H وG و7.. أبطال قصص رشاوى "ألستوم" للفوز بعقود وزارة الكهرباء المصرية

الأربعاء 14-01-2015 PM 06:42
 H وG و7.. أبطال قصص رشاوى

شركة ألستوم الفرنسية المصدر: رويترز

كتب

- وزارة العدل الأمريكية: رشاوى ألستوم شملت مسؤولين في "القابضة" وشركة نقل الكهرباء   

- تحويلات مالية ومبالغ نقدية وهدايا وخدمات ترفيهية تلقاها مسؤولون مصريون ما بين 2002 و2011 

كتبت: مي قابيل

 "كما تعرفون ستكون المسؤولة 7 في الولايات المتحدة من 31 ديسمبر إلى 10 يناير في مهمة خاصة (بأحد مشروعاتنا في مصر)، ولا أحتاج أن أقول إنه علينا الاعتناء بالسيدة بشكل جيد جدا، وتقديم خدمات ممتازة لها، خاصة أنها كانت ومازالت إحدى نقاط الدعم الرئيسية في المشروع الحالي، والأهم في المشروع الآخر الجاري التفاوض بشأنه"، كان هذا نص رسالة من أحد موظفي شركة "ألستوم" الفرنسية، المدانة في قضايا فساد، لعدد من زملائه ورؤسائه بخصوص مسؤولة مصرية.

ألستوم هي الشركة العاملة في مجال الطاقة والنقل، التي أعلنت وزارة العدل الأمريكية، في ديسمبر الماضي، عن تورطها في دفع رشاوى بعشرات الملايين من الدولارات لمسؤولين حكوميين، لتسهيل فوزها بعقود في عدة دول، منها مصر والسعودية وأندونيسيا وجزر الباهاما.

الرسالة التي أرسلها موظف في وحدة ألستوم الأمريكية في شهر ديسمبر من عام 2002 لزملائه كشفت عنها وثائق لوزارة العدل الأمريكية، مشيرة إلى أن المسؤولة التي رمزت إليها السلطات الأمريكية برمز 7 هي "مسؤولة مصرية رفيعة المستوى" وتملك سلطة صنع القرار فيما يخص المشروعين المشار إليهما في الرسالة.

وقد جاء أحد الردود على تلك الرسالة بعد بضعة أيام كالآتي "أعددنا لعطلة نهاية أسبوع مميزة في نيويورك، تتضمن جولات تسوق، وزيارة لمعالم المدينة، وعشاء، وتذاكر لعرض برودواي الموسيقي. نتمنى كذلك أن تتمكن المسؤولة 7 من حل المشكلات التي ماتزال عالقة في المشروع".

ولم تقتصر الرشاوى المقدمة من ألستوم لمسؤولين مصريين للفوز بعقود للكهرباء على ترفيه المسؤولين، وإنما شملت أيضاً تحويلات بنكية ودفع تكاليف سفر وهدايا، وأظرف تحوي مبالغ نقدية، بحسب ما كشفت عنه وثائق وزارة العدل الأمريكية.

وأقرت الشركة الفرنسية باتهامات السلطات الأمريكية ووافقت على دفع 772 مليون دولار لتسويتها، فيما يعد أكبر غرامة جنائية على الإطلاق تفرضها الولايات المتحدة على شركة، لانتهاكها قوانين مكافحة الرشوة في الخارج.

الوثيقة الرسمية لاتفاقية تسوية الاتهامات، التي عقدتها وزارة العدل الأمريكية مع شركة ألستوم، بعد "إقرارها بالذنب"، بحسب التعبير القانوني الأمريكي، تضمنت تفاصيل خاصة بعمليات الرشوة. ويبين الجزء الخاص بمصر فيها تورط مسؤولين في الشركة القابضة لكهرباء مصر، وشركة نقل الكهرباء، المملوكتين للدولة، فضلا عن الرئيس السابق لشركة بجيسكو، المملوكة جزئيا لوزارة الكهرباء.

عمولات وهمية 

شاركت ألستوم وعدد من وحداتها التابعة في عطاءات خاصة بمشروعات لشبكة نقل وتوزيع الكهرباء في مصر، عقدتها كل من الشركة القابضة للكهرباء والشركة المصرية لنقل الكهرباء (المملوكتين للدولة) في الفترة من 2002 إلى 2010، وتنافست فيها شركات عالمية، منها مشروع بقيمة 30 مليون دولار، وآخر بـ15 مليونا ممولان جزئيا من هيئة المعونة الأمريكية.

واستعانت الشركة الفرنسية في تلك المشروعات بثلاثة مستشارين، منهم مستشار رمزت له الوثيقة الأمريكية بالرمز "H"، والذي كانت مهمته تقديم رشاوى لمسؤولين مصريين للتأثير على فوز الشركة بالعطاءات.

ودفعت ألستوم مبالغ للمستشار "H"، والمستشارين الآخرين وفازت بالمشروعين، وسجلت في حسابات الشركة باعتبارها أتعاب استشارات وعمولات رغم "عدم قدرة الشركة على تقديم أي دليل على وجود خدمات مشروعة حقيقية قدمها هؤلاء المستشارون في مقابل تلك الأموال"، كما تؤكد اعترافات الشركة.

