ملف- 100 يوم برلمان.. نواب بلا أنياب

الإثنين 18-04-2016 PM 06:06

الحكومة تعرض برنامجها على البرلمان، 27 مارس 2016. أصوات مصرية

بدأ البرلمان المصري معاركه منذ يومه الأول مع أداء النواب لليمين الدستورية، واستمرت الخلافات والمشادات والتجاذبات والصراعات وأحيانا التهديدات والاتهامات طوال المائة يوم التي يتممها مجلس النواب يوم 20 أبريل الجاري.

وعقد البرلمان المصري الجديد أولى جلساته في 10 يناير الماضي، بعد أكثر من ثلاث سنوات على حل البرلمان السابق.

"أصوات مصرية" ترصد أشهر المعارك والخلافات والاستقالات والقوانين المثيرة للجدل التي مرت على البرلمان المصري، كما ترصد أيضا أشهر النواب المشاغبين والصامتين بعد 100 يوم.

استقالتان وإسقاط عضوية

بعد أن تقدم النائب الناصري كمال أحمد باستقالته عقب أسابيع قليلة من انعقاد البرلمان، قائلاً إنها "لأسباب صحية" واصفاً سلوك النواب أثناء الجلسات بأنه "سلوك غير حضاري تحت القبة" إلا أنه سرعان ما تراجع عنها بعد رفض المجلس لها.

وتظل استقالة رئيس محكمة النقض الأسبق المستشار سري صيام هي الأكثر تأثيرا منذ انعقاد البرلمان وحتى الآن، والتي قال صيام إنها بسبب "عدم وجود مناخ يمكنه من أداء دوره البرلماني، الذي تحتمه أمانة المسؤولية الناتجة عن قرار رئيس الجمهورية بتعينيه نائبًا في المجلس".

وكان مجلس النواب وافق على الاستقالة بأغلبية الأعضاء، وأعلن رئيس المجلس علي عبد العال إخطار رئيس الجمهورية بأن مقعد صيام أصبح شاغرا.

في ردة فعل وصفها البعض بـ"المتسرعة" وافق مجلس النواب بأغلبية أعضائه على إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة على خلفية استقباله للسفير الإسرائيلي في منزله بمحافظة الدقهلية.

أشهر المناكفات

بدأت المناكفات في البرلمان منذ جلسته الأولى والمخصصة لأداء النواب اليمين الدستورية، حيث أطلق النائب مرتضى منصور شرارة البدء بتغيير نص القسم الدستوري إلى "أحترم مواد الدستور والقانون" بدلا من "أحترم الدستور والقانون"، بسبب ما سماه بـ"عدم الاعتراف بديباجة الدستور والتي تقر بأن 25 يناير ثورة شعبية".

وفي مشهد اعتبره البعض "ساخرا" وضع النائب السابق توفيق عكاشة كمامة بيضاء على فمه مكتوب عليها "ممنوع من الكلام" بعد أن رفض رئيس المجلس السماح له بالكلام داخل الجلسة.

كما حمل عكاشة في واقعة ثانية لافتة مكتوب عليها "أرفض قانون الخدمة المدنية" وجلس بها في البهو الفرعوني بالمجلس لمدة يومين متتاليين، لكن اللافتة كانت في اليوم الأول باللون الأبيض ثم صارت في اليوم الثاني باللون الأصفر.

وبعبارة اكتسبت شهرة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، قال النائب خالد يوسف للنائب محمود بدر أثناء مناقشة توزيع النواب على اللجان البرلمانية "اقعد كده يا محمود مش عارف اتكلم". 

واحتد النائب مرتضى منصور بصوت عال على زميله النائب أحمد سعيد، إثر مهاجمة الأول للإعلامي عمرو أديب خلال جلسة تناولت مناقشة تجاوزات الشرطة، حيث طالبه سعيد بعدم طرح أمور شخصية في الجلسة.

وتسببت كلمة واحدة في إثارة غضب نواب ائتلاف "دعم مصر" بإحدى الجلسات، عندما هاجمهم النائب إلهامي عجينة، قائلا "نعاني من إرهاب دعم مصر"، ما دعا رئيس المجلس للمطالبة بحذف كلمة "إرهاب" من المضبطة.

تكاد لا تمر جلسة واحدة دون أن تشهد مناكفة بين نائب بني سويف علي بدر ورئيس المجلس، لتنتهي بعبارة شهيرة يطلقها دائما علي عبد العال حيث يقول "اقعد مكانك يا علي يا بدر".

اعترض رئيس المجلس علي عبد العال على وصول معظم النواب متأخرين عن موعد بدء إحدى الجلسات العامة والمقرر لها الساعة 11 صباحا، وقال منفعلا على أحد النواب "ما يصحش كده.. احنا في مجلس نيابي مش محلي".

