هل تساهم النظم "الإسلامية" الجديدة في تنشيط التمويل العقاري؟

الإثنين 26-10-2015 PM 06:48
هل تساهم النظم

مبنى سكني تحت الإنشاء بإحدى المدن الجديدة بالقاهرة - رويترز.

كتب

كتب: عبد القادر رمضان

استحدثت هيئة الرقابة المالية غير المصرفية نظما جديدة لتمويل شراء العقارات السكنية والتجارية، لتنويع بدائل التمويل وجذب شرائح جديدة من المستفيدين من التمويل العقاري الذي يتيح نظما ميسرة لسداد قيمة العقارات، لكنه يعاني من عقبات تمنع الاستفادة منه بشكل كبير.

فقد سمحت الهيئة باستخدام نظام "الإجارة" الذي ينتهي بالتملك، و"المرابحة" و"المشاركة"، وتلك النظم تنتمي لأدوات التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وأصدرت الهيئة منذ أيام القواعد المنظمة للعمل بها، بهدف تنمية سوق التمويل العقاري.

ويقدم التمويل العقاري نظاما ميسرا لسداد قيمة العقارات، يمكن أن تساهم فيه الجهة المقدمة للخدمة بتمويل تصل نسبته إلى 90 بالمئة من قيمة العقار، وبفترات سداد تصل إلى 20 سنة.

ورغم أن إحدى العقبات الأساسية للحصول على مسكن في مصر تتمثل في التمويل، كما تؤكد دراسات عديدة لهذا القطاع، إلا أن التمويل العقاري يواجه عقبات لم تساعد على توسعه بشكل كبير على الرغم من صدور القانون المنظم له قبل نحو 14 سنة.

وقال شريف سامي، رئيس الهيئة، لأصوات مصرية، معلقا على ذلك "نعلم أن هناك مشكلات وعقبات تواجه التوسع في التمويل العقاري ولكننا لن نقف مكتوفي الأيدي.. وسنحاول أن نطرح الحلول التي في أيدينا وبوسعنا تطبيقها".

ورغم أن الأدوات الجديدة لن تحل مشكلات التمويل العقاري كلها لكن سامي يقول "لو استطعت أن أزيد حركة الطلب على التمويل العقاري ولو بـ 10 في المئة فقط فإن السوق هو المستفيد..أما باقي المشكلات فسنعمل على حلها بالتدريج".

ما هي النظم الجديدة للتمويل العقاري؟

أول هذه النظم "الإجارة المنتهية بالتملك"، وفيه يقوم الممول (بنك أو شركة تمويل عقاري) بشراء العقار، أو بنائه لصالح المستفيد (الراغب في الحصول على التمويل)، ثم يؤجره له بعقد إجارة ينتهي بتملك العقار في نهاية المدة التي يتم الاتفاق عليها، أو أثنائها (إذا أراد المستفيد التسديد مبكرا).

خلال فترة عقد الإجارة يقوم المستفيد بسداد دفعات إيجارية تشمل تكلفة شراء العقار والفوائد. وبنهاية مدة العقد التي يتم الاتفاق عليها يلتزم الممول ببيع العقار للمستفيد بمبلغ رمزي، وبعقد مختلف عن عقد الإجارة.

ويلتزم المستفيد بتوقيع تعهد بأنه ملتزم باستئجار العقار بهذا النظام، قبل أن يقوم البنك أو الشركة الممولة بشراء العقار فعليا لصالحه. وللممول أن يحصل على دفعة مقدمة لا تقل عن 5 بالمئة من قيمة العقار، لضمان جدية المستفيد، تخصم من الأقساط الإيجارية.

وفي حالة تراجع المستفيد عن استئجار العقار يخصم الممول جزءا من مبلغ المقدم (يكون محددا سلفا في الإتفاق بين الطرفين) للضرر الذي وقع عليه. أما في حالة عدم التزام الجهة الممولة بشراء العقار المتفق عليه يسترد المستفيد قيمة الدفعة المقدمة، بالإضافة إلى غرامة.

النظام الثاني هو "المرابحة"، ويقوم فيه الممول بشراء العقار بثمن معلوم لبيعه للمستفيد بالتقسيط بذات الثمن مضافا إليه ربح معلوم وموضح بالعقد.

أما النظام الثالث فهو "المشاركة" وفيه يقوم الممول بشراء أو بناء العقار مشاركة مع المستفيد، على أن يلتزم الممول ببيع حصته إلى المستفيد أو تأجيرها له إجارة منتهية بالتملك.

فعلى سبيل المثال إذا ساهم الممول بنسبة 70 بالمئة من قيمة العقار والمستفيد يساهم بنسبة 30 بالمئة، فإنه مع كل دفعة يسددها المستفيد تنتقل حصة من نسبة الممول إلى ملكيته بما يوازي قيمة القسط، وهكذا إلى أن يصبح العقار ملك المستفيد بنسبة 100 بالمئة.

 ويجوز لجهة التمويل بيع حصتها أو تأجيرها إجارة منتهية بالتمليك لغير المستفيد وذلك بناء على طلبه.