وقام فرع الشركة في الولايات المتحدة بتقديم شهادات مغلوطة لهيئة المعونة الأمريكية بخصوص مشروعي توزيع الطاقة اللذين شاركت الهيئة في تمويلهما في مصر، أغفل فيها كليا الإشارة إلى الاستعانة بمستشارين في هذين المشروعين في الأوراق المقدمة للهيئة.

 تحايل على اختبار المعدات

 

كما قدمت الشركة الفرنسية "أموالاً وأشياءً ذات قيمة لمسؤولين حكوميين مصريين"، من بينهم "المسؤولة رفيعة المستوى" التي رمزت إليها الوثيقة بالـ "مسؤولة 7"، في مقابل مساعدة ألستوم ووحداتها التابعة على الفوز بمشروعات في مصر.

دفع موظفو ألستوم "تكاليف سفر وترفيه المسؤولة 7، وصانعي قرار رئيسيين في الشركة القابضة وفي شركة نقل الكهرباء، وقدموا لهؤلاء المسؤولين أظرف تحوي مبالغ نقدية، وهدايا أخرى خلال سفرهم"، بحسب التحقيقات الأمريكية التي اعترفت الشركة بصحتها.

ومن بين نماذج الرسائل الإلكترونية المتبادلة بين موظفين ومسؤولين في ألستوم، وعرضتها الوثائق الأمريكية، رسالة في أبريل 2002 يطلب فيها أحد موظفي الفرع الأمريكي للشركة معونة أحد زملائه في فرع آخر "لحل مأزق" يتعلق باختبارات لأجزاء عديدة من المعدات الخاصة بمشروع الـ"RPC"  (مشروع توريد معدات تعالج مشكلات مواءمة المولدات على شبكة الكهرباء).

"أبلغناهم أن أسعار معداتنا متوافقة مع المعايير الأمريكية التي لا تتطلب إجراء اختبارات في معامل مستقلة.. الخلاصة هم يريدون شيئا؟؟؟ أموال؟؟؟ أحتاج لأن أعرف من المسؤولة 7 ما الذي يبحثون عنه لحل هذه المسألة" كما جاء في نص الرسالة.

محطات الكهرباء

 

وشاركت ألستوم وفروعها، ومنها فرع الولايات المتحدة، في "عطاءات تنافسية" أقامتها الشركة القابضة لكهرباء مصر، المملوكة للدولة، لبناء محطات كهرباء في مصر، بداية من 2002 وحتى 2011، منها محطة النوبارية التي بلغت تكلفتها نحو 70 مليون دولار ومحطة التبين البالغة قيمتها 60 مليون دولار تقريبا.

ولم تكن القابضة للكهرباء تجري تلك العطاءات بنفسها، كما توضح الوثيقة الأمريكية، وإنما اعتمدت في ذلك على "الشركة الاستشارية لهندسة محطات القوى الكهربائية (بجيسكو)"، المملوكة جزئيا للدولة (حصتها بها 40%).

وتشير الوثيقة، التي أقرت ألستوم بصحة كل ما ورد فيها، إلى أن الشركة استعانت بخدمات مستشار، رمزت له بحرف "G" ولم تسمه، والذي كانت مهمته دفع مبالغ لمسؤولين مصريين، منهم عاصم الجوهري، الرئيس السابق لشركة بجيسكو، الذي كان مشرفا على العطاءات بحكم منصبه، بهدف الحصول على مزايا غير قانونية لألستوم وشركاتها التابعة بخصوص تحديد الفائزين بعقود الكهرباء.

وأدين الجوهري، الذي تولى رئاسة شركة بجيسكو لنحو 15 عاما، في قضية منفصلة أمام القضاء الأمريكي أيضا في مطلع الشهر الماضي، واعترف فيها بتلقى رشاوى بقيمة 5.2 مليون دولار خلال الفترة من 2003 إلى 2011، من ثلاث شركات للطاقة، إحداها شركة ألستوم.

دفعت ألستوم للمستشار "G" مبالغ مالية لا يوجد توضيح للخدمات التي تم تقديمها مقابلها أو وصولات وفواتير تشير لنفقات تمت تغطيتها، بحسب الوثيقة الأمريكية، التي توضح أنه في الفترة ما بين 2004 و2011 حولت ألستوم حوالي خمسة ملايين دولار للحساب البنكي الخاص بالمستشار المذكور، تتعلق بمشروعي محطة كهرباء النوبارية والتبين وغيرهما، وقام المستشار في نفس الفترة بتحويل ثلاثة ملايين دولار لحساب كل من عاصم الجوهري ومسؤول آخر بالشركة القابضة للكهرباء.

أحد تلك التحويلات يبين تورط صهر أحد مسؤولي الشركة القابضة للكهرباء، حيث أرسلت الشركة في أبريل 2004 نحو 467.1 ألف يورو لحساب "المستشار G" في ألمانيا، والذي قام بدوره في مايو من نفس العام بتحويل 140 ألف دولار لحساب الجوهري في سويسرا، وفي الشهر التالي أرسل 60 ألفا أخرى لحساب في ميريلاند مملوكا للجوهري وزوج ابنة أحد كبار المسؤولين بالقابضة للكهرباء.

تعليقات الفيسبوك