"بلاها لحمة" حملة مقاطعة تعتمد على المرأة.. والصمود سلاح الجزارين

الإثنين 24-08-2015 PM 05:05

منطقة الجزارين بحي الوراق محافظة الجيزة -صورة من أصوات مصرية

كتب

كتبت: أمنية طلال

ساعات قليلة عقب انطلاقها في 16 أغسطس الجاري، وانتقلت أصداء حملة "بلاها لحمة" من محافظة أسوان بصعيد مصر إلى محافظات أخرى، ولاقت استجابة شعبية واسعة احتجاجا على ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء إلى 90 جنيها للكيلو.

لم تكن المرة الأولى في مصر التي يواجه فيها المواطنون غلاء اللحوم الحمراء بحملات مقاطعة، فلقد قاد مصريون حملة بالغة الآثر في سبعينيات القرن الماضي لمواجهة ارتفاع أسعار اللحوم، بعدما ارتفعت أسعارها من 68 قرشا إلى جنيه.

وتعالت هتافات المواطنين وقتئذ في شوارع القاهرة والمحافظات، قائلين "سيد بيه يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه"، في إشارة إلى المهندس سيد مرعي رئيس مجلس الشعب في فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ما أجبر السلطة السياسية على الاستجابة لمطالب المواطنين.

دور النساء

يقول مؤسس حملة "بلاها لحمة" محمد جاد، في اتصال هاتفي مع أصوات مصرية، إن أسعار اللحوم في أسوان ارتفعت عدة مرات حتي بلغت 90 جنيهًا للكيلو، رغم أن أسعارها كانت تترواح بين 58 و65 جنيها فقط، موضحا أن أسوان من أقل المحافظات في الحصول على نصيبها من اللحوم المطروحة في المجمعات الاستهلاكية.

وأضاف جاد أن "نجاح الحملة متوقف على النساء فهن رأس الحربة في هذه المباراة"، مؤكدا أن النساء ساعدوهم في تطبيق هذه الحملة.

وأشار جاد -يعمل مذيعا بإذاعة أسوان- إلى أن الحملة بدأت على صفحات الفيس بوك واستطاعت أن تصل إلى 12 ألف مشترك، فيما تواصل هو وفريق الحملة مع المواطنين من خلال ندوات ولقاءات شعبية جماهيرية بالقرى والنجوع من خلال الجمعيات الأهلية والقياديات الطبيعية.

وأوضح أن الحملة حققت نجاحا بانخفاض أسعار اللحوم في بعض المناطق لأكثر من عشرة جنيهات، متوقعا أن تؤتي حملة المقاطعة ثمارها في حال قيام الدولة ببعض الإجراءات التي تساهم في خفض أسعار اللحوم ومقاومة "جشع الجزارين".

وطالب جاد رئيس الجمهورية بوقف ذبح الماشية لمدة شهر لتخفيض الأسعار، مؤكدا على ضرورة تفعيل دور الجمعيات التعاونية والاستهلاكية، وإشراك الجمعيات الأهلية في بيع اللحوم المستوردة تحت إشراف وزارة الزراعة لمواجهة احتكار عائلات محددة لمهنة الجزارة.

وأكد جاد أن الحملة مستمرة في فعالياتها حتى عيد الأضحى في منتصف سبتمبر المقبل.

وتتراوح أسعار اللحوم ما بين 80 و90 جنيها، في حين وصلت أسعارها في المجمعات الاستهلاكية إلى 58 و65 جنيها.

وتقول زينب عماد، وهي موظفة في العقد الخامس من عمرها، إنها بعد أن سمعت عن الحملة "قررت أقاطع اللحمة علشان فعلا بقت غالية جدا.. مابقناش ملاحقين على ارتفاع أسعار السلع".

وأضافت "لو كل الناس قاطعت شراء اللحوم الحمراء هاتجيب نتيجة.. بدليل أن المحلات الكبيرة خفضت أسعار اللحوم بعد أسبوع من الحملة".

