الكوميديا السوداء- "بوسة" عبد العال..البرلمان ليس حفل زفاف

الخميس 01-09-2016 PM 11:41

قُبلة رئيس البرلمان علي عبد العال، تصوير: كريم عبد العزيز

إن كنت مقبلا على الزواج، فبالطبع تبحث عن مصور لحفل الزفاف، ليس مجرد شخص يحمل كاميرا بل يحترف أخذ الصور الجميلة وتعديلها لترضي الزبون، ولن تقبل منه أبدا أي صورة معيبة. اطمئن لست وحدك.. فالبرلمان المصري على ما يبدو يبحث عن مصور أفراح أيضا.

صورة لرئيس البرلمان علي عبد العال وهو يرسل قبلة باتجاه النواب، خلال جلسة مناقشة قانون القيمة المضافة الاثنين الماضي، نتج عنها قرار بمنع المصورين الصحفيين من أداء عملهم، ما أعاد للسطح من جديد أزمة -لا تزال قائمة- في تعامل المسؤولين مع الصحافة والإعلام باعتبارها رفاهية أو خدمة مدفوعة الأجر.

* سلطة أم رفاهية 

عبد العال الذي أرسل القبلة بكامل وعيه خلال ممارسته عمله رئيسا لمجلس "الشعب"، وإن تغير اسمه لمجلس النواب فهم في النهاية نواب الشعب، قرر معاقبة المصورين الصحفيين على الصورة التي التقطها زميلهم كريم عبد العزيز، بمنعهم من دخول القاعة الرئيسية للمجلس.

قرار سرعان ما عدل عنه رئيس البرلمان، ليفتح تساؤلا متجددا حول رؤية المسؤولين لعمل الصحافة بمفهومها الأشمل: مقروءة ومسموعة ومرئية، هل هي في نظرهم حقا سلطة رابعة مهمتها الرقابة على السلطات الثلاث، أم أنها كمالية تظهر عند الحاجة لها؟.

لنترك الإجابة الآن، ونبقى داخل البرلمان ونتذكر أن المجلس الحالي أوقف -في يناير الماضي- بث جلساته على الهواء مباشرة، أمر أرجعه محللون سياسيون آنذاك إلى تعليقات المواطنين الساخرة على مواقف مُحرجة لبعض النواب.

وفي مقدمة هؤلاء النواب، مرتضى منصور الذي أقسم بالطلاق خلال أداء اليمين الدستورية رافضا الاعتراف بأن الخامس والعشرين من يناير 2011 ثورة، رغم اعتراف الدستور بذلك.

وهذا هو الدستور عينه الذي نص في مادته رقم 120 على أن "جلسات مجلس النواب علانية، ويجوز انعقاد المجلس في جلسات سرية، بناء على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس الوزراء، أو رئيس المجلس، أو 20 عضو من أعضائه، ثم يقرر المجلس بأغلبية أعضائه ما إذا كانت المناقشة في الموضوع المطروح أمامه تجري علنية أو سرية".

ولم تقف المواقف المحرجة عند مرتضى منصور وحده، بل وصلت أن أحد الأعضاء لم ينتبه أن الميكرفون أمامه مفتوح، فسأل زميله "ما جبتش كرملة معاك ولا أي حاجة"، ناهيك عن النواب الذين رُصدوا نائمين خلال جلسة تواجد فيها رئيس الوزراء شريف إسماعيل في مارس الماضي.

ورغم أن وجود الصحفي تحت قبة البرلمان وفق مواد الدستور واجب، إلا أن المنع كان جزاءه عن ذنوب ارتكبها النواب أنفسهم، وكأنهم يتصرفون في منازلهم الخاصة وليس في مكان عملهم.

* ليست الأولى

في يناير الماضي، مُنع 12 محررا من دخول البرلمان وممارسة عملهم في نقل وقائع جلساته، ووقتها قال عبد العال إن المنع جاء نتيجة عدم حمل هؤلاء الصحفيين "كارنيهات" نقابة الصحفيين.

وفي برلمان 2012، منع الصحفيون من حضور العديد من جلسات المجلس، ففي شهر فبراير من العام نفسه رفض محمد السعيد إدريس رئيس لجنة الشؤون العربية بالمجلس آنذاك، حضور المحررين البرلمانيين اجتماع اللجنة لمناقشة طلب بمقاطعة البرلمان السوري. 

وفي شهر مارس من العام نفسه أيضا، رفضت وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا حضور الصحفيين اجتماع لمناقشة وضع منظمات المجتمع المدني.

* ليس غرفة نوم أو حفل زفاف 

بالعودة لقُبلة عبد العال ووضعها في سياق تصرفات النواب السابقة، وما ترتب عليها من معاقبة للصحفيين لأنهم لم يغضوا الطرف عن تلك التصرفات.. عزيزي القارئ، هل تقبل أن آتي إلى غرفة نومك التقط صورة لك؟ حسنا، ماذا إن ذهبتُ للبرلمان والتقطت صورا من أجلك؟

هل الفرق بين السؤالين السابقين واضح؟ إذن لما يظن النواب أنفسهم في غرف نومهم؟ وأن الصحفيين انتهكوا خصوصيتهم؟ ولما يتصرفون مع الصحفيين كمصوري أفراح مدفوعي الأجر يلتقطون الحسنات دون السيئات؟

تعليقات الفيسبوك