مصطفى محمود .. مشاهد من "الاعتصام" المنسي

الأحد 14-08-2016 PM 04:14

اشتباكات بين الأمن وأنصار محمد مرسي خلال فض اعتصام ميدان رابعة العدوية- 14 أغسطس 2013 - رويترز

في صباح يوم الأربعاء الموافق 14 من أغسطس عام 2013، وعقارب الساعة تشير إلى السادسة صباحا، قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية وبتأمين من القوات المسلحة بدأت في التحرك إلى المناطق المؤدية إلى ميداني رابعة العدوية بمدينة نصر، والنهضة بالجيزة.

طوقت القوات المنطقتين وتركت مخرجا واحدا بميدان رابعة وآخر بميدان النهضة، لمن يريد المغادرة مع وعود بعدم القبض على من يخرج بعد أن أطلقت صفارات الإنذار والنداءات من خلال مكبرات الصوت تحث المعتصمين على الخروج الآمن.

في تمام الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة صباحا تحركت جرافات الأمن لإزالة السواتر والحواجز التي وضعها المعتصمون، وحدثت مناوشات بين الطرفين (قوات الأمن والمعتصمين) وبدأ إطلاق النار والغاز المسيل للدموع لفض الاعتصام.

بحسب مصلحة الطب الشرعي بلغ عدد القتلى يوم فض اعتصام رابعة منذ وقت الفض في الصباح وحتى الثامنة مساء 632 قتيلا وبلغ عدد المصابين 1492 مصابا تم نقلهم إلى 32 مستشفى، وبحسب تقرير وزارة الداخلية الذي سلم إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان بلغ عدد المقبوض عليهم 800 شخص.

كل ما سبق مشاهد مر عليها ثلاث سنوات، ووردت في تقرير لجنة تقصى الحقائق حول وقائع فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. إلا أن التقرير، أغفل وقائع فض محاولة اعتصام الإخوان بميدان مصطفي محمود.

 

مشاهد من الميدان المنسي

مع بدء فض اعتصامي رابعة والنهضة حاول المئات من أعضاء جماعة الإخوان وأنصارها التوجه إلى الميدانين، ولكن قوات الأمن منعتهم فتوجه بعضهم إلى ميدان مصطفى محمود في منطقة المهندسين، حيث سعوا لإقامة اعتصام بديل.

وقال خمسة أفراد لأصوات مصرية كانوا شهود عيان على أحداث ميدان مصطفي محمود إن الأعداد بالميدان كانت بالآلاف، بداية من صباح يوم 14 أغسطس وحتى فض التجمع. 

من بين شهود العيان، عبد الرحمن نور الدين*، الذي يقول إنه استيقظ مبكرا على رنات هاتفه المتلاحقة ليخبره صديقه المتصل أنه ورفاقه سيتجهون إلى ميدان مصطفى محمود وعليه أن يلحق بهم لكون الطرق المؤدية إلى النهضة ورابعة مغلقة ويتم فض الاعتصامين.

يضيف نور الدين أنه عندما اقترب من ميدان مصطفي محمود بحوالي 200 متر في الثامنة صباحا اشتم رائحة الغاز المسيل للدموع الذي تطلقه قوات الأمن في محاولة لتفريق المحتجين الذين توافدوا على الميدان.

ويقول إنه عندما وصل إلى ميدان مصطفى محمود كانت المناوشات قد بدأت بين قوات الأمن التي أحاطت به وبين المحتجين من جماعة الإخوان المسلمين.

ويضيف أن المحتجين بالميدان قذفوا الأخشاب وأحجار الأرصفة التي قاموا بخلعها باتجاه قوات الأمن وهو ما جعلها تطلق الرصاص الحي عليهم.

قتلى وجرحى مصطفي محمود

لا توجد أي إحصائيات رسمية تشير إلى عدد القتلى والمصابين بميدان مصطفى محمود لكن الدكتور مصطفى ممدوح مسؤول المستشفى الميداني في مصطفى محمود، آنذاك، قال إن عدد الوفيات جراء فض "اعتصام" مصطفي محمود وصل إلى 50 وفاة و1500 مصاب بينهم حالات خطيرة تم نقلها لعدد من المستشفيات بالمهندسين.