طرد النواب

قام رئيس البرلمان المصري علي عبد العال بطرد 7 نواب من الجلسات العامة.

الحالة الأولى للطرد من الجلسة العامة كانت من نصيب النائب السابق توفيق عكاشة والذي طرد مرتين خلال عضويته في البرلمان –لم تستمر سوى أقل من شهرين- بسبب تلاسنات كلامية مع رئيس المجلس والإلحاح على طلب الكلمة رغم الاعتراض.

كما طُرد النائب الشاب أحمد الطنطاوي مرتين أيضا، إحداهما كانت بسبب الاعتراض على قطع كلمته أثناء مناقشة قانون تنظيم الطعن على عقود الدولة، ما دعا رئيس البرلمان للتصويت على خروجه من الجلسة، أما الثانية فكانت بسبب اعتراض رئيس المجلس على ملابس النائب "الكاجوال".  

وفي جلسة لقبتها وسائل الإعلام بـ"جلسة طرد النواب" أخرج رئيس البرلمان النائب سعيد حنفي عقابا له على تضامنه مع أحمد طنطاوي خلال مناقشة قانون تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة، كما قال رئيس المجلس للنائب أحمد الشرقاوي "اتفضل اطلع بره" بعد اعتراضه على أسلوب إدارة هذه الجلسة.

وأثناء مناقشة مواد اللائحة الجديدة قرر رئيس المجلس طرد النائب محمد محمود عمارة من الجلسة، بسبب تشكيكه في التصويت الإلكتروني على مواد اللائحة.

كما تكرر طرد النائب سيد حنفي عضو المجلس عن دائرة البساتين، عندما قال إن "رئيس البرلمان يحاول السيطرة على سير الجلسات دون النظر إلى أي شيء وليس هناك عدالة في إدارة الجلسات".

طرد رئيس المجلس النائب محمد عبد الغني، بسبب توزيع منشورات تحض على رفض قانون الخدمة المدنية أثناء مناقشته، كما هدد رئيس المجلس في هذه الجلسة بطرد النائبين ضياء الدين داود وخالد عبد العزيز شعبان لمحاولتهما إقناع النواب برفض القانون.

أما واقعة الطرد الأخيرة -حتى الآن- فكانت من نصيب النائب سمير غطاس، والذي صوت المجلس على طرده من الجلسة العامة بسبب حديثه بدون إذن وما اعتبره رئيس المجلس تطاولاً عليه.

معارك مع الحكومة

رغم محدودية المعارك بين البرلمان والحكومة، لكن رفض قانون الخدمة المدنية كان أولى المحطات المفصلية في عمر البرلمان الذي يكمل يومه المائة.

وحاولت الحكومة بشتى السبل تمرير قانون الخدمة المدنية وتعهدت بإجراء تعديلات عليه وتشكيل لجنة خاصة وتقديم قانون جديد، لكن البرلمان انتصر في أول معاركه مع الحكومة ورفض القانون.

شن النواب هجوما حادا على الحكومة وسط مطالبات بتغيير وزاري للمجموعة الاقتصادية والخدمية، خاصة بعد فشلها في مواجهة انخفاض الجنيه أمام الدولار، وبالفعل تم إجراء تعديل وزاري قبل أيام من إلقاء بيان الحكومة في البرلمان.

لا تزال المعركة الكبرى بين البرلمان والحكومة لم تحسم وهي بيان الحكومة وتجديد الثقة فيها، وأصدرت بعض لجان المجلس تقريرا قالوا فيه إن "البرنامج إنشائي ولم يرق لطموحات المواطن"، كما أوصت لجان المجلس الحكومة بمراجعة برنامجها الذي تقدمه للمواطنين وتحديد جدول زمني لتنفيذه ورفع ميزانيات الصحة والتعليم والبحث العلمي.

أشهر الاشتباكات

في تصرف اعتبره كثيرون مخالفة صريحة للتقاليد البرلمانية، قام النائب كمال أحمد بضرب النائب توفيق عكاشة بالحذاء، تعبيرا عن رفضه استضافة عكاشة لسفير إسرائيل السابق في مصر حاييم كورن.

ووقعت مشادات عنيفة واشتباكات بالأيدي بين بعض أعضاء ائتلاف "دعم مصر" وعدد من نواب حزب المصريين الأحرار خارج القاعة، اعتراضا على إصرار "دعم مصر" على تمرير مادة في اللائحة الداخلية للمجلس تضع قيودا على تشكيل الاتئلافات البرلمانية.

كما تسبب النائب محمود خميس في أزمة بين أمانة المجلس والإعلاميين، بعد أن اعتدى بالضرب على الصحفي محمد طارق بجريدة الوطن أثناء محاولة الصحفي التواصل مع توفيق عكاشة عقب طرده من الجلسة بتصويت الأعضاء.

