توقف النقل النهري.. كابوس يطارد 30 ألفا من سكان سنديون بكفر الشيخ

الخميس 14-01-2016 PM 06:52
توقف النقل النهري.. كابوس يطارد 30 ألفا من سكان سنديون بكفر الشيخ

عمليات البحث عن ضحايا المركب الذي غرق في قرية سنديون بمحافظة كفر الشيخ، 1 يناير 2016- صورة لأصوات مصرية.

كتب

تبدو القرارات الحكومية، أحيانا، وكأنها كابوس يطارد حياة البسطاء، فقد اضطر أهالي قرية سنديون، الذين يبلغون 30 ألف نسمة، إلى دخول رحلة العذاب اليومية، حيث يركبون أربع مواصلات بدلا من واحدة ويدفعون ستة جنيهات بدلا من نصف جنيه، للوصول إلى قرية ديروط، بعد أن أصدرت الحكومة قرارا بمنع الرحلات النيلية لنقل الركاب فور غرق مركب كفر الشيخ الأسبوع الماضي، حفاظا على حياة المواطنين.

 على شاطئ نهر النيل فرع رشيد، وتحديداً قرية سنديون التابعة لمركز فوه، والتي فقدت 12 من أبنائها بعد غرق قارب صيد كان يحملهم، وقف سعيد إبراهيم السواحلي (55 سنة - فلاح) يشير إلى الضفة الأخرى للنهر حيث قرية ديروط التابعة لمركز المحمودية بالبحيرة، قائلاً "قبل أسبوعين فقط كنت أعبر بالمركب (المعدية) لهناك بشكل شبه يومي، لأبيع واشتري ما احتاجه لأكل عيشي أنا وأسرتي، في مدة لا تتجاوز عشر دقائق وبنصف جنيه أو جنيه لكن دلوقتي لازم أدفع ستة جنيه".

وكان مركب، يقل نحو 17 شخصا، غرق في وقت متأخر الخميس الماضي ما أسفر عن مقتل 15 شخصا. وكان المركب ينقل أشخاصا بين قرية سنديون التابعة لمحافظة كفر الشيخ وقرية ديروط التابعة لمحافظة البحيرة.

 وأضاف "أما الآن فلم يعد بإمكاني العبور بعد قرار الحكومة بوقف عمل المراكب بشكل مؤقت لحين توفير معدية آمنة سواء كانت حكومية أو خاصة".

 وأوضح السواحلي أنه أصبح مضطرا للسفر على مضض وللضرورة فقط للجانب الآخر بديروط ، حيث لم يعد ممكناً له الذهاب إلى الشاطئ الآخر عبر النيل.

توك توك و3 مواصلات 

 وقال أشرف أبو الدهب (تاجر مواشي) إن الحركة بين البلدين لم تنته ولكنها شبه متوقفة بسبب طول المسافة عن طريق البر، مؤكدا أن المواطن الراغب في الوصول إلى ديروط يضطر إلى ركوب 4 مواصلات، أولها من سنديون لمطوبس بجنيه، ثم يستقل "توك توك" من مطوبس لقناطر أدفينا التابعة لمطوبس بـ3 جنيهات، ثم سيارة من قرية ديبي بالبحيرة لقناطر أدفينا التابعة للبحيرة بجنيه، وأخيراً سيارة أجرة أو نصف نقل من أدفينا لديروط بجنيه آخر.

 وقال "المسافة لأقرب كوبري بين سنديون والمحمودية 18 كيلومترا بخلاف الوصول لديروط وتتكلف حالياً 6 جنيهات للفرد الواحد، في حين أن المسافة كانت عبر النيل 200 متر فقط والمواصلة للفرد الواحد بنصف جنيه.

من 25 إلى 40 جنيها

 وأوضح أبو الدهب أنه كان يقوم بتحميل "الماعز والخرفان"، التي يرغب في بيعها بسوق المحمودية، يوم الأحد من كل أسبوع بنصف جنيه للرأس الواحد، عبر النيل بالمعدية، ولكنه مضطر الآن لتأجير سيارة نصف نقل ما بين 25 و40 جنيها حتى يصل للسوق.

