علاء عبدالمنعم فى حواره لـ«الشروق»: البرلمان القادم سيكون عاجزًا عن اتخاذ القرارات المصيرية

الثلاثاء 03-01-2012 PM 10:42
كتب

حوار : رانيا ربيع

«قرر مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة فى صمت شديد ويؤكد أنها لن تتم، ولم يأت هذا القرار من فراغ بل نتيجة تفسيره المختلف عن بقية القوى السياسية للمشهد العام الراهن بما فيه من انعدم الأمن وقانون انتخابى مهين، بالإضافة لعدم صدور قانون العزل حتى وقتنا هذا»، وإلى نص الحوار مع البرلمانى السابق علاء عبدالمنعم:

 

س: ما الأسباب التى جعلتك تتخذ قرار مقاطعة الانتخابات فى صمت؟

ــ  قررت مقاطعة الانتخابات لأسباب عامة وخاصة، الأسباب العامة هى صدور قانون مجلس الشعب بالمخالفة للقانون الذى أعدته القوى السياسية مجتمعة، وسبق أن تقدمنا بمشروع قانون متكامل لأجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بالقائمة النسبية المغلقة بالكامل للمستقلين والحزبيين، وهذا القانون كان يحقق المساواة فيما بين المرشحين لانتخابات مجلس الشعب، وأيضا يضمن عدم حدوث إخلال أمنى أو بلطجة المال السياسى والعصبية والقبلية، وإن لم يكن هذا القانون هو الأنسب ولكنه الأمثل لهذه المرحلة.. ولكننا فوجئنا بصدور القانون على خلاف ما اتفقت عليه القوى السياسية وهددت الأحزاب بعد ذلك بمقاطعة الانتخابات وإن لم يعد تهديدا صوريا متراخيا لفظيا فقط.

 

وحين اجتمع الـ15 حزبا مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة تناقشوا فى السماح للحزبين بالترشح على الثلث الفردى ونسوا القضية الأساسية التى كان من أجلها الاجتماع وهى القائمة المغلقة.

 

وقلت فى حزب الوفد أصروا على مطالبكم وإذا لم تنفذ قاطعوا الانتخابات.. خليكوا رجالة بلاش تبقوا.. ولكنهم ارتضوا بالأمر.

 

وأيضا فإن صدور قانون العزل بعد فتح باب الترشيح يجعلنا نشارك فى شرعية إعادة النظام السابق ورموزه للبرلمان، فمن غير المتصور بعد قيام الثورة أن يدخل البرلمان نفس وجوه ما قبل الثورة، فقانون العزل كان سيعطى فرصة لشباب وائتلافات الثورة للتمثيل فى مجلس الشعب القادم وكان من البديهى أن يصدر هذا القانون قبل فتح باب الترشيح حتى يحجم من ينطبق عليه شروط العزل عن الترشح وإذا لم يحجم تستبعده لجنة تلقى طلبات الترشيح، أما وقد تأجل الأمر حتى بعد فتح باب الترشيح فإن ذلك يعنى أن القانون سيصدر بلا قيمة لأنه سيطبق فور صدوره على المرشحين الجدد ولن يطبق على من ترشحوا فهم قد انتهى أمرهم لأنهم اكتسبوا مراكز قانونية لا يمكن المساس بها، وهذا طبقا لعدم مشروعية تطبيق القوانين بأثر رجعى. وهذا القانون غرضه تهدئة الراغبين فى هذا القانون ولن يطبق على من ترشحوا وسياسة مسك العصا من المنتصف لإرضاء الجميع لا تصلح فى الإجراءات الثورية.

 

والسبب الثالث أن قانون الانتخابات الفاسد أفرز قانونا افسد لتقسيم الدوائر، فقانون الدوائر مهين للناخب لأنه يجبره على انتخاب مرشحين لا يعرفهم، ومهين للمرشح أيضا لأنه يعرض نفسه على جماهير لا تعرفه. وكنا نتمنى أن تسير الإجراءات وفقا لصحيح القانون، فأنا عندما أخوض الانتخابات كمستقل فمن غير المتصور عقلا ولا منطقا أن أترشح فى دائرة بها 5 أقسام والتى أصبحت تضم «الدرب الأحمر وباب الشعرية والجمالية ومنشية ناصر والظاهر».

 

إن حجة أنصار الانتخاب الفردى هى أن يكون المرشح له صلة مباشرة بالناخبين فهل من المعقول أن يوجد ناخب قريب من هذه الأقسام. فهذا القانون بتطبيقه بنظام الـ50% عمالا و50% فلاحين سيجعل أصواتى وأنا مرشح الفئات تذهب لمرشح العمال فكيف هذا؟!

