وهيبة صالح
وهيبة صالح

شم النسيم.. كيف يحتفي كل المصريين بانبعاث الحياة؟

الأحد 01-05-2016 | PM 04:45

الأعياد هي مقياس حضارة الأمم، وعيد شم النسيم هو ما تبقى للمصريين كشاهد على وحدة الشعب المصري، الوحدة التي تمتد لسبعة آلاف سنة.

كان عيدا قوميا لجموع المصريين باختلاف عقائدهم، ومع مرور العصور

احتفل به المصريون معا رغم اختلاف عباداتهم وآلهتهم قديما كما يحتفل به المصريون اليوم رغم اختلاف عقائدهم.

عيد "شم النسيم" هو أول الأعياد وأقدمها. احتفل به المصريون القدماء رسميا سنة 2700 قبل الميلاد، وأُطلق عليه "عيد شمو"، أي بعث الحياة. وفي وقت لاحق، كان الاحتفال يبدأ بليلة الرؤية في 25 برمهات عند سفح الأهرام حيث تتجلى الشمس على قمة الهرم في السادسة مساء، ومع شروق شمس اليوم التالي لليلة الرؤية يتحول لمهرجان واحتفال شعبي يشارك فيه الملك ورجال الدولة.

وكان "شم النسيم" يسمى بعيد الخلق حيث تبعث الحياة ويتجدد النبات وتنشط الكائنات ليحمل رسالة ميلاد الطبيعة. يخرج الناس إلى النيل والحقول والحدائق العامة يحملون معهم الأطعمة، وهي نفس الأطعمة التي نتناولها اليوم، لكن الفارق أنها قديما كانت تحمل مغزى دينيا، وعندما اختلفت العقائد وصار المصريون يدينون بالرسالات السماوية احتفظوا بها وحافظوا عليها.

منذ بداية الاحتفال بشم النسيم والفسيخ من أهم ما يتناوله المصريون في هذا اليوم، فهو من الأسماك التي يحملها نهر النيل المقدس كما جاء في متونه المقدسة وكان المصريون يعتقدون أن أكل السمك المملح مفيد في وقت معين في السنة، وأنه يقي من حميات الربيع.

أما البصل فقد كان في عقيدة المصريين يشفي من الأمراض ويطرد الأرواح الشريرة، لذلك كان يعلق كحزم على مداخل المنازل كما يفعل المصريون حتى وقتنا هذا في شرفات بيوتهم.

ولأنه عيد الخلق فكان للخس مكانة مميزة في هذا اليوم حيث كان النبات المقدس للإله (مين) إله الخصوبة والتناسل، وقد أثبتت التجارب العلمية اليوم أن زيت الخس ينشط القدرة الجنسية.

وكان المصريون يعتبرون أن نضج ثمرة (الحمص الأخضر) وامتلاءها هو إعلان عن قدوم الربيع ومن هنا سميت ثمرة الملانة في اشارة إلى الامتلاء.

وفرض البيض الملون نفسه على مائدة شم النسيم وانتقل إلى معظم أنحاء العالم حتى أطلق عليه الغربيون "بيضة الشرق". والبيضة هي رمز الخلق في نظرية الخلق عند القدماء المصريين كما جاء في كتاب الموتى، ويتم تلوينه وزخرفته في الأصل في ليلة الرؤية. وكان المصريون ينقشون عليها دعواتهم للإله وأمنياتهم ثم يضعونه في سبت ويعلقونه في الأشجار حتى إذا أشرق رع (إله الشمس) يوم شم النسيم يتلقى الدعوات والأمنيات ويحققها لأبنائه المصريين.

*باحثة أثرية

تعليقات الفيسبوك