أبرز التهديدات

نشب تلاسن بين النائبين سعيد حساسين وتوفيق عكاشة على القنوات الفضائية ثم انتقل إلى البرلمان، بعد أن قال حساسين في أحد برامج قناة العاصمة لعكاشة "السبع سبع وإن كلت مخالبه.. والكلب كلب وإن قلدته الذهب"، ليرد عليه عكاشة في اليوم التالي على قناة الفراعين "هاضربك يا حساسين حتى لو اسقطوا عضويتي".   

وبنبرة انتقامية قال النائب مرتضى منصور لزميلته في البرلمان هالة السعيد "مش هاسيبك يا هالة.. هاوريكي وهاتشوفي"، وذلك عندما طالبته النائبة بعدم تصفية حسابات شخصية تحت قبة البرلمان.

"لا" واحدة

رغم أن مجلس النواب وافق على 342 قرارا بقانون صدروا في غيبة البرلمان خلال عهدي الرئيسين عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي، لم يسن المجلس قانونا واحدا خلال مائة يوم مضت.

وشكل المجلس 19 لجنة نوعية لبحث ودراسة القرارات بقوانين، وشهدت مناقشة قوانين الثروة المعدنية وتنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة جدلا واسعا، لكن المجلس وافق عليهما.

ويظل القانون الوحيد الذي شهد استثناء تحت قبة البرلمان هو قانون الخدمة المدنية الذي تم رفضه رسميا في جلسة عاصفة، رفض فيها القانون 332 عضوا مقابل موافقة 150 عضوا وامتناع 7 أعضاء فقط عن التصويت.

وتتمثل أهمية قانون الخدمة المدنية في أنه ينظم كل الأمور المتعلقة بالوظيفة العامة من حيث التعيين والتقاعد والفصل والنقل والانتداب والإعارة والتأديب والأجازات والجزاءات، وكل ما يخص شؤون العاملين المدنيين بالدولة.

أشهر المشاغبين

مع مرور الوقت اتخذ النواب الأكثر جدلا أو الأكثر "افتعالا للضوضاء" بحسب وصف رئيس المجلس علي عبد العال، مركزا لنشاطهم وتحركاتهم داخل القاعة على يسار المنصة.

كما يعتبرهم عبد العال في كثير من المواقف دائمي السعي لإفساد الجلسات وإظهار المنصة بأنها غير قادرة على إدارة الجلسات بشكل جيد، ومنهم.. مرتضى منصور، توفيق عكاشة –قبل إسقاط العضوية- ومحمد أنور السادات، وخالد يوسف، وأحمد الطنطاوى، وضياء الدين داود، ومحمد عبد الغني، وخالد عبد العزيز شعبان، وهيثم الحريري، وأسامة شرشر، ومي محمود، وسعيد حفني شبايك، ومهدي العمدة، وعلى بدر.

أشهر الصامتين

المثير للدهشة أن معظم الصامتين تحت القبة هم من الأصوات المشهود لها بالطلاقة والبلاغة وحسن التعبير، لكن تلك المهارات المتوفرة لدى البعض لم تمنعهم من التزام الصمت وعدم المشاركة سوى بأداء اليمين الدستورية في أولى جلسات البرلمان.

ومن أشهر الصامتين لميس جابر، أسامة الأزهري، تامر الشهاوي، دينا عبد العزيز الملقبة بـ"سندريلا البرلمان"، ومي المصري.

وانضمت الداعية الإسلامية آمنة نصير إلى فريق الصامتين تحت القبة، نظرا لمحدودية مشاركتها التي جاءت مخالفة للتوقعات.

أرقام المضابط

وبناء على بيانات مضابط مجلس النواب حتى أواخر مارس الماضي فإن هناك أكثر من 100 نائب لم يشاركوا في الجلسات سوى مرتين الأولى أثناء أداء اليمين الدستورية والثانية أثناء التصويت على إسقاط عضوية توفيق عكاشة.

لكن هذا الرقم تراجع كثيرا أثناء إلقاء رئيس الوزراء شريف إسماعيل بيان الحكومة في  البرلمان يوم 27 مارس الماضي، حيث بلغ عدد الأعضاء الصامتين 20 نائبا فقط.

وهناك أكثر من 300 نائب لم يتحدثوا أكثر من أربع مرات خلال المائة يوم الماضية، وفق مضابط مجلس النواب.

أدوات الرقابة البرلمانية

تقول بيانات الأمانة العامة لمجلس النواب إنه تم تقديم حوالي 250 استجوابا و800 بيان عاجل و700 طلب إحاطة، إضافة إلى مئات الأسئلة، لكن البرلمان لم يستخدم أي أداة برلمانية تجاه الحكومة طوال المائة يوم الماضية.

لمشاهدة الملف التفاعلي: 

 

تعليقات الفيسبوك