 

أما الأسباب الخاصة فهى استعانة كل الأحزاب القديمة والجديدة بفلول من الحزب الوطنى للترشح على قوائمها الانتخابية، وأنا لا أقبل الترشح على قائمة بها فلول ولو وضعت فى ذيلها، وأنا أرفض أن أقدم الجديد للقديم عن طريقى أنا.

 

س: هل ستكتفى بالصمت هذه الفترة أم ستظل مشاركا فى العمل العام السياسى؟

ــ أنا لن أنقطع عن المشاركة فى العمل العام، ولكنى يجب أن أكون فى فريق متناغم، فريق ليس له مصالح ولا أجندات، أعمل مع ناس بتحب مصر وبس، وللأسف فهؤلاء غير موجودين الآن، وعندما ننظر للمشهد السياسى نجد الأحزاب الليبرالية مفككة وتتصارع على أشياء لا يجب أن تكون محل صراع، ففى حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين رأينا أيضا التدرج فى طلبات مرشحيهم على القوائم الانتخابية من 30% إلى 75% ترشحوا على القوائم الانتخابية و90% على المقاعد الفردية.

 

وبالتالى فالمصالح الحزبية الضيقة هى التى تربط القوى يبعضها.. وهذا الأمر مرفوض بالنسبة لى، لأن هذه الثورة لابد أن تستمر، وهذا التفكك يساعد على ضعف زخم الثورة ويساعد مناهضى الثورة وأعداءها على الانقضاض عليها ووأدها.

 

ويعنى إيه فلول للحزب الوطنى «يستحلفون» لمصر لو صدر قانون العزل ويهددون السلام الاجتماعى للبلاد ويسكت عليهم مديرو البلاد ولا يعاقبونهم، فهذا أمر يثير الاستغراب.

 

وأنا أرى أن المشهد العام الآن به تدافع بالأكتاف على تصدر مشهد الثورة وتدافع بالأكتاف والأجسام معا لاقتناص غنائم ليس هذا وقتها وصراعات على أشياء لا يجب التصارع عليها والوطن جريح يحتاج منا لأن نضمد جراحه لا أن نتصارع على جثته.

 

س: هل ترى التحالف الديمقراطى بعد تفتته انتخابيا ناجحا كتحالف سياسى؟

ــ لا.. طبعا، من يقول إنه يوجد تحالف سياسى دون تحالف انتخابى فهذا كلام عبث، لأن المتحالفين انتخابيا الآن وأعضاء التحالف السابقين أيديولوجياتهم مختلفة وتوجهاتهم مختلفة فمن غير المتصور أن يحدث تحالف سياسى فى ظل اختلاف الأيدلوجيات، ففى التحالف من يقول إن الشريعة الإسلامية واجبة التطبيق وبه أيضا قوى تريد فصل الدين عن الدولة، فكيف فى إطار هذا الاختلاف يتحالفون؟!

 

وأنا أتوقع أن يكون البرلمان القادم اذا تمت الانتخابات برلمانا، بلا أغلبية حقيقة وسيكون عاجزا عن اتخاذ القرارات المصيرية مثل اتخاذ قرار تجاه نظام الحكم فى مصر برلمانى أم رئاسى، وأيضا المبادئ الأساسية للدستور، وسيختلفون حول اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وكل هذه الأمور تحتاج لحسم من أغلبية سيفتقدها البرلمان القادم، فسيكون برلمانا بلا أغلبية معينة إذا تمت الانتخابات.

 

س: كررت كثيرا قولك «إذا تمت الانتخابات» فما الذى يمنعها أن تتم؟

ــ أولا: سيعوق إتمامها عدم توافر الأمن فانتخابات بلا أمن تعنى حربا أهلية، والقوات المسلحة غير قادرة على تأمين الانتخابات ليس لنقص أو عجز بها ولكن لأن القوات المسلحة من حيث تدريبها وتسليحها وثقافتها لا تستطيع أن تؤمن الانتخابات. فتسليحها ثقيل لا يصلح إلا فى ميادين القتال ومن غير المتصور استخدامه فى المدن.

