في استقبال "الدمرداش".. وجوه قلقة وأعين باكية والجميع يبحث عن "مينا"

الأحد 11-12-2016 PM 05:55

المئات يحتشدون أمام الكاتدرائية عقب انفجار الكنيسة البطرسية، 11 ديسمبر 2016. تصوير: محمد الراعي - أصوات مصرية

أعين حائرة ووجوه يغرقها الحزن من هول الصدمة، همهمات جانبية لا يقطعها إلا أصوات صريخ وبكاء هستيري، تنذر الجميع بأن أمراً خطيرا قد حدث.

هنا استقبال مستشفى الدمرداش، حيث يرقد عشرات المصابين والقتلى من جراء حادث انفجار وقع بقاعة الصلاة في الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية أثناء قداس صلاة الأحد اليوم، الذي راح ضحيته 25 شخصا على الأقل وأصيب العشرات.

امتلأ استقبال وطوارئ المستشفى عن آخره، سيدات ورجال وأطفال وأطباء يهرعون في كل المكان.. طفل صغير تشبعت ملابسه بالدماء، يلبد في أحضان خالته التي ضمته برفق، وهو غير واع بما يحدث من حوله.

تقول مريم "عرفت بالحادث من أختي اتصلت وقالت تعالوا ألحقوني أنا في المستشفى"، وأضافت "بتقول لي سمعت صوت قوي وحاجات خبطت في راسها ووشها وكل اللي عملته حاولت تحضن ابنها".  

ترقد شقيقة مريم، التي لا تستطيع التحدث بسبب إصابتها على بعد منها، وقد تركت معها ابنها الصغير الذي أصيب إصابات طفيفة في جسده لكنه "الحمد لله سليم أحسن من غيرنا"، كما تقول مريم.

حاسة إن راسي ولعت

في قسم طوارئ العظام بمستشفى الدمرداش ترقد نجوى كمال، لا تتخيل أن ذهابها للصلاة كما اعتادت يوم الأحد سينتهي بها وهي طريحة الفراش في المستشفى. تقول نجوى بصوت لا يكاد يسمع "كنت في الصف الرابع في الركن الخاص بالستات فجأة سمعت صوت وشفت دخان ونار ولقتني في الأرض".

تتحسس نجوى رأسها وهي تتحدث لأصوات مصرية "كان في ريحة شياط كتيرة جدا، أنا حاسة إن راسي نفسها ولعت وحد طفاها".

لم تخضع نجوى لأي تفتيش في الصباح وهي ذاهبة للصلاة وتقول "لأ مفيش تفتيش وأنا داخلة الكنيسة البطرسية مش زي الكاتدرائية، وأي حد كان بيعدي".

كان حظ نجوى أفضل من غيرها، فلم تتعرض سوى لكسر في الساق وكدمات استلزمت عمل إشاعة لها على ظهرها للوقوف على مدى خطورتها، "الحمد لله إنها جت على قد كده"، كما تقول.

تشكو ماريان كمال، إحدى جارات نجوى، التي تقطن بالقرب من الكاتدرائية من أن سيارات الإسعاف لم تأت بعد الحادث مباشرة. وتقول لأصوات مصرية، "لما سمعت الصوت وأنا في البيت وعرفت أن طنط نجوى هناك جريت، لقينا مفيش إسعاف جت ولما الإسعاف جت بعد فترة كانت غير مجهزة".

 طوارئ الباطنة.. لا أحد يمر من هنا

لا تكف أصوات البكاء والصريخ وأنت تقترب من طوارئ الباطنة بمستشفى الدمرداش التي تضم جثامين القتلى التي نقلت إلى المستشفى.

ثلاثة شبان على الاقل كانوا يقفون على الباب لا يسمحون لأحد بالدخول إلا إذا كان يريد التعرف على جثمان أحد أقربائه، أو يتبع أحد المتوفين.

شاب أسمر يدعى مينا يمسك ورقة بيضاء كتب فيها أسماء كل قتلى الحادث الموجودين بالمستشفى يقف على باب الطوارئ.

"مينا شوف لنا اسم عزيزة جميل موجود عندك"، يصيح أحد الداخلين ليتأكد مما إذا كانت قريبته قتلت أم لا.. ينظر مينا للكشف ويجيبه "لأ.. اسمها مش موجود".. يتنفس الرجل الصعداء لكن مينا يباغته "يا جماعة في جثث جوه مجهولة لو سمحتوا تقدروا تتعرفوا عليها".

لا تسمع من داخل طوارئ الباطنة سوى البكاء والنحيب، سيدات يبكين أحباءهن ورجال يقفون في صمت بعدما علموا أن عزيزاً لديهم فارق الحياة.

كل من يذهب إلى مستشفى الدمرداش يبحث عن مينا أملا في أن يجد عنده كلمة "لا مش موجود هنا ممكن يكون في المصابين أو العمليات".

يحاول مينا وزملاؤه باستمرار تنظيم المكان المقابل لباب الطوارئ بعدما امتلأ عن آخره، "لو سمحتوا يا جماعة مش كده خلوا فرصة للناس تروح وتيجي.. الوقوف هنا ملوش لازمة".

بالقرب من غرف العمليات بالمستشفى، تجمع العشرات، في انتظار خروج أقاربهم.. أحد أفراد الطاقم الطبي بالمستشفى تحدث للصحفيين بأنه لا يمكن أن يحصي عدد الموجودين حتى الآن سواء كانوا مصابين أو قتلى "لأن العدد كبير" على حد قوله.

وكانت المعاينة الأولية للنيابة العامة لموقع الانفجار كشفت أنه وقع في الجانب الذي تجلس فيه السيدات أثناء أداء الصلوات. وبحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط، فقد أظهرت آثار التفجير وتناثر الأشلاء ومحتويات العبوة الناسفة المستخدمة أن الانفجار كان بمقاعد السيدات بالكنيسة.

تعليقات الفيسبوك