برنامج الحكومة.. تفاؤل مفرط بالنمو وتوقعات متواضعة للبطالة

الثلاثاء 29-03-2016 PM 03:02

الحكومة تعرض برنامجها على البرلمان، 27 مارس 2016. أصوات مصرية

طرحت الحكومة في برنامجها، الذي عرض رئيس الوزراء شريف اسماعيل ملامحه الرئيسية امام البرلمان منذ يومين، عددا من الأهداف للفترة المقبلة، وجاءت الأهداف المتعلقة بالنمو الاقتصادي متفائلة مقارنة بما تتوقعه مؤسسات بحثية ومالية.

ولكن معدلات البطالة التي تستهدفها الحكومة بعد عامين من الآن لن تكون أفضل حالا من الوضع قبل قيام ثورة 2011، الأمر الذي يجعل رؤيتها الاقتصادية المطروحة أقرب لاستهداف نموذج للنمو لا يضع التشغيل على رأس أولوياته في رأي بعض الخبراء.

ويستهدف برنامج الحكومة، الذي جاء بعنوان "نعم نستطيع"، تحقيق نمو اقتصادي يتراوح بين 5-6% بنهاية العام المالي 2017-2018، مقابل 4.5% تتوقع الحكومة تحقيقها بنهاية العام المالي الحالي (2015/ 2016).

إلا أن البنك الدولي يرى أن مصر ستحقق نموا لن يتجاوز 4.8% في 2017/ 2018، بحسب ما ذكره في الوثيقة التي أصدرها نهاية العام الماضي والتي تشمل تفاصيل اتفاقه مع مصر على اقراضها 3 مليارات دولار، بجانب رؤيته الاقتصادية للبلاد.

البنك الدولي يرى أن مصر ستحقق نموا لن يتجاوز 4.8% في 2017/ 2018

والمؤسسة الدولية ليست الوحيدة الأقل تفاؤلا من الحكومة، حيث تتوقع بنوك استثمار معدلات نمو لا تتجاوز 4.5% في ذلك العام مثل برايم، والمجموعة المالية هيرمس 4.4%.

ويقول محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية هيرمس، إن تخفيف حدة أزمة النقد الأجنبي ستكون عاملا محوريا لتحقيق زيادة في النمو الاقتصادي.

وخفض البنك المركزي الشهر الحالي سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بنحو 14% في محاولة لتقريب السعر الرسمي من سعر السوق الموازية، الأمر الذي يدعم الثقة في استقرار العملة المحلية ويجذب استثمارات أجنبية في الأسهم والسندات المصرية.

ولكن "السياسات النقدية وحدها لا تكفي، فهناك حاجة لرؤية اقتصادية واضحة وتيسيرات في توفير الأراضي والتراخيص لجذب الاستثمارات"، كما يضيف أبو باشا.

وتمثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة أحد المصادر الرئيسية التي يعول عليها لتوفير النقد الأجنبي. وتعكس بيانات البنك المركزي عن هيكل هذه الاستثمارات تراجع مساهمة الصناعة فيها منذ العام المالي الذي تخللته ثورة يناير إلى العام الماضي، بينما اتجهت مساهمة القطاع العقاري والانشاءات للارتفاع خلال نفس الفترة.

ويقول محلل هيرمس إن "القطاع العقاري اجتذب استثمارات أجنبية بفضل مبيعاته القوية، فهناك إقبال عليه لأنه مخزن لقيمة المدخرات التي تتأكل بسبب تراجع العملة المحلية .. وذلك في مقابل القطاع الصناعي الذي أعاقته أزمة الدولار عن استيراد مدخلات الإنتاج".

 

وترى الخبيرة الاقتصادية ريهام الدسوقي أن اتجاه الحكومة لطرح حصص من البنوك العامة في البورصة المصرية سيساعد على تحسين تدفقات النقد الأجنبي.

وكان محافظ البنك المركزي قد أعلن قبل أيام عن طرح حصص من بنكي القاهرة والعربي الأفريقي الدولي في البورصة وبيع بنك المصرف المتحد لمستثمر استراتيجي خلال العام الجاري.

تقديرات محافظة للبطالة

في الوقت الذي جاءت فيه توقعات الحكومة للنمو متفائلة، فإن تقديراتها لمعدلات البطالة كانت محافظة، حيث تستهدف خفضها إلى ما يتراوح بين 10- 11% من القوى العاملة في عام 2017-2018 من القوى العاملة، مقابل 12.7% في العام الماضي.

وتقديرات الحكومة للبطالة المستهدفة أعلى من مستوى ما قبل ثورة يناير، حيث بلغت 9% في 2010، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وتقول ريهام الدسوقي إن "نسبة مهمة من الاستثمارات المتوقعة خلال الفترة المقبلة استثمارات كثيفة رأس المال وهو ما يجعل الحكومة تقدم توقعات محافظة بشأن خفض البطالة".

نسبة مهمة من الاستثمارات المتوقعة خلال الفترة المقبلة استثمارات كثيفة رأس المال

وترى الخبيرة الاقتصادية أن طبيعة احتياجات الاقتصاد في الفترة الحالية تفرض التركيز على استثمارات كثيفة رأس المال وليست كثيفة التشغيل مثل مشروعات البنية الأساسية والطاقة التي تحتاجها البلاد.

وتقول سلمى حسين، باحث أول بوحدة العدالة الاقتصادية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إنه "كان واضحا أن الحكومة تستهدف نموا اقتصاديا غير تشغيليا منذ مؤتمر شرم الشيخ في مارس 2015 حيث أظهرت طبيعة المشروعات المعروضة فيه هذا التوجه". 

وأشارت الباحثة إلى تركيز الحكومة على مشروعات البنية الأساسية التي لا توفر بكثافة فرص العمل.

ولا تتوقع سلمى حسين أن تساهم مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي بإلزام البنوك بزيادة تمويل المشروعات الصغيرة في تحقيق فارق في تخفيض البطالة، وقالت إن "المشروع الصغير يحتاج لحوالي 100 ألف جنيه حتى يستطيع الحصول على قرض من البنك، وهي تكلفة التراخيص المطلوبة للتحول من القطاع غير الرسمي للرسمي وهو أمر صعب جدا لقطاع واسع من المشروعات التي تعمل بصفة غير رسمية".

كان السيسي أعلن مطلع يناير الماضي عن برنامج لضخ 200 مليار جنيه من خلال القطاع المصرفي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ووفقا للبرنامج، فإن البنوك ستقدم قروضا لنحو 350 ألف شركة، لتوفير فرص عمل لحوالي 4 ملايين شاب.

 

تعليقات الفيسبوك