الحكومة تقلل دعمها لمزارعي القمح رغم زيادة التكاليف

الأحد 19-02-2017 PM 03:15

كعادتهم من آلاف السنين.. نساء الريف المصري يحصدن سنابل القمح، 6 مايو 2015. تصوير عمرو عبد الله - رويترز

احتل الدعم الحكومي لمحصول القمح خلال الموسم الزراعي الحالي موقعا رئيسيا في مناقشات البرلمان خلال الأيام الأخيرة، ورغم أن الأرقام المعلنة حتى الآن لسعر توريد المحصول تبدو أعلى من العام الماضي، فإن قيمة الدعم ستكون أقل بسبب ارتفاع الأسعار العالمية مقارنة بالموسم السابق، كما أن زيادة التكاليف تجعل السعر الذي تتم مناقشته غير عادل للفلاح.

وأعلنت الحكومة أنها تخطط لدعم سعر توريد القمح المحلي، خلال الموسم الحالي، بما لا يقل عن 50 جنيها (حوالي 3 دولارات) فوق السعر العالمي، لكل أردب (150 كيلوجراما). ولكن كيف سيتم تحديد السعر العالمي؟

يقول مجدي ملك، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن السعر العالمي للقمح سيتم تحديده عبر حساب متوسط سعر الأقماح المكافئة للقمح المصري في الجودة خلال آخر 3 أشهر قبل الحصاد.

ووفقا لبيانات موقع فاينانشال تايمز، فإن أسعار القمح العالمية تكون في قمتها قرب شهر يوليو من كل عام، وتكون في أدنى مستوياتها ما بين ديسمبر ومطلع مارس، وهو الوقت الذي يقوم فيه المنتجون بتصريف مخزونهم قبل بدء موسم الحصاد الجديد.

وهذا يعني أن الحكومة ستعتمد في تسعير القمح على أدنى الأسعار العالمية.

وانخفض سعر القمح العالمي، المقوم بالدولار، بنحو 4.07% بمقارنة مستواه اليوم بسعره قبل عام، بحسب البيانات المنشورة على موقع فاينانشال تايمز.

لكن تعويم سعر صرف الجنيه رفع قيمة الدولار أمام العملة المحلية بنحو 78% في متوسط الشهور الثلاثة الماضية، وبنسبة وصلت في ذروتها إلى 140%.

ورغم إعلان وزير الزراعة السابق، عصام فايد، الذي خرج من منصبه الأسبوع الماضي، أن الحكومة ستشتري القمح من الفلاحين بسعر يزيد خمسين جنيها عن السعر العالمي لكل أردب على الأقل، إلا أن وائل عباس، معاون وزير التموين والتجارة الداخلية، أكد لأصوات مصرية أنه "لم يتم تحديد سعر الشراء النهائي بعد، ولا قيمة الدعم".

وأشار إلى أن "من سيقوم بهذه المهمة لجنة مشكلة من عدة وزارات، وسيُعلن القرار النهائي في مارس المُقبل".

ورغم عدم تحديد السعر النهائي بعد، أكد النائب مجدى ملك، الذي ترأس لجنة تقصى حقائق فساد منظومة القمح والتلاعب فى التوريدات، أن السعر "سيكون مُجزيا للفلاح".

وفي ديسمبر الماضي أوصت لجنة الزراعة بمجلس النواب برفع سعر توريد القمح إلى 650 جنيها للأردب (حوالي 41.1 دولارا بسعر صرف اليوم)، مقابل 420 جنيها في الموسم الماضي(47.3 دولار بسعر صرف العام الماضي) ، أي بنسبة ارتفاع 55% بالجنيه، ولكن بانخفاض 13.1% بالدولار.

ويقول عاطف، أحد مزارعي المنيا، إن "650 جنيه للأردب قليلة، علشان أغطي تكلفة الزراعة هحتاج على الأقل 700 جنيه".

