الإسلام هو المسلمون

الخميس 21-02-2013 AM 09:57

بعد أن تفاقمت أخطاؤهم عشية وصولهم إلي السلطة يتردد في أوساط دعاة ونشطاء الإسلام السياسي كثيراً أن ما يقع فيه الإسلاميون من أخطاء هو عمل بشري لا علاقة له بالدين، وأن الممارسة السياسية شيء والنصوص الدينية وعلم الفقه شيء آخر وهو ما يقول به اليساريون والليبراليون حين يدعون لفصل الدين عن السياسة، لكن الإسلاميين يقولون أن سياستهم هي الدين ويبدو هذا المنطق سليم ومقنع ظاهريا إذا تأملنا شعاراتهم وخطاباتهم وفتاواهم ولكن حقيقة الأمر هي في التحليل الموضوعي، أن السلوك السياسي والاجتماعي للإسلاميين في حين أنه منسوب دائما للإسلام هو عمل دنيوي براجماتي خالص فمثل هذا السلوك المبني علي ما يدعون أنه اختيارات دينية وسياسية هو تعبير عن فهم هؤلاء الدعاة والنشطاء للنص الديني الذي يجبرونه علي التواؤم مع أهدافهم الدنيوية ومصالحهم وفي هذا النص يجد كل توجه سياسي واجتماعي ما يريد وما يري أنه يتفق مع المصالح التي يدافع عنها والتي يهتدي بها من مواقفه وآرائه.

وكانت السيرة الواقعية للمسلمين عبر التاريخ سواء من عصور الازدهار أو عصور الافول مرتبطة غالبا لا بمثل عليا مجردة حضي عليها الدين وانما بالصراع علي الثروة والسلطة الذي عرفته كل الديانات والنظريات حين حكمت.

علي سبيل المثال كان حسن البنا مؤسس الجماعة ومنظرها الأول رجلا عمليا جدا وأبعد مايكون في ممارساته السياسية والحزبية عن المثل العليا فلم يرفض الاستعمار أو الاستغلال علي سبيل المثال، فتقرب من القصر والانجليز، وقصة تمويله معروفة جدا لدي تأسيس الجماعة من قبل شركة قناة السويس التي كان يسيطر عليها الانجليز والفرنسيون حتي يؤسس جماعته التي سرعان ما نشطت ضد حزب الوفد، حزب الحركة الوطنية آنذاك كما تعاون بعد ذلك مع المخابرات الامريكية كما تقول بعض المصادر.

قال المرشد العام الأسبق «مأمون الهضيبي» للمحامي ثروت الخرباوي الذي كان عضوا في الجماعة واختلف معها ثم خرج عليها بعد ذلك «نحن نسعي للتحالف مع من يستطيع ان يقربنا من دوائر صنع القرار وهو منهج دائم لدي جماعة الإخوان المسلمين استخدموه في علاقتهم مع القصر في عهدي فؤاد وفاروق ثم مع جمال عبدالناصر حتي انقلبوا عليه ومع السادات الذي استثمروا علاقتهم به أكبر استثمار ثم مع حكم «مبارك» والحزب الوطني الديموقراطي الذي دخلوا معه في صفقة تلو الأخري. والآن يسعي قادة الإخوان وراء أعضاء الحزب الوطني في عدد من المحافظات بهدف ترشيحهم علي قوائم الحرية والعدالة في الانتخابات القادمة.. أي أن سلوكهم هو عمل دنيوي خالص يتفق كلية مع آليات ومفاهيم السياسة البورجوازية التي تعتبر العمل السياسي مجموعة من الألاعيب المجردة من الاخلاق والقائمة علي القوة دفاعا عن المصالح.

أما سيد قطب فقد كان أحد أبرز منظري الاسلام السياسي الذي تدين له بالولاء كل اتجاهات التشدد والتطرف الفكري والذي قسم العالم إلي فسطاطين، فسطاط الجاهلية وفيه كل من لا يقبلون أفكاره، وفسطاط الاسلام الذي ينتمي إليه هو وثلة محدودة من تابعيه سرعان ما فرخوا كل أنواع التطرف والقتل فاستباحوا الدماء التي حرمها الله واستخدمتهم القوي الرجعية والاستعمارية في أعمالها القذرة وحتي قبل أن يتحول سيد قطب من ناقد أدبي موهوب إلي مجاهد ضد الكفر والجاهلية ارتكب الإخوان المسلمون عددا لا يحصي من جرائم الاغتيالات السياسية وضعوا عليها أقنعة دينية وقتلوا النفس التي حرم الله قتلها.

بعد أن كان سيد قطب يعتبر ثورة يوليو أعظم انقلاب حدث في تاريخ مصر الحديث علي الاطلاق حتي بالغ في الدفاع عنها وطلب من «محمد نجيب» رئيس الجمهورية آنذاك «تأسيس ديكتاتورية نظيفة» داعيا رجال يوليو إلي «التطهير الشامل الكامل» الذي يحرم الملوثين من كل نشاط دستوري ولايبيح الحرية السياسية الا للشرفاء» وهي نفس الآلية التي قسم بها البشر بعد ذلك إلي نوعين (كفرة ومؤمنون) ثم تآمر علي الثورة بعد ذلك.

وكان الإخوان في تقربهم الأولي لثورة يوليو قبل الانقضاض عليها ومحاولة اغتيال جمال عبدالناصر قد حجزوا لأنفسهم وكان «الشرفاء غير الملوثين» حين تواطأوا مع الحكم لحل كل الأحزاب وبقيت جماعتهم وحدها.

ويقول «ثروت الخرباوي» في كتابه قلب الإخوان وعنوانه الفرعي محاكم تفتيش الجماعة «آن لي أن أترك الجماعة بلا عودة فهي جماعة لا يهمها من قليل أو كثير ماذا قال الله وماذا قال الرسول وانما يهمها فقط ماذا قال المرشد وماذا قال المستشار الهضيبي».

أما محمود اسماعيل فيقول ان دولة الخلافة التي يوهم الإسلاميون الجماهير البسيطة انهم بصدد العودة إليها فلم تكن «إلا أداة للقهر والغلبة والاستقلال بالملذات والمفاخر، انها تعني استيلاء جماعة علي السلطة والمال مفهومها هو التسلط ثم يضيف ان تاريخ الخلافة ملييء بأنواع اساءة السلطة وكانت الخلافة في نظر الخلفاء تفويضا الهيا.

انه القناع الديني إذن سواء وضعه القدماء أو المعاصرون حتي يسوسوا البسطاء في اتجاه الدفاع عن مصالح الحكام والسادة باسم الإسلام الذي هو كما قال سيدنا علي بن أبي طالب حمال أوجه يؤوله اصحاب المصالح الدنيوية باسم الآخرة.

الإسلام إذن هو المسلمون.

تعليقات الفيسبوك