطئ في البلاد.

ونشرت جريدة المال الأسبوع الماضي، نقلا عن وزير السياحة هشام زعزوع، إن عائدات مصر من قطاع السياحة في 2013 انخفضت 41 بالمئة لتصل إلى 5.9 مليار دولار مقابل عشرة مليارات في 2012.

وقال جمال "نقص البيانات يجعلنا لا نعرف عدد المنشآت السياحية التي أغلقت أو سرحت عامليها، أثر تراجع العائدات على القطاع ليس معروفا بشكل تفصيلي".

وينتقد عمرو الألفي أيضا نقص البيانات التفصيلية فيما يتعلق بأوضاع الشركات والمصانع في مصر خاصة في السنوات الأخيرة.

ويضيف الألفي أن ما يسمعه في أوساط رجال القطاع الخاص يشير إلى أن عددا من الشركات أجلت خططا استثمارية أو توسعات بسبب الأوضاع في البلاد، لكن عددا قليلا جدا من الشركات الكبيرة أغلق مصانعه بالفعل.

تعليقات الفيسبوك