بالإنفوجراف.. ماذا قدمت قناة السويس الجديدة لمصر خلال عام؟

الخميس 04-08-2016 PM 07:16

الرئيس عبد الفتاح السيسي يحتضن طفلا على متن يخت المحروسة أثناء الاحتفال بافتتاح قناة السويس 6 أغسطس 2015 - صورة من الرئاسة.

"قناة السويس الجديدة ..هدية مصر للعالم"، هذا الشعار الذي تصدر حفل افتتاح القناة الجديدة في أغسطس 2015، لخص ما كانت تأمل فيه الحكومة المصرية من مشروع توسيع وتعميق قناة السويس، وزيادة قدراتها الاستيعابية.

وخلال عام من افتتاح القناة سمع المصريون، الذين استثمروا 64 مليار جنيه في هذا المشروع، تصريحات متضاربة حول ما قدمته القناة لهم، تتراوح بين تحقيقها بالفعل لإيرادات تغطي تكاليفها، وبين أن الهدف منها كان فقط "رفع الروح المعنوية".

وما بين التصريحات والبيانات الفعلية، ترصد "أصوات مصرية" ما حققته القناة خلال العام وما هي الأعباء التي تحملها المصريون في مقابل حفرها.

تكلفة القناة الجديدة وتوابعها

بعد وعود حكومية تدفقت في العام الماضي بمضاعفة مشروع القناة الجديدة للإيرادات من مرور السفن، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي تصريحا في يونيو الماضي قال فيه إن "الهدف من قناة السويس كان لرفع الروح المعنوية"، فكم بلغت تكلفة رفع الروح المعنوية؟

بلغت التكلفة الأساسية لتعميق مجرى قناة السويس وحفر تفريعة جديدة لها نحو 4 مليارات دولار (31.3 مليار جنيه)، ووفقا لبيانات الحكومة.

وجمعت الحكومة 64 مليار جنيه من المواطنين لإتمام المشروع، من خلال شهادات استثمار بفائدة سنوية 12%، مدتها 5 سنوات، يصرف عائدها كل 3 أشهر، وتتحملها هيئة قناة السويس.

وتم توجيه باقي المبلغ الذي تم جمعه لإنشاء 6 أنفاق أسفل قناة السويس، 3 عند بورسعيد و3 عند الإسماعيلية.

السيسي: تكلفة حفر القناة الجديدة تمن مش كبير في حد ذاته لو كان الهدف إن الناس تفرح وتجمّع المصريين

فوائد هذه الشهادات ستكلف الهيئة 5.6 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي 2016- 2017، وفقا لبيانات الهيئة التي أعلنتها في الموازنة العامة للدولة.

وأوضحت البيانات أن إجمالي ما سيؤول للموازنة من إيرادات هيئة قناة السويس سيرتفع بنحو 10.8% خلال العام المالي الحالي، بسبب فوائد الشهادات.

وتتوقع هيئة قناة السويس أن يؤول للحكومة نحو 44.1 مليار جنيه بنهاية العام المالي الجديد، مقابل 39.8 مليار جنيه في العام المالي السابق.

ورغم تأكيد المسؤولين على أن تمويل حفر القناة الجديدة جاء عن طريق شهادات الاستثمار إلا أن هيئة قناة السويس حصلت خلال العام الماضي على قروض مباشرة من البنوك بقيمة 1.4 مليار دولار.

القرض الأول، الذي حصلت عليه الهيئة كان بقيمة مليار دولار، من خلال تحالف مصرفي يضم 8 بنوك، وكان للمساهمة فى المكون الأجنبى لمشروع حفر القناة الجديدة، وسداد التزاماتها تجاه الشركات الأجنبية العاملة في المشروع.

أما القرض الثاني، فكان بقيمة 400 مليون دولار حصلت عليه الهيئة في نهاية العام الماضي، من تحالف 4 بنوك لتمويل مستحقات شركات المقاولات المشاركة في حفر قناة السويس الجديدة، وكذلك للمساهمة في تمويل مشروع تفريعة شرق بورسعيد الجديدة.

وتتوقع الهيئة أن تسدد خلال العام المالي الحالي 439 مليون جنيه فوائد بنكية عن هذه القروض.

تكلفة أخرى فرضها حفر القناة على الاقتصاد المصري، حيث ساهم في أزمة نقص العملة الأجنبية التي تعانيها مصر منذ العام الماضي.

فقد أكد محافظ البنك المركزي السابق، هشام رامز، قبل تقديم استقالته في أكتوبر الماضي، في حوار تلفزيوني أذيع على قناة "القاهرة والناس"، أن "حفر قناة السويس، وإنشاء محطات كهرباء جديدة كلفتنا مليارات الدولارات، وهذا سبب الأزمة التي حدثت في الدولار".

وتعاني مصر من أزمة شديدة في العملة الصعبة، نظرا لتراجع ايرادات السياحة والاستثمار وهبوط الاحتياطي التقدي، فاقم منها اضطرارها لسداد مستحقات الشركات الأجنبية التي شاركت في عملية حفر القناة بالعملة الصعبة، والتي تم اللجوء إليها لإنجاز الحفر في عام واحد، تنفيذا لأوامر الرئيس السيسي، بدلا من ثلاثة أعوام كما كان مخططا.

