عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

أينما تكونوا يدرككم الموت

الأحد 24-07-2016 | PM 11:16

حتى سنوات قليلة مضت، كان مجرد وقوع عمل إرهابي كبير يقتل العشرات أمرا جللا، يؤرخ له عالميا. كنا وقتها نصف اليوم الذي يقع فيه متبوعا بصفة الأسود.

الآن صرنا نشاهد كوارث بالجملة كل يوم تقريبا، ولا نعرف إلى أين يتجه العالم؟.

لم يعد الإرهاب قاصرا على دولة واحدة، فقيرة أو غنية، متقدمة أو متخلفة، فى الغرب أو الشرق. تأملوا عدد الحوادث التي وقعت خلال الأسابيع الماضية وهزت العالم بأسره، وصارت نمطا ثابتا لا يثير دهشة احد.

شخص أمريكي من أصل أفغاني يدعى محمد صديقى أطلق النار في 12 يونيو الماضي على رواد ملهى للمثليين جنسيا فقتل خمسين شخصا واصبا مثلهم، وتم قتله بعدها وتنوعت واختلفت الأسباب، وهل هو حادث جنائي أم أن القاتل شخص مثلى أراد أن ينتقم من رواد الحانة؟!.

بعدها بأيام وفى يوم الجمعة قبل الماضي قاد مواطن فرنسي من أصل تونسي شاحنة في أحد شوارع مدينة نيس الساحلية وقتل أكثر من خمسين شخصا. وفى الليلة ذاتها جرت محاولة انقلاب عسكري فاشلة في تركيا أدت إلى مقتل نحو ٢٩٠ شخصا وإصابة المئات، وأسفرت في النهاية عن حبس ثلاثة آلاف شخص وإيقاف ١١ ألفا آخرين وإغلاق ألف مدرسة ومئات المنشآت التي تخص جماعة عبد الله جولن، إضافة إلى إعلان الطوارئ.

 

وفى الثاني من يوليو الحالي تبنت داعش تفجيرات انتحارية في منطقة الكرادة في قلب العاصمة العراقية بغداد أسفرت عن مقتل 217 شخصا وإصابة أكثر من 200 آخرين.

وفى اليوم التالي اقتحم مسلح من أصل أفغاني أحد القطارات الألمانية في قرب مدينة فورتسبورج شمال ولاية بافاريا وأصاب خمسين راكبا مستخدما بلطة.

ويوم الجمعة الماضي فتح شاب ألماني من أصول إيرانية النار على رواد المركز التجاري الأوليمبي في مدينة ميونخ ما أدى إلى مقتل ١١ شخصا وإصابة العشرات. وأمس الأول السبت تبنت داعش أيضا تفجيرا انتحاريا استهدف مظاهرة نظمتها أقلية الهزارة الشيعية في العاصمة الأفغانية كابول أدى إلى مقتل نحو ثمانين شخصا وإصابة 231 آخرين.

وهناك حوادث يومية صارت للأسف عادية جدا من فرط تكرارها المملل. فلم يعد خبرا أن تقول إن عشرة عراقيين أو سوريين سقطوا قتلى في عملية إرهابية على يد داعش، أو ميليشيات الحشد الشعبي أو بقية التنظيمات الإرهابية المتطرفة سواء كانت تتمسح في الطائفة السنية أو الشيعية.

أخبار هذه الحوادث، يتم وضعها الآن في الصفحات الداخلية للصحف، أو الخبر رقم خمسة أو ستة في نشرات الأخبار التليفزيونية، لأنها تتكرر كل يوم.

 

هذا الأمر ينطبق أيضا على العمليات الإرهابية التي تقع في سيناء وتؤدى غالبا إلى استشهاد جندي من القوات المسلحة أو الشرطة أو من المواطنين.

ربما أكون قد نسيت خمس أو ست حوادث إرهابية مؤثرة وقعت خلال الشهر الأخير، فلم تعد هذه الحوادث تلفت النظر كثيرا، لأنها تتكرر بصورة شبه يومية من نيجيريا جنوبا إلى فرنسا وألمانيا شمالا، ومن اندونيسيا شرقا إلى الولايات المتحدة غربا، مرورا بمنطقة الشرق الأوسط التي صارت للأسف مركز الإرهاب الرئيسي الذي يؤذى أهل المنطقة أولا، وبعدها يوزع شروره على بقية خلق الله.

بعد هذه العمليات الدامية وغير الإنسانية لم يعد بمقدور أي شخص أن يكون بمنأى عن القتل، سواء لو كنت سائحا تسير في شوارع نيس الخلابة أو مسافرا عبر مطار بروكسل، أو جالسا في حانة في أورلاندو أو متجولا في أي شارع بالمنطقة العربية.

قد يتم قريبا القضاء على تنظيم داعش وتحرير المدن التي احتلها منذ دخوله الموصل في يونيو ٢٠١٤، لكن الخطورة هي عمليات الذئاب المنفردة، التي ينفذها أنصاره أو المتعاطفين معه أو الذين يستلهمون عملياته وأساليبه الوحشية، ويبدو أنها سوف تلازمنا طويلا.

الخلاصة أن العالم بأكمله لم يعد مكانا آمنا للعيش فيه.. فماذا نفعل؟!.

تعليقات الفيسبوك