الحكومة تضع يدها في "جيب" الاوقاف لسد العجز

الخميس 25-08-2016 PM 09:16

وزارة الأوقاف

الأوقاف عمل خيري يتمثل في كل ماتم وقفه لوجه الله عز وجل من قبل المحسنين، بقصد ذهاب العوائد المالية لتلك الأوقاف إلى من اشترط الواقف انفاقها عليهم. لكن تقديرات تفيد أن التعديات على أراضي الأوقاف تصل إلى حوالي 37 ألف حالة مما يعني اهدار أموال طائلة بسبب غياب التوثيق لتلك الممتلكات.

وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارًا جمهوريًا رقم 300 لسنة 2016، بتشكيل لجنة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، لحصر أملاك هيئة الأوقاف المصرية من الأراضى والمبانى والمشروعات والمساهمات فى شركات.

وأشار القرار إلى أن اللجنة ستنظر فى متطلبات إدراجها لصالح الدولة، ودراسة إمكانية استغلال مقومات الهيئة فى دعم الاقتصاد القومى وتقديم خطة تنفيذية للدراسة.

تزامن ذلك مع مطالب برلمانية بضرورة إدراج تلك الممتلكات والمتمثلة فى الأراضى والعقارات والقصور بالموازنة العامة للدولة للاستفادة منها خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.

وأيد أحمد حلمي وكيل اللجنة التشريعية للبرلمان ادخال ممتلكات الأوقاف بشكل مباشر فى خدمة الموازنة العامة، لافتا أن الأوقاف أصبحت ملك الدولة ويجوز قانونا استخدامها للموازنة العامة وتعود على صالح الدولة.

في الوقت ذاته لم يجز خبراء قانون  واقتصاد وبعض نواب البرلمان، ذهاب أموال الاوقاف إلى الدولة، محذرين من امكانية الطعن على مثل هذا التصرف والزام الدولة برد تلك الاموال إلى الاوقاف ثانية.

وينص قانون الأوقاف لعام 2008 على ضرورة أن يصرف الوقف فيما اشترطه الواقف وقت منحه. وتبلغ املاك الاوقاف وفقا لتصريحات اللواء راتب محمد راتب مدير هيئة الاوقاف المصرية ٢٢ ألف وقف خيري بالداخل و١٧ باليونان، بالاضافة إلى ادارة ١٠٤ آلاف فدان زراعي و٤٠ ألف فدان حدائق وكذلك مصانع ضخمة.

وكان أول نتاج لعمل لجنة حصر املاك الاوقاف الأحد الماضي 21 من أغسطس الحالي، حيث تم نقل (6121) فدانًا بمنطقة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية من الاصلاح الزراعي الى أملاك هيئة الأوقاف، والاتفاق على نقل ملكية (2131) فدانًا بمحافظة الإسكندرية إلى هيئة الأوقاف هذا الأسبوع.

القانون يعترض

وانتقدالفقيه الدستوري والقانوني عصام الاسلامبولي ظاهرة وضع اليد على أملاك الاوقاف، خاصة بعد منتصف خمسينات القرن الماضي والتي كان يتحايل فيها البعض على قوانين الاصلاح الزراعي، مشيراً الى أن استرداد الاراضي المنهوبة مسألة مهمةتضع حدالاعتداءات البعض كجزء من مكافحة الفساد.

لكن الاسلامبولي أكد عدم جواز دخول أموال الاوقاف في الموازنة العامة للدولة،وقال إن أملاك الوقف تابعة للاوقاف وأمواله توجه للاوقاف، في النطاق المخصص لها والموقوف لأجله، إن كان وقفه صاحب المال للانفاق على اليتامى فهو لهم، وإن كان للتعليم فينفق على المدارس وهكذا. ويجوز الطعن على الدولة حال ضمها هذا المال للموازنة.

