تحسن شهية الأغنياء يُنعش مبيعات العقارات الفاخرة

الأربعاء 04-02-2015 PM 02:51
تحسن شهية الأغنياء يُنعش مبيعات العقارات الفاخرة

صورة لإحدى منتجعات الإسكان الفاخر بالقرب من القاهرة. صورة رويترز

كتب

-  مؤسسة عالمية متخصصة في الإسكان: مبيعات الفيلات في القاهرة زادت الفترة الأخيرة بمعدلات أكبر من الشقق

-  سوديك: هناك قوى شرائية في السوق تتيح لنا فرص التوسع في المبيعات

-  محلل سي أي كابيتال: أسعار العقارات ارتفعت 20% في العام الماضي ومتوقع استمرار زيادتها هذا العام

 

كتب: محمد جاد

حلم السكن في حي هاديء ونظيف، كان سببا في تحقيق أرباح ضخمة لشركات عقارية تخصصت في بناء تجمعات سكنية على أطراف العاصمة "كومباوند" تستهدف الطبقات العليا.

وبعد أن عانت الشركات العقارية الكبرى من ضعف المبيعات في ظل الاضطرابات التي تلت الثورة والإتهامات الموجهة لبعضها بشراء أراضٍ بطرق غير قانونية في عهد مبارك، تُظهر نتائج الأعمال الأخيرة أن بيزنس الوحدات المليونية يعود إلى الرواج.

في 2011 وصف تقرير لوكالة بلومبرج الإخبارية شركات كبرى في السوق العقارية مثل سوديك وبالم هيلز بأنها "تدفع ثمن علاقاتها بمبارك"، في إشارة إلى الإتهامات الموجهة لها بأنها استفادت من تقارب مساهمين فيها من النظام الأسبق للحصول على أراضٍ.

وكان عام 2011 سيئاً على بالم هيلز، ثاني أكبر مطور عقاري مقيد في البورصة المصرية، حيث سجلت مبيعاتها الإجمالية انكماشا بـ81.2%، لكنها عادت للنمو في 2013 بـ85.5ـ%، وفي 2014 بـ166%.

وتُظهر نتائج أعمال السادس من أكتوبر للتنمية (سوديك)، ثالث أكبر مطور عقاري مقيد في البورصة، نمو إيرادات الشركة بنحو 19% خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لتصل إلى 897 مليون جنيه.

وتقول مجموعة طلعت مصطفى، أكبر شركة عقارية مقيدة في سوق المال، في بيان عن أعمالها خلال التسعة أشهر الأولى من 2014، إن الإيرادات المثبتة عن نشاط المجموعة خلال تلك الفترة زادت 2% لتصل إلى 3.3 مليار جنيه بفضل "زيادة الإيرادات المحققة من القطاع العقاري"، حيث تعمل الشركة في القطاعين العقاري والسياحي.

"لقد عاد الطلب القوي على العقارات في مصر"، كما يقول منصف مرسي، محلل القطاع العقاري بشركة سي أي كابيتال، مشيرا إلى أن إجراء مصالحات على أراض متنازع عليها ساهم في دعم ثقة العملاء بالشركات.

وأضاف المحلل أن "تراجع الإلغاءات في وحدات سوديك يأتي مع عودة الثقة لتسوية المنازعات الخاصة بأراضيها، بالإضافة إلى أن الشركة قللت من مساحات وحداتها مما جعل قيمة الإلغاءات أقل بالتبعية" كما يقول محلل سي أي كابيتال .

كانت محكمة القضاء الإداري قد أبطلت صفقة تخصيص أراضي لبالم هيلز في القاهرة الجديدة، في أبريل 2011، لمخالفتها لقانون المناقصات والمزايدات، لكن الدولة أجرت تسوية مع الشركة بعد أن أنشأت لجنة فض منازعات للتفاوض مع المستثمرين على دفع تعويضات مقابل إعادة التعاقد على الأراضي الصادر أحكام ببطلان تخصيصها.

كما أصدرت تشريعا يحظر على أطراف من خارج الصفقة، مثل حمدي الفخراني الذي رفع دعوى ضد بالم هيلز، التدخل بالطعن على التعاقدات المبرمة بين الدولة والمستثمرين.

وخاضت سوديك أيضا في مفاوضات طويلة على أراضٍ لها بالقاهرة الجديدة، إنتهت بالتسوية في الصيف الماضي.

رواج الفيلات

تزامنت تسوية منازعات شركات عقارية كبرى مثل سوديك وبالم هيلز مع تحسن شهية قطاعات واسعة من طالبي السكن الفاخر.

