الحكومة تسعى لتعديل اتفاق "غير متوازن" مع عملاق النقل البحري "ميرسك"

الإثنين 24-11-2014 PM 01:35
الحكومة تسعى لتعديل اتفاق

قناة السويس لتداول الحاويات

كتب

 - الحكومة: الشركة تحصل على إعفاءات وامتيازات بقيمة 1.5 مليار دولار

- الشركة: "في 2014 أصبحنا غير قادرين على جذب عملاء جدد .. أي أن الحكومة لن تحصل على أموال إضافية من أعمال شركتنا"

 

كتبت: ميريت مجدي

تسعى الحكومة المصرية هذه الأيام إلى إعادة التفاوض مع ميرسك العالمية "Maersk"، أكبر شركة للنقل البحري التجاري في العالم، حول اتفاق تم توقيعه منذ سنوات لكنه تضمن شروطا تراها الحكومة الآن مجحفة بشدة.

الاتفاق الذي تسعى الحكومة إلي تغييره هو "ملحق 5" – تم توقيعه عام 2007 – والذي أدخل تعديلات على عقد امتياز كان قد تم توقيعه عام 1999 بين الحكومة وشركة "قناة السويس لتداول الحاويات" - إحدى شركات مجموعة ميرسك – لإدارة محطة حاويات ميناء شرق بورسعيد، والمعروف بـ"شرق التفريعة".

لكن "ملحق 5" نص على مجموعة من البنود "لا تحقق توازن مالي للحكومة.. بينما تحقق للشركة فوائد مالية تقدر بنحو 1.5 مليار دولار خلال مدة العقد"، يقول أحمد أمين، مستشار وزير النقل للنقل البحري، لأصوات مصرية.

ورغم أن "ملحق 5" دخل حيز التنفيذ بالفعل في العام التالي لتوقيعه، إلا أن الحكومة تأمل في إقناع الشركة، التي تساهم فيها مجموعة ميرسك بـ55%، بتعديل بعض بنوده.

وتملك الحكومة ورقة تفاوضية – يمكن أن تدعم موقفها في المناقشات مع الشركة – تتمثل في رغبة "قناة السويس لتداول الحاويات" في أن تفي الحكومة بتعهداتها السابقة بتنفيذ بعض أعمال البنية التحتية عند الميناء، والتي ستسمح عند إتمامها بزيادة نشاط الشركة بنسبة 60% أسبوعياً، طبقا لتقديرات لارس كوش-سوليست، الرئيس التنفيذي التجاري.

ويقول أمين إن الحكومة على استعداد لتنفيذ أعمال البنية التحتية تلك "في الوقت المناسب"، ولكن بالتوازي مع إعادة التفاوض حول "ملحق 5".

شروط مجحفة

في أواخر التسعينات تم الإعلان عن مشروع ميناء شرق بورسعيد – "شرق التفريعة" – كأحد المشروعات القومية الكبرى التي تبنتها حكومة كمال الجنزوري.

وتضمن المشروع تطوير الميناء الذي يقع عند مدينة بورسعيد وبالتحديد شرق التفريعة الشرقية لقناة السويس، وإقامة محطة حاويات تم منح حق إدارتها لشركة "قناة السويس لتداول الحاويات" بموجب عقد امتياز تم توقيعه عام 1999.

وفي عام 2007 تم الاتفاق بين الحكومة المصرية وشركة "قناة السويس لتداول الحاويات" على إضافة ملحق جديد – "ملحق 5" - لعقد الامتياز الأصلي، وقد أعطى هذا الملحق عددا من الامتيازات للشركة، تعتبرها الحكومة الآن امتيازات غير عادلة، وأهمها:

1. زيادة سنوات حق الامتياز

بحسب الملحق الذي حصلت أصوات مصرية على نسخة منه، تمت زيادة فترة حق الامتياز الممنوح للشركة من 35 سنة، كما كان ينص العقد الأصلي، إلى 49 سنة.

"المفروض إن المشروع كله كان هيبقى بتاع الحكومة ويتحول لها لإدارته بعد 35 سنة"، يقول مستشار وزير النقل، مشيراً إلى أنه "لم يحدث وأن حصلت أية شركة أخرى على حق إدارة محطة حاويات في موانئ مصر كل هذه المدة".

2. إعفاء الشركة من رسوم تداول الحاويات

نص الملحق أيضاً على إعفاء الشركة من رسوم التداول التي تدفعها للحكومة على كل حاوية يتم تداولها (المقدرة بنحو 3 دولارات)، وذلك لمدة 17 عاماً تبدأ من 2008، العام التالي لتوقيع الملحق.

3. إعفاء الشركة من إيجار المرحلة الثانية

تضمن الملحق كذلك إعفاء الشركة من إيجار أرض المرحلة الثانية من المشروع، والمقدرة بنحو 600 ألف متر مربع، ما يوازي نصف مساحة المشروع، لمدة 17 سنة أيضاً.