 

وأيضا حالة التبجح وسقوط هيبة الدولة، فأصبح أى شخص يريد أن يفعل شيئا يفعله بدءا من الاستيلاء على الشقق وصولا لمظاهرات أمناء الشرطة، وعندما يصل الأمر من قبل أمناء الشرطة بعدم تأمين الانتخابات ويهدد القضاة بعدم الإشراف على الانتخابات. وازدياد أعداد البلطجية، بالفعل المشكلة تفاقمت حتى وصلنا لمرحلة عجز شبه كامل عن السيطرة.

 

كما توجد فتنة طائفية فى البلاد ومحاكم عسكرية الناس غير راضية عنها، بالإضافة لظهور قوى لم تكن موجودة ظهرت على الساحة وتهدد مثل السلفيين، وجماعة الإخوان المسلمين تهدد أيضا.

 

وإذا تمت فى ظل هذا الوضع ستؤدى لفوضى فى البلد.

 

س: البعض يرى أن الصعيد والمحافظات القبلية سيكون لها موقف جماعى ضد قانون العزل.. فما تعقيبك؟

ــ من الخطأ جدا فصل الصعيد وحده عن مصر ومن يهدد بعزله ناس مش فاهمة، فالصعيد شارك فى الثورة، ولو كان مؤيدا للفلول لقاموا لمناصرة مبارك، وأتوقع أن القانون الذى سيصدر سوف ينص على تطبيق العزل على من يثبت مشاركته فى إفساد الحياة السياسية، وكلمة يثبت تعنى أنها تحتاج لحكم قضائى يثبت ذلك والحكم القضائى قابل للطعن وأثناء المحاكمة يوجد رد محكمة واستئناف وطعن، ولحين الانتهاء من كل هذه الإجراءات سيكون مجلس الشعب انتهى من دورته البرلمانية وروح.

 

إذن فإن صدور القانون بعد غلق باب الترشيح ده ضحك على الذقون.

 

س: ما توقعاتك لنسبة تمثيل السلفيين؟

ــ التيار الدينى جميعه «إخوانا وسلفيين» لن تزيد نسبة تمثيلهم فى البرلمان المقبل على 30%، وستشهد الانتخابات منافسة شديدة بين الإخوان والسلفيين.

 

س: ما أسباب وصول التيار الدينى لنسبة تمثيل 30%؟

ــ لأن طبيعة الشعب المصرى التدين، ولكنه متدين وسطى لا علاقة له بالتطرف الدينى ولا التطرف السياسى، فالسلفيون رفعوا شعارات خوفت الناس منهم، مثل تطبيق الحدود ومنع السياحة، إضافة إلى أن التيارات السلفية لم تمارس من قبل السياسة طبقا لآراء علمائهم التى نحترمها وتقول إن الخروج على الحاكم حرام والمظاهرات والديمقراطية حرام، وهذه الآراء جميعها ثابتة.

 

واليوم يخوضون الانتخابات ويشاركون فى المظاهرات، والآن السؤال لهم لماذا تخليتم عن مبادئكم القديمة وتشاركون فى العملية الانتخابية والمظاهرات؟ والجماعات التى حرمت المظاهرات لن تسمح بها عندما تتولى حكم البلاد.

 

س: ما رأيك فى خوض المنتقبات الانتخابات لأول مرة؟

ــ النقاب حرية شخصية ولكن ممارسة حقك فى القوانين الوضعية بهذا الشكل ليس حرية شخصية، وأنا أسألها لو نجحتى مش ممكن يوم تودى حد مكانك، وبقولها «على عينى وراسى البسى نقاب بس ماتدخليش مجلس الشعب».

 

س: اكدوا استعدادهم لكشف وجوههم لشرطة المجلس؟

ــ دعينى أسألها ماذا لو اشتركت فى إحدى لجان المجلس وفرض عليها اجتماع مغلق مع رجال، فما حرمانية هذا من وجهة نظرها؟

 

س: ما توقعات نجاحهن؟

ــ ولا سيدة منتقبة هتنجح فى الانتخابات البرلمانية، وأنا متأكد من ذلك.

 

س: خوض السلفيين الانتخابات بلا أقباط هل سيدفع لفتن طائفية انتخابية وتنافس بين مسيحى ومسلم؟

ــ للأسف هم يلعبون على هذا الوتر، ولابد من صدور قانون ينص على شطب أى مرشح من قائمة المرشحين لو استخدم شعارا دينيا أو تحريضا دينيا بمعنى تحريض المسلمين على عدم انتخاب غير المسلم أو العكس.