 وأكد إبراهيم أبو المعاطي (تاجر حبوب) من أهالي سنديون، أن عدد سكان القريتين والتوابع المجاورة لهما يصل إلى 50 ألف نسمة تقريباً، ولا غنى لأهالي القريتين عن الوصول لبعضهما البعض، بسبب علاقات القرابة والمصاهرة بينهما الممتدة بامتداد الزمان والمكان، حيث توجد عائلات بأكملها ترتبط بنسب وقرابة، فضلاً عن التجارة وحركة البيع والشراء، مروراً بوجود طلاب ومدرسين في المدارس بالمرحلة الإعدادية هنا وهناك فأصبح العبء عليهم كبيرا.

مطلوب "معدية" آمنة"

 وقال إبراهيم جميعي (موظف) إن المعدية القديمة والمركب الغارق كانا يعملان من 6 صباحاً وحتى العاشرة مساءً في الصيف وفي الشتاء حتى الثامنة مساءً، أما الآن فإن الشرطة والمحليات منعت تماماً حركة النقل النهري للركاب أو البضائع ولم يسمح بتواجد مراكب في النيل سوى مراكب الصيادين فقط ويحظر عليهم بتاتاً نقل ركاب.

 وطالب جميعي المسؤولين بسرعة توفير معدية آمنة مطابقة لمواصفات النقل النهري وكذلك مرسى قانوني يسمح فيه بمرور وتحميل سيارات على المعدية أسوة بمناطق أخرى توفيراً للوقت والجهد والمال.

 أما أسر ضحايا حادث المركب الغارق، ومن بينهم سامي مصطفي كامل جميعي (16 سنة) والذي فقد والديه وشقيقه وشقيقته وابنتي عمه، أثناء توجههم لديروط لتحديد موعد زفاف شقيقه الأكبر الراحل "محمود "، فيقول "حتى لو عملوا 100 معدية صعب عليا حالياً أو لسنوات مقبلة أن أركب معدية أو قارب في النيل بعدما ابتلع 6 من أهلي وماتوا فيه".

أخاف من الغرق حتى في الاستحمام

 وأضاف جميعي "أنا متشائم من منظر النيل حالياً لدرجة أني أخشي وأنا استحم في المنزل أن أغرق، فما زالت صور جثث عائلتي تلوح أمامي في كل لحظة وأنا أدفنهم الواحد تلو الآخر".

 وقال "توفير معدية أو قارب أمر لا يعنيني لأن لن أعبر النيل مرة ثانية أو على أقل تقدير لفترة طويلة بعد فقدان أعز الناس لدينا، حملهم مركب الإهمال للآخرة".

 أما حمادة حشيش، الذي فقد ابن أخيه في الحادث فيقول "بصراحة الناس في البلد أصبحت خايفة تنزل النيل تاني حالياً فما زالت الكارثة ماثلة أمامنا في منازلنا، حتى أخويا اللي متجوز من ديروط بعد فقد ابنه الوحيد، قاعد عاجز في البيت ومالوش نفس يروح عند أصهاره هناك".

النيل ينسى

 وأضاف "الأمور ستسير بشكل طبيعي والناس بتنسي والحياة لا تتوقف والمصالح لازم تمشي وهييجي يوم مش بعيد الناس ترجع تاني تركب المعدية وتروح وتيجي بين الشاطئين وهي دي سنة الحياة أنها لا تتوقف لموت حد".

 وتعد قرية سنديون من كبري قرى مركز فوه، حيت أنها وحدة محلية يتبعها عزب الصاوي وراشد والمنياوي، ويصل عدد سكانها إلى 30 ألف نسمة، طبقاً لما قاله محمد أبو غنيمة رئيس مركز ومدينة فوه.

وتعاني القرية كما قال عادل الصياد من عدم استكمال مشروع الصف الصحي، الذي توقف منذ ثورة 25 يناير الأمر الذي أدى لطفح في مياه المجاري وغرق بعض الشوارع، مطالباً المسؤولين باستكمال المشروع كما وعد المحافظ الحالي.

 كما طالب الصياد بإقامة المدرسة الثانوية التي تبرع الأهالي بقطعة أرض لإنشائها منذ 12 سنة، ووعد المسؤولون ومنهم هيئة الأبنية التعليمة بإقامتها ولكنها ظلت وعودا فقط، خاصة أن الفتيات والشباب في الثانوي يسافرون 7 كيلومترات للتوجه لأقرب مدرسة ثانوية بمدينة فوه.

تعليقات الفيسبوك