في دورات الزواج.. الكنيسة تحدث الشباب عن الحب والجنس وإدارة الخلافات

الأحد 12-07-2015 PM 05:49
في دورات الزواج.. الكنيسة تحدث الشباب عن الحب والجنس وإدارة الخلافات

جلسة ختام تدريب المقبلين علي الزواج بالكنيسة المرقسية الكبرى بالقاهرة. 6 يوليو 2015. تصوير: أحمد حامد- أصوات مصرية

الأنبا مرقص: نعمل على حل جذور مشاكل الطلاق والزواج

علم المشورة دخل مصر في التسعينات والدورات الزامية اعتبارا من 2017

مؤسس رابطة 38: الدورات اجراء روتيني لاخفاء فشل الكنيسة في حل ازمات الزواج والطلاق

تجلس مادونا وحيدة على أحد مقاعد قاعة محاضرات "المقبلين على الزواج"، بكنيسة العذراء في رمسيس بوسط القاهرة. إنها المحاضرة السابعة لها لكنها جاءت بمفردها بعدما كانت تأتي برفقة خطيبها إلى المحاضرات الست السابقة والتي قررا بعدها أن الانفصال هو القرار الأفضل لهما.

لم تندم على قرار الانفصال ولم تكره المكان الذي جمعهما  سويا حتى وإن كان نفس المكان الذي شهد على نهاية علاقتهما، فهي تدرك أن تلك المحاضرات ساعدتها على تقييم العلاقة واتخاذ القرار الصعب والمريح.

وتقول مادونا الفتاة العشرينية لــ"أصوات مصرية" وهي تجلس في قاعة دورات "أكاليل فرح" التي لا توحي للحضور بحوائطها البيضاء الخالية من أي صور دينية بأنها داخل أسوار كنسية "جئت بسبب إلزام الكنيسة التي كنت سأتزوج بها لي بالمشاركة في تلك الدورات، و اتفقت مع خطيبي السابق على الالتحاق بالدورات في مركز المشورة بوسط المدينة".

وتضيف أنه "عقب كل محاضرة كنا نتناقش ونكتشف أننا غير متوافقين، فالمحاضرات كانت تشرح كيف تختار شريك حياتك ومدي التوافق بينكما، وفي كل مرة  نكتشف أن التوافق يغيب عن علاقتنا حتى أصبحت أحضر بمفردي".

يتساءل المشاركون في الدورة وعددهم 70 فرداً عن سبب إصرار مادونا على الاستمرار في الحضور رغم انفصالها عن خطيبها. وترد قائلة إن الدورة غيرت شخصيتها وتحكي لهم كيف أثرت على قراراتها وأتاحت لها مساعدة صديقتها في حل مشاكلها مع خطيبها .

الكتاب المقدس لا يحتقر الجنس

يحدث المحاضر مجدي كمال المتخصص في علم المشورة والحاصل على دبلومة مركز المشورة بالمعادي، المقبلين على الزواج عن "الجنس في المسيحية". خبرته التي تزيد عن عشر سنوات في التدريس بدورات المقبلين على الزواج جعلته يتوقع رد الفعل المندهش عند شرح أمور تعتبر حساسة بالنسبة لهم "كالجنس في المسيحية"، وأول ما يستهل به محاضراته أن الكتاب المقدس لا يحتقر الجنس بل يشجع المتزوجين على الاستمتاع به.

ينصح المحاضر الشباب المقبل على الزواج بشراء عدد من الكتب المسيحية المهتمة بالأسرة مثل كتاب "الأسرة المثالية"، للأنبا بولا أسقف طنطا، وكتاب "ليس بالحب وحده يحيا الزواج"، للقس أنطونيوس كمال، وأي مؤلفات لهما تخص الأسرة والارتباط لتخصصهما في هذا المجال.

بعد محاضرة الجنس في المسيحية تخرج كاترين التي تنتظر زفافها بعد شهر مع خطيبها نبيل ليتناقشا في مضمون المحاضرة، فيكتشفان أنهما يتناقشان في أمور حساسة كان ممنوعا بالنسبة لهما الحديث عنها. فالمحاضرة علمتهما أن الجنس  بين الزوجين ليس شيئاً مكروهاً في المسيحية.

تقول كاترين إنها  تعرفت على خطيبها  خلال مشاركتهما في دورة لإعداد خدام المشورة حيث تبادلا الإعجاب من أول محاضرة. وخلال عام تعرفا على بعضهما واتخذا قرار الارتباط واتفقا على الالتحاق بدورة المقبلين على الزواج.

