كابيتال إيكونوميكس: احتمالات لجوء مصر لصندوق النقد ارتفعت منذ 2011

الأربعاء 06-07-2016 PM 03:43

شعار صندوق النقد الدولي- رويترز

كتبت رويترز

قالت مؤسسة كابيتال ايكونوميكس للأبحاث في لندن إن احتمالات توصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي زادت عن أي وقت في السنوات الخمس الأخيرة منذ ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك من سدة الرئاسة.

وذكرت المؤسسة في تقرير لها أن الحصول على حزمة مالية سيساعد على سد العجز في ميزان المدفوعات المصري وتعزيز آفاق نمو البلاد في الأمد المتوسط لكنه قد يتطلب المزيد من إجراءات التقشف في الموازنة ومزيدا من خفض سعر صرف الجنيه في الأجل القصير.

وتكرر الحديث خلال السنوات الخمس الماضية عن أن الحكومة المصرية على وشك التوصل لاتفاق قرض مع صندوق النقد لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق فعلي. وتنامت التكهنات مؤخرا بأن القاهرة قد تعيد فتح المفاوضات.

وقال وزير في المجموعة الاقتصادية بمصر أواخر الشهر الماضي إن بلاده التي تعاني من شح شديد في العملة الصعبة بدأت التفاوض مع صندوق النقد من خلال البنك المركزي لاقتراض خمسة مليارات دولار.

وأضاف الوزير في اتصال هاتفي مع رويترز مشترطا عدم نشر اسمه "هناك وفد من الصندوق قد يزور مصر الشهر المقبل لاستكمال المفاوضات."

لكن محافظ المركزي طارق عامر قال لاحقا في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية "مصر لم تطلب أي برامج مساعدات من صندوق النقد الدولي. الأرقام التي تم ذكرها غير صحيحة. (مصر) على اتصال دائم مع الصندوق لتبادل الأراء حول الأوضاع الاقتصادية الراهنة."

وقال بيان للبنك المركزي "الأرقام المذكورة غير صحيحة وإذا ما كانت هناك حاجة إلى طلب برنامج إصلاحي فإن مصر ستكون مؤهلة للحصول على مبالغ ضعف المبالغ التي تم ذكرها."

ضغوط على ميزان المدفوعات

وأشارت كابيتال ايكونوميكس في تقريرها إلى أن الضغوط استمرت على ميزان المدفوعات المصري رغم خفض الجنيه أمام الدولار في مارس بنسبة 13% بهدف تضييق الفجوة بين سعري الصرف في السوق الرسمية والموازية.

وعزت المؤسسة هذه الضغوط إلى عاملين رئيسيين أولهما تزايد المخاوف الأمنية الذي أدى إلى هبوط عائدات السياحة. ويتمثل العامل الثاني في تراجع تحويلات المصريين المقيمين بالخارج وهو ما وصفته المؤسسة البحثية بأنه أحد القنوات الرئيسية المرجح أن ينتقل خلالها ضعف النمو في الخليج إلى مصر.

وأضافت أنه نتيجة لهذه العوامل زاد العجز في ميزان المعاملات الجارية المصري إلى أكثر من خمسة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقالت "بجانب العجز الكبير في ميزان المعاملات الجارية تواجه مصر مدفوعات ضخمة لسداد ديون خارجية. ووفقا للبنك الدولي فإن الديون الخارجية المستحقة في الأمد القصير، وهو ما يعني أنها تستحق السداد في الأشهر الاثنى عشر المقبلة ، بلغ 9.1 مليار دولار في نهاية العام الماضي."

وتقدر كابيتال ايكونوميكس وصول إجمالي المتطلبات المالية الخارجية لمصر التي تشمل العجز في ميزان المعاملات الجارية والديون الخارجية التي أوشك موعد استحقاقها إلى ما يعادل نحو 25 مليار دولار أو نحو 7.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المقبلة.

وأشارت إلى أنه بينما تستطيع معظم الدول تمويل العجز الكبير في موازين معاملاتها الجارية وخدمة ديونها الخارجية عن طريق جذب تدفقات رأسمالية من القطاع الخاص بالخارج إلا أن القلاقل السياسية والعملة المقومة بأعلى من قيمتها حتى بعد خفض مارس يجعل مصر "وجهة غير جذابة للمستثمرين الأجانب".