فبحسب تقرير لشركة جون لانج لاسال، المتخصصة في أبحاث الإسكان، عن السوق العقارية في القاهرة، ارتفعت مبيعات الشقق في السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة بما يتراوح بين 14 و15% خلال الربع الاخير من 2014 مقارنة بالعام الماضي، بينما زادت مبيعات الفيلات بمعدلات تتراوح بين 22 و30%، تبعا ًللشركة التي تتخذ من إنجلترا مقراً لها وتقدم خدماتها لأكثر من 75 دولة.

"أصحاب الدخول الأعلى كانوا أكثر الفئات قلقا على خسارة قيمة أموالهم.. الأن يوجد إحساس بالاستقرار السياسي يشجعهم على الاستثمار في العقارات" كما يقول يحيى شوكت، مسئول ملف الإسكان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وأضاف "أعتقد أن أجواء المضاربة على العقارات الفاخرة عادت من جديد بعد أن كانت قد تراجعت منذ الأزمة المالية العالمية، وهو ما ساهم في زيادة مبيعات العقارات فى 2014".

وبحسب محلل سي أي كابيتال، فإن الارتفاعات التي شهدتها أسعار العقارات خلال 2014، بمتوسط 20%، ساهمت في الإقبال على شراءها "كاستثمار".

وكان بنك الاستثمار بلتون قد قال، في تقرير له عن نتائج أعمال سوديك خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي، إن شركات القطاع العقاري تستفيد من "زيادة مخاوف التضخم إذ ينظر المستثمرون للقطاع كملاذ آمن".

ومن المتوقع أن تزيد أسعار العقارات هذا العام في حدود 15%، كما يقول مرسي معتبراً أنه "لاتزال هناك فرص جاذبة للربح في ظل معدلات النمو الاقتصادية المتباطئة حاليا".

زبائن من الطبقات الثرية

بالرغم من إتجاه شركة عقارية كبيرة مثل سوديك، صاحبة مشروع بيفرلي هيلز، لبناء وحدات بأسعار أقل بعد الثورة للوصول لشرائح أكثر، لكنها ظلت تستهدف الطبقات العليا، فحتى عندما خفضت الشركة متوسط سعر الوحدات المباعة الذي كان 3.5 مليون جنيه قبل الثورة، فإن التخفيض لم يقل عن 1.9 مليون في 2012 و2013.

وسوديك ليست الوحيدة، فقد جدد مستثمرون آخرون في السكن الفاخر تعهداتهم بالتوسع في السوق المصرية بعد تسوية منازعات على أراضٍ، حيث أعلنت شركة الفطيم الإماراتية، عقب تسوية نزاعها مع الحكومة حول أرض مشروعها كايرو فيستيفال سيتي، أنها ستستثمر خمسة مليارات جنيه في المرحلة الثانية من مشروعها للمساكن الفاخرة.

وتسعي شركة إعمار الإماراتية، التي تشارك الفطيم في مشروعات بمصر، إلى طرح أسهم شركتها التابعة في السوق المحلية في البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة.

وترى إعمار، صاحبة مشروعي أب تاون كايرو ومراسي، أن هناك فرصا قوية في السوق المصرية مع "نمو السكان ونقص الجودة في المعروض من (الوحدات العقارية)"، بحسب تعبيرها في بيان لها عن نتائج أعمالها في التسعة أشهر الأولى من العام الماضي، والتي أظهرت نمو مبيعاتها في السوق المصرية بـ160% مقارنة بـ2013.

وتبعاً لمسح للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشر في يناير 2014، فإن الشريحة الأعلى من الدخل، التي يتجاوز دخلها الشهري 4100 جنيه، تحظي بأكبر استهداف من خدمات التمليك العقاري في السوق الرسمية، بينما يتركز استهداف سوق الاسكان غير الرسمية (العشوائيات) على الشرائح الثلاثة الأدنى من الدخل.

وتري سوديك أنه لاتزال هناك قوى شرائية في السوق تتيح لها فرص التوسع في المبيعات، حسبما قالت إدارة الشركة لأصوات مصرية، في رد عبر البريد الالكتروني.

"في الوقت الذي يطرح فيه المطورون آلاف الوحدات السكنية كل عام، يحتاج السوق إلى مئات الآلاف من الوحدات لسد الفجوة الكبيرة في الطلب. إن أداء السوق العقاري في الأوقات الصعبة يمنحنا الكثير من الثقة والتفاؤل في نمو القطاع، خاصة في ظل النمو الاقتصادي الذي تشهده مصر حالياً"، بحسب تعبير الشركة.   

لكن محللين مثل شوكت يرون أن هناك عوائق قد تعرقل النمو القوي لمبيعات وأرباح الشركات المتخصصة في الوحدات الفاخرة تتعلق بالاقتصاد العالمي، "الخليجيون والأجانب عملاء أساسيون للعقارات الفاخرة في مصر، وأعتقد أن استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي وانخفاض أسعار النفط سيحدان من مشتريات هذه الفئة للعقارات في مصر".

تعليقات الفيسبوك