المنح الدراسية.. ممرات لتحسين حياة الشباب في مصر

الأحد 25-12-2016 AM 09:12

صورة من صفحة تشيفننج على فيس بوك

لم تعد طوابير الشباب المصري تصطف أمام مكاتب التوظيف بالخارج والسفارات بطلبات الهجرة كعهدها، بعدما أصبح لجيل الثمانينات والتسعينات ممرات أخرى لتحسين فرصهم في التعليم والعمل، أبرزها الدراسة بالخارج عبر برامج المنح الدراسية.

ازدادت المنح المكفولة لمصر خاصة بعد ثورة يناير 2011، ولم تعد مقصورة على أوائل الطلبة خاصة بعدما أصبح العمل التطوعي والتنموي والمهارات الشخصية أساسا لترجيح كفة المتقدمين، إضافة إلى بيان الدرجات الأكاديمي الذي يوضح التفوق الدراسي، والسيرة الذاتية.

ويتبارى كل متقدم في إبراز اهتماماته ومهاراته وملائمته، دون غيره، للبرنامج من خلال سيرته الذاتية و خطاب الدوافع المكمل لها. ويرسم شخصيته من خلال إجاباته لأسئلة ملف التقديم الإلكتروني. كما يرفق خطابي توصية، على الأقل، يشيد فيهما أساتذة الطالب أو المشرفين عليه بأحقيته في هذه المنحة، وتكاد شهادتي اللغة الإنجليزية الدولية (TOEFL , IELETS) أن تكونا شرطا أساسياَ للقبول في أغلب المنح.

وتختلف المنح في درجة الدعم المادي للدراسة والمعيشة. وتبدأ من دعم المصروفات الدراسية الباهظة جزئيا إلى دعم كلي وتوفير راتب إعاشة شهري، كما تتنوع أغراضها من أول برامج التبادل الثقافي حتى أبحاث ما بعد الدكتوراه.

والتقت أصوات مصرية ثلاثة طلاب فازوا بمنح  (Chevening , Fullbright, Erasmus Mundus) ومسؤول برنامج "تشيفننج" للحكومة البريطانية.

لا أحد يصيب بأول سهم

"استعدادك للمنحة بخوض الخبرات المؤهلة لها، يقدمك خطوات على منافسيك"، تقول دينا مشرف، خريجة الألسن الحاصلة على منحة فولبرايت (Fullbright) للدراسة في أمريكا عام 2016، والتي تتيح فرصة تدريس اللغة العربية في إحدى الكليات الأمريكية لمدة عام إضافة إلى دراسة مقررات اختيارية على التوازي.

ولكي ترفع من احتمالات قبولها بالمنحة حصلت دينا مشرف على شهادة تدريس اللغة العربية لغير الناطقين من الجامعة الأمريكية، وحرصت على أن تبرز في سيرتها الذاتية وخطابها الشخصي شغفها بالتدريس.

كانت جامعات ألمانيا هي أقوى الاختيارات المناسبة لدراسة علوم البيئة من خلال برنامج إيراسموس موندوس (Erasmus Mundus) للدراسة في أوروبا، إلا أن ريهام حلمي طالبة علوم الإسكندرية لم تضع بيضها كله في سلة واحدة.

"أول مؤشرات القبول بمنحة هى القدرة على اختيار برنامج دراسي يناسب إمكانياتك فتزيد من فرصك كمرشح محتمل"، توضح ريهام حلمي أنها سارت على هذه القاعدة حين وجدت أن ألمانيا تشترط شهادة اللغة الألمانية وتفوق أكاديمي لا تمتلكهما، فأعادت البحث حتى وقع اختيارها على عدة جامعات تتوافق شروطها مع قدراتها، وقبلت في النهاية بجامعة جراتس بالنمسا.

وتضيف ريهام أن تصنيف المقرر الدراسي بالكلية من أهم عوامل المفاضلة بين جامعة وأخرى، "فلن تفيدك دراسة الكيمياء بأعلى جامعة مصنفة عالميا إن لم تكوني متميزة في نفس المجال". 

الخبرة تغنى عن الدراسة بحق

بعينين ملؤهما الحماسة، يقول مصطفى عادل، خريج هندسة البترول عام 2011 "مش عايز أكون نسخة طبق الأصل ولو اشتغلت مهندس هاكون عادى، أنا بحب أتميز في شغلي"، وترك عادل مجال الهندسة وبدأ فى اتباع شغفه بمجال الإدارة الذى لم يسبق له الخبره فيه إلا كمتطوع أثناء الدراسة.

"مكنتش أعرف إن التطوع اللي بحبه ممكن يبقى شغل أعيش منه لحد ما أتخرجت". يقول عادل الذي عمل في عدة وظائف في مجال الإدارة حتى نجح في الحصول على زمالة لازورد للمجتمع المدني، التي أتاحت له العمل من خلالها في منظمة (Save the children) الدولية كمنسق مشاريع والتي استمر في العمل بها حتى بعد انتهاء الزمالة.

يرى عادل أنه بعد فترة من الممارسة العملية تظهر إشكالات وأسئلة بلا إجابات إلا من خلال الدراسة الأكاديمية، لذا تقدم  لمنحة الماجستير من زمالة  يوسف الجميل بالجامعة الأمريكية و"تشيفننج" المقدمة من بريطانيا.