وتؤيد الطالبة الجامعية شيماء محمد حملة "بلاها لحمة"، قائلة "لازم كل الناس تقاطع علشان الكل يقدر ياكل لحمة غني أو فقير"، معتبرة أن أسعار اللحوم ارتفعت بشكل مبالغ فيه، ولا يقوى على شرائها سوى الأغنياء.

وتقول دنيا عبد العظيم، ربة منزل في العقد الثالث من عمرها، "احنا عن نفسنا ما بنشتريهاش أصلا يعني مقاطعين طول الوقت"، مؤكدة أن راتب أخوها الذي يعمل في مصنع علب صفيح لا يصمد أمام السلع المنخفضة، فهو لا يتعدى 700 جنيه شهريا.

"فقر وعنطزه"

وفي ميدان باب الشعرية بالقاهرة أكد الجزار ناصر العربي الذي يخلو محله من الزبائن أن حملة المقاطعة لم تؤثر على حركة بيع اللحوم، قائلا "اللحوم لها زبونها حتى اللي مش معاه بياخد ربع كيلو.. أصل الشعب المصري كده فقر وعنطزه".

وأوضح العربي أن ارتفاع أسعار اللحوم ليس له علاقة بالتجار لكنه يرجع إلى نقص كميات اللحوم في السوق، قائلا "المقاطعين بيوجعوا قلبهم ع الفاضي واللي اتعود على اللحمة مش هيقاطع".

ولا يتوقع العربي انخفاضا في أسعار اللحوم في الأيام المقبلة، موضحا أن نقص اللحوم وارتفاع الوفيات في الماشية مع زيادة الطلب لن يسمح بتخفيض الأسعار. ويتفق مع العربي جزار آخر بسوق باب الشعرية يدعى حسين التركي، مؤكدا أن حركة بيع اللحوم لم تتأثر نهائيا بحملة المقاطعة.

وتدعم سمية حامد، الموظفة بشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية، مقاطعة اللحوم، قائلة "لو ماكلناش لحمة مش هانموت".

وأضافت أن حملة المقاطعة في سبعينيات القرن الماضي دفعت رئيس الجمهورية للتدخل لمواجهة ارتفاع سعر اللحوم، وهو ما توقعته أيضا من الرئيس السيسي في الوقت الحالي.

وتوضح سمية أن الإقبال على اللحوم بالمجمعات الاستهلاكية تاريخي نتيجة انخفاض أسعارها، قائلة "الناس بتقطع بعض على اللحوم السودانية لكنها حتى مش بتكفي".

ويرى محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية، أن المقاطعة فكرة جيدة لكنها لن تؤتي بثمارها نظرا لقلة المعروض من اللحوم، موضحا أن إنتاج اللحوم ضئيل ولا يعادل المطلوب منه.

وأضاف وهبة أن أسعار اللحوم لن تنخفض في محافظات مثل القاهرة لأنها غير منتجة للحوم، قائلا "غير منطقي أن ترتفع أسعار اللحوم في الريف خاصة في المحافظات والقرى المنتجة للحوم".

وقال وهبة "أسعار اللحوم ارتفعت في الفترة الماضية قبل وبعد شهر رمضان ولم يستقر سعرها سوى منذ أسبوعين فقط"، مؤكدا أن الأزمة لن تنتهي إلا بزيادة إنتاج اللحوم الحمراء.

وعلى عكس تأكيدات الجزارين، يتوقع محمود عسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، انخفاض أسعار اللحوم خلال أيام قليلة، مؤكدا على أهمية حملات المقاطعة في مواجهة ارتفاع الأسعار والممارسات الاحتكارية من قبل بعض التجار بدون تدخل من الدولة.

ورأي عسقلاني أن استمرار حملة المقاطعة بشكل منظم سيكون سلاحا قويا في مواجهة ارتفاع أسعار السلع بشكل عام وانهاء الممارسات الاحتكارية من قبل التجار، مطالبا المواطنين بالاستمرار في حملات المقاطعة كوسيلة ضغط لوقف الارتفاع المستمر لأسعار السلع.

تعليقات الفيسبوك