4. رصيف إضافي

يوضح أمين أن العقد الأصلي المبرم عام 1999 نص على منح الشركة رصيفين، كل منهما بطول 1200 مترا، وفي "ملحق 5" تم حجز رصيف إضافي للشركة بطول 450 متراً، لم يكن منصوصا عليه في العقد الأصلي.

في المقابل حصلت الحكومة في "ملحق 5" على امتيازين، أحدهما لا يمثل "مكسبا حقيقيا للحكومة"، وفقا لمستشار وزير النقل.

الامتياز الأول هو أن تتولى الشركة بناء الرصيف البحري للمرحلة الثانية بدلاً من الحكومة (كما كان ينص الاتفاق الأصلي) بتكلفة 80 مليون دولار، إلا أن هذه التكلفة سيتم خصمها من العوائد المستحقة على الشركة لصالح هيئة موانئ بورسعيد.

والامتياز الثاني هو أن تتنازل الشركة عن بند "حق الأولوية" الذي كان منصوصا عليه في العقد الأصلي، ويقضي بأن الحكومة إذا قررت بناء محطة حاويات أخرى في ميناء شرق بورسعيد، فإنها تكون ملزمة بعرض هذه المحطة الجديدة على الشركة أولاً. إلا أن هذا الامتياز ليس له أهمية كبيرة، يقول أمين، مقارنة بما حصلت عليه الشركة من مكاسب.

وفي سعيها لإعادة التفاوض حول بنود "ملحق 5" تعول الحكومة على رغبة الشركة في أن تنفذ الدولة بعض أعمال البنية التحتية التي كانت قد تعهدت بها.

البنية التحتية... ورقة الدولة الرابحة؟

مجموعة ميرسك قلقة على مستقبل "قناة السويس لتداول الحاويات"، فبينما "نجحت الشركة في تحقيق نمو قوي منذ أن بدأت عملها في مصر منذ 10 سنوات، حتى في الأوقات الصعبة بعد 2011، إلا أن قدرتها التنافسية مهددة إذا لم يتم تطوير الميناء"، يقول كوش-سوليست، الرئيس التنفيذي التجاري للشركة.

"في 2014 أصبحنا غير قادرين على جذب عملاء جدد .. مما يعني أن الحكومة المصرية لن تحصل على أموال إضافية من أعمال شركتنا.. تحسين البنية التحتية للميناء لا غنى عنه حاليا لتعظيم الاستفادة من قدرة المحطة على استقبال سفن حاويات أكبر"، أضاف كوش-سوليست، لمجموعة من الصحفيين داخل مقر ميرسك في كوبنهاجن.

ويقول كوش- سوليست، لأصوات مصرية، إن "الطاقة الاستيعابية للشركة تتراوح بين 70 إلى 80 سفينة أسبوعيا لكن 50 سفينة فقط هي التي يمكنها الدخول الآن".

ويوضح أن السبب في ذلك هو نظام القوافل المتبع في قناة السويس، والذي لا يسمح إلا بمرور السفن المتجهة إلى الناحية الشمالية في أوقات معينة من اليوم، ومرور السفن المتجهة إلى الجنوب في أوقات أخرى محددة، فهو طريق ذو اتجاه واحد، "مما يؤثر بالسلب على نشاط الشركة".

"نظام القوافل يخلق وضعا غير مرن لنا.. فلا يمكن للسفن أن تدخل إلى الميناء في الوقت الذي تمر فيه القوافل شمالا، وعليها أن تنتظر وقت مرور البواخر إلى الجنوب حتى تتمكن من دخول الميناء".

ويضيف كوش-سوليست أن "الخطة الأصلية كانت تتضمن حصولنا على مدخل مستقل لميناء شرق بورسعيد من البحر المتوسط مباشرة دون الارتباط بقناة السويس، وبنظام القوافل المتبع بها، مما يسمح بوصول السفن إلى الميناء في أي وقت خلال اليوم، وهذا سيزيد نشاط الشركة بحوالي 60% وبالتالي ستحصل الحكومة أموالا أكثر".

وبالإضافة إلى القناة الجانبية التي تحتاجها الشركة، فإنها تحتاج أيضا إلى تعميق الميناء الرئيسية.

"السفن الحديثة، بما فيها سفن ميرسك لاين، تحتاج إلى عمق 16 مترا.. ولكننا الأن لا نستطيع أن نستقبل غير السفن التي تحتاج إلى عمق 15.5 متر فقط.. لذلك فإذا لم يتم التعميق في أسرع وقت.. سنفقد قدرتنا على المنافسة".

ولذلك طلبت ميرسك من الحكومة المصرية تنفيذ الاتفاق المبرم بينهما في 1999 وينص على التزام الحكومة بتنفيذ وتمويل أعمال التعميق التي تحتاجها الشركة.

محاولة للوصول لاتفاق مرضي

بالرغم من اقتناع الحكومة بعدم وجود ضرورة ملحة لتطوير الميناء حالياً، "لأن عدد السفن المترددة عليه قليل، حيث إن شركة قناة السويس لتداول الحاويات هي الوحيدة التي تعمل هناك حالياً"، إلا أن وزير النقل اجتمع مع رئيسي الشركة المصري والإقليمي منذ عشرة أيام لمحاولة الوصول لحل مرضي.

