هل تظل الصلاحية سيف الدولة على عنق القضاة؟

الإثنين 07-03-2016 PM 07:30

دار القضاء العالي - صورة لأصوات مصرية

يثير قرار إحالة المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي قضاة مصر الأسبق إلى المعاش بتهمة اقتحام مقر جهاز أمن الدولة والعمل بالسياسة أسئلة عن آلية محاكمة رجال القضاء في مصر.

تتعدد آليات محاكمة القضاة لتشمل التنبيه والإنذار كحكم مخفف والإحالة للمعاش (الصلاحية ) كأقصى درجة للعقوبة بحسب قانون السلطة القضائية رقم 142 لسنة 2006. ويحاكم القضاة في حالة الجرائم أو الجنايات أمام المحاكم التي تحاكم المواطن العادي.

وعلى الرغم من أن هناك آلية لمحاكمة القضاة، يرى محامون وقضاة أن آلية المحاكمات للقضاة التي يشرعها قانون السلطة القضائية ما هي إلا سيف على عنق القضاة لتحكم الاعتبارات السياسية في المحاكمات ما ينذر بإقصاء المعارضين وتقريب المؤيدين.

مصطفي كمال المحامي بالنقض والدستورية العليا يقول إن آليات محاكمة أي قاض يوجه إليه اتهام تختلف حسب طبيعة التهمة الموجهة للقاضي، فمنها ما لا يشكل جريمة ويكتفي فيها رئيس المحكمة التابع لها القاضي أو وزير العدل بإنذاره إما شفاهة أو كتابة.

ويضيف كمال إن لوزير العدل حق التنبيه والإنذار فقط للقضاة الذين لم تبلغ درجتهم الوظيفية درجة مستشار، موضحا أن هناك تهما تشكل جريمة وتستوجب اتخاذ إجراءات تحريك دعوى جنائية ضد القاضي المتهم بعد الحصول على إذن من مجلس القضاء الأعلى.

أشهر حالات العزل

مارس 2016 عزل المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي قضاة مصر الأسبق لإدانته باقتحام مقر أمن الدولة بمدينة نصر والاشتغال بالسياسة.

يونيو 2014 عزل النائب العام الأسبق طلعت عبد الله وإحالته للمعاش و6 آخرين وإحالة اثنين للعمل بالمحليات في  القضية المعروفة إعلاميا "قضاة من أجل مصر".

يوليو 2013 عزل 31 من أصل 75 قاضيا في قضية " قضاة البيان" والمعروف إعلاميا بقضاة بيان رابعة.

أغسطس 1969 عزل المحامي المعروف فريد الديب و127 آخرين فيما سمي بمذبحة القضاة.

جهات المحاكمة

نائب رئيس محكمة النقض المحال للمعاش، المستشار محسن فضلي، يقول إن من يختص بمحاكمة القضاة هم مجلس التأديب بدرجتيه (مجلس التأديب، ومجلس التأديب الأعلى) والمحاكم الجنائية والعادية.

ويضيف فضلي أن مجلسي التأديب والتأديب الأعلى ينعقدان بهيئتين، الأولى مجلس تأديب لنظر ما وجه إلى القاضي من فعل محدد مخالف لمقتضيات وظيفته، والآخر مجلس التأديب بهيئة عدم الصلاحية وهو ينظر حالة القاضي خلال سنين عمله كلها ولا يقتصر بنظر واقعة بعينها.

ويوضح فضلي أنه في حالة عرض القاضي على القضاء الجنائي فإنه يخضع لدرجات التقاضي التي يخضع لها غيره من المواطنين العاديين.

عيوب القانون

يقول ياسر سيد المحامي بالنقض والدستورية  العليا إن عيوب قانون السلطة القضائية تتمثل في جعل عضو بالسلطة التنفيذية وهو وزير العدل يصدر التوجيه والتنبيه الشفهي أو الكتابي وإقامة الدعوى التأديبية بهيئة عدم الصلاحية قبل القاضي، مما ينال من استقلال القضاء ويفقد السلطة القضائية التوازن مع السلطة التنفيذية.

يضيف السيد أن القانون يجعل إدارة التفتيش القضائي تقوم  بالتحقيق مع القضاة ( من غير درجة المستشارين) وهى إدارة تابعة لوزير العدل ما يضمن عدم نزاهة التحقيقات.