واختار عادل برنامج إدارة المشروعات. وبالرغم من دراسته الهندسة استطاع إقناع المانحين بخبرته التطوعية والعملية في هذا المجال وبما ستضيفه إليه المنحة من فرص، وبالفعل فاز بالمنحتين في وقت واحد.

"كيف يراك من وراء الشاشة؟"

نيفين شفيق مدير برنامج منح الحكومة البريطانية "تشيفننج" قالت لأصوات مصرية إن ما يبحث عنه الممتحنون في المتقدم؛ هي مهارات القيادة والتشبيك ورؤيته الواقعية لمستقبله خلال الخمس أو العشر سنوات المقبلة، وما إذا كان يسير في طريق تحقيقها بالفعل.

وأضافت أن الحكومة البريطانية ضاعفت عدد المنح المتاحة للمصريين لترتفع من 30 منحة إلى 70 أو 80 في عام 2015.

وتؤكد ريهام حلمي "أهمية تقدير قدراتك، وأنت تعرف بنفسك في الخطاب واستمارة التقديم، لابد أن توازن بين عرض خبرتك وبين ما تحتاج إلى اكتسابه من الفرصة. أظهر لمن يقرأك أنك جيد بما يكفي ليدعوك إلى مقابلة شخصية. ولا تلجأ لإضافة أشياء وهمية أو التفاخر فهما أسهل بوابة لاستبعادك".

وتضيف دينا مشرف أن الخطاب الناجح يذكر أبرز الأنشطة التطوعية والعملية والخبرات والدورات المرتبطة بالمجال الدراسي في سرد يشوق من يراجعه لأن يعرف عنه المزيد.

وتقول "لا تخلو أي استمارة تقدم لمنحة دراسية من أسئلة يطلب منك فيها الحديث عن بعض خبراتك من جانب محدد كالقيادة أو المبادرة أو الإبداع". وتضيف "أن إعطاء أمثلة تفصيلية وواضحة لمواقف خاضها المتقدم أبرز خلالها هذه المهارات الشخصية، هو أحد جوانب ترجيح المتقدمين".

ويرى مصطفى عادل أن هذا السؤال "هو فرصة كبيرة لتميزك إذا ركزت على ذكر مواقف مختلفة تبرز هذه المهارة لديك وكنت صادقاً وواقعياً في ذلك".

آخر منحنى قبل الانتظار

المقابلة الشخصية تعنى أنك اجتزت بالفعل الآلاف من منافسيك، وتدور أسئلتها حول ما تقدم في الخطابات، لذا تتطلب تحضيراً يضمن أداءً مقنعا ويظهر شخصيتك للمحاور بانطباع إيجابي".

وتقول نيفين شفيق إن المقابلة الشخصية تبحث، بالإضافة لمهارات الريادة المجتمعية، عن كيفية استفادة المتقدم من المنحة في مستقبله، وخطته للاستفادة من البرنامج الدراسي الذي تقدم له.

"جميع المنح تتبلور حول فكرة منح الفرصة لطالب كي يتعلم ويعود إلى بلده، وعلى النقيض تستبعد من ترى فيه احتمالية عدم العودة." هكذا شرحت ريهام حلمي أهمية تحضير إجابة جيدة للسؤال المتوقع (لماذا ستعود إلى بلدك وماذا ستفعل بعد العودة؟)

وتؤكد دينا مشرف "أهمية النظر لنفسك باعتبارك ممثل لبلدك والحديث عن طموحاتك بإيجابية بعيدا عن أي سياق سياسي أو إحباطات عامة.. عليك أن توجه أنت المحاور للتركيز على نقاط قوتك بذكرها". مضيفة أن إتقان اللغة أثناء المقابلة مهم جدا.

وأشارت نيفين شفيق إلى أنهم يقومون بإعطاء كل مقابلة درجة، وفى النهاية يقسم المتقدمون إلى: مقبول، وقيد الانتظار، ومرفوض.

اللون الوردي ليس خيارا

"درست فصلين دراسيين بمنحة يوسف الجميل بالجامعة الأمريكية قبل سفري إلى إنجلترا، ولولا ما تعلمته خلالهما عن نظام الدراسة الدولي لعانيت بشدة في نظام الدراسة البريطاني الذي يحتاج جهدا من أول يوم"، يقول مصطفى عادل.

وتؤكد ريهام حلمي على صعوبة الحياة الأكاديمية وهو ما دفعها للمبيت في أحيان كثيرة بالمكتبة للحاق دراسيا بزملائها "حبيت العلم والدراسة وأنا في المدرج، دماغي كانت بتصدع من كل معلومة جديدة بتدخلها، متعة الاكتشاف والتعلم بتطلعني بره مساحة عقلي إلى اتعودتها".

كان لدى دينا مشرف رؤية مختلفة إذ فجرت فيها التجربة إمكانات جديدة، وساعدها نظام التعليم الذي يضع الطالب كأولوية ويخدمه بدون أي شكل من التعجيز أو القيود، في أن ترتفع توقعاتها في فرص أرحب بعد الدراسة. ورأت في التجربة ما فتح وعيها الشخصي على الآخر وأكسبها مهارات عملية وفرصة أفضل حين عودتها إلى مصر.

"أن لم يكن لديك رؤية اخلقها لنفسك" تختتم ريهام حلمي حديثها وهى توضح أن "خطوة الدراسة هي درجة في سلم إن لم تكن تبصره الآن فيجب أن تضع له تصوراً يساعدك على ارتقائه".

تعليقات الفيسبوك