محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

هيلارى كلينتون وثورة 25 يناير

الجمعة 12-08-2016 | AM 06:51

 مع تزايد المؤشرات على قرب وصول المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون لمنصب الرئيس الأمريكي، يصبح من الأهمية بمكان العودة والنظر لسجلها في التعامل مع عدد من القضايا العربية والمصرية الهامة خلال خدمتها كوزيرة للخارجية بين يناير 2009، وحتى فبراير 2013. ولتكن البداية مع سجل كلينتون مع ثورة 25 يناير من خلال رصد لمواقفها خلال الـ18 يوما من المظاهرات، التي أسقطت الرئيس حسنى مبارك، مرورا بمواقفها المعلنة من حكم المجلس العسكري وموقفها المبدئي من جماعة الإخوان المسلمين ومن قضية المنظمات الأمريكية العاملة في مصر.

 ***

مع بداية ثورة مصر ظهر موقف كلينتون المحافظ والمتشكك في الحراك الشعبي، وعبرت بعد ساعات من انطلاق المظاهرات عن قلقها تجاه ما يحدث، وقالت: «تقييمنا هو أن الحكومة المصرية مستقرة وتبحث عن سبل للاستجابة للاحتياجات الشرعية ومصالح الشعب المصري».

وانقسم فريق إدارة أزمة مصر داخل الإدارة الأمريكية الذي كان يبحث المستجدات المصرية لفريقين. فريق الصغار وكان يرى ما يحدث كثورة حقيقية، وطالبوا بدعم شبابها، أما فريق العجائز بزعامة كلينتون فقد طالب بالتلكؤ، وعدم التخلي بسرعة عن الحليف مبارك. وحذرت كلينتون من أن البديل الوحيد لنظام مبارك هو حكم الإسلاميين. ومع تعقد الوضع داخل مصر، اضطر الرئيس أوباما للرضوخ لمطلب كلينتون بضرورة إرسال مبعوث رئاسي خاص لتوصيل رسالة عاجلة للرئيس مبارك.

ورشحت كلينتون السفير الأسبق لدى مصر فرانك ويزنر، والذي كانت تجمعه علاقات طيبة بمبارك، إضافة إلى عمله لصالح شركة محاماة وعلاقات عامة كبيرة تدعى «باتون بوجز» لها مصالح مع النظام المصري. وأكد ويزنر بعد لقائه بمبارك أنه يحب أن يسمح له بالبقاء في منصبه لتطبيق التغييرات المطلوبة!

 ***

 بعد سقوط مبارك تميز موقف كلينتون من الجيش وحكم المجلس العسكري بالتذبذب الشديد، وكانت البداية الإشادة بالجيش المصري عند وصفها «لرده الإيجابي جدا تجاه المتظاهرين السلميين». ثم أظهرت كلينتون قلقا من نوايا المجلس العسكري وعبرت في لقاء مع تليفزيون الحرة يوم 14 فبراير على ضرورة وجود جدول زمني للمجلس العسكري يعكس رغبته بالسير في الاتجاه الصحيح تجاه إصلاح دستوري وإجراء انتخابات حرة. ثم ردت كلينتون في حوار لها مع قناة الحياة المصرية أجرته يوم 29 سبتمبر 2011 عند سؤالها عن تقييمها لأداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال الثمانية أشهر الأولى من حكمه، قائلة: «لقد تولوا مسئولية ضخمة لم يتوقعوا أبدا أنهم سيتحملونها. ولكن الواقع أنهم يتحركون قدما باتجاه الانتخابات، كما أعتقد، فهذا أمر ليس بالمهم فقط، إنما هو أساسي أيضا. إنني أتوقع منهم الوفاء بالوعود التي قطعوها للشعب المصري".