ويشير إلى أنه من بين مشاكل القانون تشكيل مجلسي التأديب من عناصر لا تتوازن فيها الخبرة والمقام الوظيفي، فهناك فجوة وظيفية وعمرية بين أعضاء مجلس القضاء الأعلى وأحدث نواب لرئيس محكمة النقض وهو ما يجعل المداولة في اتخاذ القرار غير متكافئة أو جادة ولا تتوافر فيها سمات المداولة الحقيقية، علاوة على عدم تحديد موعد ومكان لانعقاد المجلس مما يرهق القضاة المحالين إليهما ولا يكون لديهم علم ببعض الجلسات.

ويقول السيد إن القانون نص على سرية الجلسات وهو نص غير دستوري إذ قرر الدستور علانية الجلسات ما لم تقرر المحكمة في قضية بعينها سرية الجلسات فيها، فحظر الدستور على القانون بأن ينص على سرية الجلسات في نوع معين من القضايا، كما أن المبادئ الأساسية لاستقلال القضاء المعتمدة من الأمم المتحدة 1985 نصت على أن سرية محاكمة القاضي مرهونة بإرادته، والسرية تضيع على المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان الحق في مراقبة صحة تطبيق القانون، ما يسهل التعدي على ضمانات ومعايير العدالة الدولية دون رقيب.

ويضيف أن من بين ثغرات القانون أنه نص على عدم جواز الاستعانة بمحام وهو نص غير دستوري إذ كفل الدستور حق الدفاع أصالة أو وكالة بمحام.

أقصى وأدنى عقوبة

ويشير فضلي إلى أن مجلس التأديب له الحق في إحدى عقوبتين، إما العزل كعقوبة أشد أو اللوم كعقوبة أخف، ومجلس التأديب بهيئة الصلاحية له أن يوقع على القاضي إحدى عقوبتين الأولى الإحالة إلى المعاش كعقوبة أشد، والأخرى النقل إلى وظيفة غير قضائية كعقوبة أخف.

ويقول فضلي إن القضاة الخاضعين للمحاكمات التأديبية يتم تشكيل مجلس تأديب ومجلس تأديب أعلى وفقا لمواد قانون السلطة القضائية للنظر في أمرهم.

ويضيف فضلي أن تشكيل مجلس التأديب يكون من أقدم رؤساء الاستئناف من غير أعضاء مجلس القضاء، ويكون في العادة رئيس محكمة استئناف المنصورة رئيسا وعضوية أقدم قاضيين بمحكمة النقض وأقدم نائبي رئيس محكمة استئناف.

 

 

ويقول فضلي إن مجلس التأديب الأعلى يتم تشكيله من رئيس محكمة النقض رئيسا وعضوية أقدم ثلاثة رؤساء استئناف ( وهم رؤساء محاكم القاهرة والإسكندرية وطنطا) وأحدث ثلاثة نواب لرئيس محكمة النقض.

تجاوزات داخل القاعات

ويقول المستشار حسام مكاوي رئيس أسبق بمحكمة الأقصر الابتدائية ومحال للصلاحية بقضية بيان رابعة إن التجاوزات التي كان يواجهها القضاة أثناء المحاكمات تمثلت في عدم السماح للمدافعين باستكمال دفاعهم، وعدم السماح لبعض القضاة بالحضور عن زملائهم بدعوى أنهم محالون في قضايا أخرى وهو شرط لم ينص عليه قانون السلطة القضائية.

ويضيف أن من بين التجاوزات أيضا عدم السماح بعلانية الجلسات رغم عدم دستورية النص الذي يقرر سريتها، وعدم السماح بالحصول على صور رسمية أو حتى عرفية من كافة الأوراق بالمخالفة للقانون، علاوة على عدم تمكين القضاة من الطعن بالتزوير على محضر التحريات ومحضر جلسة الحكم الصادر من مجلس التأديب أول درجة، بجانب الحكم بعدم قبول استئناف الطعن على أحكام صدرت من مجلس التأديب بدعوى أن صحيفة الاستئناف لم توقع من المستأنف نفسه وإنما من وكيله بالمخالفة للقانون الذي أجاز إنابة القاضي غيره من القضاة في كافة إجراءات المحاكمة أمام مجلسي التأديب.

                                                                             

 

تعليقات الفيسبوك