ويؤكد نور الدين على أن الكر والفر كان السمة الغالبة على ميدان مصطفى محمود بعدما اشتد إطلاق الرصاص على المتواجدين به.

ويضيف أن الساعات الأولى من فض قوات الأمن المحتجين بميدان مصطفى محمود شهدت قتلى وجرحى في صفوف المحتجين لدرجة أن الجرحى تكدسوا في أحد المستشفيات الخاصة بالميدان.

دخول الشيخين

يقول نور الدين إنه في تمام الساعة الحادية عشر صباحا كان المئات يتوافدون على ميدان مصطفي محمود، وقبل أذان الظهر بأربعين دقيقة وردت أنباء عن أن الشيخين محمد حسان ومحمد حسين يعقوب قادمان إلى الميدان على رأس مسيرة كبيرة للانضمام للمحتجين.

ولم تمر نصف ساعة حتى دخل الشيخان إلى الميدان وكان ذلك أثناء أذان صلاة الظهر تقريبا، فانتفض الميدان حماسا، ما جعل المحتجين يبحثون عن لوح خشبي وضعوه على سقالة حديدية كانت موجودة بالميدان بالصدفة واعتلى الشيخان اللوح الخشبي وخطبا في المعتصمين.

وقال حسان "دمي ليس أغلى من دمائكم"، ثم قال الشيخ يعقوب كلاما مماثلا ودعا المحتجين للصمود، ثم نزل الشيخان إلى أحد أطراف الميدان الهادئة قليلا. وبعدها بدقائق وردت أنباء للمحتجين أن محمد حسان قد دخل في غيبوبة ويحتاج لأن ينقل للمستشفى وعلى أثر ذلك انصرف الشيخان من الميدان.

القومي لحقوق الإنسان

المخاطبات الرسمية التي أرسل بها المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى عدد من الجهات الرسمية الحكومية والأحزاب السياسية والحقوقيين للتعاون مع لجنة تقصي الحقائق لكشف الحقيقة للرأي العام لم يرد فيها فض "اعتصام" ميدان مصطفي محمود وتركز الأمر حول ميداني النهضة ورابعة العدوية.

في يوم 26 سبتمبر 2013 خاطب القومي لحقوق الإنسان، المنوط به عمل لجنة لتقصي حقائق أحداث رابعة، وزارة الداخلية يطلب منها السماح له بإيفاد لجنة تقصى حقائق حول فض اعتصامي رابعة والنهضة للوقوف على حقيقة الأمر وكشف الحقائق للرأي العام.

وخاطب المجلس قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية يوم 8 ديسمبر 2013 يطلب منه الحصول على التقرير الذى يتم إعداده بمعرفة الوزارة حول أحداث يوم 14 أغسطس الخاصة بفض ميداني رابعة العدوية والنهضة.

وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية، لأصوات مصرية، إنه لم تحدث اشتباكات في أي ميادين (باستثناء رابعة والنهضة أثناء فض الاعتصامين).

وأضاف المصدر أن ما شهده ميدان مصطفى محمود كان "مجرد تفرقة مظاهرات بالغاز، وأن أنصار الرئيس المعزول لم يتمكنوا من المبيت في الميدان أو أي ميدان أخر".

وقال المصدر إن عدم ذكر ميادين أخري فى لجنة تقصي الحقائق ما عدا رابعة العدوية بالقاهرة وميدان النهضة فى الجيزة يرجع إلى انهما كانا المركزين الرئيسيين للتجمعات الخاصة بأنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي واستمرار الاعتصام فيهما أكبر وقت.

وبعد مرور ثلاث سنوات على أحداث رابعة لم يسقط ميدان مصطفي محمود الذي شهد محاولة اعتصام الآلاف من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي من تقرير لجنة تقصى الحقائق فحسب بل سقط أيضا من الأضواء بعد أن استحوذ ميدانا رابعة العدوية والنهضة على النصيب الأكبر.

 *اسم مستعار

تعليقات الفيسبوك