كاترين آشتون في نيويورك تايمز: "دعم النهوض العربي"

الإثنين 06-02-2012 PM 09:25
كاترين آشتون في نيويورك تايمز:

مظاهرات التحرير - تصوير محمد عبد الغني - رويترز

تراوح رد الفعل الأوروبي تجاه النهوض العربي بين التفاؤل والتشاؤم بشكل كبير، وإذ تفسح النشوة الأولية الطريق بعدها لشكوك حتمية، فعلينا أن نتمسك بمسارنا ونؤكد إلتزامنا نحو الديمقراطية الناشئة .

ولتكن نقطة البدء هي أن الديمقراطية في كل مكان يعوزها التوازن، فكما هي مثيرة وملهمة ودافعة للتحرر، قد تكون أيضا مشوبة بالفوضى والاضطرابات وتأتي بنتائج غير متوقعة.

ولكن التاريخ، وليس فقط تاريخ قارتنا، ينبئنا أنه بمجرد أن تمد الديمقراطية جذورها العميقة بإرساء القانون وحقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الاستثمار الخاص وأيضا الانتخابات النزيهة، تزدهر البلدان وتبحث عن العيش في سلام مع جيرانها.

ولذا فأنا متفائلة، وما حدث في الشهور الإثنى عشرة الماضية أمر رائع، فقد شهدنا انتخابات حرة ونزيهة في تونس ومصر والمغرب، وانتابت البعض مخاوف من نجاحات الأسلاميين في صناديق الاقنراع، ويحتاج البعض الآخر إلى مزيد من الوقت لمراقبة ما ستسفر عنه هذه التطورات السياسية.

ففي مصر، عقد أول برلمان - منتخب بشكل حر منذ 60 عاما - جلسته الأولى التاريخية، لكن بناء ديمقراطية حقيقية وعميقة يتطلب جهدا والتزاما، ويجب أن يتاح للمجتمع المدني القيام بدوره الحاسم كدعامة للديمقراطية، وأن ترفع حالة الطوارئ بشكل كامل ويتم تسليم السلطة للمدنيين في أقرب وقت ممكن.

يساورالبعض القلق، ويطرحون أنه ليس من مصلحة أوروبا دعم ومساندة النهوض العربي، لكنني لا أتفق معهم، فلدينا مهمة أخلاقية وكذلك احتياج يفرضه الواقع لمساعدة جيراننا لضمان الديمقراطية والرخاء، حيث لا يمكن أن نكون مجرد متفرجين، وقد فرضنا على أنفسنا التزاما بالتواصل والعمل والنقاش مع كل الحكومات والبرلمانات والمؤسسات التي نشاركها ألتزامنا بالديمقراطية.

والإسلاميون أيضا يتساءلون هل يمكنهم الثقة بنا، وأعتقد أن هناك حاجة ملحة لتجاوز الشك المتبادل، وأن نتعرف على بعضنا البعض، فوضع الإسلاميين كلهم فى خانة واحدة مضلل وغير مفيد، إذ يجب فهم كل حركة وحزب سياسي وتقييمه حسب مبادئه التي تتطلب أيضا الحكم عليها من خلال الأفعال والممارسات.

إن هذه الحركات السياسية تتعلم وتتغير بأسرع مما تتمكن أعيننا من رصد هذا التغيير، وهم يرغبون في التعلم، وستتيح لهم مسؤولية الحكومة ومهام العمل العام الرسمي فرصة لترجمة التزاماتهم إلى قوانين وسياسات محددة.

وتعد الانتخابات جزءا هاما من الديمقراطية ولكن بناء ديمقراطية ذات جذور يتجاوز ذلك كثيرا، فالديمقراطية معنية بالانتخابات المقبلة، وتحديد قواعد اللعب والالتزام بها، وتعني الإيفاء بالوعود وصياغة دساتير شاملة تحمي حقوق المواطنين وبالذات النساء، والوصول إلى الحكم يعني أيضا توفير وظائف ومواجهة عملية للعديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

إن الرحلة ليست هينة، ولكن الاتحاد الأوروبي ملتزم بالبقاء على المسار ومساعدة المحتجين الذين أسقطوا الطغاة لتحقيق حلمهم.

 

كاترين آشتون: النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية والممثل السامي للاتحاد لشؤون السياسة الخارجية والأمن

 

رابط المقال المنشور على النيويورك تايمز بتاريخ 2 فبراير 2012

تعليقات الفيسبوك