إنترنت الأشياء.. الحبل الذي يلتف حول رقابنا

الأحد 18-09-2016 PM 06:51

إنترنت الأشياء- صورة من فيديو لرويترز

إعداد عماد سيد

 لا شك أن مفهوم إنترنت الأشياء Internet of Things IoT يعد من المفاهيم التكنولوجية المذهلة والتي كانت لفترة طويلة لا تعدو كونها حلما، لكنها أضحت الآن واحدة من أكثر التقنيات الحديثة انتشاراً ونجاحاً على مستوى العالم، كما أنها تنمو بسرعة هائلة، ويدعم ذلك القول ما توقعته مجموعة مورجان-ستانلي من أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك قرابة 75 مليار جهاز متصل بالإنترنت.

 ومفهوم انترنت الأشياء في أبسط تعريف له هو تلك الأجهزة المتصلة ببعضها عبر الإنترنت بدءا بأجهزة الهواتف الذكية وحتى الثلاجات وأجهزة التكييف. بعض هذه الأجهزة نشأ قبل ظهور تقنية IoT وتحولت إلى أجهزة ذكية باستخدام الانترنت، إلا أن هناك أجهزة أخرى صنعت خصيصا ليتم استخدامها في بيئة متصلة بالانترنت في هذا العصر الجديد. ويزيد من قدرات هذه الأجهزة الجديدة تزايد قدرات أجهزة الكمبيوتر رغم أن أحجامها تصغر باطراد وتعتمد على اتصال لاسلكي غير محدود بالانترنت.

ومع التنامي المتسارع لهذه التقنية ظهر عدد من المشكلات تتلخص فيما يلي:

 المشكلة الأولى: هل النمو أسرع مما ينبغي؟

إن النمو السريع والمفاجئ لتقنيات IoT أمر مثير للاهتمام، فالإنترنت متاح منذ فترة طويلة نسبيا وكل شيء متصل به يبدو كجهاز بشكل من الأشكال. ومع ذلك، يبدو الآن أن أي شيء من الثلاجات وأجراس المنازل إلى السيارات يتطلب اتصالاً بالإنترنت، ويتوفر كجهاز ذكي.

والآن ومع وجود الكثير من الأشياء الذكية المتصلة بالانترنت والمستخدمة بشكل منتظم، ما الذي يعنيه كل هذا التواصل الدائم للبشر؟ هناك العديد من المخاوف يمكن أخذها في الاعتبار عندما يتعلق الأمر بتقنيات IoT.

 المشكلة الثانية: الخصوصية في خطر

كثير من أجهزة انترنت الأشياء بنيت حرفياً للتجسس على أنشطة المستهلكين. فالشركات العملاقة لا تربح أموالا من إنتاج الأجهزة الذكية ذاتها، وإنما الربح الحقيقي يكمن في الكم الهائل من البيانات. فوحدات الاستشعار في هذه الأجهزة الذكية منشغلة بشكل دائم بجمع كل أنواع المعلومات عن المستخدمين والتي يتم إرسالها إلى الشركات لتحليلها.

وأصبح من الممكن التأثير على الناس من خلال معرفة أنماط ما يفعله المستهلكون كل يوم، والخيارات التي يميلون إلى اتخاذها. وكلما زاد عدد الأجهزة المعتمدة على IoT، كلما زاد ما تعرفه هذه الشركات عن هؤلاء الأفراد، وأصبح من الأسهل السيطرة عليهم من خلال استخدام أجهزتهم.

 المشكلة الثالثة: قضايا أمنية كبرى

هناك العديد من المتسللين الذين يمكنهم بسهولة استخدام هذه الأجهزة المتصلة بالانترنت لسرقة المعلومات المهمة والتجسس على الناس. ومؤخرا ظهرت مشكلة نتجت عن اختراق كاميرات لمراقبة الأطفال. وفي العام الماضي، حدث اختراق هائل للمعلومات أثر على مستخدمي أجهزة سوني بلاي ستيشن، بالإضافة إلى مسألة الخروقات الأمنية الناجمة عن أعطال مفاجئة في الأجهزة، مثل نظام Ring Doorbell Pro، عندما رأى بعض المستخدمين الأشخاص الخطأ في المنزل بسبب خلط مؤقت في البيانات.