هل "المرابحة" و"الإجارة" و"المشاركة" نظم تمويل إسلامية؟ 

يقول محمد سمير، عضو الجمعية المصرية للتمويل العقاري، إن نظام التمويل العقاري التقليدي من الأصل متوافق مع الشريعة الإسلامية وفقا لفتوى من مجمع البحوث الإسلامية. "كما أن نظم المرابحة  والمشاركة والإجارة نظم إسلامية متعارف عليها ومعمول بها في كثير من دول العالم".

لكن لا يفضل شريف سامي أن يطلق على النظم التمويلية الجديدة وصف "إسلامية"، ويعتبرها مجرد عقود تمويلية تناسب شرائح مختلفة من المستفيدين، وعليها طلب في السوق، متوقعا أن تسهم في تنشيط حركة التمويل العقاري.

ولن تسمح الهيئة للجهات المقدمة للتمويل العقاري من خلال تلك النظم الجديدة بوصفها في حملاتها الإعلانية بأنها "متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية"، أو بتضمين ذلك في العقد، إلا بعد الحصول على موافقة لجنة رقابة شرعية تشكلها تلك الجهات لهذا الغرض، كما يقول سامي.

ولا توجد حاجة لوصف تلك النظم بأنها متوافقة مع الشريعة، كما يوضح سمير، لأنها ستكون متاحة بغض النظر عن ديانة المستفيد، "فمن الممكن أن يستفيد بها مواطن مسيحي مثلا ".

ما الاختلاف بين النظم الجديدة والتمويل العقاري التقليدي؟

تقوم القروض التقليدية للتمويل العقاري، والتى ينظمها قانون صادر منذ 14 عاما، على أن "يطلب المستفيد من بنك، أو شركة عاملة في تقديم هذا النوع من التمويل، قرضا بقيمة العقار، ولنفترض أنها مليون جنيه، يتم تسديده على أقساط شهرية أو ربع سنوية مضاف إليها نسبة الفائدة" بحسب ما أوضحه شريف سامي.

ويقول سمير إنه "في النظام التقليدي تكون ملكية العقار في يد المستفيد..ويحصل الممول على أقساط دورية فقط..فإذا لم يلتزم المستفيد بالسداد.. يحجز الممول على العقار، وهو إجراء يستغرق وقتا وجهدا قانونيا وقضائيا".

أما في نظم الإجارة والمرابحة فالعقار مملوك لجهة التمويل من اليوم الأول..ويتم نقل ملكيته للمستفيد بعد الانتهاء تماما من سداد الأقساط، كما يوضح سمير، "وكذلك في نظام المشاركة، فالممول شريك في الملكية بنفس نسبة التمويل من أول يوم".

ويتوقع علاء بندق، المشرف على قطاع التمويل العقاري في بنك الشركة المصرفية، أن تنشط النظم الجديدة سوق التمويل العقاري، لأنها  من جهة ستساهم في "جذب الشرائح التي تفضل التعامل وفق نظم تمويلية متوافقة مع الشريعة الإسلامية".

ومن جهة أخرى تشجع الممولين على تقديم التمويل لأنهم ضامنون لحقوقهم من اليوم الأول، كما يرى بندق.

ما هي المشكلات التي تعوق نمو التمويل العقاري؟

على الرغم من صدور قانون التمويل العقاري رقم 48 لسنة 2001 في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، والذي تم تعديله العام الماضي، بالإضافة إلى تعديل لائحته التنفيذية أكثر من مرة لتنشيط السوق، إلا أنه نشاطه لم يتسع بالشكل المطلوب.

يقول بندق إن توفير نظم جديدة للتمويل أمر جيد، ولكنه لن يحل المشكلات التي تواجه التمويل العقاري، وأبرزها صعوبة تسجيل العقارات في مصر.

فالبنوك والشركات العاملة في مجال التمويل العقاري لا تمول إلا العقارات المسجلة، وهو ما يعني أن تكون مبنية وفقا لكود البناء المصري، ولا تخالف القوانين واللوائح الخاصة بالبناء في كل منطقة، وهو أمر يصفه بندق بأنه يعرقل منح التمويلات للعملاء، إذ أن نسبة كبيرة من العقارات غير مسجلة.

ورغم أن قانون التمويل العقاري ينص على إنشاء صندوق لدعم محدودي الدخل ممن لا تزيد دخولهم السنوية على 27 ألف جنيه للأعزب، و36 ألف جنيه للمتزوج، إلا أنه يواجه عقبات أيضا.

يقدم صندوق التمويل العقاري منحة بقيمة تتراوح بين 15 و25 ألف جنيه حسب دخل المستفيد، حيث تزيد قيمة الدعم كلما انخفض الدخل، وذلك للوحدات المسجلة أو القابلة للتسجيل، والتي لا يزيد ثمنها على 140 ألف جنيه بدون تشطيب، و150 ألف جنيه للوحدات كاملة التشطيب.