نقص الاستثمارات الأجنبية

وقالت كابيتال ايكونوميكس إن تدفقات الاستثمارات المباشرة واستثمارات المحافظ انخفضت لما يقارب واحد إلى اثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس الأخيرة.

وقالت المؤسسة "بفرض استقرار تدفقات الاستثمارات الأجنبية والمباشرة نتوقع أن تواجه مصر نقصا في العملة الأجنبية يقارب 20 مليار دولار على مدى السنة المقبلة."

خيارات محدودة

تقول كابيتال ايكونوميكس إن السلطات أمامها خياران لسد العجز والاستمرار في إحكام سيطرتها على الجنيه.

أحد هذه الخيارات يتمثل في السحب من احتياطي النقد الأجنبي لكن الاحتياطيات استنزفت بالفعل على مدى السنوات الخمس الأخيرة لتصل إلى أكثر قليلا من 17 مليار دولار وهو ما يكفي بالكاد لتغطية واردات ثلاثة أشهر وهو الحد الأدنى الآمن الذي يوصي به صندوق النقد الدولي مقارنة مع 36 مليارا قبل انتفاضة 2011.

وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري يوم الاثنين أن الاحتياطيات الأجنبية ارتفعت إلى 17.546 مليار دولار في نهاية يونيو مقارنة مع 17.521 مليار دولار في نهاية مايو. ويعني ذلك أن احتياطيات مصر من العملة الصعبة زادت نحو 25 مليون دولار في مايو.

أما البديل الثاني من وجهة نظر كابيتال ايكونوميكس فهو أن تسعى الحكومة للحصول على تمويل من شركائها. وكانت دول الخليج أول من لجأت إليه مصر في السنوات الأخيرة. وفي وقت سابق من العام الحالي أعلنت السعودية والإمارات العربية المتحدة أنهما ستقدمان تمويلات إضافية بقيمة 6.5 مليار دولار. وكانت السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت قدمت لمصر مساعدات بمليارات الدولارات بعدما عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو 2013 عقب احتجاجات حاشدة على حكمه.

وتعهدت الصين أيضا بتقديم تمويل نقدي قدره مليار دولار للبنك المركزي في حين اتفقت مصر على بعض التمويلات الإضافية من البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية.

غير أن سخاء دول الخليج يتراجع على ما يبدو مع هبوط أسعار النفط الذي فرض ضغوطا على المالية العامة لتلك الدول.

وأوضحت كابيتال ايكونوميكس أن الخيار الثالث والأخير الذي يبقى أمام السلطات المصرية هو السعي للاتفاق على تمويل من صندوق النقد. وقالت "التمويل المباشر من الصندوق سيوفر للقاهرة دعما ماليا مباشرا. علاوة على ذلك سيساهم الاتفاق في تحسين معنويات المستثمرين تجاه مصر.

"حقيقة أن تقديم هذه التمويلات سيكون مشروطا بتلبية الحكومة لأهداف محددة تعني أنها ستكون مرتكزا لإصلاحات اقتصادية. وقد يساعد هذا في جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية الخاصة إلى البلاد ومن ثم وضع المركز الخارجي لمصر على أسس أكثر استدامة إلى جانب تحسين آفاق النمو الاقتصادي في الأمد المتوسط."

غير أن المؤسسة أشارت إلى أن أي اتفاق لن يخلو من تشديد السياسة المالية بما في ذلك خفض الدعم ورجحت أن يصر مسؤولو الصندوق على خفض الجنيه لكنها تعتقد أن هذه العقبات لن يصعب تجاوزها مثلما كان الحال في السايق.

واختتمت كابيتال ايكونوميكس تقريرها بالقول "الاتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي يبدو أكثر احتمالا من أي وقت في السنوات الخمس الأخيرة. هذا الاتفاق سيساهم في تحسين وضع ميزان المدفوعات المصري وتعزيز آفاق النمو في الأمد المتوسط ولكن على حساب بعض المعاناة في الأجل القصير بسبب تشديد السياسة المالية ومزيد من الخفض للجنيه".

 

تعليقات الفيسبوك