لماذا كانت تونس أوفر حظا من مصر في استرداد أموالها من سويسرا؟

الثلاثاء 04-11-2014 AM 10:34
لماذا كانت تونس أوفر حظا من مصر في استرداد أموالها من سويسرا؟

الرئيس السابق محمد حسني مبارك - رويترز.

كتب

كتبت مريم محمد

انتهت أمس أعمال المنتدى الثالث لاسترداد الأصول العربية والذي انعقد في جنيف بمشاركة مسؤولين وخبراء ونشطاء عرب وأوروبيين، للبحث في سبل استرداد الأموال التي تم تهريبها إلي الخارج قبل انتفاضات الربيع العربي.

وعلى الرغم من التشابه بينهما في بعض مراحل الربيع العربي التي مرتا بها، إلا أن تونس كانت أوفر حظا من مصر في استرجاع جزء من الأموال المهربة للنظام الذي أطاحت به الثورة.

ففي أبريل الماضي استرجعت تونس جزءا من أموالها المهربة لدى سويسرا يقدر بنحو 40 مليون دولار، بينما لم يتم الافراج عن أي من الأموال المصرية.

وجاء قرار سويسرا بالإفراج عن الأموال التونسية عقب تقديم تونس طلبا قضائيا مستوفيا للشروط التي ينص عليها القانون السويسري، لإعادة الأموال المنهوبة، حسبما قال المدعي العام السويسري ميشال لوبيه.

فعقب سقوط بن علي مباشرة، سارعت تونس بإنشاء لجنة حكومية خاصة لاسترداد الأموال المنهوبة، وتلقت تلك اللجنة مساعدة من مبادرة استرداد الأموال المنهوبة "ستار"، وهي مبادرة مشتركة بين البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

وقامت اللجنة الحكومية بتصميم استراتيجية شاملة تجمع بين مختلف أدوات التحقيق والأدوات القانونية، بما في ذلك الملاحقة القضائية المحلية، والتعاون الدولي غير الرسمي، وطلبات المساعدة القانونية المتبادلة، فضلاً عن التدخل كطرف مدني في الإجراءات الجنائية في فرنسا وسويسرا.

وقدمت مبادرة "ستار" للجنة التونسية الدعم في التحاليل المالية للوصول إلى الشبكات المالية العالمية فضلاً عن بناء صلات مع منظمات مثل الإنتربول ومجموعة إيجمونت (شبكة دولية غير رسمية لوحدات التحريات المالية) ويوروجست (الوكالة المعنية بالتعاون القضائي في المسائل الجنائية بالاتحاد الأوروبي).

وبالنظر إلى الوضع المصري، فعقب تنحي مبارك في فبراير عام 2011، جمدت سويسرا أرصدة نحو 31 شخصا بينهم مبارك ونجليه وزوجته، إلى جانب رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف وعدد من رجال الأعمال في عصر مبارك.

وعقب لقاءات متبادلة بين المسؤولين أثناء فترة المجلس العسكري، وافقت سويسرا على التعاون مع السلطات القضائية المصرية لتسريع استعادة الأموال المجمدة.

إلا أن المحكمة الفيدرالية السويسرية قررت أواخر عام 2012 - عقب إقالة الرئيس الأسبق محمد مرسي للنائب العام الأسبق محمود عبد المجيد من منصبه - وقف التعاون مع السلطات المصرية بسبب ما اعتبرته تدخلا من السلطة التنفيذية المصرية فى عمل السلطة القضائية، وتوقف التعاون بين مصر وسويسرا لاستعادة الأموال المصرية منذ ذلك التاريخ وحتى الآن.

وفي ديسمبر من العام الماضي قررت سويسرا إعادة تجميد 767 مليون دولار من أموال النظام المصري السابق، لمدة ثلاث سنوات لتنتهي في فبراير 2017، بسبب ما قالت إنه فشل للسلطات المصرية في الوصول إلى الملفات القانونية ذات الصلة بالإجراءات الجنائية السويسرية ضد أعضاء عائلة الرئيس المخلوع حسني مبارك في ضوء عدم الاستقرار السياسي.