وغيرت كلينتون موقفها بصورة دراماتيكية وخلال خطابها أمام المعهد القومي الديمقراطي ووضعت المجلس العسكري في خانة واحدة مع النظم الحاكمة المقاومة للتغيير وللحرية في سوريا واليمن. وقالت كلينتون "الحقيقة هي أن أكبر مصدر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط اليوم ليس المطالبة بالتغيير. إنما هو رفض التغيير. وهذا صحيح بالتأكيد صحيح أيضا في مصر. وفى حال بقيت القوة السياسية الأقوى في مصر ممثلة في مسئولين غير منتخبين، فإنهم يكونون بذلك قد زرعوا بذور الاضطراب للمستقبل، ويخسر المصريون هذه الفرصة التاريخية".

ثم صرحت كلينتون بأن العنف ضد النساء خلال مظاهرات مجلس الوزراء ومحمد محمود لا يليق بالثورة، ويشكل "وصمة عار على من قام به في إشارة إلى الجيش".

 وقالت كلينتون خلال مناقشة جمعتها بوزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر، وأدارها الصحفي المرموق تشارلى روز «إن الولايات المتحدة تعتبر من الضروري أن يفي الجيش بالوعد الذي قطعه للشعب المصري بتسليم السلطة إلى الفائز الشرعي في الانتخابات»، وأضافت أن العسكريين الذين يحكموا مصر لم يكفوا عن قول "شيء في العلن ثم يتراجعوا عنه في الخفاء بطريقة ما ولكن رسالتنا هي دائما نفسها ــ يجب أن يحترموا العملية الديمقراطية".

 ***

 وفيما يتعلق بقضية المنظمات الأمريكية شبه الحكومية مثل NDI وIRI العاملة في مصر، فقد ذكرت كلينتون خلال مؤتمرها الصحفي مع وزير الخارجية المصري في 25 سبتمبر 2011 «لقد تعلمنا من الممارسة الطويلة إنه عندما يكون لديك عملية انتقال ديمقراطي، فإن العديد من الناس يريدون أن يكونوا ناشطين في الحقل السياسي. لكنهم يجهلون كيفية القيام بذلك. ولا يعرفون كيفية تسجيل الناخبين. ولا يعرفون كيفية تشكيل الأحزاب السياسية. ولم يكن ذلك جزء من التجربة التي شكلت الحياة اليومية للمصريين. لذلك، لدينا العديد من المنظمات التي عملت عبر العالم أجمع وتستطيع المساعدة».

 وحول إذا ما كانت أنشطة المنظمات الأمريكية العاملة في مصر هي أعمال غير قانونية، وأن عددا منها غير مسجل، وتعمل خارج إطار القوانين والأنظمة المصرية، ذكرت كلينتون «إننا نرغب أن تكون منظماتنا غير الحكومية مسجلة، ونرغب أن تكون خاضعة للقوانين المصرية»، وألقت كلينتون باللوم على الحكومة المصرية لرفضها في منح هذه المنظمات تصاريح واضحة لممارسة أعمالها داخل مصر.

 ***

يعكس ما سبق ذكره مواقف مختلطة لكلينتون تجاه الثورة المصرية. ولا يمكن بسهولة الادعاء أن كلينتون دعمت أو عادت الثورة، أو أنها دعمت أو عادت المجلس العسكري. المؤكد أن كلينتون كانت برجماتية ومحافظة في مواقفها بما كانت تراه خدمة للمصالح الأمريكية، وأثر عمرها (69 عاما) وخبرتها الطويلة في تبنى مواقف محافظة عند مقارنتها بمن هم أصغر سنا داخل إدارة أوباما مثل سامانتا باور (46 عاما) على سبيل المثال. ولا يمكن القفز الآن وإطلاق أحكاما عامة نهائية على توجهات الرئيسة هيلاري كلينتون عند وصولها للبيت الأبيض، فالموقف الرسمي من مصر سيكون شديد التعقيد، وقد يتوقف كثيرا على ما قد يقوم به النظام المصري خلال الأشهر الستة المقبلة. وعلينا الالتفات إلى أن أهم مستشاريها للسياسة الخارجية هو جاك سوليفان الذي يبلغ من العمر، 39 عاما فقط، ويعرف مصر جيدا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلا عن الشروق

تعليقات الفيسبوك