في اليوم الوطني للقضاء عليه.. 86 عاما على أول دعوة لمنع ختان الإناث

الأحد 15-06-2014 PM 12:48
في اليوم الوطني للقضاء عليه.. 86 عاما على أول دعوة لمنع ختان الإناث

توعية مجتمعية ضد الختان -تارة تودراس -رويترز

كتب

كتبت: عبير صلاح الدين

اختير يوم وفاة الطفلة بدور ابنة المنيا ذات الثلاثة عشر عاما، إثر خضوعها للختان في 14 يونيو عام 2007 يوما وطنيا لمناهصة هذه العادة في مصر، عندما سلط الإعلام الضوء على وفاتها، مما كان سببا في تحرك المؤسسات الدينية والطبية، نحو اتخاذ قرارات وبيانات وفتاوى حاسمة لوقفها، وتجريمها بقانون ضم إلى قانون العقوبات.

وصدر القانون من مجلس الشعب المصرى عام 2008، بدعم سياسي من المجلس القومي للطفولة والأمومة، الذى كانت ترأس لجنته العليا قرينة رئيس الجمهورية آنذاك سوزان مبارك.

وفي 2014، وصلت أول دعوى قضائية ضد طبيب وأب للمحاكمة الجنائية بموجب هذا القانون لأول مرة منذ صدوره.

ورغم أن غالبية المتابعين لقضية ختان الاناث يربطون بداية الحديث عنها بالمؤتمر الدولي للسكان، الذى عقد بالقاهرة 1994، حين أذاعت قناة سي إن إن وقتها تقريرا مصورا عن عملية ختان لفتاة مصرية، بالتزامن مع أعمال المؤتمر.

وتباينت التناولات الصحفية للفيلم، واعتبره البعض مؤامرة غربية لتشويه سمعة مصر، وورقة ضغط على الحكومة المصرية من أمريكا وأوروبا، فيما رأت جماعات حقوق الإنسان والمرأة أن الختان هو الذى يشوه سمعة مصر.

لكن الكتابات التى توثق للجهود الأهلية ضد هذه الممارسة ترجع بداية الحديث عن هذه القضية إلى ماقبل 86 عاما، وتحديدا في 28 ديسمبر عام 1928، حين أعلن الجراح وأول عميد مصري لطب قصر العيني، علي باشا إبراهيم، خلال مؤتمر عقد بالقاهرة، أنه لم يتعلم ختان الإناث، ولا يعلمه لطلابه، ناصحا بعدم إجرائه، لافتا إلى أن كل معلوماته عنه أتت من البنات اللاتي يتم استدعاؤه لإنقاذهن من عواقب الختان.

وبهذه المعلومة يؤكد د. مجدى حلمى فى كتابه الصادر عن هيئة كاريتاس مصر ومنظمة اليونيسف "ختان الاناث فى مصر-تقرير توثيقي" أن ختان الإناث لم يكن جزءا من ممارسة الطب في مصر.

- في الثلاثينات كتب المفكر سلامة موسى مقالا تناول فيه ختان الإناث كمشكلة اجتماعية، نشره في كتابه "مقالات متنوعة"، انتقد فيه هذه الممارسة لأنها بلا أي مبرر طبي، أو ديني.

وكتب "إن عملية الختان ليس لها أى تبرير في الطب، كما ليس لها أقل سند في الدين" وتطرق المقال إلى حالة ضعف التجاوب الجنسي لدى الزوجات بسبب الختان، وناقش ختان الإناث من منظور المساواة بين الجنسين في الحقوق الدستورية والمدنية، مؤكدا أن الختان يحرم الزوجات حقا يستمتع به الرجال، وهو ما يعد انتهاكا لحقوق المرأة الدستورية والمدنية وهو حقها في أن تستمتع بما يستمتع به الرجل.

وقال "على حكوماتنا أن تأخذ برأى لجنة الأمم المتحدة فتسن القانون اللازم لمنع الختان، وتعاقب كل من يمارس هذه الحرفة، ويرتكب هذه الجريمة، فإننا أعضاء في هذه الهيئة وعلينا ألا نخالف قرارها، ومع ذلك لن نكون مبتدعين في سن هذا القانون، فإن السودان قد قام بذلك قبلنا"

حملة أمينة السعيد

- في عام 1951 نشرت مجلة "الدكتور" ملحقا عن ختان الإناث وزعته مع عدد شهر مايو من نفس العام.

- عام 1958 نشرت مجلة "حواء" عددا من المقالات عن مضار الختان، كما أجابت على رسائل القراء بالنصح بعدم إجرائه، ووصف د. حلمي في كتابه هذه الحملة التى قادتها الصحفية أمينة السعيد بالجرأة والصراحة في رفض ختان الإناث.