وعلى مدار السنوات الثلاثة الماضية، خاطبت مصر سويسرا والاتحاد الأوروبي باستمرار تجميد الأموال لحين إجراء التحقيقات وتقديم الإثباتات التي تفيد أن هذه الأموال منهوبة تمهيدا لاستردادها بحسب ما تنص عليه القوانين السويسرية.

وينص القانون السويسري على ضرورة أن يتم تقديم إثبات مبني على تحقيقات قضائية على أن الأموال الموجودة في الحسابات هي نتيجة جرائم أموال.

وقال جهاز الكسب غير المشروع، في مايو من عام 2012، إن الأموال المصرية المجمدة في سويسرا والخاصة بكبار مسئولي النظام السابق بلغت نحو 700 مليون فرنك، إلا أن سويسرا قالت الأسبوع الجاري إن حصيلة الأموال المجمدة وصلت إلى 750 مليون فرنك سويسري.

وقال عزت صلاح الدين رئيس المبادرة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة، أصوات مصرية، إن الاختلاف بين الوضع المصري والتونسي من جهة الأموال التي تم استردادها من سويسرا يرجع إلى ظروف عمل اللجان الحكومية التي تم تشكيلها لاسترداد الأموال.

والمبادرة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة هي مباردة شكلت من عدد من الخبراء المصريين والأجانب في القانون ومكافحة الفساد ومنظمات المجتمع المدني عقب تنحي مبارك للبحث في أساليب استرداد الأموال من الخارج.

وأوضح صلاح الدين، أن اللجنة الحكومية التي تم تشكيلها في تونس مستمرة في عملها منذ عام 2011 ولم تتوقف مطلقا، إلى جانب إبقائها على أعضائها كما هم دون أي تغيير، بينما اللجنة التي شكلت في مصر تم تغييرها أكثر من مرة، آخرها قبل أيام بقرار رئيس الوزراء ابراهيم محلب إعادة تشكيلها برئاسة وزير العدل.

وتابع صلاح الدين أن عملية استرداد الأموال تنقسم إلى شقين الأول قضائي متمثل في السلطة القضائية واللجنة التي تم تشكيلها لمتابعة الأمر، والآخر دبلوماسي وسياسي يعتمد على وجود شخصيات دبلوماسية دولية ذات نفوذ في الدول التي بها الأموال يمكنها ممارسة بعض الضغوط لتيسير عملية استرداد الأموال.

واستشهد بموقف مشابه، قائلا إن المغرب عندما هرب أحد رجال الأعمال إلى أسبانيا بما يقرب من 2 مليون يورو، رفضت أسبانيا تسليمه للمغرب خوفا من أن يتم إعدامه، إلا أن قاض مغربي في مدريد تمكن من توقيع اتفاقية نصت على تعهد المغرب بعدم إعدام رجل الأعمال، وهو الأمر الذي دفع أسبانيا إلى تسليمه وإعادة الأموال إلى المغرب.

وقال صلاح الدين إن مصر تعتمد على الشق القضائي من عملية استرداد الأموال فقط، في ظل غياب تام للجزء الدبلوماسي، مضيفا "هناك حاجة ماسة لوجود قضاة اتصال في الدول التي لديها الأموال".

وقال المستشار يوسف عثمان، رئيس جهاز الكسب غير المشروع، في تصريحات إعلامية يوم الأحد، إن "الأموال المهربة لم تُسترد حتى الآن لاختلاف النظم القضائية بين الدول"، مؤكدا على حتمية صدور أحكام قضائية ضد أصحاب الأموال المهربة للخارج حتى يتمكنوا من استردادها.

ولم تصدر أحكام قضائية على الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك إلا في قضية قصور الرئاسة، حيث قضت محكمة جنايات القاهرة، في شهر مايو الماضي، بسجنه ثلاث سنوات بعد إدانته بتهمة الاستيلاء على أموال عامة في قضية "قصور الرئاسة، كما قضت بمعاقبة نجليه علاء وجمال بالسجن المشدد لأربع سنوات في نفس القضية.

وانتهت سويسرا العام الماضي من إعداد المسودة النهائية لمشروع قانون موحد لاسترداد الأموال المهربة إلى داخل الأراضي السويسرية بمعرفة السياسيين ورموز الأنظمة الفاسدة في العالم، تمهيدا لعرض مسودة مشروع القانون على المجلس التشريعي السويسري لإقراره.

تعليقات الفيسبوك