كاتب أمريكي: مصر وإيران.. نفس المشكلة ونفس الحل

الجمعة 23-09-2016 PM 04:45

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة- صورة من رويترز

رغم الهوة الكبيرة بين مصر وإيران، إلا أن الكاتب الأمريكي ديفيد اجناشيوس اعتبر في مقال بصحيفة واشنطن بوست أن البلدين لديهما نفس المشكلة ويجربان نفس الحل.

وقال اجناشيوس، الذي سبق أن عمل صحفيا في وول ستريت وواشنطن بوست، إن البلدين بينهما أوجه شبه كثيرة بما في ذلك الانشغال بتحقيق الاستقرار الداخلي والتعطش للنمو الاقتصادي.

وأضاف أن كلا الدولتين تتحدث عن الوسطية والاعتدال، والجذور العميقة لحضارتها القديمة، رغم الحرب الطائفية التي تستعر في المنطقة.

وتزعم كل منهما أيضا أنها تريد المزيد من حقوق الإنسان، ولكن تصر على أن أنظمتها لا يمكن أن تتغير إلا بشكل تدريجي. ويبدو أن أكثر ما يقلق كل دولة هو الأمن وشبح الإرهاب والاضطرابات على مشارف حدودها.

وقال إن الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي عقد في نيويورك، يقدم فرصة لمقابلة القادة والرؤساء الزائرين كما لو كانوا في نزهة في المنطقة.

وأضاف أنه التقى مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمدة ساعة في الفندق الذي يقيم فيه، ثم انضم إلى اجتماع موسع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني على بعد عدة شوارع.

وكانت تصريحات السيسي رسمية في حين تحدث روحاني بشكل غير رسمي، إلا انه عبر عن وجهات نظر مماثلة في تصريحات علنية.

وكان أحد محاور الحديث يتعلق بالدور المحوري الذي تلعبه الولايات المتحدة في العلاقات الدولية، بغض النظر عن مشاكلها السياسية الداخلية ومنافسيها الخارجيين. فهناك قوة عظمى واحدة في العالم، والسيسي وروحاني إلي جانب عشرات الزعماء الاخرين حضروا إلي نيويورك في سبتمبر الجاري للتفاعل مع نظام عالمي تقوده أمريكا. 

وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يدور كالنحلة في نيويورك هذا الأسبوع. وكان احباطه من فشل اتفاق سلام سوري توصل له من خلال المفاوضات تذكارا بأن الدبلوماسية وحدها لا تكفي حتى بالنسبة لدولة عظمى.

وقال الكاتب إن الحديث مع السيسي كان فرصة لتقييم زعيم بدا غامضا بعض الشيء حتى لأقرب حلفائه العرب. وتحدث السيسي خلال اللقاء عن إصلاح مصر، لكنه وصف أيضا الأعباء التي تزرح تحتها البلاد من الدعم الحكومي والبيروقراطية والجمود السياسي الذي عرقل أداء قادة مصريين سابقين. كان السيسي عذب الكلام، وقورا لكنه يحتد عند طرح أسئلة عن حقوق الإنسان. وكان يسهب في الحديث عن هشاشة الدولة المصرية، وهو ما يشغل تفكيره بشكل واضح.

"نحن نعيش حاليا في دولة زائفة، ظل دولة" هكذا قال السيسي خلال اللقاء، مرددا تصريحات أدلى بها في مصر في مايو الماضي. وهدفه هو "دولة كفؤة وقادرة" مع بنية تحتية حديثة، ذات نمو اقتصادي أسرع، وفي نهاية الأمر تتوافر بها حقوق الإنسان بشكل أوسع.

كما وصف السيسي مصر بأنها ما زالت مترنحة من أثر ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. وقال ان "دولة مثل مصر بحاجة للاستقرار، الذي يحتاج إلى الأمن". وحذر السيسي من أن "انهيار الدولة" يمكن أن يحول مصر إلى شعب من اللاجئين مثل سوريا.

وقال الكاتب إن الاستقرار الداخلي هو السبب الذي غالبا ما يستخدمه القادة المستبدون لكبح الحقوق. وأضاف أنه حين سأل عن السبب في أن  مصر ليست مثل الهند أو البرازيل، وهما دولتان ناميتان شهدتا نموا سريعا ومتزايدا وتتمتعان بالديمقراطية وحقوق الإنسان، أجاب السيسي قائلا أن دولة مثل الهند لديها عقود من الاستقرار السياسي ساعدها على البناء، في حين أن جهوده للإصلاح بدأت قبل عامين فقط.

وأعرب السيسي عن إحباطه من نظام الدعم الحكومي الذي ينتقده خبراء الاقتصاد منذ عقود. وقال إن مصر لديها سبعة ملايين من العاملين في القطاع العام، يؤدون عملا يمكن أن يقوم به مليون فرد فقط، مشيرا إلى أن رواتب القطاع العام تضاعفت منذ ثورة 2011 ومطالبتها بالعدالة الاجتماعية. وأضاف أن المنتقدين يركزون فقط على سجل حقوق الإنسان في مصر، لكنه يقلق بشأن فرص العمل والغذاء والسكن.

وقال السيسي "سيكون من الظلم لي ولظروف مصر إذا واصلت النظر لنا من خلال عدسة أمريكية".

لكن إذا أردا السيسي حقا تنشيط مصر والنهوض بها، فهو بكل التأكيد في حاجة إلى إحياء الديناميكية السياسية والاقتصادية في بلد أكثر حرية وانفتاحا، حسبما قال الكاتب.

وكانت التصريحات العلنية للرئيس الإيراني روحاني في نيويورك حادة. وفي خطابه أمام الأمم المتحدة المتحدة، دعا السعودية إلى "التوقف والكف عن السياسات المثيرة للانقسام"، وانتقد الولايات المتحدة "لعدم الالتزام" بالوعود في الاتفاق النووي الذي أبرم العام الماضي بفتح باب التعاملات التجارية مع إيران.

لكن روحاني سياسي محنك. وهو يعلم أن نهجه المعتدل، الذي أدى إلى الاتفاق النووي مع القوى العالمية، منحه شعبية كبيرة لدى الناخبين الإيرانيين. ويرى أيضا أن التدخل العسكري الإيراني في سوريا والعراق هو حائط صد لمواجهة الدولة الإسلامية (داعش) لولاه لسيطرت على دمشق وبغداد.

وقال الكاتب إنه بالنسبة لروحاني والسيسي على حد سواء، فالسياسة الخارجية تبدأ بالحاجة الملحة لتحقيق الأمن الداخلي. وعمر الثورة في إيران 37 عاما مقابل 5 أعوام فقط في مصر. ولكن لن يتحقق النمو والازدهار لأي من الدولتين دون مزيد من الحرية لتمكين مواطنيها. وأضاف أن هذا هو سبب الضغط الأمريكي في ملف حقوق الإنسان، وبغض النظر عن مقدار ما يزعج هذا الضغط الزعيمين، فهو في نهاية المطاف في مصلحة بلديهما. 

تعليقات الفيسبوك