- في 1959 أصدر وزير الصحة القرار رقم 74 في يونيو 1959 بحظر إجراء ختان الإناث في مستشفيات ووحدات وزارة الصحة.

- في عام 1966 كتب الراحل د. صموئيل حبيب مدير عام الهيئة القبطية الانجيلية للخدمات الاجتماعية، مقالا في كتابه "أفكار" ينبه فيه المجتمع لأضرار ختان الإناث، ويحذر فيه الدايات من الممارسات المختلفة الضارة بصحة المرأة.

وأكد الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي والثقافة القبطية، في بحث له أن الكنيسة الأرثوذكسية لها موقف ثابت من رفض ختان الإناث على أسس مسيحية منذ القرن الثالث عشر، وذهب إلى أن ختان الإناث جريمة لا تقل في خطورتها عن جريمة خصي الرجال.

أول دراسة ميدانية

- في فبراير من عام 1979 الذى سمي بعام الطفل، أعدت "مارى أسعد" أول دراسة ميدانية عن ختان الإناث في مصر، وقدمتها خلال الاجتماع الذى عقدته منظمة الصحة العالمية بالخرطوم عن الممارسات الضارة بصحة النساء.

- أكتوبر 1979 نظمت جمعية تنظيم الأسرة بالقاهرة برئاسة عزيزة حسين، ندوة رائدة عن "التشويه البدني لصغار الإناث في مصر" تناولت القضية من جوانبها المحتلفة.

- وفي 1981 نظمت جمعية تنظيم الأسرة بالقاهرة حملة ضد ختان الإناث، شارك فيها خبراء من مختلف التخصصات.

- 1985 صارت جمعية تنظيم الأسرة بالقاهرة عضوا مؤسسا في اللجنة الإفريقية للقضاء على الممارسات الإفريقية الضارة بالصحة، ومركز هذه اللجنة في أديس أبابا.

- 1992 شكلت أول لجنة قومية للقضاء على عادة ختان الإناث، وهي اللجنة التى انبثقت عنها الجمعية المصرية للوقاية من الممارسات الضارة بصحة المرأة والطفل.

القرار الصدمة

- 1994 عقد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة في سبتمبر، وانبثقت عنه قوة العمل المناهضة لختان الإناث، وكانت منسقتها ماري أسعد.

وفى أكتوبر من نفس العام أصدرت وزارة الصحة قرارا يقضى بفتح المستشفيات العامة، لإجراء الختان بناء على رغبة أولياء الأمور، الذين يفشل الطبيب والإخصائي الاجتماعي ورجل الدين فى إقناعهم بعدم جدواه.

ورغم أن ديباجة القرار تتضمن أضرار ختان الإناث، فقد سمح بإجرائه على ألا يمارسه سوى الأطباء المتخصصين.

ويصف كتاب "ختان الإناث إلى متى" الصادر عن المجلس القومى للطفولة والأمومة، هذا القرار بأنه كان صدمة شديدة للعاملين فى مكافحة هذه الممارسة والقضاء عليها، وعودة للخلف وإنكارا للكثير من الجهود السابقة، ولهذا تعالت أصوات الأفراد والمنظمات لمعارضته وقتها.

- 1995 شهد نشاطا ملحوظا لمكافحة هذه العادة بحسب كتاب المجلس القومي للطفولة والأمومة، فعلى مستوى التخطيط نظمت قوة العمل ورشة عمل على مدى يومين بالتعاون مع وزارة السكان، وتحت رعاية وزيرها د. ماهر مهران، لتحديد استراتيجية العمل، بمشاركة أطباء وإعلاميين وصناع قرار ومحامين ومخرجين وكتاب وأخصائيين اجتماعيين وشباب ومنظمات أهلية ودولية ومؤسسات حكومية.

وعلى المستوى الميداني نظمت قوة العمل 3 ورش عمل خلال 1995 في محافظات مختلفة، بهدف توعية المجتمع بموضوع ختان الإناث، ووضع أفكار لمواد تعليمية، ومساعدة جمعيات أهلية لوضع مناهضة الختان على أجندة عملها.

وفي نفس العام يصدر قرار وزير الصحة د. علي عبد الفتاح في 17 أكتوبر، بإيقاف ممارسة ختان الإناث في المستشفيات العامة.

الختان يشمل 97% من النساء

- وفي عام 1996 أصدر د. إسماعيل سلام منصب وزير الصحة والسكان، قرارا وزاريا بمنع إجراء ختان الإناث بيد الأطباء أو غيرهم القرار الوزاري رقم 261- لسنة 1996 وحكمت المحكمة الإدارية العليا لصالح هذا القرار بعد ذلك في دعوى أقيمت ضده عام 1997.