 

 فنحن جميعنا مصريون ولنا ديانات مختلفة والجميع له حقوق لابد أن يأخذوها متساوية، فدستورنا وقرآننا وسنتنا تقول هذا. وأذكرك بمثال، فبيت المال فى عهد عمرو بن العاص كان المسئول عنه يهود وأبقاه ابن العاص لأمانته وكفاءته». واللى يلعب بالدين يبقى عايز يودى البلد فى داهية.

 

س: هل ترى أن الثوار المعروفين إعلاميا فرصتهم فى الفوز أكبر من خلال شهرتهم؟

ــ الانتخابات مش تليفزيون وجورنال، بل هى عملية احترافية لا يستطيع أن أى شخص القيام بها، فالمشاهدة والمتابعة ليست مثل الممارسة، ومن يعتمد على زخمه الإعلامى فلن يحصل على أى صوت.

 

س: ما رأيك فى ترشح الثوار فى مواجهة بعضهم؟

ــ هذا يعكس حالة التهافت على اغتنام مكاسب ضيقة كان الأولى أن تتوحد كل هذه القوى وتخوض الانتخابات البرلمانية بقائمة مشتركة، ولكنهم عجزوا عن هذا لنزعات شخصية وفردية، ولو أعملنا الصالح العام لتنازلنا لبعضنا من أجل الوطن.

 

س: لماذا تغير موقفك من التحالف الديمقراطى.. ومن ثم استقالتك من الوفد؟

ــ دخل الوفد التحالف وأنا كنت أحد مهندسيه بحسبان أن التحالف شىء حتمى فى ظل الظروف التى تمر بها مصر ولم نكن نقصد التحالف بين الوفد والإخوان فقط، بل تحالف بين جميع القوى السياسية موحدة لنخرج بقائمة واحدة باسم القوى السياسية الثورية تتصدى لما يسمون برموز الحزب الوطنى المنحل، وحتى لا تكون انتخابات تنافسية فيها تطاحن وعداوات لأن البلد مش مستحملة وكنا نأمل أن تقوم جميع أحزاب مصر بعمل هذه القائمة الموحدة، ولكن حدثت عدة وقائع جعلتنى أخذ موقفا من هذا التحالف بداية من جمعه السلفيين حين خرجوا بكثافة غير مسبوقة وهذا حقهم ورفض كل من حزبى الحرية والعدالة والوفد آنذاك استنكار ما حدث فى هذا اليوم من رفع أعلام أجنبية داخل الميدان والتغيير من شكل علم بلدنا.

 

وعندما جمع السلمى الوثائق الصادرة من «الأزهر والمرشح المحتمل للرئاسة محمد البرادعى وغيرها». وأعلن عن إعلان دستورى من خلال هذه المبادئ.. أيدنا ذلك فى اجتماع المكتب التنفيذى والهيئة العليا للحزب، ومن ثم فوجئت برفض الإخوان صدورها فى إعلان دستورى رغم توقيعهم عليها، ورفضهم ألا يلتزم بها من سيضع الدستور، بحسبان أن من سيضع الدستور سيأتون هم به، ومن ثم انصياع الوفد وإعلانه عدم أهمية الإعلان الدستورى مما جعلنى أعتبره تبعية من قبل الوفد للإخوان.

 

وفى جمعة تصحيح المسار كان الهدفان المرفوعان تعديل قانون الانتخابات ورفض محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وعلى الرغم من أنهما أمران لا خلاف عليهما، ولكن الإخوان رفضوا الخروج فيها وتبعهم الوفد رغم إيمانه بهذين المبدأين.

 

أما القشة التى قصمت ظهرت البعير فكانت رفض قيادات حزب الوفد التحالف مع القوى المدنية والليبرالية وأنا حملت عرض من أحزاب الكتلة جميعا للانضمام لحزب الوفد ويمثلون معا كتلة، بينما كان لقيادات الوفد رأى آخر بالرفض، وقيل لى إن «صفر + صفر + صفر» يساوى صفرا بمعنى أن باقى أحزاب الكتلة أصفار وسيحصلون فى الانتخابات على صفر، والتحالف مع الحرية والعدالة يحقق مقاعد برلمانية أكثر.

 

س: ما رأيك فى نسبة تمثيل المرأة والأقباط؟

ــ غير مناسب، وهذا عيب الأحزاب التى رضخت للانتخاب بنظام الثلثين وفى ظل عدم الأمن مما تسبب فى عزوف السيدات وبعض الرموز عن خوض الانتخابات. وأنا أدعو الأقباط للمشاركة فى العملية الانتخابية بكل قوتهم.

تعليقات الفيسبوك