رغم الوصول لصيغة توافقية.. جمع توقيعات لرفض مشروع قانون بناء وترميم الكنائس

الخميس 25-08-2016 PM 06:32

حريق الكنيسة الإنجيلية في محافظة المنيا- صورة من رويترز

لم يتمكن إعلان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بشأن التوصل إلى صيغة توافقية مع الحكومة حول قانون بناء وترميم الكنائس من امتصاص غضب شباب الأقباط المعترضين على مواد مشروع القانون الحكومي.

وكانت الكنيسة الأرثوذكسية أصدرت بيانا قالت فيه إن المجمع المقدس توصل إلى صيغة توافقية مع ممثلي الحكومة بشأن مشروع القانون تمهيدا لتقديمه إلى مجلس النواب. لكن المتحدث باسم الكنيسة رفض الإفصاح عن ماهية هذه الصيغة التوافقية.

وعقب بيان الكنيسة، الذي أصدرته مساء يوم الأربعاء، طرحت "تنسيقية المواطنة" مبادرة لجمع توقيعات شعبية من الأقباط في مختلف محافظات الجمهورية لرفض مشروع القانون الذي وصفوه بـ"الجائر والمعادِ للمواطنة".

بؤر مفخخة

وقال عضو تنسيقية المواطنة ورئيس مؤسسة شباب ماسبيرو لحقوق الإنسان، رامي كامل، إن حملة جمع التوقيعات تستهدف التوعية بخطورة مشروع القانون، إضافة إلى حشد الأقباط لرفضه بسبب معاداته لقيم المواطنة المنصوص عليها في الدستور المصري.

وأضاف كامل، في مقابلة مع "أصوات مصرية"، أن الكنيسة الأرثوذكسية لم تعلن حتى الآن عن طبيعة الصيغة التوافقية التي توصلت إليها مع الحكومة، قائلا "القيادات الكنسية لها حساباتها الخاصة ولا تسمع لشكوى الأقباط".

وأوضح أن مشروع قانون بناء وترميم الكنائس يحوى "بؤرا مفخخة"، ومنها المادة السادسة الخاصة بتسجيل ملكية الأرض وقصر أعمال البناء والترميم على أحكام قانون البناء رقم 119 لسنة 2008، رغم أن معظم أراضي الصعيد غير مسجلة وجميع البنايات المقامة عليها عشوائية.

وتابع رامي كامل أن المادة الأولى التي تحدد شروط بناء الكنائس "غير منطقية" لأنها تحدد مساحة الكنيسة والهيكل والمنارة والمذبح وغيرها من الأمور التي تخص الكنيسة وحدها، مقترحا تحديد نماذج للشروط الهندسية في بناء الكنائس ومباني الخدمات التابعة لها وفقا لحرية كل طائفة في تحديد النموذج الخاص بها.

يخالف المواثيق الدولية

وعاب كامل على المادة الثانية من مشروع القانون نصها على تحديد مساحة الكنيسة بناء على عدد المواطنين المسيحيين في المنطقة، مؤكدا أن ربط سلطة منح تصاريح البناء باحتياجات المواطنين ستؤدي حتما إلى عرقلة بناء الكنائس، بحسب رأيه.

وأصدرت تنسيقية المواطنة والقوى المدنية، والتي تضم قانونيين وأقباطا وقيادات حزبية وسياسية ونوابا، بيانا بعنوان "لا لصدور قانون معيب لبناء الكنائس"، وقع عليه أكثر من 300 شخصية لرفض مشروع القانون الذي قالوا إنه "يعيد إنتاج الأزمة ويخالف المواثيق الدولية والأممية التي وقعت عليها مصر".

وقال مسؤول برلماني إن معظم اعتراضات الكنائس تدور حول المادة الخامسة من القانون والتي تقر ضمنيا بتدخل الجهات الأمنية في منح تصاريح البناء وإعادة الترميم تحت مسمى "جهات معنية".

44 عاما من التجاهل 

وأوضح المتحدثان باسم الكنيستين الكاثوليكية والإنجيلية، في تصريح لأصوات مصرية، أن موقف الكنيسة الأرثوذكسية يمثلهما ولن يخرجا عنه، لا سيما بعد استجابة الحكومة لعدد من الاعتراضات التي طرحتها الكنائس الثلاث.

ويعد قانون ترميم وبناء الكنائس الموحد ضمن القوانين التي نص الدستور المصري على إقرارها خلال دور الانعقاد الأول، وفقا للمادة "235" والتي تنص على أن "يصدر مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانوناً لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية".

ولم يتسن لأصوات مصرية الحصول على تعقيب من وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب المستشار مجدي العجاتي حول المواد التي استجابت الحكومة لتعديلها في مشروع قانون بناء وترميم الكنائس.

ويعد "بناء وترميم الكنائس" ضمن أشهر القوانين التي شهدت تجاهلا سياسيا لعقود طويلة رغم التوسع في دائرة المطالبين بإصداره، حيث كان مطلبا تجاوز عمره الـ44 عاما.

وبرزت الحاجة إلى تشريع ينظم عملية بناء الكنائس عقب وقوع حادثة الخانكة في عام 1972 والتي أعقبها إصدار تقرير يتضمن علاج الأزمات المتكررة الخاصة ببناء الكنائس والذي عُرف باسم "تقرير العطيفي" نسبة إلى جمال عطيفي وكيل مجلس الشعب آنذاك.

مرسوم تاريخي

وكان ينظم مسألة بناء الكنائس "الخط الهمايوني" الصادر من الدولة العثمانية في عام 1856 لغير المسلمين، وتم ربط ترخيص بناء الكنائس وترميمها بموافقة السلطان العثماني منعاً لتسلط وتحكّم الولاة، وهو الحق الذي انتقل لرأس الدولة المصرية بعد الاستقلال.

واستمر العمل بذلك المرسوم إلى أن جاء مرسوم 1934 الذي عُرِف بمرسوم "الشروط العشرة"، والذي أقر شروطا اعتبرها الأقباط مجحفة في منح تصاريح بناء وترميم الكنائس.

كما أصدر الرئيس الأسبق حسني مبارك قرارا جمهوريا بتفويض المحافظين في الموافقة على بناء أو إجراء توسعات في أي كنيسة قائمة في عام 2005.

وتقول المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن المشاجرات والاشتباكات التي تنشب بسبب شائعات تحويل منازل إلى كنائس تقف وراء حوالي 40% من إجمالي الأسباب المُفجرة للحوادث الطائفية في مصر.

ورغم اقتراب مشروع قانون بناء وترميم الكنائس من مراحله الأخيرة، لا يزال محاطا بلاءات الرفض والتنديد.

تعليقات الفيسبوك