لكن هذه التكلفة اعتبرها السيسي "تمن مش كبير في حد ذاته لو كان الهدف من قناة السويس أن الناس تفرح وتجمع المصريين"، بحسب قوله خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة التي عقدت بعد أيام من افتتاح القناة الجديدة.

وأضاف "ده في حد ذاته ثمن مش كتير على أن 90 مليون مصري يفرحوا ويطمنوا خلال الفترة إللي فاتت".

 

هل أتت توسعة القناة بجديد؟

بعد أيام قليلة من افتتاح القناة الجديدة قال الرئيس السيسي "إذا كان على 20 مليار إللي دفعناهم في القناة، أحنا جبناهم لأن دخل القناة في زيادة نتيجة ارتفاع عدد السفن إللي بتمر، من حوالي 45 سفينة إلى 61 سفينة".

لكن بيانات هيئة قناة السويس تؤكد على العكس، حيث انخفضت إيرادات القناة في عام 2015 إلى 5.175 مليار دولار مقابل 5.465 مليار دولار، بتراجع 290 مليون دولار.

إيرادات القناة انخفضت في عام 2015 إلى 5.175 مليار دولار مقابل 5.465 مليار دولار

وشهدت إيرادات هيئة قناة السويس تراجعا منذ بداية العام الجاري في شهري يناير وفبراير، قبل أن ترتفع في مارس (محسوبة بالجنيه) بنحو 11.8% مقارنة بالشهر السابق، لتصل إلى 3.477 مليار جنيه.

وتحصل قناة السويس إيراداتها بالدولار، وجرت العادة على أن تعلن بالدولار، إلا أن الهئية حجبت إيراداتها بالدولار منذ فبراير الماضي، واقتصرت على إعلانها بالجنيه.

ثم توقفت الهيئة عن إعلان إيرادات القناة منذ مارس الماضي سواء بالجنيه أو بالدولار.

وتوقعت الهيئة، تحقيق إيرادات بنحو 56.4 مليار جنيه في السنة المالية الحالية، مقابل 48.5 مليار جنيه حققتها خلال العام المالي الماضي.

وأعلنت الحكومة مع افتتاح القناة الجديدة أنها تتطلع لزيادة إيراداتها من القناة إلى 13.2 مليار دولار في  2023 (ما يعادل 115.9 مليار جنيه)، مقارنة بنحو 5 مليارات دولار سنويا في الوقت الحالي.

وتبني الحكومة توقعاتها بزيادة إيرادات القناة بالاعتماد على زيادة القدرة الاستيعابية لها من خلال التوسعات الأخيرة لتصل في 2023 إلى ما يقرب من ضِعف عدد السفن المارة بالقناة يوميا قبل افتتاح القناة الجديدة، والبالغ 49 سفينة.

قناة السويس توقفت عن إعلان إيراداتها منذ مارس الماضي سواء بالجنيه أو بالدولار.

وتعتمد تلك التوقعات على أن حفر تفريعة موازية للقناة الأصلية بطول 34 كيلو مترا سيؤدي لتقليص الفترة الزمنية لعبور السفن، ويمنع تكدسها ومن ثم يزيد من عدد السفن المارة بها يوميا.

لكن بيانات هيئة قناة السويس عن أعداد السفن التي مرت منذ أغسطس 2015 وحتى مارس الماضي، لم يشهد تطورا في عدد السفن المارة، بل شهد تراجعا كبيرا في بعض الأحيان.

فخلال أغسطس 2015 مرت 52 سفينة، في حين سجل شهر مارس مرور 48 سفينة في المتوسط، بعد أن كان متراجعا في فبراير إلى 43 سفينة يوميا.

كما تهدف أعمال توسعة وتعميق القناة إلى استيعاب سفن ذات حمولات أكبر، لكن حجم الحمولات المارة بالقناة شهد هو الآخر تراجعا منذ افتتاح التفريعة الجديدة، حيث انخفض من 72.7 ألف طن في أغسطس 2015، إلى 67 ألف طن في المتوسط خلال الشهور التالية حتى مارس الماضي، وفقا للآخر البيانات المتاحة.  

وكانت الكثير من الانتقادات قد وجهت إلى مشروع حفر تفريعة جديدة لقناة السويس، تركزت بالأساس على عدم وجود دراسة جدوى يمكن تقييم المشروع على أساسها، في الوقت الذي تشهد فيه حركة التجارة العالمية تباطؤا لا يسمح بزيادة السفن المارة بالقناة بالقدر المطلوب.

وقالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البريطانية وقت افتتاح القناة الجديدة إن المشروع يحتاج لكي يحقق الإيرادات التي تستهدفها الحكومة المصرية "أن تزيد حركة التجارة العالمية بنسبة 9% سنويًا حتى عام 2023، بينما لا تزيد التقديرات لمتوسط النمو في حركة التجارة العالمية خلال السنوات الأربع المقبلة على 3%".

تعليقات الفيسبوك