مسموح بدخول المتزوجين

تشعر إيريني بالندم لعدم إلزام زوجها جون بالمشاركة في دورات المقبلين على الزواج أثناء  فترة الخطوبة، فهي لم تواجه رفضه بحسم وشاركت بمفردها. وبعد 3 سنوات من زواجهما قررت أن تعيد الكرة وتصمم على حضور زوجها معها. تشعر إيريني في كل محاضرة أن بعض  الأمور كانت قابلة للحل في فترة الخطوبة ومن الصعب حلها بعد الزواج. لكنها مقتنعة أن الدورة تعلمها كيفية التكيف مع الوضع الحالي، فالكنيسة الأرثوذكسية ترفض الطلاق إلا لعلة الزنا فلابد من التكيف مع أي مشكلة والتعامل معها.

يقول جون إنه كان يرى تلك الدورات مجرد نظريات لا صلة لها بالواقع لكنه اكتشف أنها مفيدة خاصة للمقبلين على الزواج، وبالذات محاضرات التعامل مع الحموات وأهل الزوج والزوجة بصورة عامة وكيفية إنهاء المشاجرات دون خسائر كبيرة بين الطرفين.

 البداية في التسعينات

عقب كل محاضرة في دورات المقبلين على الزواج يلتف المشاركون حول  شاب ثلاثيني، يسألونه عن مشاكلهم في الارتباط ويرد على اسئلتهم. فقد نجح عماد عويضة، مدير المركز القبطي للإرشاد الكنسي للكنائس بحي وسط القاهرة، في كسب ثقة الشباب ليصبح مرشدهم رغم صغر سنه إذ يشاركهم في هموم الحياة سواء العاطفية أو في العمل.

تسأله فتاة عن أول خطوة ينبغي أن تتخذها بعد الزواج، فينصحها باختيار مرشد من خدام مركز المشورة لأسرتها من بداية الزواج لمساعدتها وزوجها في حل أي مشكلة تقابل الأسرة. شاب آخر يسأله عن كيفية اختيار شريكة حياته في المستقبل فيجيبه، "عليك  الاختيار في وقت الاختيار (الخطوبة) والحكمة والتكيف في وقت الاستمرار (الزواج)"، ويرشح له عدداً من الكتب التي تساعده على الاختيار.

يقول عويضة إن الأنبا يوسف، أسقف جنوب أمريكا، والدكتور زكريا فاخوري، لهما الفضل في نقل علم المشورة إلي الكنيسة الأرثوذكسية المصرية بعد حصولهما على الدكتوراه  في علم المشورة  من جامعة كندية معروفة.  وأسس الأنبا يوسف مركز للمشورة بالمعادي في نهاية التسعينات وأصبح المسئول عنه الأنبا دانيال أسقف المعادي وأسس فاخوري معهد المشورة بوسط القاهرة وأصبح المسئول عنه الأنبا رأفائيل أسقف وسط القاهرة. ويقول عويضة إن مراكز المشورة تقدم عدداً من الدورات منها دورات المقبلين على الزواج بالإضافة لدورات تربية الأطفال ودورات التعامل مع المراهقين ودورة إعداد خدام المشورة.

المشاجرة الناجحة

وتتضمن  دورة المقبلين على الزواج عدداً من المحاضرات،  منها محاضرة أساليب اختيار شريك الحياة وسيكولوجية الرجل والمرأة ومحاضرة  حل لغز الناس، والتي تساعد الشباب على تحديد نمط شخصية شريك الحياة، ومحاضرة مفهوم الترك والالتصاق حيث يعاني الشباب القبطي من بعض المشاكل التي تنجم عن ترك أسرهم والاستقلال، ومحاضرة إدارة المال في الأسرة، ومحاضرة مسئوليات المرأة ودورها أمام الرجل، ومسئوليات الرجل ودوره أمام زوجته، ومحاضرة لغات الحب والاعتذار والتي تشرح كيفية الاعتذار بعد المشاكل الأسرية بين الطرفين، ومحاضرة المشاجرة الناجحة والتي توضح كيفية التعامل وقت المشاجرات الأسرية والسيطرة على الغضب، ومحاضرة عن الثقافة الجنسية، ومحاضرة عن طقوس الكنيسة في الزواج وشرح طقس الإكليل.