والهدف من الدعم أن يؤدي إلى خفض الأقساط الشهرية إلى معدل لا يتجاوز 35 بالمئة من صافى الدخل الشهرى لمشتري الوحدة، وفقا للقانون، وهي النسبة التي ترتفع إلى 40 بالمئة لأصحاب الدخول المرتفعة.

ويقول بندق إن"مشكلات الشهر العقاري وتضارب القرارات في المحليات وعدم قدرة محدودي الدخل على توفير الدفعة المقدمة لا تساعد في التوسع في التمويل العقاري لمحدودي الدخل".

لماذا لم تنجح مبادرة البنك المركزي لتمويل الإسكان المتوسط؟

مبادرة البنك المركزي لتقديم تمويل عقاري مدعم لأصحاب الدخول المتوسطة والتي خصص لها 10 مليارات جنيه، لم تنجح حتى الآن لأسباب تتعلق بصعوبة العثور على وحدات مسجلة في الشهر العقاري، كما أن الحد الأقصى لقيمة الوحدة (500 ألف) جنيه لا يلائم طبيعة الوحدات التي يبحث عنها متوسطو الدخل، بحسب سمير.

كان البنك المركزي قد أطلق  في أبريل من العام الماضي مبادرة  بقيمة 10 مليارات جنيه لتنشيط قطاع التمويل العقاري بفائدة 7 بالمئة  لمحدودي الدخل و8 بالمئة لمتوسطي الدخل، لوحدات ثمنها ما بين 120 ألف و300 ألف جنيه.

ثم رفع إجمالي ثمن الوحدة إلى 400 ألف جنيه، قبل أن يرفعها مرة أخرى إلى 500 ألف جنيه.

ووفقا لهذه المبادرة فإن العملاء المستفيدين بها سوف يسددون 20 بالمئة فقط من ثمن الوحدة والباقي على أقساط تصل مدتها إلى 20 سنة.

وبحسب سمير، فإن "أغلب الوحدات في التجمع الخامس أو المدن الجديدة التي يبحث عنها متوسطو الدخل ويرغبون في تمويلها تحت مظلة مبادرة البنك المركزي يزيد ثمنها على 500 ألف جنيه..أعتقد أنه لو تم رفعها إلى 600 ألف جنيه ستجد إقبالا أوسع".

هل يقتصر التمويل العقاري فقط على العقارات السكنية؟ 

يقول شريف سامي إن هناك معتقد لدى أغلب الناس أن التمويل العقاري يقتصر على السكن فقط، و98 بالمئة من التمويلات تذهب فعلا إلى العقارات السكنية، على الرغم من أنه يصلح لتمويل الأنشطة التجارية والصناعية والسياحية.

ويجوز للمستفيد منه أن يعجل بالوفاء بكل أو بعض أقساط ثمن العقار أو التمويل أو القيمة الإيجارية، أو إبداء الرغبة في التملك أثناء مدة عقد الإجارة، وفي هذه الحالة يجب عليه إخطار الممول قبل موعد السداد المعجل بفترة لا تقل عن شهر.

ويتم خفض الأقساط المستحقة عليه وفقا لجدول السداد المعجل المرفق باتفاق التمويل.

كما يسمح قانون التمويل العقاري بالحصول على التمويل إذا كان المستفيد يمتلك الأرض ويقوم بالبناء عليها بنفسه، أما إذا كانت الوحدة تابعة لإحدى شركات التطوير العقاري فإنه لا يمكن الحصول على التمويل قبل بناء الوحدة العقارية، بحسب سامي.

ما هو حجم سوق التمويل العقاري في مصر؟

 

يقدم خدمة التمويل العقاري في مصر 13 شركة مرخص لها من هيئة الرقابة المالية، بالإضافة إلى البنوك التي تعمل إما من خلال إدارات خاصة لهذا التمويل، أو تتعاون مع شركات التمويل العقاري العاملة في السوق.

شهد نشاط  التمويل العقاري نمواً ملحوظاً بنسبة  53.5 بالمئة خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2015، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب بيانات هيئة الرقابة المالية.

وبلغ التمويل الممنوح من شركات التمويل العقاري ما قيمته 611 مليون جنيه، مقابل 398 مليون جنيه خلال نفس الفترة من عام 2014.

ويمثل المستفيدون من التمويل العقارى في فئة الدخل أكثر من ثلاثة آلاف جنيه شهرياً نحو 83 بالمئة من إجمالي عدد المستفيدين  خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري.

واستحوذت فئة الوحدات السكنية ذات المساحة أكثر من 86 متر مربع على ما يزيد على ثلثي عدد العقود، بينما كان نصيب الوحدات ذات المساحة من 66 إلى 86 متر مربع حوالي  26 بالمئة من العقود، وبلغت نسبة الوحدات الأصغر من ذلك 8 بالمئة.

وكانت 96% من قيمة العقود الصادرة خلال تلك الفترة لأغراض السكن.

وبلغ إجمالي التمويل الممنوح من شركات التمويل العقاري نحو 4.8 مليار جنيه حتى نهاية الماضي، وبلغ عدد المستفيدين 36 ألف مستفيدا.

تعليقات الفيسبوك