وخلال الاجتماع "أكدنا لهما إلتزامنا بتشغيل القناة الجانبية وتعميق القناة الرئيسية في الوقت المناسب"، قال أمين الذي حضر الاجتماع.

"معدات التكريك متوافرة حالياً في مشروع إزدواج قناة السويس... لذلك وجدنا أنها فرصة أن نستغلها في تعميق ميناء شرق بورسعيد وذلك بعد انتهاء مشروع الازداوج بعد عام".

ويضيف أمين "إثباتاً لحسن نيتنا بدأنا التنسيق مع هيئة قناة السويس للسماح للشركة باستخدام القناة الجانبية بعمقها الحالي.. وذلك عن طريق وضع علامات استرشادية على المسار المحدد لتلك القناة".

ويوضح أمين أن القناة الجانبية موجودة حاليا لكنها غير مفعلة، فهي تحتاج إلى علامات ترشد السفن إلى مكانها. وعمق الغاطس بها يتراوح بين 9 إلى 10 متراً فقط، وهو ما يسمح بمرور معظم سفن الروافد (المراكب الصغيرة ذات الحمولات القليلة).

"تشغيل القناة الجانبية بعمقها الحالي سيحل جزء من مشكلة الشركة.. وهذه الخطوة تمهيداً لتعميقها إلى 18.5 متراً لتصبح قناة كاملة"، بالإضافة إلى تعميق الميناء الأساسية بحوالي متراً، وذلك خلال سنة ونصف.

وتبعاً لتقديرات وزارة النقل، مشروع تعميق القناة الجانبية سيكلف الحكومة 130 مليون دولار، بينما تبلغ تكلفة تعميق الميناء الرئيسية 20 مليون دولار.

أمين يقول "اتفقنا مع الشركة على إلتزامنا بتعميق القناة لكن تم الاتفاق أيضاً أنه سيتم بالتوازي لذلك بدء جولة جديدة من المفاوضات في ديسمبر حول بنود ملحق 5 لتعديلها بما يحقق توزان مالي للحكومة".

ويوضح أمين، الذي سيشارك في المفاوضات، أن التفاوض سيشمل جميع البنود "الإعفاءات الممنوحة للشركة وأية امتيازات أخرى.. سنحاول أيضا تقليل عدد سنوات الامتياز الممنوحة للشركة".

أما كوش-سوليست فقد رفض التعليق على ما إذا كانت الشركة على استعداد للتنازل عن بعض الامتيازات التي حصلت عليها في "ملحق 5"، والتي ترغب الحكومة في إعادة التفاوض حولها، واكتفى بقوله "لدينا حوار جيد ومستمر مع الحكومة بما يقود للأفضل للطرفين".

 

"قناة السويس لتداول الحاويات" تستحوذ على 50% من تداول الحاويات في مصر

يوجد في مصر أربعة موانئ لتداول الحاويات، ميناء شرق بورسعيد الذي تدير محطة الحاويات به "قناة السويس لتداول الحاويات"، وميناء السخنة الذي تدير أكثر من محطة به شركة "موانئ دبي العالمية".

بالإضافة إلى ميناء دمياط الذي تدير محطة حاويات به شركة دمياط لتداول الحاويات، وهي شركة مصربة تابعة للقابضة للنقل البري والبحري، والميناء الرابع هو الأسكندرية الذي تديره شركتان، إحداهما مصرية وهي "الأسكندرية لتداول الحاويات"، والأخرى بها شراكة أجنبية، وهي شركة "الأسكندرية الدولية لتداول الحاويات".

وبحسب بيانات وزارة النقل وشركة قناة السويس لتداول الحاويات، فإن الأخيرة تستحوذ على 50% من إجمالي حجم تداول الحاويات في مصر، لكن 90% منها حاويات ترانزيت.

فتبعا للنقل، يتم تداول 6 مليون حاوية سنويا في مصر، 3 مليون منها من نصيب قناة السويس لتداول الحاويات.

وتملك مجموعة ميرسك 55% من "قناة السويس لتداول الحاويات"، بينما تملك شركة "كوسكو باسيفيك" الصينية 20% من الشركة، وهيئة قناة السويس 10%، والبنك الاهلى المصرى 5%، والنسبة المتبقية تمتلكها شركات خاصة.

 وبينما بدأت الشركة عملها في 2004 لخدمة "ميرسك لاين"، إحدى الوحدات الرئيسية لمجموعة ميرسك، فإن الوضع تغير الأن وأصبحت ميرسك لاين تستحوذ على 45% من إجمالي أعمال الشركة، والـ55% المتبقية لعملاء أخرين، كما يقول الرئيس التنفيذي التجاري للشركة.

موضوعات متعلقة

مقابلة.. مسئول بأكبر شركة للنقل البحري التجاري في العالم: قناة السويس ستظل أكثر تنافسية حتى بعد توسيع بنما

تعليقات الفيسبوك