آمنة نصير تندد

وانتقدت البرلمانية د.آمنة نصير إضافة أملاك الأوقاف للموازنة العامة للدولةقائلة" يجب انفاق تلك الاموال في مصارفها التي حددها واقف الملك إن كانت للايتام يذهب ريعها للايتام وهكذا، على أن تدار هذه الاوقاف بأيد أمينة يتم من خلالها التنمية والارتقاء والاستدامة لهذه الاموال ولذا يجب وضعها تحت رقابة مشددة. ولا نريدها "سبهللة تخرج من سبهللة الاوقاف وتدخل في سبهللة حد تاني"، املاك الاوقاف عمل شائك ومسألة شديدة التعقيد، ولذا تحتاج من أولي العزم لتفادي أي ظلم أو ظلمات في السلوك من أي طرف في هذه العملية.

وتابعت د.آمنة نصير"للجنة فوائد هامة ولا نختلف مع الهام منها حيث تتولى بحث إزالة 37 ألف حالة تعد على أراضي الاوقاف، أبرزها وقف سيدى كرير بمساحة 27 ألف فدان بالساحل الشمالى، والذى تتنازعه الهيئة مع هيئة المجتمعات العمرانية ومحافظة الإسكندرية، ووقف مصطفى عبد المنان، بمساحة 420 ألف فدان الممتد في محافظات الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ وتتنازعه الهيئة مع المحافظات الثلاث، ويشمل أرض ميناء دمياط، والطريق الساحلى.

البرلمان يشيد

ويقول عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن أراضي الأوقاف تمثل كنزا حقيقيا للدولة وتعد من أجود الأراضي على مستوى الجمهورية، معتبرا أن توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل لجنة لحصر املاك الاوقاف، يعد نوعا من أنواع مكافحة الفساد. وقال "نثق فى قدرة إبراهيم محلب، على استرداد تلك الممتلكات ونحن فى دولة سيادة القانون، ولا فرق بين هذا وذاك كل من استولى على شبر واحد من أراضى الأوقاف لابد من التعامل معه قانونا".

وعن استغلالها لصالح الموازنة العامة، قال حمروش إن ممتلكات الأوقاف هى ملك للدولة، ويمكن استخدامها بما يتناسب مع شروط الواقفين، لافتا إلى أن هناك شكلا آخر يمكن الاستناد إليه باضافتها لخدمة الموازنة.

 وأوضح عمر حمروش وجود محفظة استثمارية قامت وزارة الاوقاف بعملها، حفاظا على تلك الاموال، مشيرا إلى ضرورة أن يكون هناك مزاد علني لبيع تلك الاملاك لتفادي الشبهات. وأضاف أن الاوقاف تستهدف استرداد 10 مليارات جنيه خلال ثلاث سنوات ممثلة في أصول هيئة الاوقاف بالخارج، كقصر محمد علىباليونان، واستثمارها بما يخدم شرط الواقفين.

املاك الدولة هي الحل

وقال محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها وعضو لجنة الاقتصاد بالمجلس الأعلى للثقافة إن "اموال الاوقاف ملك للاوقاف، وعلى الموازنة العامة الانشغال باراضي الدولة التي بيعت للمحاسيب والقريبين من السلطة خاصة في فترة مبارك، التي بيعت بأبخس الاثمان، ولو باعتها الدولة باسعارها المستحقة، لانعشت الاقتصاد وما احتجنا إلى أملاك الوقف الخيرية.

واشار النجار إلى أن الدولة تلجأ إلى اضافة املاك الوقف لتقليل عجز الموازنة العامة، ارضاء لصندوق النقد الدولي، لا لأن هذا العجز يفاقم الازمة الاقتصادية  فالولايات المتحدة الامريكية اكبر دولة بالعالم لديها عجز موازنة، وكذلك بعض دول الخليج.

وتابع أن " للامر خطورة كبيرة حيث سيمتنع المواطن عن الهبة للاوقاف بسبب ما يحدث. وأضاف أن "بيعها مثل بيعنا للجنسية بالدولارات فضيحة على رؤوس الاشهاد، سيظل التاريخ يسخر منا طول العمر."

تعليقات الفيسبوك