عاطف يشير إلى أن بعض تكاليف الزراعة ارتفعت بنسبة 100% خلال العام الماضي، "إيجار ماكينة الري ارتفع من 50 جنيه إلى 100 جنيه للفدان، بعد زيادة أسعار السولار، كما زادت يومية العمالة من 40 جنيه إلى ما بين 70 و80 جنيه، والفدان يحتاج من 20 إلى 30 عامل".

وأضاف أن هناك نقص حاد في الأسمدة اضطر المزارع للبحث عنها في السوق السوداء بسعر 250 جنيها للشيكارة، بدلا من 150 جنيها في الجمعية الزراعية.

هل ستدفع الحكومة 700 جنيه للأردب؟

تتوقع وزارة المالية، وفقا لبيانات البورصات العالمية، أن يكون متوسط سعر طن القمح 227 دولارا خلال العام المالي الحالي 2016-2017، "هذا بالإضافة إلى مصاريف تخليص ونقل داخلي وتفريغ 260 جنيها للطن"، كما يقول محمد عبد الفضيل، رئيس مجلس إدارة شركة فينوس إنترناشونال، واحدة من كبرى الشركات المستوردة للقمح في مصر.

وتبعا لهذه الحسابات فإن متوسط تكلفة الأردب المستورد، وفقا لسعر الدولار وقت أخر صفقة تبلغ 712 جنيها، وإذا تمت إضافة 50 جنيها "على الأقل" كدعم لقيمة الأردب بحسب ما أعلنه وزير الزراعة السابق، فإن سعر الشراء من الفلاح المصري لن يقل عن 762 جنيها.

ولكن إذا اعتمدت الحكومة على سعر القمح العالمي في الفترة السابقة مباشرة لتحديد سعر التوريد المحلي، في مارس، وليس على متوسط العام، فسينخفض سعر التوريد بشدة عن هذا المستوى.

ويقول عبد الفضيل، لأصوات مصرية، "السعر الحالي لشحنات القمح الأوكراني والروسي التي تتسلمها مصر في ميناء الاسكندرية يبلغ 205 دولار، وهو قريب من المواصفات الجيدة للقمح المصري من حيث الصلابة وانخفاض نسبة الرطوبة".

وإذا اعتمدت الحكومة على هذه الأسعار في تحديد "السعر العالمي الاسترشادي" فإن سعر الشراء "المدعوم" للفلاحين  سيكون حوالي 652 جنيهاً، وهو رقم قريب من مطالبات الحكومة.

وتخصص وزارة المالية في موازنة العام المالي الجاري 3.4 مليار جنيه لدعم مزارعي القمح، ما يكفي لدعم 68 مليون أردب بمبلغ الخمسين جنيها المشار إليه، وهو معدل إنتاج خيالي مقارنة بالسنوات السابقة، أو يمكن للحكومة دعم 34 مليون أردب بمبلغ مائة جنيه، وهو حجم الإنتاج الأقرب للمنطق.

34 مليون أردب كمية تساوي أكثر من 5 ملايين طن قمح، وهو رقم أعلى بقليل من المعدل المستقر منذ سنوات لمشتريات الحكومة من القمح المحلي، والتي كانت تتراوح بين 4 و5 ملايين طن سنويا، لذا فإن دعم أردب القمح بحوالي 100 جنيه، هو رقم قريب من مخصصات الموازنة الحالية، وهو الرقم الذي يرفع سعر الأردب إلى أكثر من 800 جنيه.

وهذا يعني أن الحكومة كانت تخطط لدعم الإنتاج المحلي برقم أكبر بكثير من تعهدات وزير الزراعة حاليا.

وكانت الحكومة قد دعمت سعر الأردب فى الموسم الماضى بحوالي 170 جنيها، حيث اشترت القمح المحلي من المزارعين بسعر 420 جنيها، فى وقت بلغ فيه السعر العالمى ما يعادل 250 جنيها حينها.

ويشير تقرير في صحيفة فاينانشال تايمز إلى أن هدف الحكومة المصرية من رفع أسعار توريد القمح وقتها كان تقليص وارداتها، للسيطرة على أزمة نقص العملة الصعبة.

 

تعليقات الفيسبوك