لماذا تعاني تركيا من ارتباك سياستها تجاه مصر؟

الجمعة 15-07-2016 PM 05:30

رجب طيب إردوغان الرئيس التركي - صورة من رويترز.

صدرت تصريحات متباينة في الفترة الأخيرة عن مسؤولين اتراك كبار بشأن استعادة العلاقات مع مصر لدرجة أثارت التساؤلات عن سبب ارتباك سياسة تركيا تجاه القاهرة. 

ورصد الكاتب التركي اكيف بيكي في صحيفة "حريات" التضارب في التصريحات الصادرة من المسؤولين الاتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب إردوغان، بشأن طبيعة العلاقة مع مصر. وتساءل عما يمكن أن يفعله المسؤولون في القاهرة إزاء هذا التضارب.

وتوترت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عزل الجيش للرئيس الأسبق محمد مرسي -المنتمي لجماعة الإخوان- في يوليو 2013 عقب احتجاجات حاشدة على حكمه، وهو الأمر الذي وصفته تركيا بـ"الانقلاب على الشرعية"، ما أدى إلى تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.

 وقال الكاتب إن الرئيس إردوغان صرح أوائل الشهر الجاري بأنه لن يكون هناك "أي تطبيع" مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، وغداة تصريحات إردوغان قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، سابان ديسلي "إن شاء الله" سيكون هناك تطبيع مع مصر وسيتم إرسال بعثة إلى القاهرة عقب عيد الفطر. وقبيل عيد الفطر تحدث رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم عن بعض الاستعدادات للتطبيع.

إلا أن الكاتب قال إن "الكلمة الأخيرة هي لإردوغان، لذا يجب أن تُعطى الأولوية له.. لكن لا رئيس الوزراء ولا مسؤول كبير بحزب العدالة والتنمية يستطيع الإدلاء بمثل هذه التعليقات بشكل عشوائي"، وهو ما قد يفسر على أن هناك تغيرا يلوح في الأفق بشأن سياسة تركيا تجاه مصر. 

وكانت تركيا أعلنت الشهر الماضي إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بعد شقاق دام ستة أعوام وعبرت عن أسفها لإسقاط طائرة حربية روسية، سعيا لاستعادة تحالفاتها.

وحسب رسائل انقرة المتباينة فمن جهة، لن تعترف تركيا بنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومن جهة أخرى ستبدأ علاقات بين البلدين على مستوي وزاري حسبما صرح رئيس الوزراء التركي، الذي قال "نحن مستعدون لذلك"، مشيرا إلى أنه لا توجد أي تحفظات.

وأشار الكاتب إلى أن ذلك سيثير تساؤلا في القاهرة عن كيفية التوفيق بين هذين الأمرين. 

وأضاف أن القاهرة قد تبدأ الاعتقاد أنه قد آن دورها للتصالح مع أنقرة بعد روسيا وإسرائيل، إلا أن متحدثا رسميا مصريا وضع بعض الشروط المسبقة لتحقيق التطبيع، قائلا أنه سيكون موضع ترحيب من القاهرة حال اعتراف أنقرة بإدارة السيسي.

لكن إردوغان أطاح بهذا التوقع عن بداية التطبيع مع القاهرة. قائلا إن "إطار الخطوات المتخذة للتطبيع مع روسيا وإسرائيل يختلف عن إطار العلاقات مع مصر".

وهنا ظهر تساؤل جديد عن الرسالة التي قد تفهمها القاهرة من تصريح إردوغان، بأن "المشكلة مع مصر هي مع الرئيس" فهل يمكن رأب الصدع في العلاقات مع مصر بطريقة أو بأخرى دون مصالحة مع السيسي؟.

وقال الكاتب إنه إذا زار وفد من أنقرة القاهرة دون اجراء اتصالات رسمية مع الحكومة المصرية أو السيسي فهذه معضلة أخرى. فهل يمكن إذا لم يتم إعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر، أن يتواصل الوفد التركي مع الشعب المصري، ورجال التجارة والأعمال؟.

وأضاف الكاتب أن أنقرة قد تبرر هذه الخطوة بأنها ستكون مبادرة مقتصرة على إحياء العلاقات الاقتصادية. ولكن كانت هناك تصريحات عن فتح الباب لمزيد من الزيارات المتبادلة على المستوى الوزاري، وسط مباركة من إردوغان.

وأوضح أن الخيار الصحيح لتطبيع العلاقات بين البلدين هو عدم اختزال العلاقات مع مصر في السيسي فقط. وضرب مثلا بما حدث في العلاقات مع إسرائيل والتي لم تُترك رهينة لحصار قطاع عزة. وقال إنه لا يجب التضحية بمصير العلاقات مع مصر من أجل معارضة السيسي.

 وقال الكاتب التركي "أنا لا اقترح أن نحب السيسي، أنا لا أقول إننا يجب أن ننسى رئيس مصر المعزول، محمد مرسي، وأصدقاءه ونتركهم يتعفنون في السجن.. أنا لا أقول إننا يجب أن نقيم علاقات حميمة مع الجنرالات في مصر"، مضيفا "لكن لماذا نخسر فرصة أن تكون لنا (أنقرة) الكلمة الأولي في المبادرة (التطبيع)؟".

وتابع "دعونا نكون مبادرين ونستخدمها (المبادرة) بطريقة يمكن أن تفيد مرسي".

وتساءل الكاتب عن الكيفية التي يمكن بها لتركيا إقامة علاقات مع مصر دون الاعتراف بإدارة السيسي، وقال "في الواقع، ألم نعترف به عندما شارك وزير خارجية السيسي في قمة في إسطنبول لنقل رئاسة منظمة التعاون الإسلامي؟".

وقال إنه يجب الوصول لصيغة لسد فجوة المنطق في هذه العلاقة قبل أن يصبح الخطاب التركي أكثر إرباكا، وأضاف "إما أن سياستنا تجاه مصر لم تتضح بعد، وإما أننا مترددون. وإما أن هناك ارتباكا في التنسيق بين التصريحات".

وختم قائلا "لكن لن يضار أحد على الأقل من توحيد الخطاب التركي إزاء هذه العلاقة المرتبكة مع القاهرة."

تعليقات الفيسبوك