ويقول عويضة إن مركز المشورة بالمعادي ونظيره في وسط البلد هما نواة مراكز المشورة وشاركا في  تأسيس مراكز عديدة. وتقوم تلك المراكز بندب المحاضرين إلي أي كنيسة ترغب في عمل دورات للمقبلين على الزواج خاصة الكنائس البعيدة في المحافظات النائية. ولابد أن يكون المحاضرون من تلك المراكز، فالكنيسة لا تعترف بأي شهادة إلا من تلك المراكز المعتمدة لديها.

ويشرح عويضة أن الالتحاق بدورات المقبلين على الزواج في مركز مشورة وسط البلد يتطلب دفع اشتراك رمزي لضمان الجدية في المشاركة حيث تدعم الكنيسة الأرثوذكسية تلك الدورات بشكل كبير.  وكل مركز يضع حدا أدنى لعدد المشاركين في الدورة يصل إلى 30 فردا والحد الأقصى 70 فردا، ومدة الدورة 3 شهور بعدها يخضع المشترك لامتحان بنظام الاختيار بين إجابات متعددة وبعض المراكز تلجأ لنظام الساعات المعتمدة دون أي امتحانات لضمان استمرار حضور المشترك في الدورة.

الدورات الزامية في 2017

"الكنيسة لا تُعجز أبنائها لكنها تنصحهم وتضمن وصول النصيحة لهم"، يقول عويضة ردا على الاتهامات الموجهة للكنيسة بعد

توصية المجمع المقدس -الذي انعقد يوم  28 مايو الماضي- بتشجيع المقبلين على الزواج على اجتياز دورة في المشورة الأسرية قبل زواجهم، وأيضا قرار البابا تواضروس الثاني بإلزام الأقباط بالمشاركة في الدورات قبل الزواج. وبالفعل بدأت بعض الكنائس في تنفيذ قرار المجمع ومنها كنائس شبرا الخيمة والمعادي ووسط البلد.. وأكدت الكنيسة الأرثوذكسية على لسان الأنبا دانيال، أسقف المعادي ورئيس المجلس الإكليريكي المسئول عن قضايا زواج الأقباط بالقاهرة، أنها ستنفذ قرار إلزام كافة الشباب القبطي بالمشاركة في دورات المقبلين على الزواج بصورة تدريجية حتى حلول عام 2017 الذي ستصبح فيه المشاركة الزامية. وأوضحت أن التطبيق تدريجي وفقا لكل منطقة بما يحدده الأسقف المسئول عنها.   

وقال عويضة إن المحاضرين في دورات المقبلين على الزواج هم أطباء نفسيون ومتخصصون في مشاكل الأسر وخدام في معاهد المشورة حصلوا على دبلومة في مراكز المشورة للتدريس حيث تستمر دراستهم 3 سنوات في المركز على الأقل. 

هل تنجح دورات في حل أزمات  الطلاق والزواج؟

أزمات الطلاق والزواج من أهم المشاكل التي تعاني منها الكنيسة الأرثوذكسية.  فقد درس المجلس الإكليريكي المسئول عن الطلاق والزواج 1096ملفا لحالات تعاني من مشاكل الطلاق والزواج خلال عامي 2014 و2015، بحسب ما قاله القس بولس حليم المتحدث الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية، لــ"أصوات مصرية ".  لكن الأرقام غير الرسمية تعطي حجما أضخم لتلك المشاكل إذ يؤكد نادر الصيرافي، مؤسس رابطة "أقباط "38 أن عدد الأقباط المتضررين من مشاكل الطلاق والزواج 600 ألف قبطي. ويعتبر الصيرافي أن دورات تدريب المقبلين على الزواج مجرد إجراءات روتينية تلجأ لها الكنيسة "حتى تخفي فشلها في حل أزمات الطلاق والزواج"، فالدورات مجرد نظريات لا تمنع الطلاق والخلافات الشخصية والأزمة أكبر من دورات لمناهج نظرية.

لكن الأنبا مرقص، أسقف شبرا الخيمة، يرى  أن الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج ضرورية وتعمل على حل أزمات الطلاق والزواج من الجذور، فهي تعلم الطرفين كيفية الاختيار واتخاذ قرار الزواج. وأضاف أن الدورات ستكون الزامية في شبرا الخيمة في   سبتمبر المقبل.

ويقول عويضة إن مراكز المشورة تفتح أبوابها أمام الأقباط الذين يعانون من أزمات الطلاق والزواج لتقديم النصائح لهم لكنها تشترط رغبتهم في حل مشاكلهم. ويضيف أن المركز لا يستطيع منحهم تصريحا للطلاق لكن يساعد من يرغب في حل المشاكل التي تواجهه.

تعليقات الفيسبوك