- قرب نهاية عام 1996 صدرت نتائج المسح الصحي السكاني لعام 1995 من وزارة الصحة، متضمنة فصلا خاصا بموضوع ختان الإناث في مصر، وتصريحا بأن معدل انتشار الممارسة قد بلغ 97% بين النساء اللاتي سبق لهن الزواج وفي العمر الانجابي من 15- 49 عاما.

- في ديسمبر 1997 قضت المحكمة الإدارية العليا بحق وزير الصحة في منع أى ممارسة ضارة بالصحة، وقدمت تفسيرا يوضح أن القانون الجنائي الحالي ينطبق على حالة ختان الإناث، باعتبارها اعتداء جنائيا على جسد الأنثي بلا وجه حق.

- وفي 1998 نوقشت قضية الختان ضمن أحداث مؤتمرين كبيرين عقدا بالقاهرة:

الأول: مؤتمر "السكان والصحة الإنجابية في العالم الاسلامي" الذى عقده المركز الدولي الإسلامي للدرسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر في فبراير 1998، تحت رعاية الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوى، وبرئاسة د. أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر آنذاك.

وأوصى البيان الختامي للمؤتمر بتحرك دول العالم الإسلامي من أجل القضاء على أشكال العنف المختلفة ضد المرأة.

وينبغي التوعية الصحية والشرعية بما يتصل بختان الإناث مع بيان موقف الإسلام من عدم الالتزام بختان الإناث وننصح بالرجوع إلى الأطباء المختصين.

الثاني: المؤتمر السنوى لجمعية أطباء النساء والتوليد المصرية والجمعية المصرية لرعاية الخصوبة، وعقد في يونيو 1998، وخصصت به جلسة خاصة لختان الإناث، وأعلن في نهاية الجلسة أنها عملية غير ضرورية وضارة ومحفوفة بالأخطار، ولا يصح أن يقوم بها طبيب أقسم على احترام مهنة الطب، وأن الحالات التى تولد بعيوب خلقية تستدعي إجراء جراحات تكميلية على عضو التأنيث الخارجي شديدة الندرة، وأنها جراحات دقيقة يقررها فريق متخصص في الوراثة والغدد الصماء وجراحة الأطفال، بعد تقييم دقيق، ولا تشمل استئصال البظر ولا الشفرين ولا تسمى ختانا.

أول برنامج مدعوم سياسيا

- في عام 2003 تبنى المجلس القومي للطفولة والأمومة برنامجا وطنيا لمناهضة ختان الإناث، بدعم سياسي من قرينة رئيس الجمهورية وقتها سوزان مبارك، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وهو نفس العام الذى أعلنت فيه أول قرية مصرية تخليها عن ختان البنات بمساعدة الهيئة القبطية الإنجيلية، وهي قرية دير البرشا بمحافظة المنيا.

انطلق البرنامج، كما تقول مديرته منى أمين، من أن ختان الإناث ممارسة ثقافية اجتماعية تنتهك الحقوق الأساسية للطفلة، وليست ممارسة صحية دينية كما كانت تعالج من قبل.

اعتمد البرنامج حتى الآن على تبنى مبادرات في 120 قرية موزعة في محافظات الصعيد" الأعلى في نسب الممارسة" بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والقيادات المحلية، لإعلان تخلي القرية عن هذه العادة في وثائق شعبية، بعد نشر التوعية المباشرة بحقيقة هذه العادة وتزويد القرية بخدمات صحية وتعليمية واجتماعية وثقافية.

وتبنى البرنامج حملات إعلامية "البنت مصرية" تميزت بالمعلومات الطبية والدينية عن هذه العادة، وردت على الأفكار المغلوطة التى يروجها المؤيدون لها.

كما يعتمد البرنامج على مشاركة الشباب المتطوعين، وأعلنت أول قرية بالبرنامج " بنبان" بمحافظة أسوان، رفضها للممارسة في وثيقة شعبية بحضور المحافظ وأمين عام مجلس الطفولة، في 2005 وتوالت الوثائق بعد ذلك.

وتركز الخطة الوطنية لمناهضة ختان الإناث في الفترة القادمة، بحسب د. فيفيان فؤاد المنسقة بالبرنامج على خفض معدلات ممارسة ختان الإناث، بنسبة 20% خلال الخمس سنوات المقبلة، بمشاركة الجمعيات الأهلية والهيئات التعليمية والدينية والإعلام .

وتعمل الخطة في طريقين متوازيين، الأول تغيير اتجاهات المصريين من النظر إلى ممارسة ختان الإناث، كعادة وتقاليد تؤدى لعفة وشرف الفتاة، إلى جريمة تنتهك الحقوق الأساسية للفتاة وللأسرة المصرية.

والثاني هو تطبيق القانون على الممارسين للختان، بكل حزم، وسد الثغرات التى كانت تحول دون تقديمهم إلى المحاكمة.

تعليقات الفيسبوك