 المشكلة الرابعة: أداء الأجهزة وصيانتها

مع هذه المليارات من أجهزة IoT في السوق، من الأجهزة القابلة للارتداء، إلى الأجهزة المنزلية، إلى الطائرات بدون طيار drones، كيف يمكن دعم جميع هذا الكم من البيانات؟ كيف يمكن للشركات والمستهلكين أن يضمنوا أنهم يحصلون على أفضل أداء لهذه الأجهزة؟ فزيادة الضغط على الشبكة قد يسبب مشاكل في سرعة وحالة تشغيل وموثوقية الأجهزة الذكية.

هناك أيضا عامل مقلق يتعلق بصيانة جميع هذه الأجهزة، فالعديد من الشركات التي تنتج آلات IoT توقفت بالفعل عن العمل، وفي بعض الأحيان تركت منتجاتها إما غير صالحة للاستعمال، وإما مليئة بالأخطاء التقنية التي لا يمكن تصحيحها. يمكن للأجهزة التي لا تتم صيانتها أن تلقي بكل ما لديها من بيانات ومعلومات على شبكة الإنترنت، ولا يمكن لأي شخص السيطرة على هذه المخرجات من البيانات، ما يمكن أن يؤدي إلى العديد من المشكلات. كيف يمكن ملاحظة مشاكل الأداء وتحسينها في مثل هذه البيئة المتغيرة؟

 المشكلة الخامسة: إصابة المستهلكين بـ"التعب الرقمي"

أصبحت تقنية IoT جزءا لا يتجزأ من المجتمع لدرجة أن المستهلكين صاروا يعتمدون بشكل مفرط على أجهزتهم الذكية. كل هذا الاتصال الدائم يمكن أن يؤثر سلبا على الصحة البدنية والعقلية، فالإدمان مشكلة حقيقية بالفعل. هناك بعض الأشخاص أصبحوا غير قادرين على ترك هواتفهم لثانية واحدة، والبعض الآخر يشعر بالحاجة المستمرة إلى مراجعة مواقع وسائل التواصل الاجتماعي كل عشر دقائق. وإلى جانب ذلك هناك احتمالات بأن الحفاظ على هذه الأجهزة بالقرب من الشخص يمكن أن يتسبب له في مشاكل صحية بالفعل، وهناك معلومات عن إصابة البعض بـ “Text Neck” وهو ألم في الرقبة يحدث لمن يثنون رقابهم للتحديق في الهاتف أكثر من اللازم . إن الإجهاد الذي يمكن أن تسببه الأجهزة المتصلة بالانترنت مبعث جاد للقلق.

 المشكلة السادسة: تلاعب الشركات الكبرى

مع تزايد شعبية انترنت الأشياء IoT ازداد تلاعب الشركات الكبرى بالمستهلكين لشراء منتجاتها الخاصة بها فقط، لتعمل كل أجهزتها وتتفاعل مع بعضها البعض. ويجد المستهلك نفسه مقيدا بعلامة تجارية معينة من أجهزة  IoT، ويصعب عليه تغييرها. ويتسبب ذلك في تضخم الأسعار. ومن أمثلة هذه الشركات الكبيرة آبل وجوجل.

إن إنترنت الأشياء IoT جاءت لتبقى وهي تنمو بمعدلات سريعة. ومن الممكن للأجهزة الذكية أن تساهم في جعل الحياة أسهل وأبسط، وأن تقدم إمكانيات لا حدود لها وممتعة للغاية. إن الطرق التي يمكن أن تحسن تقنيات IoT من خلالها البيئة مذهلة بالفعل، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالزراعة. ومع ذلك، فالمشكلات المذكورة آنفاً يجب أن تؤخذ في الحسبان قبل أن نبدأ جميعاً في شراء ماكينات لصنع القهوة يمكن تشغيلها من خلال تطبيق على هاتف ذكي ونحن في الطريق إلى المنزل أو ثلاجات يمكن أن تنبهنا حين نحتاج إلى بيض.

تعليقات الفيسبوك